نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 7 -9-2013
السنة السادسة
العدد: 2199
حوار مع مولانا النفّرى (44)
من “موقف الدلالة”
وقال لمولانا النفرى فى موقف “الدلالة”
وقال لى:
إذا عرفت من تسمع منه، عرفت ما تسمع
فقلت لمولانا:
طبعا أنت تتابع تكرارى قولى إن من أهم مصادر معرفتى هو ما يصلنى من وعى الناس مباشرة، وخاصة من تمزق منهم، وجاء نتواكب حتى نرجع إليه،
فى “لعبة” (نفسية) يا مولانا نشرتها مؤخرا جرت فى العلاج الجمعى، وصلتنى مفاجأة قبل أن أقرا ما استلهمته أنت هكذا، ولن أعيدها، فليس هذا موقعها، وحتى لن أشير إلى بعض نتائجها، فقط سوف أشير إلى رأس منطوقها ” أنا لو حاقول كلام من غير كلام، يمكن …” ثم راح كل منا يقول بعد “يمكن” ما يحضره على سجيته، وإذا بنا نعرف بعضنا بعضا أكثر مما لو كنا نقول كلاما بالكلام،
هل يا ترى هذا ما وصلك وتريد أن توصله إلينا؟
الجماعة الذين شاركونا هذه اللعبة بعضهم لا يقرأ ولا يكتب، وكلهم ليس عندهم أدنى فكرة بالرطان النفسى، ومع ذلك قالوا ، فوصلنى، ما يؤكد أن الكلام ليس هو الكاشف للشخص، بل لعله هو الساتر للوعى، ومن ثم لبقية الشخص.
يعلموننا صغارا (وكبارا) أن ننتظر ولا نحكم على أحد إلا بعد أن نسمعه، فنعرفه من خلال ما يقول، “قل لى ماذا عندك، اقول لك من أنت”، لكنك هنا – يا مولانا- تعلمنا من خلال استلهاماتك، أنه: إذا تعرفتُ على من أنت، أستطيع أن اقول لك ماذا يمكن ان يخرج منك، أو لعل الأمر أكثر اتساعا، فيمكن القول: أستطيع أن اضع ما تقول فى المكان المناسب مما هو “أنت”،
طيب: هل ثمَّ طريق للتعرف على بعضنا البعض قبل أن نتكلم، وبعد أن نتكلم، ودون أن نتكلم؟
نعم
وهذا هو ما جاء فى نفس الموقف “موقف الدلالة” حين قال لك:
لن تعرف من تسمع منه حتى يتعرف إليك بلا نطق
وهل هناك مثالا أسهل توضيحا لهذا السبيل الموازى (والمتفوق) للمعرفة أكثر مما جرى فى اللعبة السالفة الذكر: “أنا لو حاقول كلام من غير كلام، يمكن …”، طبعا لا أحيلك إليها يا مولانا فهذه قلة أدب، ولكننى اطمئنك أن الوعى البشرى البسيط هو أقرب إلى ما تريد توصيله مما وصلك، ثم أستأذنك أن أحيل من يشاء ممن يحضرنا، ويصر أن “يفهم” بالكلمات كل شىء، أحيله وأنا خجلان منك يا مولانا إلى استجابة هؤلاء البسطاء لهذه اللعبة، لعل ما يصلهم منها يكون أيسر عليهم من ترجمة كلماتك إلى كلمات.
يا ترى: حين أكرر ما وصلنى من أن القرآن الكريم هو “وعىٌ خالص”، هل هذا له علاقة بكل ذلك.
ربما
هذا ما أرجحه، والله أعلم.