نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء : 25-10-2016
السنة العاشرة
العدد: 3343
حوار مع مولانا النفّرى (207)
من موقف “العزة”
وقال مولانا النفرى أنه:
وقال لى:
العقل آلة تحمل حدها من معرفة،
والمعرفة بصيرة تحمل حدها من إشهادى،
والإشهاد قوة تحمل حدها من مرادى
فقلت لمولانا:
توقفت طويلا قبل أن أقبل فرحتى بهذه التفرقة بين “العقل” و”المعرفة” و”الإشهاد”، توقفت عند ما هو “الحدّ” وكيف يحمله العقل فالمعرفة فالإشهاد، هل يا تُرى هذا الحدّ هو مبلغ ما يُشْحَذُ به كل منها ليحذق فعله وفاعليته؟ هل يا ترى هو إشارة إلى حدود كل منها الواحد تلو الآخر؟ هل يا ترى هو حد حمل الأمانه من كل منها؟
لم أستطع أن أستقر، لكننى لم أتراجع عن فرحتى بالتفرقة بين “العقل” و”المعرفة” و”الإشهاد” مرورا “بالبصيرة” إلى حّدً من “مُرَادِه!”، لكن ما بلغنى هو أنها جميعها الواحد تلو الأخر (الأخرى) ترجع إلى معرفته، فإشهاده ومِنْ ثَمَّ، فمراده.
أما أن يكون حد العقل هو من معرفة: فقد صالحنى ذلك جزئيا على دور العقل، ومن ثَمَّ التخفيف من حذرى من المبالغة فى الخوف من سطوته منفصلاً عن كلِّ من البصيره والمعرفة
- نحن: أحوج ما نكون إلى العقل على شرط ألا يطغى على قنوات ولغات مستويات الوعى الأخرى، وعلينا أن نقبل اجتهاده بهذا الشرط الذى لا يتحقق إلا أن يكون له حدّ، فما بالك إذا كان حده من معرفته، هذا يُـطـَمـْئِـنُ فعلا.
- المعرفة أوسع وأشمل من العقل وهى تحتويه، وعليها أن تحترمه لا أن تحل محله، وهذا يتحقق بأن يكون لها بدورها حدًّا، فإذا كان حدها من إشهاده، لاح التكافل والتوفيق بين مستويات وقنوات الوعى.
- ثم يشرق “الإشهاد”: شغلتنى طبيعة وأبعاد الاشهاد طول عمرى، ولم يصلنى منه هنا ذلك المعنى المسطح الذى شاع من قراءتهم معنى “أمةً وسطاً” أُكْرِمَتْ حتى أعطيت حق “الشهاده على الناس”، فهذه الأمة الوسط ليست وسطا لأنها متوسطة بين أمم متباينة، (جزء من هذه!! وقطعة من تلك!!!) ولا هى أمة “بين بين”، وإنما هى كذلك لأنها خير أمة: إذا ما رعَت ما أُكْرِمَت به استحقت حق الشهادة على الناس، كل الناس، بالمعنى الذى وصلنى الآن، وهو أن الشهادة هى أقوى وأعمق درجات حضور الوعى، من أول “شهادة ألا إله إلا لله” حتى “لتكونوا شهداء على الناس”، أشهد ألا إله إلا لله هى ليست مرادفه لـ..”أعتقد أنه لا إله ألا الله”، بل هى حضور وعى شامل محيط بأنه كذلك، فتأتى يا مولانا تطمئننى بما قاله لك أن “الإشهاد قوة”، فأقول هذا هو، لكنها ليست قوة مطلقة بلا حدود، فللإشهاد أيضا حد يحمله من “مراده”، ومراده يشمل كل ما أراد أو يريد أن “يكون” فهو “كائن” بـ “كن: فيكون”!