نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 2-5-2017
السنة العاشرة
العدد: 3531
حوار مع مولانا النفرى (234)
من موقف “الأعمال”
وقال مولانا النفرى أنه:
وقال لى:
عمل الليل عماد لعمل النهار
فقلت لمولانا:
منذ حاورتك يا مولانا عن ما وصلنى من موقف “اسمع عهد ولايتك” بتاريخ 28/7/2012 فى هذه النشرة العدد: 1793 ، حين كان يقول لك: الليل لى، وأنا أتصالح مع الليل أكثر، وأخاصم ما يسمى تفسير الأحلام أكثر فأكثر، وقد رجعتُ إلى ما استلهمته من تلك الفقرة، ووجدتنى قد ركزت على لحظة (أو لحظات) مشرقة فى جوف الليل، يمكن أن نـَشـْرُفُ بانتسابها إليه وهو يقول لك “الليل لى”، واستبعدت أن نعيش بالوعى الكافى: أن يكون الليل كله له، وذلك لِمَا وصلنى من خبرات النهار أن الوعى البشرى لا يحتمل ذلك إلا لمدة شديدة القصر ثم يعود ليعاود إن اجتهد وجاهد.
لكننى رويدا رويدا وأنا أسلم روحى له أول الليل داعيا أن يبعثها ويحفظها إذْ تستيقظ، انتبهتُ إلى حضور فضله وحضوره طول الليل، وهو ينظم إيقاع النوم: ربما نستيعد من خلاله ما فقدناه بالنهار.
اليوم وأنا أقرأ أن لليل عملاً وأنه عمادٌ لعمل النهار، حمدتُهُ من جديد أن الليل له وليس لنا حتى لا نتمكن من أن نغير عليه هو أيضا بما ليس منه.
رحتُ يا مولانا أرحل إلى الليل لأدخل فى لباس النوم، فأشعر أننى أدخل إلى ضيافته: وأرجع إلى أصل ما هو “ربى كما خلقتنى”، فأسلمها له، فإن لم يقبضها وأرسلها لـِـتـُبعث صباح اليوم التالى فالرجاء فيه أن يحفظها، حتى تعيد تنظيم طبقات الوعى وهى تنفُضُ عنها ما أعاق نبضها فى اتجاهه السليم أثناء النهار الفائت وما قبله.
هذه العمليات يا مولانا التى تستغرق ثلث عمرنا كله هى فرصتنا كل ليلة لاستعادة: كيف ما هو نحن، فما يجرى فى الليل هو عمل تشكيلىّ تصحيحىّ رائع، وهو رحمة منه، ونعمة من لدنه، ولو وعى كلٌّ منا ذلك أو بعض ذلك، فلابد أن يخفف وصايته على العمليات التى تجرى فى الليل فلا يشكو منها إذِ احتدَّت، ولا يُحِلُّ محلها كل تلك القشور التى يلتقطها قبيل يقظته من على سطح وعيه لينسج منها ما يشاء لما يشاء حلما أو ما شابه، فهو بذلك يختزل الليل كله إلى قشور لحظات ما هو قبيل اليقظة من على سطح سطح وعيه ، فيحكيه كما استطاع وألّـفَ، هو بذلك يا مولانا يحرم نفسه من ثروة زاخرة، وبالتالى يكاد يفقد عمادا أصيلا واضحا يدعم به عمل النهار.
وعمل الليل هذا لا يدعم عمل النهار إلا إذا كُـنّـا قد تعلمنا كيف نملأ النهار بعمل النهار الذى خـُلـِق له، ولم نسلـِّم نهارنا وعمله إلى غير أصحابه يملؤونه بما يعيقه ويعيقهم ويعيقنا بالنهار، بل ربما يمثل عقبه أمام سلاسة عمل الليل.
عمل النهار الذى يتدعم بعمل الليل يمكن أن يتكافل مع عمل الليل، ولو بدرجة أقل فتتخلق دائرة السعى والكدح والتشكيل، “وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ”.
وتمتد حلقات ودوائر الوعى تُـثـِرْى بعضها بعضا: إليه.