نشرة “الإنسان والتطور”
28-1-2012
السنة الخامسة
العدد: 1611
حوار مع الله (47)
من موقف “بين يديه” (1)
وقال له (لمولانا النفـّرى):
وقال لى:
أوقفنى بين يديه وقال لى اجعل الحرف وراءك
وإلا ما تفلح وأخذك إليه.
وقال لى الحرف حجاب وكلّية الحرف حجاب وفرعية الحرف حجاب.
وقال لى لا يعرفنى الحرف ولا ما فى الحرف
ولا ما من الحرف ولا ما يدل عليه الحرف.
وقال لى المعنى الذى يخبر به الحرف حرف
والطريق الذى يهدى إليه حرف
فقلت له:
الحروف وما قد تدل عليه حتى المعنى ليست حواجز دونك، إلا لمن اغتر بها حتى تحل محلك
أحاول أن أحيلها دوائر يحوى بعضها بعضا، إليك
الحروف تدور مع اللحن المفتوح فتتناغم كل الدوائر الأكبر والأصغر فلا يغتر الحرف أو يتضخم ولا يستقل.
حين اجعل الحرف ورائى لا أمامى، لا يحول بينى وبينك
احترم الحرف واستعمله
لا أقف عنده ولا أغفله
العلم فى الحرف،
والذكر فى المعرفة،
والمعرفة فى الحمد،
والحمد فى الذكر.
الذكر يدور بالأسماء مع الأسماء فلا تعود حروفا،
لا أحد من كل هذا يحل محل غيره، وإنما هو يدور معه ليحتويه.
إذا تراقص الحرف ليغرينا برسم اسم يدل عليك، وهو لا يدل إلا عليه
نضيع فيه بعيدا عنك ونحن نردد صوتا كأنه يشير إليك.
فى البداية: لا مفر من الحرف ولا غنى عنه شريطة ألا يستقل عنك.
لو ظل الحرف حرفا لما خرج منه إلا حرف وحرف وحرف، وحروف كثيرة مزدحمة، لا تصنع “كلمة” واحدة
لو ذاب الحرف فى سكينة اللحن وزخم الدوائر: فهو الحرف الذى لم يعد حرفا.
بل نغمة فى اللحن المفتوح بلا نهاية
****
من موقف “بين يديه” (2)
وقال له (لمولانا النفـّرى):
وقال لى:
تعرُّفى إليك بعبارة توطئة لتعرُّفى إليك بلا عبارة.
وقال لى إذا تعرّفت إليك بلا عبارة خاطبك الحجر والمدر
فقلت له:
الحمد لك
طمأنتنى، فلا أطرد العبارة خشية أن تحول بينى وبينك
مادامت هى توطئة لتعرفى إليك
أستغنى عن العبارة بعد أن أستهدى بها ولا تعود بى حاجة إليها
عرفت تسبيح الشجر والطير والجبال من نبضها فى رحاب إيقاع حضورك
ما حاجتى إلى العبارة بعد أن يصلنى همس الحجر وحفيف المدر،
ألتفت إليهما فعبرهما فأجدك القريب بلا قرب، البعيد الأقرب من كل قرب.
****