نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 18-4-2017
السنة العاشرة
العدد: 3517
حوار مع مولانا النفرى (232)
من موقف “العزة”
وقال مولانا النفرى أنه:
وقال لى:
لو اجتمعت القلوب بكنه بصائرها المضيئة ما بلغت حمل نعمتى.
قبل الحوار:
حدثت مصادفة جاءتنى متأخرة والحمد لله، فقد أهدانى أحد من يتابع حوارنا سِفْرَا ضخماً بعنوان “شرح مواقف النفرى” لمؤلفه “عفيف الدين التلمسانى”، وقد تولاه أ.د. جمال المرزوقى بما تيسر له من دراسة وتحقيق وتعليق، كما قدم أ.د. عاطف العراقى هذه الدراسة والتحقيق تقديما كريما وافيا.
رحت أقلب الصفحات وأتعرف على مولانا التلمسانى وأحترم الشارح المحقق وأشكر المقدم الأمين، وتساءلت ماذا يا ترى لو كان هذا الكتاب وقع فى يدى قبل سنوات، قبل أن أجرؤ وأمارس ما اسميته حوارا مع الله، ثم قبل ما واصلته بعد ذلك تحت عنوان “حوار مع مولانا النفرى”، أقول ماذا لو كان هذا الكتاب فى متناولى منذ البداية، أليس من المحتمل أننى كنت استعنت به فى حواراتى بمختلف مستوياتها؟.
وقلت أجرب اليوم، لكن للأسف فشلت التجربة، وهو فشلى أنا أساسا، فرجعت إلى عنوان الكتاب أتأكد، فإذا به “شرح مواقف النفرى”، وكان الأرجح عندى دائما، كما نبهنى ابنى محمد مرارا، أن هذه المواقف لا تحتاج إلى شرح أو تفسير، بل إن الشرح قد يـُنقص من قدرها، رحت أراجع بعض النشرات فوجدت أننى نادرا ما شرحت أو فسرت، إذْ يبدو أننى اعتبر النص مصدر تحريك لوعى بشرى مقابل وعى بشرى فى رحاب وعى مطلق فيكون الحوار، لا أكثر ولا أقل،
ثم تذكرت قول النفرى نفسه “الحق لا يستعير لسانا من غيره” وقلت لعله كان ينبِّه إلى بعض ذلك.
يبدو أن كلمة “المراد” يا عمنا عفيف التلمسانى هى التى أخافتنى وأوقفتنى حتى كدت أقرر ألا أعود لاستشارتك، ولكن دعنى أحكى لك كيف أجهضت التجربة من أولها:
الحوار بدءًا بالتجرية المُجْـهضة:
من موقف “العزة”
وقال مولانا النفرى أنه:
وقال لى:
لو اجتمعت القلوب بكنه بصائرها المضيئة ما بلغت حمل نعمتى.
فقلت:
يقول التلمسانى فى ذلك يا مولانا:
المراد بالقلوب هنا ما يجمع قوة شاملة لآلة العقل ….الخ.
بصراحة توقفت ودعوت لكليكما، وعدلت عن الاستعانة بأى لسان غير لسان أصل المواقف، وهأنذا اعتذر لك يا مولانا، كما ألتمس العذر لمولانا التلمسانى، وأشكر المحقق الرائع أ.د. المرزوقى والمقدم الكريم أ.د. العراقى، وأمضى فى عجزى ألتمس حركية الوعى وهى تلتحم بمصدرالوعى الذى حرّكها فيكون الحوار.
حوار النص:
ما وصلنى يا مولانا أن اجتماع القلوب بكل بصائرها المضيئة هو الأقرب إلى ما بلغتْـهُ فروضى مؤخرا عن وجود حركية جدلية نابضة ضامّه لوعى جدلىِّ فائق، مهمته هى أن يجمع مختلف مستويات الوعى (تسمى أحيانا “الأمخاخ” ونادرا “العقول”)، يجمعها فى جدل إبداعى حول الواحدية المتنامية أبدا: فتضىء فعلا لكن ربما لثوان، فهو هو نور على نور لا يُحْتمل استمراره، لكنه يعود ويتكرر، لمن واصل الكدح مع إيقاع الوجود، وهذا الاجتماع (لكل الأمخاخ/القلوب/مستويات الوعى/العقول) يكون أسهل وأقرب وأجهز وأطيب فى موقف حَمْدِ نعمته ونِعَمِهْ، ومع ذلك مهما بلغت أضواء البصائر، ومهما سطعت أنوار القلوب واجتمعت حتى لو أشرقت شموسا، فهى لا يمكن أن توفيه حقه من الحمد فى مقابل ما حبانا به من نِعَمْ، وفى مقدمتها هذا الحوار بين مستويات الوعى فى جدل إبداعىّ خلاّق دائم النبض والإبداع: نحو الواحدية: إليه.
انتبهتُ يا مولانا وأنا أختم أننى لم أقل “المراد” هو هذا، أو ذاك، فأنا طبعا لا أعرف ماذا أراد، وإنما أتحرك بعجزى فيما وصلنى:
رحمان رحيم.