“نشرة” الإنسان والتطور
30-10-2009
السنة الثالثة
العدد: 791
حوار/بريد الجمعة
وملحقان
مقدمة:
- بريد اليوم يتميز باحتوائه ملحقين:
الأول: دراسة جادة عميقة من الصديقة أمل محمود تعقيبا على النشرة بعنوان: دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الكتاب الثانى) الحلقة (35) شرح على المتن: ديوان أغوار النفس فقه العلاقات بين البشر(العين الحرامية) وقد فتح لى هذا التعقيب فرصة مراجعة فروض وأطروحات سبق أن سجلتها خلال الأربعين سنة الماضية، واكتشفت أنها تحتاج إلى تحديث وإعادة نشر فى هذه الظروف الجديدة التى يتيحها مثل هذا الحوار.
أما الملحق الثانى: فهو قصيدة من الشاعر المحلاوى ياسين محمد عبده بتوصية من الصديق د. وليد طلعت.
ويبدو أن نشر الملاحق فى البريد، بلا تعقيب أو مع ما تيسر من تعقيب موجز، سوف يصبح تقليدا جديدا جميلا، ما دمنا لم ننجح فى استضافة ضيوف كرام لا فى النشرة ولا فى الموقع.
*****
بريد الجمعة
(تعقيب على الرد على تعقيب سابق لنفس الصديقة الأسبوع الماضى)
أ. إيمان عبد الجواد
“لكن الكبير دائما موجود، مَنْ طَلَبه – بتواضع- وجده
ثم إن الله أكبر من كل كبير دون أى اغتراب أو تجريد وهو – سبحانه – ليس فقط أكبر (الله أكبر) ولكنه أيضا يسهل لنا أن نجد الكبير الذى نحتاجه خصوصا من خارج السلطة الديني”.
هذا مقتطف من رد حضرتك فأرجو التوضيح من حضرتك، لأننى شعرت- لا اعلم – ربما بقبضة قلب أو لعلى شعرت أنك حاد فى توجيه كلامك، أنا لم أقصد بكلمة \”كبير\” من يقول صح أو خطأ لكنى أقصد السند فى الحياة أقصد من يساعدنى على هذه الحياة سواء بالرأى الصائب أو بالكلمة الحانية.
يعنى ايه من خارج السلطة الدينية؟
يعنى ايه بتواضع؟
ربما لوتعرف الآتى لترفقت بي..
المسألة ببساطة ان الأب-كان حنوناً متسامحاً طيب القلب- مات منذ 6 سنوات ..والأم-ربنا يسامحها ويسامحنا إحنا كمان- لايوجد اى تواصل للأسف الشديد قبل وفاة ابى بسنوات لقسوتها الغير مبررة ولبطش يدها ولسانها وكنت اسامحها دائماً دون موقف..كنت اشعر بتأنيب ضمير شديد وآيات الله داخل قلبى تزلزله فاصالحها بهبل ..
ثم تصورت انها ربما تشعر فى يوم أنها ظلمتنى وتعود إلى أمى التى لم أذق حضنها حتى الأن.ولكن هذا لم ولن يحدث.
تخيل أنها بعد هذا كله قالت اننى اسامحها علشان مصلحتي(اللبس والأكل والمصروف-رغم ان هذا لم يكن يتاثر باننا متصالحين ام لا-) وانا والله العظيم عمرى ماكان هذا وارد فى خاطرى أبداً.
الأعمام والأخوال لا توجد علاقة انسانية فيها تواصل لأن ببساطة الللى جمعنا ساعات محدودة جدا والغربة علشان لقمة العيش بعدت معظمهم.
أنا ساعات كنت باصبر نفسى بذكرى لأبويا لكن ساعات هذا لايكفي..لكن اه ماشى الحال شويه
اقوم وشويه اقع.
المشكلة الكبيرة اللى وجعة قلبى ..بنوتة جميلة -أختي-اللى لما أبويا مات كان عندها 7 سنوات..
كنت فاكرة لفترة صغيرة إن البنت-عندها دلوقتى 13سنة-انها بتحب امنا وان المشكلة بينى وبين امى فقط.لأنها لم تكن تضربها خصوصا بعد وفاة والدى .
لم أكن اتحدث معها ابدا عن أمى وما اشعر به ..
لكن قررت أن أعرف ما يدور داخلها-بعد أن رأيت بكاءها الشديد بعد موقف مع أمي-..وياريتنى ما عرفت..
البنت عارفة كل حاجة وشايفة أمى زى ما أنا شايفاها، ويمكن أوحش وعارفة إنها عصبية ومش ممكن تقرب منه. مافيش علاقة بينهم خالص-اقصد العلاقة الطبيعية بين الأم وبنتها.ونفس الحضن اللى أنا لم أذقه هى كمان لم تذقه..
جالى مش حاقول لحضرتك اكتئاب لكن لمدة 20 يوم لم استحم وفقدت الرغبة فى الحياة وعشت فى غرفتى لم أخرج منها وظللت ابحث عن أمل فى هذه الأم التى حرمتنا منها وهى على قيد الحياة وكنت دايماً أقول يمكن نقرب!
وحدثت مواجهة مع أمى ولكن خرجت منها باحساس ..اننى كنت ابحث عن سراب وان اختى الصغيرة رأت ما لم أره طيلة حياتي.
ولكنى أخاف عليها جداً جداً جداً..
وعلى انا أيضاً.وعلى أمى أيضاً.
لا أب ولا أم ولا جد ولا اى حاجة وحتى أختها مكسورة وبتحاول تقوم…
ارجوا من حضرتك الرد بعد قراءة ماسبق. ارجوا من حضرتك الرد ولو على الـ e-mail
د. يحيى:
بصراحة، فضلت أن أرد عليك فى بريد الجمعة، مع أننى أرد على كل المشاكل الخاصة بردود موجزة على بريدهم الخاص، لكن نظراً لأن ردى السابق الذى اقتطفتيه هنا فى أول رسالتك كان منشورا هنا فى بريد الجمعة الماضية، فإنى لم أجد لى خيارا حتى يشاركنا من سبق قراءة حوارنا.
مازلت متحفظا على موقفك من أمك، صدقينى أنا لا أشك فى صدق روايتك، ولا أحاول أن أقلل من فرط حرمانك، لكننى تعلمت من خبرتى أن تكرار الشكوى من مثل ذلك لا يفيد، بل إنه يزيد الحرمان قبحا.ً
حين أقول يا ابنتى أن “ربنا موجود”، وأنه أكبر من كل كبير، وأن الدنيا بخير، لا أعنى أغترابا ميتافيزيقيا، وإنما أعنى حضورا للوعى الفردى فى رحاب الوعى الجمعى، فالكونى إلى وجه الحق تعالى، هذه أصبحت عندى بمثابة حقيقة بيولوجية، علينا أن نتعهدها لعلها تساعدنا على تجاوز قصور بشرى مرحلى.
هذا، وبالرغم من إصرارك على وصف أمك بكل ما وصفتها به، فإنى احترم الأمومة بشكل زائد، مهما أخطأت الأم، ولو كنت تتابعيين ما أكتبه كل أربعاء من شرح لديوانى “أغوار النفس”، فسوف تفاجأين لاحقا بقصيدة قرب نهاية الكتاب، أعتب فيها على أمّى قائلاً:
ليه يامّه كان ليه؟
لما انتى ما انتيش كان ليه
أنا مين أنا فين أنا كام يامّه
أنا إيه… إلخ.
الافتقار إلى التواجد (الوجود الإيجابى) الذى أفترض أن أمك كانت تعانيه، وأنه السبب فيما وصلك، أعنى فيما لم يصلك يجعل العطاء الحائى والمحيط صعباً وأحياناً مستحيلا.ً
لعل أمك لم “تكن” أصلا (لّما انِتِ ما نتيسش كان ليه)، وبالتالى لم يكن لها حضن يدفئك، وربما كان هذا هو الذى افتقدتيه وتفتقدينه حتى الآن،
رحم الله والدك الطيب.
أنا لا أريد أن أشوه صورته التى تعيشين بها حتى الآن، ومع ذلك فعندى رأى لا أريد أن أحجبه عنك، فأنا أتصور – بشكل ما – أنه مسئول – ولو نسبيا – عن موقف أمك منك، وعن موقفك منها، فربما هو أنكرها، فأنكرتك،
من يدرى؟
أ. رامى عادل
دمدحت: الاخ والصديق، بابتدي افهم دلوقتي ليه بعض اصدقاء النشره، مابيردوش عليا، وليه د.يحيي بيقول لنا انه لا تعليق، اشوفك باذن الله في الندوه، وتبقي تقول لي واقول لك ونقول لبعض.
د. يحيى:
يا بخت من وفق وعى الأصدقاء فى الحلال،
عالبركة.
د. محمد أحمد الرخاوى
يا عمنا برغم بديهية ان ربنا سياحسبنا فردا فردا، إلا أنه هو الذى قال سبحانه: \”واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة\” صدق الله العظيم
اعتقد ان كل مهموم يما يحدث للمصريين – أو لغيرهم علي فكرة- مهموم بهذه الفتن اساسا المنظومة – منظومة الحياة في هذه اللحظة هنا والآن- فيها خلل اكيد
اذن ماذا؟
كما قال جاد الرب (حمورابي فى الأعداد الأولى من مجلة الإنسان والتطور) لا بد ان يتغير ما يحدث الآن كي لا تصيبنا فتنة الذين ظلموا منا خاصة قوة دفع التفاؤل احيانا تكسر–ليس بالتشاؤم– ولكن بفقد المعية، المعية بالوعي ثم المعية بالهم العام ثم المعية بالدفع الجمعي الحتمي كما فعل النمل وكما فعلت الصراصير في الأغلب، مع اقراري طبعا ان \” كلكم آتيه يوم القيامة فردا\”
د. يحيى:
برجاء قراءة “تعتعة الوفد” بعد باكر وأعتقد أن فيها رد كاف، وهى بعنوان: “لعن الله من تشاءم جالسا، ومن تفاءل ناعساً”.
ثم دعنى أحييك على تعبير “الدفع الجمعى الحتمى”، وأحيى معك النمل والصراصير التى يبدو لأول وهلة أنها أذكى منا، فقد حافظت على بقائها حتى الآن بغير نشرات يومية، حوار، ونتْ وكلام من هذا.
ومع ذلك فلو نجحنا نحن البشر فى قبول التحدى فسوف نعملها أجمل، لنستمر أرقى.
من يدرى!!؟
***
تعتعة الوفد:
دعوة للمشاركة فى بحث علمى مقارن عن: “المصريين اليوم”
د. مدحت منصور
“….. أعلن دائما بفخر أنني أجمع بين ثلاثة أعمال و عمري 48 سنة، يعني عملية شبه انتحارية من الناحية النظرية و أنا أعلم إني ابن لذين، (……) نصاب في الكلام و إلى حضراتكم البيان التالي مقدرا عدد ساعات العمل أسبوعيا المتوسط بالتقريب …. الخ”
د. يحيى:
آسف يا مدحت، ربنا يقوّيك وينفع بك
مرة أخرى اضطررت لحذف بعض (أو أغلب) رسالتك لأنه لم يصلنى منها معنى يسمح بنشرها، فقدرت أنها لن تصل لأى من الأصدقاء، فإما أن توضحها، وإما أن تقبل عذرى، وإن كنت بينى وبينك أفضل ألا تفعل لأن ما وصلنى منها أنها خارج السياق
أ. رامى عادل
ما هي الكيفيه التي يكون بها المجنون(جدا) مجس نبض الجارى؟
د. يحيى:
المجنون لا يقصِدُ هو أن يكون مجسّ نبضِ الجارى، وأعتقد أن قراءتنا الأمينة المبدعة، وهى ما اسميته: نقد النص البشرى، هى التى تستعمل صدقه وتعريته لهذا الغرض (جسّ نبض الجارى)، وقد يمتد ذلك أيضا إلى استشراف بعض المستقبل.
أ. رامى عادل
ماذا يعنى تعبير “تداول السلطة”
د. يحيى:
يا أخى يا أخى، و”تلك الأيام نداولها بين الناس”،
معناه أنه “لا يوجد مبرر أن يكبس على نَفَسنا نفس الشخص، ونفس الحزب، ونفس الفكر، إلى الأبد”،
يعنى أن يكون فى النظام، وفى الدستور، وفى القانون، وفى الانتخابات، آليات تتيح لنا أن نزيح، من يخطىء، أو يقصر، نزيحه ونُحِل محله من نتصور أنه أفضل.
وهل هذه الحكاية تريد شرحا يا رامى؟
ولكن عندك حق طالما أنه مفهوم خيالى تماما لم تَرَه يحدث فى واقعك، أو حتى فى واقع مصر المعاصرة، فعندك حق.
د. عمرو دنيا
ما بقتش أفكر قوى فى المصريين اليوم ولا الأمس ولا الغد، وكمان ما عدتش بافكر فى البنى آدميين أصلاً لا بتوع الأمس ولا اليوم ولا الغد.. دع الخلق للخالق- بقيت أحاول أعمل اللى علىّ واللى يرضى ضميرى، وأجد واجتهد – وأنا واحد من المصريين (الأمس واليوم والغد)، وواحد من البنى آدمين (الأمس واليوم والغد)، وأنا شايل الهم والمسئولية مش هربان منها، بس ما عدتش قوى أقف عند محاولة الفهم، أو ترجمة الوضع “باشتغل واجتهد من غير فهم قوى وربنا يبارك ويسهل.
د. يحيى:
أظن أن هذا موقف شديد الدلالة، وقد وصلنى منه أنك وصلت أخيرا إلى أنك بعملك وموقفك أصبحت جزءا من الوعى الجمعى، لكن بينى وبينك هذا لا يكفى، وقد ننسحب بالتمادى فى التركيز على الاكتفاء بتحسين الأداء الشخصى إلى موقف فردى غير كاف لإنقاذ الجماعة، ولا النوع،
لكن فى نفس الوقت، أنا معك أيضا فى التحذير من أن كثرة الكلام عن مصر والناس، والبشر، والنوع، مثلما ما نفعل هنا الآن، ربما يصبح ملهاة كبرى.
(برجاء قراءة تعتعة بعد باكر عن “لعن الله المتشائم جالسا، والمتفائل ناعساً)
د. محمود حجازى
تفتكر يا دكتور يحيى مين اللى حايستوعب الكلام ده؟ المطحونيين اللى مشغولين بأكل العيش؟ ولا الحكومة اللى بقى كل همها إزاى تشغل أو تسكت المطحونين بأكل العيش؟.
د. يحيى:
يعنى..!!!!!
إذن: ماذا تريد منى أن أفعل بالضبط يا محمود؟
هل أتوقف عن الكتابة؟
وهل تتوقف أنت عن التساؤل والتعقيب؟
والله فكرة!!
د. هانى مصطفى
ماتزال سيناريوهات الحل المحتملة، غير قابلة للتطبيق العملى (حسب وجهة نظرى)، وما تزال المعضلة الوطنية لغزا يستعصى على الفك، ولكن تكفى مقولة نبدأ بأنفسنا لرفع الحرج، وترييح الضمير.
د. يحيى:
برجاء قراءة ردى على د. محمد أحمد الرخاوى، وعلى رامى، وعلى عمرو حالا.
د. محمد شحاته فرغلى
الله يسامح أستاذنا اللى فتح علينا باب “ماذا حدث للمصريين!!” عندما كتب كتابه تحت هذا العنوان فى التسعينيات، وأرجع كل ما رصده إلى استعداد مصر البيئى لإنقلاب الطبقات الذى لم يكن يحتاج أكثر من فلوس الخليج والعراق لينقلب.
لكنى أرى من الواجب أن نسأل أيضا “ماذا حدث لمصر!!، وأنت أدرى بذلك بما تراه فى شكاوى المرضى وأحوالهم الاجتماعية والسلوكية.
ولربما لو بحثت عن تلك الصفات التى ننعت بها أنفسنا كمصريين فستجدها فى فلاح يسكن فى قرية فى أطراف الصعيد أو الدلتا لا يزال يأكل من خبز امراته، أو مهاجر فى بلد بارد خرج باحثاُ عن مصر فى مكان آخر. لم تعد القاهرة هى مصر كما نريد أن يراها الناس.
د. يحيى:
لعلك تقصد أ.د. جلال أمين جزاه الله خيرا، فأنا لم أكتب كتابى فى هذا الموضوع بعد،
بقية تعقيبك هى ما أبحث فيه كمقدمة لعملى إن كتب له الظهور، ولعل هذا هو ما أجّل إسهامى فى هذا الموضوع حيث أننى فوجئت بتعدد المناهج أنا أبحث عن وسيلة تمنع خطورة التعميم، ثم تبينت أن المناهج تكمل بعضها بعضا، وأيضا تكشف بعضها بعضا،
هيا نجتهد.
***
تعتعة الدستور
تحالف قوى الانقراض،.. ولكننا نحن البشر سوف ننتصر!!
أ. رامى عادل
المجانين ايضا يستشعروا هذا الخطر “مش عيب” ساعات يسمونه ابليس او القيامه او مستر اكس او الزحف, لهذا أتاكد يوما بعد يوم انك معلمهم الاول وليس العكس.
د. يحيى:
أنت خير من تعلم يا رامى أنهم، أنكم، أساتذتى بحق.
د. صابر أحمد
قرأت لحضرتك فى أكثر من مره آخرها أو منها هذه اليومية تتحدث عن الانقراض وفى كل مره أتساءل ماذا سيحدث لو انقرضنا؟ سينتهى هذا العالم إن آجلاً أم عاجلاً بالنسبه لى ولكل من أعرفهم ومن أحبهم أو أكرههم فما الذى يحدث لو أنتهى بالنسبه لأجيال قادمه ما المشكله أو ما الذى سيترتب على ذلك؟
د. يحيى:
والله يا صابر عندك حق، أفقتنى يا رجل!!
هل ندع حكاية التطور وحفظ النوع ومثل هذا الكلام للبرامج تحت الوعى الظاهر، وما يحدث يحدث؟؟!!
لكننى لا أخفى عليك أننى أغار من النمل والضفادع والهاموش،
هل نحن أقل منهم؟
ربما!!
ما رأيك؟
أ. عبده السيد
عيشتنى الخوف مدة 6 سنوات من الانقراض ، وأنه يعنى فقط انتهاء الجنس البشرى من على الارض ودائما اسأل نفسى عن تعداد السكان وهو بيزيد وبيسبب مشكله،
لكن ما وصلنى اليوم ان الانقراض له معانى أخرى أشمل.
د. يحيى:
والله يا عبده بعد أن قرأت تعليق صابر الآن، وجدت نفسى فى وقفه تساؤل عن ما إذا كان علىّ أن أتراجع قليلا عن حماسى وأنا أتصور أننى اسهم فى الحفاظ على بقاء الجنس البشرى، أنا مالى؟ هل أنا الذى خلقته؟
أظن أننى أمزح، إذ يبدو أننى أرحب بهذه الورطة!
ذلك لأننى بمجرد أن استسلمت لهذه الفكرة التى طرحتها يا عبده، وجدت نفسى “لست أنا”، “لست إنسانا”، “لست بشرا”،
أظن أن النمل حافظ ويحافظ على نوعه دون أن يناقش القضية أصلا،
هل نفعل مثله؟
هل نستطيع؟ إذن فلماذا تخلق لنا الوعى؟ والوعى بالوعى؟ ولماذا أبدع لنا العقل الأحدث كل هذه الأدوات الرائعة المرعبة؟
ما رأيك؟
***
يوم إبداعى الشخصى:
الفصل الأول من ملحمة الرحيل والعود
سوق السلاح
د. مروان الجندى
وصلنى من هذه المقدمة: نبض بالحياة ودعوة إلى الحركة تجاهها.
د. يحيى:
عقبال ما تقرأ الملحمة الرواية كلها (ويا حبذا الثلاثية جميعا)
يا ترى ماذا سيصلك منها؟!
بصراحة يا مروان، وبرغم كل كرمكم هذا، أنا أفتقر إلى من يصله ما أردت..
الأغلب أنها غلطتى أو تصورى!!..
الحمد لله.
ومع ذلك سوف يحدث (حايحصل!).
***
يوم إبداعى الشخصى حوار مع الله (24)
مرة أخرى: موقف “قد جاء وقتى”
أ. إيمان
للكاتب احمد بهجت كتاب بعنوان صائمون والله اعلم وتحت عنوان الزاهد… يقول:
قال موسى (عليه السلام) لربه:
“رب ارنى أنظر إليك” قال الحق-عز وجل: لن ترانى ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى. فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا..فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك.
….المفروض ألا يرى موسى غير ربه..فكيف يطلب ان يرى ما هو موجود وحده..كيف يطلب رؤية الموجود الحقيقى الواحد، الذى لا يحتاج إلى الرؤية..كيف لا يراه من نفسه دون طلب..ثم كيف يطلب.. يؤدبه الله بأدب الأنبياء..
إن خطأ موسى (عليه السلام) أنه رأى نفسه..ولم يترك الطلب..
ولهذا عاتبه ربه بأن أفهمه أنه لن يراه، وعاتبه ربه بأن صعقه..ولهذا تاب (عليه السلام) حين أفاق.. .
هل الفرق بين رؤية النفس التى ذكرها الكاتب ورؤية النفس التى ذكرتها حضرتك، أن رؤية النفس التى ذكرها الكاتب نوع من أنواع رؤية الذات التى لابد وان تنعدم بجوار وجود الله جل علاه أما ورؤية النفس التى ذكرتها حضرتك رؤية لخلقة ربنا-التعبير الجميل الذى عرفته من خلالك.
أم ماذا؟
د. يحيى:
أشكرك يا إيمان على استشهادك، وأفضل ألا ارد على تساؤلك، فأنا أجد حرجا شديدا وانا استلهم مواقف مولانا النفرى، وبالتالى لا أجد فى نفسى ميلا لمزيد من التفسير حتى لا أشوه ما وصلنى فخرج منى هكذا،
شكرا ثانية
***
التدريب عن بعد: (60) : ماذا عن تداخل السياسية فى العلاج؟
د. مصطفى السعدنى
أستاذى الجليل حوار علاجى أكثر من رائع، وأقول لحضرتكم: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا والمعلم هو أنت بالطبع، تقبل خالص محبتى وامتنانى وودي، ورزقك الله وإيانا طول العمر والصحة والستر والعمل الصالح.
د. يحيى:
مرة أخرى يا مصطفى، أنا أحترم تقديرك، ولا شك أننى أسعد به،
أفرح بدعواتك لى بالصحة، وأتردد أمام حكاية “طول العمر”!!
لماذا؟ إلى متى؟ إلى أين؟
ثم دعنى أكرر أن سعادتى بمشاركتك بالرأى هى الأهم، وهذا لا يقلل من احترامى لطيب كلماتك، أننى لا أشك فى صدقها.
***
التدريب عن بعد: (62): النضج يصحح المسار ّ (حتى بدون فهم !!)
د. ماجدة صالح
أنا لم أستدل فى هذه الحالة على شخصية الطبيب (رغم استنتاجى لشخصيته فى معظم الحالات السابقة)، ولكننى أعتقد أنه طبيب مبتدىء متلهف على سرعة التعلم، ولذلك أقترح أن يكون العنوان “النضج المتبادل يصحح المسار”.
د. يحيى:
موافق
د. ماجدة صالح
أعتقد أن فرط حمايتك وإشفاقك ومسئوليتك وحبك لجنس النساء يا دكتور يحيى مع فرط لومك ورفضك لما يفعله الرجل بالمرأة مبالغ فيه بعض الشىء وفيه إضعاف لدور المرأة ومسئوليتها (فهى لم تعد مقهورة لهذا الحد فى مجتمعنا الآن)، وكل ما أخشاه هو تقمص هذا الموقف من المعالج المبتدىء فيعوق نحوه الشخصى فى هذه المنطقة!!
مثلا فى هذه الحالة ليه زوج الأخت مسئول أكثر، ما يمكن يكون هو كمان غير ناضج زيها، وبعدين هو إذا كان خان مراته مع اختها فهى خانت أختها مع جوزها، خاصة أنه لم يغتصبها لا سمح الله ولاحاجة.
د. يحيى:
موافق على الجزء الأول من التعليق، لكننى متحفظ على الجزء الأخير، لعلك تذكرين يا ماجدة الابتزاز الذى مارسه هذا الرجل على مريضتنا شقيقة زوجته، وتهديد مريضتنا بالتشهير بها، وتجريسها، وكأنها فعلتها مع واحد آخر غيره، ومهما كانت المريضة شريكة ومسئولة فى البداية، وهى كذلك، إلا أنها عادت تعيد النظر كما بدا من أقوالها للطبيب المعالج، فكان عليه أن يحترم ذلك ولا يهددها بعد امتناعها، إن كانت العلاقة حرة ومتبادلة، مع التذكرة بأنها علاقة محارمية.
أ. إيمن عبد العزيز
لم أفهم كيف أن حبها هو دليل على عدم النضج، وهل عدم النضج يتضمن الجوع والاحتياج العاطفى، أم يمكن أن أكون ناضجاً ومعى هذا الاحتياج.
د. يحيى:
أولا: أظن أن انسياقها السهل لمثل هذه الغواية هو نوع من عدم النضج، وهذا لا يمنع تسميته حبا.
ثانيا: يمكن أن يظل مثل هذا الاحتياج قائما طول العمر، وكما تعلم فإن النضج – بينى وبينك – لا يكتمل أبدا.
أ. إيمن عبد العزيز
الوقت والعلاج هما لصالح النضج، لكن هناك موضوع عدم العذرية، وهو موجود فى الخلفية. وهذا الموضوع قد يحتمل أن يكون هو السبب لرفضها الزواج.
د. يحيى:
طبعا ممكن
أ. إيمن عبد العزيز
وما هو الموقف الأخلاقى والعلاجى فى حالة إجراء المريضة لعملية، وذلك متاح ومنتشر، وهل له دور فى العلاج أم لا؟
د. يحيى:
أنا رأيى الشخصى أن هذا حقها، خاصة لو كانت التجربة قد صهرتها، فهى لا تفعل ذلك لمجرد الكذب أو الخداع، ولكنها حسبة لا ينبغى أن تتحملها وحدها، إذْ يشترك فى المسئولية عنها كل من “المجتمع الغبى”، و”الآخر المشارك”، بقدر ما تشترك هى فيها بخطئها الذى لا ينبغى أن يظل حائلا دون تمتعها بالاحترام والحياة الطبيعية.
***
التدريب عن بعد: (63): المرضى: أسرة ممتدة، والطبيب والد
د.مدحت منصور
وصلنى من حيرة الدكتور محمد و سؤاله مدى إنسانيته و إحساسه بمريضه بشكل يبعث على الفخر ,كنت دائما أسأل نفسى عن الفرق بين معالج الثمانينات و الذى كان يشعرنى أن قبوله لمريضه أمر مفروغ منه و أن تحمله لمريضه حقللمريض بشكل يجعل مريضه مطمئنا إليه شاعرا أنه لا يمكن أن يتخلى عنه, تخيل كمية الأمان و التى كان يشعر بها المريض مع طبيبه ومدى صلابة العلاقة و أذكر بكل خير دكتور عادل صبيح بلندن الآن كما علمت و دكتور رفيق حاتم بفرنسا, لا أدرى إن كان المعالج قد اختلف أم أنا الذى اختلف أم كلانا.
د. يحيى:
لهما (د. رفيق& د.عادل) تحياتى أيضا، لكننى لا أتوقف عن تجديد ثقتى فى الأصغر فالأصغر من أبنائى وبناتى، وفى رأيى أن الذى يفعلها له وللناس، صغيرا أم كبيرا هو الرابح أولا وليس أخيرا.
أ. رامى عادل
الفصاميين مابيحسوش، هما بيقولوا كده، ده ممكن يكون صحيح، وممكن يكون فيهم قتله، انما الدواء بيخلى اللى العيان مقدرش يعمله بالجنون، يعمل اكتر منه بالدواء، يعنى يحقق اسطورته الذاتيه دون ان يظن روحه سوبرمان
د. يحيى:
ياليتنا نعرف كيف نضبط جرعة الدواء بما يحقق رؤيتك هذه يارامى.
***
دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الكتاب الثانى) الحلقة (34)
“السدود” على طريق “جدل الحب” والنمو
أ. محمد المهدى
أستفدت كثيراً من هذه اليومية ووصلنى أن علاقة الحب الحقيقية هى حب لكل المستويات وبها جميعاً، وأن الحب السطحى الذى يقوم على مستوى واحد قد يتحول الى علاقة حقيقية لو كان بابا للتوغل للعمق والداخل إلى سائر المستويات وليس للوقوف عند هذا المستوى فقط.
شدتنى جداً عبارة “أن يبنى الإنسان نفسه بيتاً” ولكن سؤالى هو كيف يستطيع الإنسان أن يبنى نفسه بيتاً إذا ما أفتقد للبنات الأولى للثقة؟! أرجو التوضيح
د. يحيى:
لا أدرى كيف!!
أليس كل ما نحاوله معا هنا هو محاولة للرد على هذا السؤال؟!
ثم إنك ذكرّتنى ببعض ما جاء قرب نهاية ديوان أغوار النفس الذى أقوم بشرحه (أو نقده أو تشويهه) هذه الأيام.
قلت فى بعض ذلك:
ما تصدقشى إن الواحد لازم يعرف أصله وفصله
ما تصدقشى
ما تصدقشى إن الدنيا راح منها الخير
ما تصدقشى
ولا إن الناس دول شر
ولا إن كلامهم قر
ولا إن البير دا مالوهشى قرار
ما تصدقشى
ما تقولشى ما شفتش ورونى[1]
ماتقولشى ما خدّش ادونى
عايز؟! دوّر واتخانق
وساعتها حايكفى الحب
*****
دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الكتاب الثانى) الحلقة (35)
فقه العلاقات بين البشر(العين الحرامية)
محاولات دائبة، وألم متجدد، ونهاية سلبية: بالانسحاب للفرجة….!!
أ. رامى عادل
انا متعقد من اللى يطفش من امام نظراتى، وبينى وبينكم بحب اوى اللى يبص جوه عنميه لاوقات طويله، بنروح انا او هو لما وراء الطبيعه، على فكره يا عم يحيى وجهك معبر وعيونك بحور من الغراميات، ده يا جماعه واقع باعيشه
د. يحيى:
ما هذا يا رامى؟
غزل هذا أم ماذا؟
كنت أريد أن أرد لك التحية، لكن بصراحة، وللأمانة، لقد كدت أنسى غور عيونك مع أنها تطل علىّ من تعقيباتك وأحيانا من شطحك.
* * *
الملحقات
الملحق الأول:
أمل محمود
تعقيب على نشرة : دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الكتاب الثانى) الحلقة (35) فقه العلاقات بين البشر(العين الحرامية)
محاولات دائبة، وألم متجدد، ونهاية سلبية: بالانسحاب للفرجة….!!
أ. أمل محمود
والخبز يتسوله الفقراء، أختلف مع الأطروحة الخاصة بالشعور بالذنب. فالإنسان وعى بوجوده ككائن له احتياجات اساسية، وله مشاعر وانفعالات. ولم يكن يشعر بأي شعور بالذنب تجاه بنى جنسه. الشعور بالذنب هو شعور اجتماعى، وليس فردى، قائم على اساس منظومة اجتماعية تحرم هذا وتحلل هذا، وحين يخترق الإنسان المحرم يشعر بالذنب. فالإنسان يشعر بالذنب إذا كذب، وإذا خان، وإذا سرق، وإذا قتل. الشعور بالذنب يكتسب وليس غريزى. بينما التكافل غريزة والأمومة غريزة. لكن الحب فعل يتعلمه الإنسان.
فقد حٌرمت المجتمعات الأولى الحب بين البشر، ودمرت العلاقة بالنفس والعلاقة بالآخر، فعبودية دمرت العلاقة بالنفس، والعلاقة بالآخر. والسبى والخطف والسلب دمر العلاقة بالنفس والعلاقة بالآخر. والآخر لا يقتصر على علاقةالرجل بالمرأة. الآخر هو شعب آخر، هو أب، هو أم، هو أخ أو اخت، هو زميل عمل، أو صديق. حتى فى علاقة صديقة بصديقة أو صديق بصديق يظهر الخوف من الآخر. ويظهر الإستغناء عنه.
والذى استغنى يعد أكثر توائماً مع تلك الحضارة التى نعيشها. والمسألة ليس لها علاقة باستقبال الآخر للحب. ولكن لها علاقة بالمنظومة التاريخية الاجتماعية، التى لم تتغير حتى عصرنا هذا. لقد حرمت الحضارة الإنسان من الحب،وغربته عن الآخر، وعن نفسه. ولهذا فنحن نعانى تلك المعاناه المستمرة فى العلاقة بالآخر. سواء عند زواجنا، أو عند عقد صداقة مع الآخر. الحضارة البشرية تعلمت التكافل رغماً عنها، تعلمت اهمية الفرد للجماعة بعد تجارب قاسية مع الحياة فرداً فرداً. ولم يكن الإنسان يعيش فى جماعات، بل صنعها عبر تجربة مريرة، وحروب دامية وقتل بين الأفراد والجماعات، حتى تشكلت القبائل والشعوب.
نحن انفصلنا بعقلنا الجديد عن الحيوانات، لكننا لم ننفصل عن اصل كلى هلامى. إلا لو صدقنا اسطورة الإله رع. الذى كان يعيش فى لجة ابدية من الهيولى، حتى مل منها، وقرر أن يخلق من نفسه وبنفسه ومن قضيبة الذى امسكه بيده فخرج منيه فى اللجة الأزلية، ومنه جاءت جميع الألهة من ابنائه، ومن دموعه جاء البشر.
هذه الإسطورة اسطورة إجتماعية مغتربة نشأت فى الألف الثالث قبل الميلاد. استلهمت عناصرها من حقيقة موضوعية، هى وجود الجنين فى رحم امه، فى لجة من المياه. وخروجه منها للعالم. وقد ذكرت الأساطير أن رع كانت له أم، هى إلهة \”نيت\”. ظهرت نيت فى الأسطورة باعتبارها صاحبة الرأى الأخير فى صراع حورس مع عمه ست، وقاتل أبيه. وقد نصرت الإله الكبرى \”نيت\”، أم الإله \”رع\” خالق جميع الآلهة والبشر حفيدها \”حورس\” وأعطته الحق فى عرش أبيه. لكن تغريب البشر عن اصلهم. واستبعاد المرأة الإلهة الأولى للجماعة البشرية من عمليه الخلق. وتكريم الإله الذكر بعمليه الخلق. كان له أسبابه الاجتماعية ( وهذا ليس موضوعنا). هذا التغريب الذى عاشته الجماعة البشرية منذ لحظة اجتماعها واستقرارها فى أكواخ حول مصادر المياه وزراعة الأرض، لم ينته ابداً، ولم يتوقف حتى يومنا هذا. ولهذا فقد افسدت المنظومات الاجتماعية القائمة على الاستحواذ وسيطرة الأقوى،
العلاقة الأولى بين الرجل والمرأة، لأنها سيدت الرجل على المرأة. ولهذا حين يتم الحديث عن علاقة الدخول والخروج، أو الكر والفر، فلا يمكن النظر لها بمعزل عن هذا التطور التاريخى التغريبى، والمستمر حتى يومنا هذا. فقد عاشت النساء منذ عهد رمسيس الثانى فى بيوت الحريم. وتم استعمالهن لمتعه الرجال، واستبعاد هذه، واستقدام الأخرى. ولازلنا نتعامل مع المرأة حتى يومنا هذا باعتبارها فتنه للرجل، لابد من تغطيتها من قمة رأسها حتى اخمص قدميها. إن تلك المنظومة الاجتماعية التى رضعناها فى لبن امهاتنا منذ الألف الثالث قبل الميلاد حتى يومنا هذا، كرست فى \”وعى\” الرجل ان المرأة وسيلة لمتعته، يتم سبيها، أو اقتناصها، أو الزواج منها رغم انفها، أو بيعها فى صفقة زواج. وحينما يرتبط هذا الوعى بالمنظومة الاجتماعية الحديثة التى تدين المرأة لو اقتنصها أو اغتصبها رجل ولا تدين الرجل. يصبح الحديث عن النفس البشرية، والعلاقة بالآخر بهذة الطريقة النفسية أمرأ يغفل كل هذه الظروف الاجتماعية والتاريخية.
فكيف تأمن المرأة للرجل. وهى تعرف من امها ومن جدتها، ومن جيرانها وزملائها، أن عليها ترويض الرجل وأستئناسه. أو عليها الخضوع التام له (فيلم ترويض النمرة) أو فيلم ( آه من حواء). كيف يصبح من الممكن أن تأمن لعلاقة غير متكافئه تاريخيا، واجتماعيا. علماً بأنها تجبر أو تختار بطيخة، إما ان تكون قرعة أو حمراء. وهى وحظها. وحين يجتمع إلى جوار هذا كله التغريب الطويل فى العلاقة بالآخر، وغياب الحب باعتبار أن الآخر عدو مغير، لا يستحق أن يحصل عليه. تصبح الطينه بلة. فالحب البشري الذى هو فعل متبادل مع الآخر غاب عبر العصور، وشهدنا بدلاً منه المنافسة والاستحواذ، والخطف والاستعباد، والتسخير والقتل والحروب. والمنظومة الاجتماعية منظومة تجارية، وأغلبعلاقات الزواج قائمة على صفقات تجارية. فكيف يشعر رجل بالآمان اختارته زوجته لأنه غنى، وكيف تشعر امرأة بالآمان اختارها زوجها لأنها جميله. وكيف تشعر المرأة بالآمان وهى تعرف أن زوجها سوف ينظر ويشتهى الجميله حينما يزول جمالها، وكيف يشعر الرجل بالآمان حين يكبر ويعجز عن ارضاء زوجته. كل هذة الأمور رضعناها فى لبن امهاتنا، والتخلص منها من اصعب ما يمكن، وهى راسخة رسوخ هرم خوفو فى عقول الرجال النساء. بينما تتحدت انت عن العلاقة البارونوية (الكر والفر) والعلاقة الاكتئابية (الدخول والخروج). وكأننا تخلصنا من كل هذا لم الأرث الثقيل. وكأننا استطعنا أن نعبر واحد على ألف منه.
إن العلاقة بين الرجل والمرأة لا تزال علاقة كر وفر، ولم ترتق حتى لتصبح علاقة دخول وخروج. العلاقة هى علاقة سيطرة واستحواذ، وقد علموا النساء انهن عاطفيات، وإن الرجال عقلانين، وهكذا سيدوا الرجل على المرأة. وكأن الرجال بلا عواطف، والنساء بلا عقول. فالنسعى قبل الحديث عن علاقات الكر والفر، وعلاقات الدخول والخروج إلى أن يكون هناك عدل فى العلاقة بين الرجل والمرأة. وبعد أن يتحقق العدل، نرى كيف سينجح الرجال فى اختبار العدل؟؟؟؟؟؟ وليس فى اختبار المساواة فلا يمكن أن تكون هناك مساواة بين النساء اللاتى شيدن أعمدة الحضارة البشرية، وحمين الأبناء من القتل، وبين الرجال الذين قتلوا الأطفال وقادوا الحروب، ودمروا مجتمعات النساء، وسيطروا عليها، واستعبدوا الأضعف. ولا تغضب يا دكتور يحيى من رأي، فأول حادثه قتل فى التاريخ فعلها الذكور. وليس الإناث. وأول حادثة حماية للإنبياء عليهم السلام (موسى وعيسى) فعلتها النساء. ولهذا لابد أن يقنع الرجال أن النساء يملكنعقلاً راجحا حفظ الأنبياء. وقد تعلمت النساء عبر عصور السبى والحريم أن يتحملن الظلم، كما تعلمت الأقليات من كل شعوب العالم، وعلى الرجال أن يتحملوا الظلم قليلاً، حتى تتغير تركيبتهم المسيطرة والمستبدة المعتمدة على مبدأ القوة الجسدية. والمعتمدة على السيطرة المستمدة من التمييز الاجتماعى. فتحمل الظلم وتحمل القهر يصنع الإنسان. مثلما يصنع الثورات. فالثورات عبر التاريخ اندلعت بسبب الظلم والقهر. واثناء اندلاعها غيرت مفاهيم البشر، وغيرت سلوكهم.
وأريد أن اقول أن المعرفة ليست ذنب بأي حال من الأحوال، حتى وإن وصفته بأنه ذنب رائع. الإنسان لم يرتكب ذنب بمعرفته الأولى، بل ارتكب فضيلة. قادته إلى المعرفة المتكررة، التى هى صواب نسبى، حتى يثبت خطئها. المعرفة هى الفضيلة الوحيدة التى مارسها الإنسان حتى الآن. ولولاها لظللنا عبيد، ولولاها لقتل الإبن اباه وقتل الأب ابنه. أما عن الأكل من الشجرة المحرمة فلم يكن له علاقة بالمعرفة فى عمومها، ولكن كان له علاقة بالمعرفة الجنسية بالتحديد. فحين أكلا التفاحة، عرفا أنهما عرايا. وقبل ذلك لم يكونا يعرفان عورتهما، ولهذا قاما بتغطيتها بورق التوت. بل أنهما اختبئا. والخطيئة الأولى لم تكن المعرفة فى إطلاقها، كما يتصور الكثير من المفكرين، بل الخطيئة الأولى كانت الجنس. ولو لم تكن الجنس، فلماذا طردا بعد أن عرفا عورتهما. ولماذا لم ينجبا فى الجنه، وهذا مبحث آخر.
العقاب فى الأساطير الأولى كان الخروج من الجنه الزراعية إلى أرض القفار والصحراء. وهكذا كان الإله المصرى \”ست\” إلهاً مطروداً من الجنة الزراعية التى صنعتها أيزيس ورمزها \”الحية\” وإله الخصوبة \”اوزيرس\” المقتول. ليصبح ست إله الصحراء والقفار والرياح والعقم. وعلى الرغم من اختلافى مع رؤى فرويد التى قدمها فى كتاب \”موسى والتوحيد\” وفى موقفه من غيرة المرأة من الرجل. إلا أن فرويد لم يخطئ فى تفسيره للجنس باعتباره المحرك الأول للثورات فى عصور ماقبل التاريخ.
الوعى الكلى هو وعى الجماعة البشرية، والإنفصال عنه إلى وعى ذاتى متفرد، أمر لا يتنافى مع الوعى الكلى بل يثريه، فالتفرد يثري الجماعة إذا كان يتسق مع مصالحها، لكنه إذا تنافى مع مصلحة افراد الجماعة مجتمعين، يصبح نشاذا. مثل وعى بوش الذاتى المتفرد. او وعى القاتل، أو وعى المستحوذ. لكن الحديث عن وجود وعى كلي لدى الإنسان، فهذا أمر شديد الصعوبة، من هو ذلك الإنسان ذو الوعى الكلى. من منا يملك وعى كلى. إننا كبشر نملك وعى مشوة، تشوه عبر العصور، بقيم اجتماعية واخلاقية بالية. ولهذا فغياب الحب مستمر حتى نصبح بشراً نعود إلى فطرتنا الأولى، بعد أن توجت بوعى بشرى أرقى. إن الحب فعل متبادل بين البشر، وليس جوع متبادل بين البشر. حين يقرن الجوع بالحب، يصبح الحب احتياج. ويصبح هناك من هم يحتاجون له. إذن فإين الفاعلون له. إذا انقسم الناس إلى محتاجين، وإلى فاعلين. فهذا ليس عدلاً. حتى الأبناء الذين يحتاجون للحب، يتبادلون الحب مع أمهاتهم وهم صغار. ويفعلون الحب مع اهلهم وهم كبار. لتسول لا يكون فى الحب ابداً. فالحب يمكن مبادلته بالحب. التسول يكون عند الاحتياج فقط. عند العجزة، غير القادرون على العمل، والفعل. ونحن لا نحتاج للحب، بل نحتاج للجنس. بينما نتبادل فعل وصنع الحب. لكننا نحتاج للخبز والجنس لنشبع جوعنا. وحين يدرك الفرد أن الآخر غير قادر على مبادلته الحب بحب، فلا يمكنه أن يستجدى أو يتسول. كيف يستجدى إنسان من إنسان أن يفعل معه شئ هو يعرف جيداً أنه غير قادر على فعله.
لقد عاش البشر آلاف السنين بلا حب. وما حفظ وجودهم ليس الحب، بل التكافل. ولايزالوا يعيشون بالتكافل. لكنهم يحلمون بالحب، ويسيرون نحوه، ويتعثرون كثيراً. لكنهم يفعلون مثل سيزيف، يحملون الصخرة ويصعدون الجبل، ويصرون على المحاولة. نحن لا نزال فى مرحلة تبادل الاحتياجات. اما الحديث عن الحب، بمفهوم أن هناك آخر حقيقى، يهمنى ازدهاره ونموه وفرحتة وتوازنه، فهذا أمر يصعب الحديث عنه بين البشر، باستثناء علاقات الأمومة، رغم أن التشوهات التى تصيبها أيضا كثيرة للغاية. العلاقات البشرية قائمه على تبادل الاحتياجات والمنافع، وبعض القيم الأخلاقية التى تكونت عبر التاريخ. وهى احترام الوعود، واحترام الكلمة، والتكافل الاجتماعى. يبقى فى النهاية شئ واحد شغلنى فى قضية الحب. وهم صناع الثورات. فالثوار عبر التاريخ لهم منظومة مختلفة عن منظومة الغالبية العظمى. فحبهم للآخر، المتمثل فى الجموع يدفعهم للقيام بأفعال تبدو لنا بطولية. ولكنها بسيطة جداً لدى هؤلاء. والأدب والتاريخ والفن يقدم نماذج ندهش لما قامت به من افعال حب من اجل الآخرين. وتبقى العلاقة بين الرجل والمرأة فى النهاية علاقة كر وفر، حتى يتحقق العدل.
وحتى تستعيد المرأة مكانتها كآخر حقيقى فى وعى الرجل. وحتى يتغير وعى الرجل بالمرأة ليس باعتبارها وسيلة لسد احتياح. وحتى يتغير وعى المرأة بالرجل ليس باعتباره يكفل لها حياة رغدة. فى تلك اللحظة يمكن للمرأة أن تأمن للرجل الذى يحاول الاقتراب منها، ويزول لدى الرجل الإحساس بالتسول. فالحب ليس تسول أو احتياج. بل أنه فعل متبادل بين البشر. ومن لا يريد أن يفعله. فسوف تلفظه الجماعة البشرية القادمة فى المستقبل القريب. والجماعة البشرية لفظت عبر العصور كل من حاول تدمير تكافلها، وسوف تلفظ فى العصور القادمة كل من يدمر الحب بداخلها. والمسألة ليست بكل هذا التعقيد يا دكتور يحيى. والعلاقة بين البشر يمكن أن تكون بسيطة للغاية، لو أعدنا تربية الأجيال فى الحضانات والمدارس والجامعات، على فعل الحب. على أن يذهبوا سوياً لعزق جنينه عامة سويا. على أن يقوموا باللعب مع الصغار فى الحضانات وتركيب مكعبات أو ميكانو أو الرسم معهم. الحب الا اصارع الآخر فى الطريق لأن وقتى من ذهب، بينما وقته من فضه. الحب أن اتفانى فى تعليم الصغار فى المدرسة والطلاب فى الجامعة، أن اتفانى فى خدمة مريض. أن العب مع ابنائى، أن اتحدث معهم، أن انظف المكتب الذى اجلس عليه فى عملى، أن اتكافل مع جيرانى لشراء صندوق قمامه للعمارة. الحب أن يكون هناك آخر وأنا اركن سيارتى بطريقة تأخذ مكان سيارتين. الحب تتوافق رغبتى ورغبه زوجتى فى الاقتراب سويا. حتى لا يصبح الجنس تسول، أو سد جوع، أو فرجه، أو عطف على المسكين. الحب هو العدل بأبسط معانية
د.يحيى
منذ أن تلقى البريد تعقيبك الباكر يا أمل على إحدى حالات التدريب عن بعد ، على ما أذكر، وكان ذلك منذ بضعة شهور، لم نتلق منك إلا هذه الدراسة الجادة التى استثارتها نشرة “العين الحرامية”، “شرحا على المتن” فأهلا بك من جديد.
لعلك لاحظت أننى أشرتُ فى تقديم هذا التقليد الجديد، إلى أننا سوف نجعل ملحق البريد لآراء الأصدقاء بلا رد، أو بأقل قدر من الرد، إلا أننى احتراما لجهدك وبحثك فضلت أن أشير إلى أن تعقيبك جعلنى أرجع إلى كثير من فروضى وأطروحاتى السابقة، وإذا بى أفاجأ أننى كدت أنسى بعضها، وأن أكتشف أن البعض الآخر يحتاج إلى تحديث بسيط، والأقل منها يحتاج إلى تحديث جذرى، رجعت إلى كل ذلك وأنا أنوى مناقشة تعقيبك الذى ناقَشَ بعض ما استشهدت به من أفكارى القديمة بإشارات عابرة فى النشرة المعنية، فإذا بى أجد أن ما وصلك من النشرة هو جانب محدود جدا من رأيى فى هذا الموضوع أو ذاك.
ولكن اسمحى أولا لى أن أشير إلى بعض الملاحظات المنهجية التى شعرت أنها قد توضح بعض ما غاب عنى أو عنك وقد تفيد المشاركين لاحقا، فتفيدنا:
- هذه النشرة محكومة بما سمى فى البداية “شرح على المتن”، فكل نشرة من هذه السلسلة مستقلة، وهى ترتبط بالمتن الشعرى تحديدا، وإن كان الهدف من العمل كله أكبر من ذلك، سواء كان تشريح النفس البشرية، أو ما أسماه الصديق د. جمال التركى “فك شفرة النص البشرى”، أو كان دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الجزء الثانى)، وقد اكتشفت حتى الآن أن هذه النشرات فى هذه السلسلة تكمل بعضها بعضا، وقد وصلت حتى هذه المرحلة الباكرة إلى أننى – أو أننا – قد لا نصل إلى فكرة شاملة لما خرج منى شعرا فى مسألة العلاقات البشرية إلا فى نهاية العمل، ففى كل نشرة أكتشف جديدا بشكل ما.
- يترتب على ذلك التوصية (لا الإلزام) بأن يكون التعقيب المختص بنشرة بذاتها مرتبطا بالنشرة المعنية أولا بأول، لعلنا نصل فى النهاية معا إلى تصور أكمل للقضية برمتها ولو طال المدى.
- هذا لا يعنى طبعا أن نرفض الاستطراد إلى ما يتصوره المتلقى أو يصله من آراء للكاتب، فيعممها، ويناقشها أولا بأول – كما فعلت أنت هنا – فإن هذا جدير بأن يساعد الكاتب فى قراءته التالية والعمل يتطور معه، كما قد يساعده فى تصحيح نفسه إذا ما وصله ما يفيده فى ذلك، وقد كان.
ثم دعينى أعدد بعض القضايا التى وصلتنى من تعقيبك والتى أثارتها النشرة، أكثر مما تضمنتها.
- الشعور بالذنب (نقده، وطرح أو طروح أخرى لتأويله)
- الوعى، ومستوياته، خاصة الوعى الجمعى
- قضية الرجل والمرأة والعدل والقهر عبر التاريخ
- العلاقات البشرية، وخاصة بين المرأة والرجل، بما يشمل الحب والجنس
- وغير ذلك
ملحوظة: أشكرك بوجه خاص لاستشهادك بأساطير لا أعرف عنها الكثير (ولا القليل)، أو لا أعرف عنها شيئا أصلا، فأنا بسبب شكوكى فى مصداقية علم يسمى “علم التاريخ”، أعتبرالأساطير أكثر مصداقية لرصد التاريخ البشرى، لأن من سجلها وحفظها وحوّرها وطورها هو وعى عامة الناس، فى حين أن علماء التاريخ يرصدون ما رصد، ويجتهدون، غالبا حول أثار ورموز، لا تمثل بالضرورة وعى الناس، بقدر ما تمثل بعض نتاج سلوك خاصتهم، أنا أحترم الأساطير لدرجة أننى أعتبر كل مريض عندى، خاصة الذهانى، هو أسطورة آنية، متحركة وقد كتب تاريخ البشرية، وما قبلها على الدنا DNA الخاص به، ثم تعرّى لنقرأه أسطورة فريدة قائمة بذاتها.
وبعد
أنتهز هذه الفرصة لأثبت للأصدقاء المشاركين بعض الروابط التى قد تفيد فى توضيح ما يمكن أن أرد به لاحقا
1) الشعور بالذنب – مجلة الإنسان والتطور، المجلد الثامن، 1988، ص203 – ص117
2) عندما يتعرى الإنسان 1972 ص 369 – ص 383
3) عن الإبداع والعدوان ، مجلة فصول ، المجلد العاشر العددان 3 -4 ، سنة 1992
4) الغريزة الجنسية من التكاثر إلى التواصل
وأخيرا
أشكرك مرة أخرى، وفى انتظار إسهاماتك الجديدة المثيرة للجدل، عظيمة الإفادة هكذا
حاشية:
خطر لى أن أقتطف جزءاً محدودا من أطروحتى عن الشعور بالذنب، لتصورى أن أغلب الأصدقاء لن يتكبدوا مشقة الرجوع إليها.
وهذا بعض ذلك (الإنسان والتطور – عدد إبريل 1988)
الشعور بالذنب (وتعدد مستويات الوعى)
“…… فالإنسان إذ اكتسب الوعى، قد انفصل قليلا أو كثيرا عن هارمونية الزمان / المكان فى اتساعهما المطلق، فأصبح بإمكانه أن ينظر من موقف متعال إلى مسيرته الذاتية، لكن ذلك لا يكفى لتولد الشعور بالذنب، إذ لابد أن يصاحب هذا الانفصال تعدد مجادِل، وكذلك إمكانية اتخاذ قرار حر، مما يستتبع ظهور مسئولية ما، وبما أن الوعى المختار لا يمثل كل الوجود الفردى الذاتى، فإنه بالتالى لابد أن يوجد قرار مضاد كامن، جاهز أن يطل للوم، ومن ثم المحاكمة، فالحكم، متى حانت الفرصة.”
……….
……….
الذنب والجنس والعدوان:
وبهذه الصورة فنحن نقدم قضية الشعور بالذنب للتأكيد على ظهوره قبل المرحلة الأوديبية التى ربطت بين هذه الظاهرة وبين الجنس، وخاصة ما يتعلق بمضاجعة المحرمات، ذلك أن هذه الظاهرة – بتصويرنا السابق – بعد فهم ما ترتب على نشوء الوعى (وتعدده) – ينبغى أن ترتبط بالعدوان بشقيه الإيجابى (إشارة إلى دوره فى الإبداع) والسلبى، وهو القتل أساسا: المتمثل تاريخا (ربما رمزيا) فى علاقة قابيل وهابيل – دينيا – الجريمة، والمتمثل – نفسيا – فى علاقة الإبن بالأم فى الموقف الاكتئابى (مدرسة العلاقة بالموضوع) حين لا يحتمل الطفل التهديد بالهجر من جانب مصدر الحب (الأم) فيتخلص منها بالقتل الخيالى، ثم يندم ….. إلخ
……….
……….
وأخيرا
نبذة من إبداعى الباكر الذى يوضح كيف يكون الكشف المعرفى، شاقا رائعا شائكا، يحرّك مسئولية يصاحبها شعور بالألم وفى نفس الوقت تلويح بالتراجع دون تراجع.
أولا: مقطتف من قصيدة “صليل” (قد يشرح ما أعنيه من علاقة الذنب/المسئولية/بالمعرفة)
ياليتنى طفوتُ دون وزن
ياليتنى عبرتُ نهر الحزن
من غير أن يبتل طرفى فَرَقاَ
ياليت ليلى ما انجلى ولا عرفت شفرة الرموز والأجنة
يا سعد من لم يحمل الأمانة
يا ويل من صاحبها فى خدرها
أو عاش ملتفا بها، وحولها
يامقودَ الزمان لا تُطْلقِنى
ثقيلةُ، ومرعبةْ:
قولةُ: كن
لو كان: بت بائسا
لو كان: طرت نورسا
لو كان: درت حول نفسى عدما
****
ثانيا: من قصيدة “تسرب”
………
أخبئها فى قوافى المراثى، لأغمد سيف دنو الأجل
……..
وأخجل أن تستبينث الأمور، فأُضبط فى حضنها الغانيه
فأزعم أنى انتبهتُ، استعدتُ،
استبقتُ، استبنتُ (إلى آخره)
فياليته ظل طى المحال
وياليتها أخطأتها النبال
وياليتنى أستطيب العمى
* * * *
الملحق الثانى
تعتعات الأسبوع
د. وليد طلعت
أستطيع أن أجلس للكتابة
أستطيع بحريةٍٍ كاملةٍ أن أفعل
أو لا أفعل
غير أن كلماتٍ قليلةٍ ينبغى أن أقولها
تعلق بلساني
ولا تريد مغادرة فمى ..
ربما لأجل هذا فقط
ما زلت هنا
وربما لهذا أيضا أدفع الثمن
وأستمر فى كتابة الأحزان
بينما أبحث فى الصفحات الالكترونية عن الأصدقاء الهاربين
والصديقات اللواتى صرن أمهاتٍ
لأبناء لم أحظ بشرف رؤيتهم بعد..
أما أصدقائى الجدد الذين لم أصافح بعد أحدهم
أصدقاء الفراغ الأثيرى الواسع
فهم يبعثون برسائل مملوءةٍ بالودِّ بين الحين والآخر
رسائل تبعث على الثقة أحيانا
وتخلط الأوراق أحايين ..
هؤلاء الأصدقاء الكرماء
هم من أتنفس معهم
قادرا على فتح رئتى لهواءٍ كثيف
يختلط صفاؤه الرقيق بدخانه المزعج
مع خلطاتٍ لا بأس بها لروائح ونكهاتٍ بلا حصر
هواء عجيب ..
لكنه الهواء الوحيد المتوفر فى الميجا ماركت الالكتروني
الذى أعجز عن وصفه بالحميم ..
فقط
يمكننى الكتابة أحيانا
لهؤلاء الأصدقاء
يمكننى الكتابة عنهم
بينما يتآكل قلبى يوميا بالصمت.
ده من \” أحزان المهنة \” فقط للتواصل أما هديتى لك وللأصدقاء عبر الموقع فهى هذه القصيدة التى أرجو أن تجد لها حيزا فى ملحق البريد وأن تطرح للنقاش لأحد الأصدقاء من شعراء المحلة \” ياسين عبده \” وقد نشرت فى العدد قبل الأخير من مجلة الشعر ضمن ملف عن شعر العامية شرفت بإعداده..
د. يحيى:
أهلا يا وليد
لكن كل هذا التواصل، بما فيه نبض تعتعاتك لا يستطيع أن ينقل إلىّ إليها دفء رائحة إنسانية، صامته محبطة تددعدغ وجودنا وتطمئننا أننا بشر معا بالمعنى الأول وبالمعنى القادم أيضا.
ثم شكرا على هديتك، الشكر لك وللشاعر صديقك صديقنا ياسين عبده.
أهلا بكما.
ملحوظة: ولكن لماذا نسمية شعرا؟
دى: تسمية أصلا؟
ولماذا نتساءل بالله عليك.
وتحية للصديق رامى عادل
النفرى وجزى الله مولانا عنا خيرا!!.
(الموت)
البنت
بقولها
بحبك
طلعت من شنطتها
قنبله
مسيله للدموع
حدفتنى بيها
فوقعت
ووقعت
من عيونى الملايكه
ومن جيوبى السحاب .
صاحبي
ماسك
كوباية ميه فى ايده
وبيحط
التليفزيون بتاعهم
جوه بقه
وبيبلعه بيها
وبيطلع من عنيه
وهو ماشى فى الشارع
المذيع
وبتطلع من بقه
المذيعه
يضربوا الناس اللى ماشيين فى الشوارع
على قفاهم
ويضحكوا .
علم مصر
بيقلع بنطلونه
ويقعد جنب حيطه
يقضى حاجته
وبعد ما يخلص
يمد ايده
ياخد قصايدي
ودموع أمى
يمسح بيهم
ويقوم ماشى .
جوه اوضتي
مطار كبير
بتطلع منه طيارت
محمله بجثث أحلامي
بتاخدها وتروح بعيد بعيد
ترميها
فى وسط البحر
وترجع .
النيل
قاعد يرتعش جوه خندق
مع عيل صغير
والطيارات
بتقصف كل الشوارع والميادين
بالقنابل
وبالأحزان
وبجرايد سكرانه .
السينما
حاطه روج
وراكبه اتوبيس زحمه
عماله تقول نكت تافهه
وبترمى صدرها العريان
على الناس
وتمد ايدها
تسرق منهم الفلوس والساعات
والنضارات
وبكره .
صنم كبير
وسط ميدان كبير جدا
بيطلع
من جسمه فراش
ومن عنيه
موسيقى
و فى ايده مشنقه
وراكعه الناس قدامه
ماكسين سكينه
بيدبوحوا بيها السما
على صخره كبيره
قربان له .
بيضه بتفقس
وبيطلع منها دبابه
بتصوصو
وبتبدأ تلقط
من الأرض
قنابل
وتمد بوزها تشرب
من وريد الشارع
دم .
زنزانه
بتفتح الحنفيه
وتتوضا وتصلي
وتفتح التليفزيون
تتفرج
على أفلام كرتون
وتمد ايدها فى قرطاس
مليان بنى أدمين بيعيطوا
تاخد منه تقزقز
وترمى على الأرض .
مسرح جاد
طاير فى الهوا
وسط الشارع
وبيقع منه الممثلين
على أسياخ حديد مدببه
بتخش فى بطونهم
وبنسمع صريخ .
ست غلبانه
ماشيه فى الشارع بتصرخ
وبتنشق بطنها
وبيطلع منها تمساح كبير
يزحف
وياكل فى الناس
وبيبلع فى كل البيوت .
عيل صغير
بيشيل مادنة الجامع
من مطرحها
وبيضرب بيها
على الأرض
بتتقسم الأرض نصين
وبيطلع منها
نهر دم
وبيتحول الدم
لفيران .
السما
بتبرق أوي
وبتتفتح
وبينزل منها حصان مجنح
جناحاته كبيره كبيره
نزل
وراح قعد على القهوه
يشرب شيشه
ويلعب دمنو
مع عسكرى
ماسك كرباج .
صاحبي
طلع علبة كبريت
من جيبه
وفتحها
ودخل جواها
وبنى بيوت
وشوارع وحارات
وبيفتحها
وبيبص ليا
وبيمضغ بسنانه
حبيبته
وأهله
وأصحابه
ويتفهم فى الزباله
ويضحك
ويعيط
ويدخل تانى العلبه
ويقفل .
وسط الشارع
والناس رايحه وجايه
بقلع عريان على الاآخر
وأصرخ
وأصرخ
والاقينى بكبر واكبر
وبيطلعلى ديل تنين
وراسي
بتتحول لمدفع
ورجلى تتجنزر
وايديا تتحول
لجناحين طياره
وأصرخ
وأصرخ
وأصرخ
وأنفجر
وينفجر
كل
الكون .
ياسين محمد عبده
المحلة الكبرى.
[1] – من قصيدة وهى …. آخر قصيدة فى أغوار النفس التى يتواصل شرحه وربما تشويهه كل أربعاء