نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 2-3-2016
السنة التاسعة
العدد: 3106
حوار مع مولانا النفّرى (173)
من موقف “بين يديه”
وقال مولانا النفرى أنه:
وقال لى:
اعرض نفسك علىّ فى كل يوم مرة أحفظ نهارك،
واعرض نفسك علىّ كل ليلة أحفظ ليلك.
فقلت لمولانا:
انت تعلم يا مولانا ما أنا منشغل به هذه الأيام، وقد كنت منشغلا به من زمن طويل وأنا لا أدرى، لكن يبدو أنه قد آن الآوان لأحمل أمانته إلى أصحابه، أنا مشغول بما هو الليل والنهار وتتابعهما الرائع هذا، ومشغول بأجزاء الثوانى التى أتحدث عنها لتلاميذى بتردد وخجل، لصعوبة ما أحاول أن أبلغهم إياه، بديهية يمارسها الطيور فى أعشاشها وكل حى أو غير حى يسبح لخالقه، مع أنها أصبحت من بديهيات العلوم الدقيقة الأحدث.
إن ما شجعنى أن استوعب بعض ما قاله لك اليوم هو ما يربط بين دورة الليل والنهار وهذا الجزء من الجزء من الثانية الذى شغلنى مؤخرا أكثر فأكثر، حين قلت لك يا مولانا فى حوار أو حوارات سابقة أن رؤيته قد لا تكون إلا فى هذا الجزء من الثانية، وحين قال لك ذات مرة فى موقف “الليل”: (نشرة: 26-9-2015) أن “الليل لى”، حضرنى هذا وذاك كله معا لاستهلم اليوم ما يطمئنى إلى ما خطر لى، قصدّقته.
كيف أعرض نفسى عليه مرة واحدة بالنهار؟ لعلنى تعلمت منك يا مولانا ومن حوارى معك ان هذا لا يحتاج إلى أكثر من هذا الجزء من الجزء من الثانية، وهو – هكذا- لا يسمح لى أن أعلن ما حدث فيه فأزعم رؤيته، لكننى لا أستطيع أيضا أن أنكر ما حدث فيه، فهى مرة واحدة بالنهار إن استطعت، فإن تكررت كل نهار حفظ لى يومى، وما أعظم الجزاء، مرة واحدة فى الكم المنسى أو المهمل من الزمن تكفى ليغمرنى برحمته وكرمه ويحفظ يومى كله، نهاره وليله.
ثم يبدو أن الليل قد غمرته رحمته بطوله جمعيا، أليس كله له؟ ألم يقل لك “الليل لى”، ألا أسلم نفسى له كل ليلة وأنا أدعوه أن يغفر لها إن قبضها؟ وأن يحفظها بما يحفظ به عباده الصالحين إذا أرسلها؟ فإن أبقاها لصباح تالٍ يبدأ به نهار تال فكل ما علىّ هو أن أعرضها عليه مرة واحدة، يوما بعد يوم، فإن أفلحتُ أن أفعلها حفظ يومى كله، وهو الذى “أحياها بعد ما أماتها وإليه النشور”، أعرض عليه نفسى لمرة واحدة عرفت أخيرا أنها جزء من جزء من الثانية، يحدث فيه ما يملأ وجودى ويوجّه مسارى ومصيرى دون أن أعلن رؤيته، برغم أننى أعرف أنها حدثت، أى لم تحدث، وذلك هو الفضل العظيم.