نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 17-2-2016
السنة التاسعة
العدد: 3092
حوار مع مولانا النفّرى (171)
من موقف “أنا منتهى أعزائى“
وقال مولانا النفرى أنه:
وقال لى:
اصحب من لم يرنى يحملك وتحمله(1)
ولا تستصحب من رآنى يقطع بك آمَن ما كنتَ به
فقلت لمولانا:
مازلتَ يا مولانا – باستلهام منه- تبلغنا صعوبة رؤيته حتى الاستحالة الممكنة!! بشروط ألا تعلن رؤية،
إذن ماذا!؟!؟
الطريق صعب والخداع جاهز، والمزاعم مغرية، وصحبة من لم يره تصبح أقرب إلى الأمان والصدق، “يحملنى وأحمله” إليه، دون ادعاء، وهو المسهِّل.
طيب يا مولانا!! فلماذا نهاك عن صحبة من رآه؟
وكيف أن هذه الصحبه يمكن أن تقطع ما كان به؟
بلغنى من ذلك أن صحبتى من رآه خطر على محاولتى الشخصية، حتى لاح لى أن أتوقف عن حوارى معك خشية أن أكون قد استصحبت من يراه لأننى قد أتبعه مطمئنا إلى رؤيته، حاسبا أننى بذلك أسلك السبيل إليه، وهذا محض وهم إذْ يبدو أنها مسألة ذاتية فرديه بإطلاق، فليس فيها دليل ولا تابع ولا بديل،
صحيح أننا يمكن أن نأتنس بمن نال فضل رؤيته، لكن رؤيته خاصة تماما، لا تصلح لغيره.
الم يقل ذلك فى الفقرة التالية: “….. فما ترانى برؤيته(2) حتى وإن طمأنه هذا الاتباع إلى إمكانية المستحيل(3)
ثم إن من رآه ليس من حقه أن يصرح أنه رآه حتى لو رآه، هذا ما تعلمته منك يا مولانا، من هنا يأتى التحذير من استصحاب من رآه حتى لا نفقد آمالنا ونحن نسعى إليه، لكن أى أمان هذا الذى يتحقق بعدم الرؤية حتى نخاف أن نفقده؟ هذا الأمان الذى ينقطع لو اتبعنا من رآه، أو من تصور لنا أنه رآه؟
لعله أمان مواصلة السعى كدحا،
اتباع من رآه أو من حسبنا أنه رآه، يوقف هذا الكدح الذاتى الخاص المستقل، فيتوقف الجهاد إليه، فينقطع الأمان.
ليكن عدم الأمان هو الطريق إلى الأمان بلا أمان إلا مواصلة الكدح
“يحمل بعضنا بعضا”: إليه.
[1] – سبق أن تناولت من هذا الموقف قوله لمولانا ” أنا منتهى أعزائى، فإذا رأونى اطمأنوا بى” (نشرة 25-11-2015) link وأيضا ” إذا رأيتنى ورأيت من يرانى، فأنا بينكما أسمع وأجيب” (نفس النشرة) وقد استلهمت من هذا وذاك حضور حركية الوعى البينشخصى فالوعى الجماعى فى رحاب الوعى المطلق إليه من خبره ما يسمى العلاج الجمعى، فانتبهت هنا إلى قوله لك “عملك وتحمله” ورحت أحاورك انطلاقا من “هنا والآن” = معا ← إليه.
[2] – “فإذا لم ترنى ورأيت من رآنى فاحفظ حدك فما ترانى برؤيته”.
[3] – ولعل هذا ما جعلنى أقول لك يا مولانا فى حوارنا استلهاما من نفس الموقف – أنا منتهى أعزائى– أننا ما لم تتصالح على أجزاء الثوانى وكل طبقات الوعى وبلايين السنين “فى آن”، فلن تتفتح لنا اسباب التعرف على الطريق إليه (نشرة 27-1-2016).