نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 12-10-2013
السنة السابعة
العدد: 2234
حوار مع مولانا النفّرى (49)
من “موقف عنده”
نبذة: “من حجاب إلى حجاب أم من قيد إلى رحاب”
وقال لمولانا النفرى فى “موقف عنده”
وقال لى:
من كان الدليل من جنس حجابه احتجب عن حقيقة ما دل عليه.
فقلت لمولانا:
وصلت يا مولانا، بفضله وما قاله لك ومثله، وبفضل العرايا من خلقه برغم فشلهم، وفضل المحاولة المستمرة، والمثابـرة اللحوح، وصلت إلى أن التفكير حجـاب، وأنه – التفكير- أضيق أفقا وأفقر ساحة من الإدراك، الذى هو بدوره طبقات، ونبهت من انتبه كيف أن الله سبحانه لا يُثبت بالتفكير، وضربت لذلك مثلا ضيق أفق ما يسمى “علم الكلام”.
وإنما يدرك الحق تعالى بالإدراك على مراحل متكشفة باستمرار لما بعدها، فانكشفت حدود التفكير العقلى الظاهر المنطقى المتحذلق حتى تبين لأى ممن ألقى السمع وهو شهيد ليس فقط أنه عاجز تماما عن أن يدل على ما يزعم أنه يدل عليه، بل أصبح خافيا لما بدا أنه دل عليه، فجعلت أشفق على هؤلاء الذين يتمادون ليثبتوا ما أوصلهم إليه هذا التفكير بالتفكير، لأن الدليل الذى يصلهم عن هذا الطريق هو من جنس حجاب التفكير بالحرف وفى الحرف، فأين ما يدل عليه.
إثبات ما وصل إليه التفكير بالتفكير هو إسدال حجاب على حجاب على حجاب ألم يقل لك يا مولانا فى نفس الموقف.
وقال لى
من أنس بالحجاب الدانى أماله إلى الحجاب القاصى
فقلت لمولانا:
لا أستطيع- يا مولانا- أن أبدأ برفض الحرف وما يشكله ويتشكل به من تفكير، ولكن هأنت ترفق بى، إذْ يرفق بك، وكل ما توصينى به هو ألا آنس للحجاب الدانى، فالائتناس يجعلنى أطمئن إلى ما أوصلنى إليه تفكيرى حتى لو أغرانى بأنه قدم لى ما يدل عليه، فأنتقل من حجاب إلى حجاب إلى حجاب وأنا أدور فى نفس الدائرة، أما حين لا آنس بالحجاب الدانى، فأنا لا أتوقف عنده، بل واستطيع أن أميز ما بعده: هل هو حجاب آخر قاصٍ أم طريق مفتوح، هل هو تفكير فى التفكير، أم تفكير إلى إدراك إلى معرفة إلى موقف إلى إشراقة غيب مفتوح بسطوع نوره.