نشرة “الإنسان والتطور”
13-11-2010
السنة الرابعة
العدد: 1170
يوم إبداعى الشخصى
بعد أن اختفت تعتعة الدستور خصصنا السبت لنكمل تحديث هذه الاستلهامات من حديث ربنا إلى مولانا النفرى على مسئوليته. داعين ربنا بالستر.
هذا، وبعد أن نجحت – نسبيا – تجربة ترجمة حكمة المجانين (نشرة الأثنين) باسهام وفضل الابن الصديق “محمد غريب” وبعض صحبه، سوف نحاول أن ننشر ابتداء من الأسبوع القادم النص وإلهاماته باللغتين الانجليزية والعربية، ولن نعتمد على ترجمة المستشرق أرثر جون أربرى(1)وهو صاحب الفضل الأول فى تعريفنا بالنفرى بعد أن عرفه القارئ الإنجليزى قبلنا، فقد اعتدنا أن نهمل تراثنا حتى يعرفنا به باحثون كرام ممن يحترمونه أكثر منا.
لكن يبدو أنه قد آن الأوان أن نتحمل مسئوليتنا مهما تواضعت قدراتنا، وبالتالى فنحن ندعو الأصدقاء إلى إبداء الملاحظات على الترجمة بوجه خاص- كما فعل د.أحمد الفار- متفضلا، وعلى الله قصد السبيل.
حوار مع الله (25)
(1) من موقف الموت
1) وقال له (لمولانا النفـّرى)،
وقال لى أنا وليك، فَثبَتَّ.
وقال لى أنا معرفتك، فنـطقتَ.
وقال لى أنا طالبك، فخرجتَ
موقف الموت
فقلت له
فـَـثبـتُّ متحركا أبداً
ما أغنى أن تتحرك واثقا من ثباتك بوليك الذى لا يدعمك، ولا يقتحمك، ولا يتركك.
أنت تُـنْعِمُ علىَّ أن تكونَ أنت معرفتى، فتحلُلُ عقدةً من لسانى.
أعرفك فأنطق، أعرفك فأنطلق، أعرفك فأعرف.
حين أُصبح معنى الكون بمعرفتك، أزداد حمدا، وأمتلئ يقينا حيا نشطاً.
أواصل كدحى قبل أن يأتينِى اليقين، وبعد أن يأتينى اليقين
اليقين يقينان: أن ألقاك هنا ما دمت أسير فى نورك،
وأن تطلبنى فأخرج إليك لا أخاف ولا أرغب، وقد ثبتُّ، ونطقتُ، وكدحتُ، واستجبتُ وعرفت المعرفة: أنت
أمشى فى نورك، أو أخرج إليك سيان،
هذه إن صَحَّت تلحق بتلك
وتلك إن صَدقت تجمع إليها هذه
الأمر أمرك،
واليقين سعىٌُ إليك،
هو ذاته معرفتى: أنت.
أما الخروج إليك متى طلبتَ فهو بعض يقينى بالتناغم فيك.
(2) من موقف العزّة
2) وقال له (لمولانا النفـّرى)،
وقال لى إذا بدت آيات العظمة رأى العارف معرفته نكرة
وأبصر المحسن حسنته سيئة
موقف العزّة
فقلت له
بمنظار الحق الأحق: تتضاءل الأمور التى كانت تبدو كبيرة،
ويعاد النظر فيما خُدعنا فيه لظروف نعرفها، أو لا نعرفها.
آيات العظمة تتبدى لى حين أخلص فى المحاولة.
لا أكلُّ من مواصلة السعى، ولا أخاف إلحاح المراجعة.
إذا أضأتَ لى آيات العظمة من مشكاة الرحمة والعدل، تبينتُ تواضع أبعاد معارفى التى غرّتنى دهرا، فإذا بها نكرة فى بحر معرفتك، أو لعلّها أصبحت نكرة لأننا أصبحنا نحن أيضا نكرة فى ذواتنا المنفصلة عنك بعد أن أهملنا تجلياتنا بكل ما هو منك إليك.
وحين ترضى أن تصير نكرة تنقلب إلى “معرفة” دون حاجة إلى أداة التعريف.
ثم نكتشف أن الحسنة كتبت سيئة حين تتبين حقيقة الهجرة، وتتعرى دوافع زعم الجهاد.
ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.
ثم يقال له: نلتَ المقابل فماذا تريد بعد؟
قيل فارس، وقيل شجاع، وقيل كريم، وقيل عالم، وقيل شاطر، وقيل صوفى، وقيل مسلم، وقيل دكتور، وقيل نصرانى، قيل كل ذلك فصَّدقته وفرحت وقبضت المقابل، فماذا تبقى لك.
بآيات العظمة راجعتُ حساباتى فعرفت:
فاسمح لى
وسامحنى
[1] – أربرى (آرثر جون) (1905–1969)
آرثر جون أربرى Arthur John Arberry مستشرق إنكليزى ولد فى مدينة بورتسموث جنوبى إنكلترا وبرز فى دراسة التصوف الإسلامى والأدب الفارسي. أمضى آربرى دراسته الثانوية فى بورتسموث ولتفوقه حصل على منحة دراسية لدراسة الآداب الكلاسيكية (اليونانية واللاتينية) فى كلية بمبروكPembroke من جامعة كمبردج عام 1924 بوصفه الطالب الأول فى السنة. حصل على المرتبة الأولى مرتين فى مواد الدراسات الشرقية (1929). ولتفوقه هذا منح ميدالية وليم براون، كما نال عدة منح أخرى واختير فى عام 1931 زميلاً باحثاً فى كلية بمبروك التى تخرج فيها.
جاء إلى القاهرة دارسا باحثا عام 1931. وبعد زواجه عام 1932 عاد إلى مصر وعُين فى كلية الآداب بالجامعة المصرية (جامعة القاهرة اليوم) رئيساً لقسم الدراسات القديمة (اليونانية واللاتينية)، وفى مصر ترجم إلى الإنكليزية مسرحية «مجنون ليلى» للشاعر أحمد شوقي، ونشرها عام 1933، كما نشر تحقيقاً لكتاب «التعرف إلى أهل التصوف» للكلاباذي، وهو من أقدم الكتب فى التصوف (القاهرة 1934)، وترجمه إلى الإنكليزية بعنوان The Doctrine of the Sufis (كمبردج 1935). وفى صيف عام 1934، عُيّن مساعد محافظ مكتبة فى «مكتبة الديوان الهندي» Indian Office فى لندن. وفى عام 1935 نشر كتاباً فى التصوف هو كتاب «المواقف والمخاطبات» للنّفّرى وترجمه إلى الإنكليزية. منحته جامعة كمبردج درجة الدكتوراه فى الآداب عام 1936. وفى عام 1944 عين آربرى أستاذاً للغة الفارسية فى «مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية» فى إنكلترا وبعد عامين انتخب رئيساً لقسم الشرق الأوسط فى تلك المدرسة. وابتداء من عام 1947 صار أستاذاً فى جامعة كمبردج. وفى هذه السنة أصدر آربرى عدة كتب. وفى أوائل الخمسينات أخذ آربرى على عاتقه القيام بترجمة جديدة للقرآن الكريم فأصدر فى عام 1956 ترجمته المفسّرة فى مجلدين. وتوفى سنة 1969 فى كمبردج.