نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 9-3-2016
السنة التاسعة
العدد: 3113
حوار مع مولانا النفّرى (174)
من موقف “قلوب العارفين”
وقال مولانا النفرى أنه:
وقال لى:
إذا ألفت معرفتى بينك وبين علم أو اسم أو حرف أو معرفة
فجريت بها وأنت بها واجد وأنت بها ساكن
فإنما معك علم معرفة لا معرفة.
فقلت لمولانا:
كنت أحسب أننى إذا انتقلت من “الحرف” إلى “العلم” ثم من “العلم” إلى “المعرفة” أننى فى الطريق الصحيح، وأننى تجاوزت سجن الألفاظ وسلطة المؤسسات العلمية إلى ساحة الإدراك بالوعى الكلى الذى اسمه معرفة، لكن هأنذا أنتبه إلى تحذير واضح أنه إذا جاز هذا فهو كذلك: شريطة ألا أجرى بأى من هذا كله واجدا ساكنا إلى أى من هذا كله بما فى ذلك المعرفة، كما علىّ أن أنتبه إلى الفرق الصعب بين المعرفة وعلم المعرفة.
المعرفة إذا انتسبت إلى العلم “علم معرفة ” قيدها العلم وسجنها فى حدوده، آَلَفُ من الأدوات ما لابد لى من استعماله سواء كان علما أو حرفا أو معرفة، لكن – كما انتبهت الآن – علىّ ألا أفرح بأى منها واجدا، وألا أسكن بأى منها راضيا، فالأدوات ليست إلا وسيلة إلى ما تقوم به، علىّ أن أنتبه وأنا اضطر إلى استعمال الحروف ثم إلى احترام العلم ثم إلى النقلة إلى المعرفة ألا يكون هذا آخر المطاف وبداية الغرور، ألا أجدُ بأى منها ولا أسكن، بل أواصل إلى معرفة لا تفتخر بأنها تدعمت أو انتسبت إلى ما هو علم، فإن هذا يقلبها إلى ما ليست هى: إلى “علم معرفة”، صحيح أن هذا أرقى قليلا أو كثيرا من “معرفة علم”، لكننى إذا فرحت به، أو بما أدى إليه، وسكنت إلى أى من ذاك فقد ابتعدت عن المعرفة المعرفة التى لا تحتاج إلى انتساب إلى أى شىء غير المعرفة التالية فالتالية، إليه، دون سكون أو وجد إلا بمواصلة الكدح والسعى والدهشة.