نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 18-4-2015
السنة الثامنة
العدد: 2787
حوار مع مولانا النفّرى (128)
من موقف “الصفح الجميل”
وقال مولانا النفرى:
وقال لى:
إن لم تعرف أى عبد أنت لى لم تعرف منى وإن لم تعرف مقامك منى
لم تثبت فى أمرى وإن لم تثبت فى أمرى خرجت من ظلى.
فقلت لمولانا:
يبدو أن “المقام” هو موقع يتميز به العبد حين يستشعر معرفته تعالى، وفى نفس اللحظة يرى أين موقعه هذا منه، الموقع لا يكون “كذلك” إلا بالانتساب إلى أصله، أو إلى موقع آخر، وحين تتجلى الرؤية وتتحدد العلاقة بهذا الوضوح معه سبحانه، فهى ترتقى من العبودية إلى الحرية الأسمى التى تسمح أن يعرف كل منا مقامه منه، وليس مقامه فقط، فيثبت فى أمره فلا يخرج عن ظله، سلسلة من الترقى تحدد العلاقات الراقية إليه دون إلغاء للذات أو محو للحدود، وأيضا دون أوهام احتواء المطلق أو إلغاء لمواقع العلاقات.
خطر لى يوما يا مولانا، وأنا أنقد تضخيم مسألة “تحقيق الذات” التى استوردناها من أولاد العمومة فى الشمال والغرب، أننا لسنا بحاجة أصلا إلى ما يسمى تحقيق الذات كهدف مستقل أو مستقر مادامت الحركة دائبة، والحدود متغيرة أبدا، ثم انتبهت الآن أكثر إلى أن تحقيق الذات يرفض فقط حين يكون غاية المراد ونهاية المطاف، أما حين يكون تحقيقها هو لتحديد معالم العلاقة به، حتى لا تسيح الحدود، فإنه يكون خطوة لازمة لا غنى عنها ننطلق منها لنرجع إليها باستمرار.
تحققت من هذا الفرض حين وصلنى فى نفس الموقف ما قاله لك يا مولانا وانت تبلغنا أنه:
وقال لى:
إن لم تدر من أنت لم تفد علما ولم تكسب عملاً.
فأقول لك يا مولانا: هكذا أطمئن إلى أنى حين أدرى من أنا، فإن ذلك ليس بُعْدًا عنه، ولا غرورا واستكفاءً بى، ولكن يبدو أنه ضرورة لازمة حتى أتمكن من أن أفيد علما وأكسب عملا، فتترسخ اقدامى فى موقعى دون أن أتجمد فى موقفى، فأعرف أى عبد “أنا” “له”، كما جاء فى المقتطف الأول، فَأَثْبُتُ وأنا أستظل بظله.