“نشرة” الإنسان والتطور
3-7-2009
السنة الثانية
العدد: 672
حوار/بريد الجمعة
مقدمة:
مزيد من الضغط، كثير من الصبر،
مع العودة إلى اللعب “النفسى” تحرك البريد إلى غايته، استمرارا للمحاولة.
ثم تتحدد معالمٌ ما، واعدة مضيئة، فى حوار ختامى لبريد اليوم مع الصديق الابن أ.د.جمال التركى فيتكامل الخاص مع العام، ونتعرف على حقنا فى الحياة والتميز، وواجبنا بالمثابرة والإصرار.
* * * *
نفس اللعبة : (من العلاج الجمعى) عود على بدء: لعبة جديدة
التدريب عن بعد: (54)
“ياه!!!.. دى طلعت صعبة بشكل..(بِشـاااكْل)!!!! ولكن..” (الحلقة 2)
أ. السيدة
ياه دى طلعت صعبه بشكل، داانت بتحفر فى الصخر بإبره، ربنا يصبر ك ويديك الامل
سلامى للدكتور محمد يحيى الرخاوى، هو حنيّن عنك
د. يحيى:
لست متأكدا أنه كذلك.
د. إسلام إبراهيم
يا هانى: ياه دى طلعت صعبة بشكل بس حاتعدى.
يا شاذلى: ياه دى طلعت صعبة بشكل بس ربنا العالم.
يا حجازى: ياه دى طلعت صعبة بشكل بس أنت أكبر منها.
يا منى: ياه دى طلعت صعبة بشكل بس تستاهل.
يا د. يحيى: ياه دى طلعت صعبة بشكل بس وجودكك ساعدنى.
يا إسلام: ياه ده طلعت صعبه بشكل بس أنا أقدر.
د. يحيى:
ياه!!!!
حين يختلط الأمل بالضغط بالصدق بالمعية، يصبح مابعد “ولكن” هو “كلمة السر”.
د. أميمة رفعت
منذ وفاة والدى (تسعة أسابيع) وأنا أشعر أن الشعلة التى بداخلى والتى تجعلنى أتحمس وافعل وأقرر وأحلم وأتخيل قد خبت تماما، ولا أعرف الطريق لإسترجاعها، حاولت ألا أستسلم ولكن لم أعرف كيف وما زلت لا أعرف ما الذى علىَ أن أفعله.
عندما لعبت اللعبة أردت التركيز على خبرة العلاج الجمعى كما طلبت منى ولكن بمجرد نطقى بكلماتها قفزت فى ذهنى خبرات كثيرة قديمة وحديثة، ركبت كصور فوق بعضها وتداخلت ولكننى كنت أشعر بها جيدا وكل هذه الخبرات تولدت عنها إجابة واحدة : “غيرتنى” ” إتغيرت” وقد ترددت هذه الإجابة بأكثر من صوت فى رأسى فى ثوان لا غير.
من هذه الخبرات ميزت خبرة مرض أبى ووفاته، وأيضا كانت الإجابة “غيرتنى” وشعرت بطاقة ما أو حركة إيجابية بداخلى، مما يتناقض تماما مع ما ذكرته سابقا من توقف وإنطفاء الشعلة…إلخ. وقد تذكرت أننى أصبحت أتخذ مواقفا غريبة علىَ وعلى شخصيتى وأننى برغم دهشتى رحبت بها ولم أنفر منها، وأننى شعرت أن هذه التصرفات لها علاقة ما بوفاة أبى لا أعرف كيف ولماذا. إذن هناك حركية صغيرة تحدث بداخلى ومن وراء ظهرى لا أشعر بها ولكن أرى نتائجها، مما يعنى أننى لست متوقفة تماما كما كنت أظن، علىَ فقط أن أعطى نفسى الفرصة لتنضج.
لولا اللعبة ما رأيت هذا، ولولاها ما بدأت أفكر ثانية، صحيح ببطىء، ولكننى أفكر على أى حال. وبالمناسبة قبل أن تقترح اللعبة بأيام قليلة خطر بذهنى خاطر سريع “لماذا توقف الدكتور يحيى عن الألعاب؟”. لم يكن التساؤل مصادفة بالتأكيد وإنما يبدو أننى كنت محتاجة لمثل هذا التحريك، وقد جاءت اللعبة فى وقتها تماما.
د. يحيى:
أولاً: الوالد لايموت الوالد بالذات لايموت، ولا نحن، لأن الشعلة لا تنطفىء، بل تمتد وتتجدد، حتى لو توارت تحت رماد حزن غريب الأبوين، حتى لو غابت عن أنظارنا، ثم إنى لا أعنى –طبعا- للخلود هنا، الذى هو الموت الحقيقى كما بين محفوظ فى الملحمة .
ثانياً: يبدو أن منهج الكشف بهذه الألعاب البسيطة، هو منهج قادر على تحريكنا إلى ما هو نحن، لاحظت ذلك بشكل واضح فى البرنامج الجديد “مع الرخاوى”فى القناة الجديدة “أنا” (والتردد الخاص بالقناة على النايل سات هو 12226/H/27500 وهو بالمجان لمن يشاء المتابعة).
وهو يذاع ثلاث مرات أسبوعيا، فقد بدت الدقائق الأخيرة (حوالى خمس دقائق) التى تناولنا فيها تقليب ونقد “القيمة المطروحه للمناقشة” بهذا المنهج (منهج اللعب)، أهم من الخمسين دقيقة التى سبقتها بشكل أو بآخر (الحلقات موجودة بالموقع أولا بأول).
ثالثاً: تكرار إقرارك بالتغير فى هذا الرد، باللعبة وبدون اللعبة هو اقرار صادق، لكنه مسئولية متجددة.
واحدةْ واحدةْ لو سمحت.
أ. رامى عادل
يا د.اميمه ياه دى طلعت صعبه بشااااكل، لكن أدينى وراها
يا د.مدحت ياه دى طلعت صعبه بشاااكل، لكن فيه اكيد امل
يا د.يحيى ياه دى طلعت صعبه بشااااكل، لكن انا برضه لسه عايش
د. يحيى:
ماشى.
د. مها وصفى
يا د.يحيى “ياه دى طلعت صعبة بشكل لكن يبدو أن نظامها مضبوط جدا”
أحب أن أعلق على دور حضرتك فى اللعبة واليقيين والإصرار الذى أتفهمه جيدا من حضرتك كمعالج ومعلم، ولكنى أشفق عليك كثيرا كإنسان إذ لابد من إهتزاز هذا اليقيين فى فترات، إذا أتيحت فرصة للتعبير عنه الذى أظن أنك لم تسمح به لنفسك خلال اللعبة إلا فى حديثك لذاتك.
د. يحيى:
هل تقصدين حديثى لذاتى فى اللعبة، أم وأنا أحاول تأويل استجابتى وأنا ألعب مع “يحيى”؟.
لقد ضجرت من هذا اليقين اللايقين، والأرجح أننى متيقن من استمرار المحاولة، وليس بالنسبة لأى محتوى معين، دعينا نتبين معا: هو اصرار “إلى أين” وليس إصراراً “على ماذا“.
ثم دعينى أشكرك لاستجابتك لندائى حين قلت “..ربما كان الأفضل أن يقوم به (بالتفسير الذاتى) غيرى”، وها أنت تساهمين بحب صادق.
د. مروان الجندى
وصلنى أنها فعلاً وحقيقى صعبة، وماحدش يقدر عليها لوحده، هى إيه مش عارف؟!!.
د. يحيى:
هى التى هى،
واسأل النمل، واسأل النحل، واسأل النوارس وهجرة الطيور.
أ. عبده السيد على
أحب أن أضيف تفسيراً على تعليقات الأطباء أنه مصبوغ باللغة التى نستخدمها، وهو ما قد يشبه عقلنة تعليقات المرضى، وأرى أن اللعبة صعبة جداً، وتحتاج إلى مراجعة تعليقات أفراد بعيدين عن العلاج النفسى بشكل عام.
د. يحيى:
أوافقك على أن ذلك محتمل
وأظن أننى حاولت ذلك مع برنامج “مع الرخاوى” الذى أشرت إليه حالا فى ردّى على د. أميمة، ولكن ليس فيما يتعلق بهذه اللعبة، وإنما فى منهج “الكشف باللعب” تحديدا.
أ. علاء عبد الهادى
ياااه ديه طلعت صعبة بشكل… ولكن لازم نكمل.
ياااه ديه طلعت صعبة بشكل.. ولكن يبدو أن مفيش غير كده.
ياااه ديه طلعت صعبة بشكل.. ولكن يبدو أن مفيش سهل.
د. يحيى:
يبدو ذلك.
د. هانى عبد المنعم
ياه دى طلعت صعبه بشكل، لكن الحل جاى.
ياه دى طلعت صعبة بشكل، لكن أدينها بتفرج.
ياه دى طلعت صعبة بشكل، لكن نفكر شوية.
د. يحيى:
ما كل هذا الأمل فى الشباب الجميل (حتى لو كسالى ولا يشاركون إلا بالضغط!!)
أ. نادية حامد محمد
مش عارفه ليه حسيت إنى عايزة ألعب لعبة ياه دى طلعت صعبة بشكل…!! ولكن ضرورى أكمل وأكمل.
د. يحيى:
ومن منعك؟!
ثم إنك لعبتيها ياشيخه، هيا أكملى:
أ. نادية حامد محمد
ياه دى طلعت صعبة بشكل ولكن العون عند الله.
ياه دى طلعت صعبة بشكل، ولكن أكيد ربنا حايكرم ويبارك
د. يحيى:
ثم ها أنت ترسلين المزيد.
أ. نادية حامد
يااااه دى طلعت صعبة بشاااكل ولكن من الضرورى أكملها.
ياااه دى طلعت صعبة بشاااكل ولكن أنا عشمانه فى ربنا قوى.
د. يحيى:
الحمد لله.
د. عمرو دنيا
ياه!! دى طلعت صعبة بشاكل!! ولكن أنا أدها وأدود.
ياه!! دى طلعت صعبة بشاكل!! ولكن ياما دقت على الراس طبول.
ياه!! دى طلعت صعبة بشاكل!! ولكن كل صعب وله حل وآخر.
ياه!! دى طلعت صعبة بشاكل!! ولكن ربك موجود.
د. يحيى:
فهمت كل إجاباتك، إلا ما قصدت بـ “يا مادقت على الراس طبول!!”
***
دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الكتاب الثانى) (4)
د. محمود حجازى:
مازالت غير مستوعب استقبال غير المتخصص، وربما أيضا من لم يعرف د. يحيى سابقا لهذا الكلام وبهذا الاسلوب!
ويؤكد تخوفى هذا احتياج حضرتك إلى الإستطراد والحواشى التى أحيانا تحتاج إلى شرح.
د. يحيى:
عندك حق
د. محمود حجازى:
تعريف الحقيقة “مش فاهمه، المسألة تحتاج للشرح.
د. يحيى:
كفى هذا فى هذه المرحلة،
دع ما يصل يصل
د. محمود حجازى:
حجم الرؤية التى تطرحها واسع وواضح أيضا بطريقة مفاجأة، مما ذكرنى أحيانا (ربما لعدم فهمى) أثناء المرور الإكلينيكى أنك تُلْبِس للعيان الفرض الذى تطرحه.
د. يحيى:
يجوز
لكن أبدا
ثم يجوز
د. محمود حجازى:
هذه الرؤية العميقة الصادقة (على الأقل مما وصلنى) ألا تحتاج لغة أسهل للطرح؟
إذا كانت شركات الأدوية تستعمل العلم وهات يا دراسات وأرقام وأبحاث ألا يحتاج هذا الطرح إلى وسيلة (لا أعرفها حتى الآن)، لإيصاله إلى كل من يهمه الأم، من غير “إثبت لى وأثبت لك”.
د. يحيى:
شركات الأدوية لا تستعمل العلم، هى قد تستعمل بعض جزئيات العلم، وأحيانا بعض المعلومات، أما مجمل المنظومة وهدفها فهو زيف فى زيف، حتى يمكن أن تمتد صفة الزيف إلى العلم الذى تستخدمه تسخره هذه الشركات اللاهى بلا نهاية.
د. محمود حجازى:
لو أن الموضوع بهذا الوضوح والموضوع حقيقة، وتبلغ للمريض إن ده من جوه مش من بره، وأنه يستقبلها أو يسقطها على بره، ليه مرضى كثير مابيخفوش ومتمسكين بالمرض، رغم ألم الرؤية، وهو مش جاهز لها، ليه مابيرجعش عن المرض؟.
د. يحيى:
المسألة ليست تبليغاً للمريض أو إفهاما له بالمنطق والبرهان اللفظى.
المسألة هى إعادة ترتيب المعرفة المعيشة “معاً”.
أرجو أن ترجع إلى باب “حالات وأحوال” الذى توقف نتيجة عدم المشاركة أو ندرتها.
***
دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الكتاب الثانى) (5)
د. محمود حجازى
تقول:
“حين تتحول الدفاعات اللاشعورية إلى آليات وعى تخترق مؤلمة، وتحتد بصيرة الطبيب وتتواصل الخطوات نحو الرؤية بشكل مقتحم من الداخل وحينئذ لا يملك الطبيب الأمين أو أى مغامر نحو المعرفة لها صدا”.
ألا يشكل هذا خطر على الطبيب من احتمالات اللاعودة، أو عدم السيطرة، وبالتالى المرض.
وهذا يحيلنا إلى بعض المرضى ممن ماراسوا الطب النفسى، هل كانوا مرضى وقرروا الإختباء فى الممارسة، أم العكس.
د. يحيى:
لا توجد حلاوة بدون نار (مافيش حلاوة من غير نار)
ومن أراد الجميلة يدفع مهرها، لكن بحذر ومسئولية.
والحذر من الطبيب (الذى غامر ولم يعُدْ) واجب جدا جدا، خصوصا الآن .
هناك فى التاريخ ما يثبت أن هذا الخطر قائم قائم الطبيب النفسى مريضا يسقط مرضه على مرضاه حتى يعالج هو أو ينكشف، ومن هنا وجب الإشراف المستمر ما أمكن ذلك.
د. أسامة فيكتور
قلت أَخطـَف نظره عالمَاشى واغَمَّضْ مِن جديد،
هيّه نظره - واللىّ خَلَقَكْ- لم تَنِيتْها
التراجع عن لحظة التنوير لا يتحقق أبداً فيواصل الطبيب الكشف والتعرى، فآلام البناء والنمو استكمال المسيرة، شكله بيحصل غصباً عننا.
د. يحيى:
مرة أخرى: “لن يتطور إنسان باختياره فما أصعبها خطوة، ولن يكمل الطريق إلا باختياره، فما أشرفها رحلة”.
(الحكمة 750: من كتاب حكمة المجانين)
***
دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الكتاب الثانى) (6)
د. مها وصفى
أرى أن التنويه للأخطاء الإعلامية الشائعة فى وضع علم النفس والطب النفسى، فى غير مواضع الاحتياج المجدى والجاد، له ضرورة ملحة. ولابد للإعلاميين والأطباء على حد سواء أن يقفوا عند هذه المقالة ويراجعوا نفسهم بلا غضاضة للحفاظ على المصداقيه والجودة لمن يهمه الأمر.
د. يحيى:
وهل هم سيقرأونها أصلا يا مها؟
أ. علاء عبد الهادى
عندما أجد وجه شبه بينى وبين المريض لا أحاول الهرب، أو أن أنكر ذلك، بل علىّ دائماً أن أحاول مساعدته من خلال العمل فى منطقة الدفاعات مع شرح سيكوباثولوجية ذلك له، وربما ذلك أسهل علاجيا بالنسبة لى، من ذلك المريض الذى لا أستطيع فهمه.
د. يحيى:
أغلب المرضى، مع الصبر والمثابرة، يمكن فهمهم، ثم إنه مع الإشراف تكون النتيجة أضمن.
أ. محمد إسماعيل
هل أنت مع دور الطبيب النفسى فى المجتمع ولا ضده؟ حضرتك دايما تقول إنه له دور أبعد من المهنة والتخصص، يبقى إزاى ما يتدخلش فى كل حاجة؟ فهو مع مسيرة النمو والنمو داخل فى كل حاجة، بما فى ذلك نمو الشعوب والوعى الجماعى ودورنا فى تغيير الوعى الجماعى.
د. يحيى:
أنا مع كل هذا، كنتاج جانبى لعملنا الأساسى فى الطب النفسى كمهنة، وليس كهدف أساسى نفرض من خلاله الوصاية، أو نتعسف فى التفسير.
أ. محمد المهدى
هو ليه الإعلام والساسة وحتى الناس العاديين مصممين يدخلوا الطب النفسى، وعلم النفس فى كل أمور حياتهم بدعوى تحسين الحياة، اللى هما أساساً مش عارفيين يعيشوها؟ علشان كده بيحاولوا يحتووها قال يعنى؟! أنا مش عارف إيه السبيل إننا نوصّل للناس أنهم يعيشوا الحياة ببساطة زى آبائنا وجدودنا؟ أو ليس نفسنة الحياة تزيد من تعقيدها؟! أرجو الإفادة.
د. يحيى:
الأرجح عندى أن الأطباء النفسيين، مثلهم مثل الإعلاميين مشتركين فى هذه المسئولية، ولهذا أسباب معقولة، وأسباب أخرى لا أريد أن اتطرق إليها، أما حكاية زى أجدادنا فأنا لا أوافق عليها، ليس عندى ما هو أفضل من الحاضر “الآن” لأنه هو الذى يمكن تغييره إلى ما نريد.
أ. محمد المهدى
أعجبنى جداً عنوان اليومية وأرى أن اختيار كلمة “نفسنة” هو اختيار موفق خاصة مع ما أوردته حضرتك من تصنيفات اللقاءات الإعلامية للنفسين وتساءلت هل هناك رابط بين كلمة (نفسن) الشائع استخدمها حديثاً فى قاموس الشباب المعاصر ويبين ما أوردته حضرتك لعنوان اليومية (نفسنة الحياة المعاصرة) ومدلولها.
د. يحيى:
شكراً، وإن كنت أريد المزيد من التوضيح حول معنى “النفسنة” فى “قاموس الشباب”.
أ. محمد المهدى
أوافق حضرتك تماماً على عبارة “عش القلق وأقتحم الحياة” فكيف للإنسان أن يدع القلق، وكل ما حولنا فى حياتنا المعاصرة مقلق، فإذا ما ترك القلق كما هو شائع سيراه محيطاً به من نواحى أخرى يعنى لو بطلنا نقلق من (الأزمة العالمية، الفيوسات، التوريث) هنلاقى مليون حاجة تانية نقلق منها، علشان كده أرى أن معايشة القلق أفضل.
د. يحيى:
القلق مسؤولية، ودافع، وإنذار.
فكيف ندعه بالله عليك؟ ندعه لمن؟ إلى أين؟
د. محمد الشاذلى
بالرغم من أن اليومية تشير إلى كيف يتولى الطبيب النفسى دوراً ليس دوره، إلا أن ما يشغلنى أكثر هو لماذا يزج الناس بالطب النفسى فى كل شىء؟!..
إن دور الطب النفسى والطبيب النفسى يحتاج إلى توضيح بالنسبة للممارس والمريض فى نفس الوقت…
مثلاً عندما يستعرض أمامى أحد الأصدقاء مشكلة تواجهه أو تواجه أحد معارفه.. ويسألنى فى تلقائية: “أنت شايف إنى/ إنه محتاج طبيب نفسى”؟!
وبغض النظر عما إذا كانت المشكلة نفسية أو اجتماعية أو أزمة عابرة أو ليست مشكلة من الأساس فإن ما يجول بخاطرى وقتها.. أن التعمق الحقيقى فى قراءة أى نص بشرى – استعير هذا التعبير منك – يذيب الفوارق والتصنيفات بين أنواع الأزمات.. وهذا ما يزيد العبء والمسئولية تجاه كل ما هو إنسانى.. ويزيد حجم الدور بشكل يكبر مع الوقت بطريقة لا نهائية.
د. يحيى:
هذا صحيح
مع الانتباه إلى أن المنطق السليم هو الأصل.
ومع الانتباه أكثر إلى ضرورة الحذر من ممارسة الفتاوى النفسية فى الحياة العادية حتى للأصدقاء.
أ. ميادة مكاوى
أعجبنى كثيراً إن الشرح قد سبق المتن، وقد ساعدنى ذلك فى استيعاب المتن بشكل مختلف.
أعتقد أن التصنيف الذى ورد فى اليومية مفيد لكل من يمارس العلاج النفسى فى أن ينتبه لدوره الحقيقى والفعال فى الممارسة.
ولكنى أتساءل هل لجوء الناس للطب النفسى فى كل صغيرة وكبيرة هو إستسهال؟ أم أزمة حقيقية من جوانب متعددة؟.
وهل مبالغة الإعلام فى زج الطب النفسى وعلم النفس فى كل أمور الحياة هو إلهاء؟ أم توعية؟ أم رفاهية؟؟
أعتقد أن المشتغل بهذا المجال (الطب النفسى) له دور أساس فى أن يضع دوره فى نصابه الصحيح من خلال ممارسته أو حتى من خلال الإعلام.
د. يحيى:
مازلتُ مترددا يا ميادة فى جدوى هذا الشرح قبل أو بعد المتن، ومع ذلك أواصل حتى أتوقف، أو ينتهى العمل أيهما أسبق.
من يدرى؟!
د. احمد عثمان
ما استطيع ان اشارك به بعد قرائتى لهذه اليومية هو ازدياد الوعى بابعاد هذه النوعية من الممارسة العلاجية. منها:
1- هَمْ الممارسة المسئولة.
2- التواصل (التناغم) يكون بين من يسمح له من الداخل عندى وعند المريض لولاف أعلى.. (على الرغم من حضور تخوفات/تحفظات (العقلنة)
3- التطمين يأتى من النتائج فيه وفى المريض متجاوزاً العقلنة، خاصة فى حال توفير محكات لقياسات موضوعية لتلك النتائج.
د. يحيى:
هذا صحيح عموما.
د. محمود حجازى
“الطبيب دا هو أنا مش حد غيرى”
هذا ما وصلنى حتى قبل أن أبداً فى قراءة، التوضيح الذى بدأت حضرتك بيه اليومية، فأنا لم أتصور حتى الآن من يستطيع أن يمارس الطب النفسى بمثل هذه الطريقة سوى د. يحيى الرخاوى
د. يحيى:
طبعا لا.
ثم إنى لم أقصد ذلك الجانب الإيجابى للممارسة.
هذه العبارة تمثل كل السلبيات (لا الايجابيات) وقد حاولت أن أدعى نسبتها إلى شخصى خوفا من أن يظن الزملاء أننى أهاجمهم أو أشوههم دون نقد ذاتى.
***
دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الكتاب الثانى) (7)
د. أميمة فعت
شرح المتن مفيد جدا، ولمن يقرأه جيدا يحل له إشكالات كثيرة ويجيب على أسئلة قد تخطر على باله أثناء عمله كمعالج. ليس عندى أى تعليق أو سؤال ولكننى أستمتع وأستفيد ، فأكمل إذا سمحت ولا تظن أننا لا نشارك إذا قلت الردود مثل ما حدث فى حالات و أحوال .
د. يحيى:
أشكرك
هذا تشجيع جديد برغم احتمال تشويه المتن الشعرى بالشرح.
“الابداع المفيد دمه ثقيل!!” (معنى قاله أوسكار وايلد يوماً ما، لا أذكر نص كلامه).
أ. جاكلين عادل
لقد أعجبنى جداً مصطلح “الطبيب أصبح مهندس للعقول البايظة (يعنى…!!!)، وتذكرت أن أفضل ما يعطينى الدافعية للتكملة هو إنى أعمل فى موقع يساعد الناس على التغيير والنمو والعيش بحياة أفضل، ولكن عندما سمعت هذا التعبير تذكرت أن كل من الممكن أن يهندس على مزاجه بما هو جاهز، ومن الممكن أن يفيد، كنت أشاهد برنامج تليفزيونى رائع الصيت يستضيف أحد الأطباء النفسيين والمشاهير دون ذكر اسمه وعرض طريقته لعلاج الإدمان وتبرع بعلاج 30 حالة على نفقته بالمستشفى الخاص به، وأنا أعلم طريقته فى العلاج فتذكرت هذا التعبير وخشيت منى ومن غيرى، وأدركت كم هى مسئولية وأمانة صعبه.
د. يحيى:
ربنا يسهل.
د. عماد شكرى
يختلط علىّ الأمر كثيراً بين أن أكون معالجا يتحرك وينمو ويواكب أو طبيبا يعالج المرضى كما هم إلى ما يريدون ويأكل عيش، ولا أعرف هل المرض كافى لإطلاق الحركة نحو التغيير والنمو لا أعرف.
د. يحيى:
المرض نفسه لا يحرك الحركة نحو التغيير
لكنه فرصة حقيقية تتيح تحقيق هذا الاحتمال، وهى خبرة صعبة تماما، واحتمالها أقل.
أ.رامى عادل
المقتطف:
بصّ لىِ “صاحـْبـَك“ ولعبَّلىِ حواجـْبـُهْ، قال: وقِعت
التعليق:
ان ترى العالم مسرحا يقف اعلى ناصيته المهرج الاعظم، ويراك فى زاويتك منسحبا مهزوما “غصبا عنك”، تلطمك الدنيا وتلطمها، تدير لك ظهرها فتركلها، كل هذا يحدث وهو ينتظر منك ان تدغدغه، فانت فى موقف بهلوان اخرقزم جدا امام تجبره وعظمنه، وتشيلك الايام وتحطك وتهبدك، اكمن جنابه واقف موقف المتفرج، وانت مش بمزاجك بتشهد الماساه، المذبحه اللى قررهو حدوثها بالفعل، لازم تستصرخ، او تستنجد يايها حد، وهو بيقوم بدور حزاينى يا حرام اكمنه وحيد، ومفيش غيرك يدغدغه، ومفيش فايده، المسخره مش هتكمل عل بركه الا بيك، فانت المسئول عن تعتعة ذاته والمثول حاضرا دوما بين يديه، لا تزيغ عن امره، فقط تستجيب لمسرحيته الهزليه، التى تقوم انت فيها بدوره المسكين، وهو يتفرج عليكالامنك، ويجب ان تقوم لك قومه لتكمل لسيادته الفصول الأخيرة، والتى تليها من مسرحيته المغروره المحركه ذات القالب الكومى- تراجيدى اللى محصلش، مش هى دى القضيه يا ولاد البهوات، مش ده الدور اللى مرفوض معايشته، انكم تبقوابهلوانات.
د. يحيى:
وهذا متْن آخر، يحتاج وقفة
شكراً.
***
دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الكتاب الثانى) (8)
أ. السيدة
المقال بتاريخ 1/7/2009 معه صورة صعبة جداً “إنسان غرقان، وكمان فيه وحش بيفترسه، “ليه بس كده”؟.
د. يحيى:
أعيد عليك بعض المتن:
…. دى المركب الماشـْيـَهْ بِلاَ دَفّهْ ولا مـِقـْلاعْ حَاتُشْرُدْ مِنـّنَا،
واوْعَى الشـُّقـُوقُ تـِوْسـَعْ يا نايم فى الـَعـَسلْ،
لا المَّيهْ تِعْــلَى، تزيدْ، تزيدْ،
.. مّيةْ عطَنْ، تـِكْسِى الجلودْ بالدَّهْنَنَه… الخ.
د. مدحت منصور
أقترح نشر كل نص شعرا كاملا دون شرح في حلقة لنتذوقه شعرا نحن غير المتخصصين ويترك فينا ما يترك ويحرك ما يحرك ثم نبدأ بتقطيعه وشرحه للمتخصصين ومن شاء من غير المتخصصين لأن الشرح مهم جدا في إثارة الجدل فيالمتخصصين كنقد لأساليب العلاج النفسي والممارسة مما سيكون له أكبر الأثر فيما أظن على المتخصصين.
د. يحيى:
أعتقد أن هذا اقتراح مناسب
لكننى احترت: أنشر النص كاملاً بعد كل شرح، أم قبله فى كل حلقة
أو ربما احتاج الأمر إلى نشره مستقلا بين الحين والحين فى نشرة تالية.
أ. رامى عادل
اجتاحتني الثوره تحديدا علي الشرطه، علي البلبله الامنيه وحالة الطواريء( ليس قانونا ) وعلي امناء الشرطه والمخبرين وعلي العائدين من افغانستان والمستنسخين والنفايات وتخصيب اليورانيوم والمفاعلات ومرض الرئيس وافلاسه واختراق الصهاينه _لااقول الاسرائليين_لمؤسساتنا وليس العكس،وعلي السيارات الكاديلاك وراكبيها المحصنين،وعلي القطط الابالسه، وعلي انتشار الدعاره ونهاية التاريخ، وعلي الزحف الي داخل مصر من معدومي الهويه، وعلي عمرودياب ومجرمي الحرب والاشقياء، ونساء،فحكيت كل هذا واكثر باعلي صوتي في رمسيس والجماليه ومصر القديمه واسطبل عنتروالمعادي ،هكذا قررت ان احكي باعلي صوتي، ولم يلتفت الي احد، يبدو انهم قرروا الطنبله، لم يعيرني احد اهتماما في اي شارع من الشوارع رغم ان ثورتي استمرت لشهور، لم اعرف من اين تاتي الكلمات والطلقات، او من اين آتى بكل هذه السيناريوهات واحكيها كما يفعل مهيطل القريه ويحكي عن الفاسدين فيها، يبدو انها قصة حب كل منا.ومع هذا فلكل دوره، وحجم جنونه ونجاحه في ابداعه او هزيمته وانسحابه، انت /جضرتك بحت بالسر يا عم يحيي واكثر.
د. يحيى:
من أدراك؟
***
تعتعة: أغنية إلى الله: حزنٌ جليلٌ، وشعبٌ جميلْ !!
د. ياسمين فؤاد
لا أعرف لماذا يا د.يحيى تاثرت جدا عند قرائتى لما كتبته هنا أكثر من قصيدة كيبلنج Kipling. ولوهلة جاءنى الشعور بأن الأصل هو الحزن… وهو أصل الحياة ومهما عشنا وفرحنا نعود دوما إلى الحزن ولا أشير إلى الإكتئاب ولكن الحزن…
وأظن ان هذا الشعور هو ما يجعلنا أقرب وأوحد ويرجعنا إلى إنسانيتنا.
أما ما أعجبنى فى القصيدة… مساحة أن نعيش شعور أو خبرة ما, مع القدرة على السماح والرؤية والرجوع إذا لزم الأمر…
الترجمة العامية أقرب ولكنى شعرت أنها قصيدة جديدة ولها وجود وذات مختلف.
د. يحيى:
شكراً لك، هل عندك يا ياسمين ترجمة انجليزية تفرق بين “الحزن” و”الاكتئاب”.؟
أنا مازلت أبحث عن مرادف جيد بالانجليزية.
***
تعتعة: إنفلونزا الخنازير: بين الإرعاب والإلهاء…!!!
د. ماجدة صالح
تصديقا لما ذكرت عن معنى هذا الاهتمام المشكوك فى أسبابه لهذا المرضى العادى (حاليا) إلا أننى أرى ضرورة أخرى (قد تكون غير مقصودة) بهذا الهوس الوقائى الزائد، هو أن مصر الأكثر كثافة فى سكانها. الأقل فى العادات الصحية البسيطة حتى بالنسبة للدول النامية فى العالم عموما والعالم العربى خصوصا (مثلا: نادرا أن أرى أحد العاطسين والكاحين يضع منديلا على أنفه ناهيك عن باقى الأمور بمفهوم النظافة الشخصية أو العامة!!!
صحيح أن زيادة الحذر لا يبطل خطر ولكن قد يشجع على بناية بعض العادات الصحية السليمة ويغير ولو قليلا فى مفهوم النظافة يا رب…
د. يحيى:
أعلم دقتك ونظافتك وحرصك.
ولا أحرص –لنفسى- على أى من ذلك على حساب ما ذكرت.
شكراً.
د. هانى مصطفى
ماذا نفعل حيال هذا الإلهاء بالموت، حيث أنه تصدق خطورته أحياناً؟.
د. يحيى:
الإلهاء الذى أعنيه هنا ليس بالموت، وإنما بالتركيز على التخويف من الموت (فى حين وجود احتمال أننا أموات فعلاً)، وذلك ليصرفوا أنظارنا عن الانتباه للقتل الجماعى الذى يمارسونه علينا وعلى غيرنا بشكل مباشر وغير مباشر.
د. عمرو دنيا
مش متأكد هل فعلا دى مؤامرة لإلهاء الشعوب عن جرائم كبرى ولا دى طبيعة الأشياء والخوف الفطرى اللى جوانا كبشر والنزوع دائما للتهويل وتوقع الأسوأ. ربنا يعافينا ويهدينا.
د. يحيى:
الأرجح عندى أنها مؤامرة يشترك فيها كثيرون دون اتفاق محدد أو معروف، ومن هنا ينشأ خطر الانقراض إذ أننا بذلك قد لا نستحق البقاء كنوع.
د. مدحت منصور
اتصل بى اليوم من مصيفه فى الساحل الشمالى صديقى د.رائف وصفى مرتين الأولى يسألنى عن ظهور حالة أنفلونزا خنازير فى طنطا قيل أنها دخلت المستشفى وتوفيت وقد لاحظت من صوته أنه مصاب بالأنفلونزا وسمعت كحة ابنه فى خلفية المكالمة، الثانية حوالى الساعة الرابعة طلب منى الاطلاع على آخر التقارير من موقع منظمة الصحة العالمية عن الحالات فى مصر ولم يخف قلقه على ابنه إذا ما أصابه الفيروس وندب حظه أنه ليس معه لاب توب لمتابعة الوضع وأخبرنى أنه سيتصل ليلا لأزوده بالأخبار، صديقى قلوق بطبعه، يحب أولاده جدا ويخاف عليهم بصورة مبالغ فيها، فكرت فى هذا المسكين والذى أجر أسبوعا ليستمتع هو وعائلته فلاحقته الأخبار والتى ستقلب المصيف إلى جحيم، لن ينام الرجل قلقا على نفسه وعلى أسرته، أدمن أخبار الرعب على الكمبيوتر ويشعر الآن أنه معزول عن الأخبار فيتحسسها ممن سيتحمله من أصدقاؤه، أخبرنى أنه فوجئ بشركة أمريكية قد سبقت الشركة السويسرية فى إنتاج المصل والذى سيحارب للحصول عليه، قررت بعد تهدئته أن أحيله للتعتعة.
د. يحيى:
لا تعقيب.
أ. رامى عادل
المقتطف: “لماذا نحرص – هكذا- على حياة لا نحياها أصلا”.
التعليق: لم ادرك قيمة حياتى الا حين تالمت، وانت/حضرتك قلت لا احد يتالم وحده ويبدو ان الالم بين الناس ارحم، ومعايشته اهون، وممارسة الحياه اثناؤه ثروه، يبدو ان مع كل شهيق او زفير، يسمو بنا الالم، احيانا يؤنسنى الالم لا تستغربوا، ربما يؤنسنى اكثر ان الحياه ومنغصاتها يتلفان فى بعض الاحيان، واشمئز حين ينتقدنى احد المعارف قائلا هو انت غاوى تعذب نفسك. لا، ربما خوفا من شيء ما، هل هو العوزان؟ ربما لانى ارتعب ان اموت من الوحده (تسالونى كيف ود يحيى والبشر فى وعيك)، الله يهون الالم بين الاحباء فتكون سكراته غناء (بفتح الغين وتشديد النون)، واستغرب اكثر ان يكون الموت هكذا اختيارا!
د. يحيى:
هذه قصيدة جديدة فى الألم، أرجو أن أنقلها يوما لأصحابها.
د. على سليمان
هم دائما كذا واحنا دائما كذا يقولون لنا جزء من الحقيقة ونعتبرها حقيقة مطلقة لانقاش ولاجدال حولها لا نخضع ما يقولون للتدقيق والفحص بل إن الامر لدى البعض وصل إلى إن ما يقوله الخواخات مسلمات وبديهيات لا يشكك فيها الا انسان لديه مشكلة فى قدراته العقلية مع أنهم كذبوا علينا ميئات المرات إن لم يكن الاف قالوا انا لعراق لديه أسلحة دمار شامل وصدق البعض وقالوا إن هناك مشكلة فى طبقة الأوزون ثم سكتوا قليلا وقالوا هناك خطرا محدقا فى العالم وهو الانحباس الحرارى وكأنهم يقولون لا تفكرون فى التقنية المعاصرة وهى كلها شر وتسبب لكم ولايجيالكم الإمراض القاتلة وارجعوا إلى أيامكم الخوالى ودعونا نتحمل وزر واثام هذا العالم كنوا كما نريدكم اسواقا استهلاكية فقط ولم يتكلموا اطلاقا عن اليورانيوم المخصب والفسفور الأسود وليس الأبيض الذى استخدم ضد أطفالنا فى العراق ولبنان وغزة وأنفلونزا الخنازير هى بالواقع كما اشرت دكتور يحيى تصيد لهم عدة عصافير فى كبسولة واحدة تحقق لهم المال وتصرف الأنظار عن كل ما يحرج أمانتهم وموضوعيتهم الزائفة وما علينا الا التصديق وإلحاق فى ركاب القطيع ونحن نصدق ولا نقول لماذا فهم جديرون بذلك لم ينزلوا على سطح القمر؟ مع هناك سؤال غبى جدا يقول لماذا لم يكرروا ذلك منذ عام1969؟
د. يحيى:
لم أفهم السؤال الأخير جيدا
شكراً.
د. أميمة رفعت
قصة قصيرة: “أوباما ” أعجبتنى هذه القصة كثيرا، أعجبنى نقل نبض الشارع المصرى بكل متناقضاته من إغماءات وإفاقات داخل حيز محدود وهو “التاكسى”. أعجبتنى بداية القصة من إشتراك كل من الراكب والسائق فى توجيه السيارة فى لحظة واحدة كل منهما فى إتجاه مضاد للآخر بغية التوازن ولكن بلا تفكير حقيقى، فأحدهما نائم والآخر مصدوم.
أعجبنى إشتراك الإثنين الراكب والسائق فى نفس الأفكار فى نفس اللحظة وإسقاط تفكير كل منهما على الآخر فى سب البائع الصغير والحديث عن الضرائب لينتهى الأمر باشتراكهما معا أيضا، ولكن بطريقة يختلف فيها كل منهما عن الآخر، فى عدم تصديق “أوباما” فأحدهما يعى ذلك جيدا والآخر يحاول الكذب على نفسه وإن كان يعى محاولته….ولكن نبضهما فى النهاية واحد.
أعجبنى إستعمال المثل الشائع بترتيب معكوس: “أنا وابن عمى (الذى أظنه هكذا) على الغريب، أنا وأخى على ابن عمى (الذى إتضح أنه الغريب).
أعجبنى أن يصلنى بلا خطب سياسية ولا شرح، وبأسلوب سهل ممتنع “الشىء ما” الذى يربط المصريين ببعضهم من خلال كل ركاب التاكسى السائق، والراكب، والأم الطيبة بطفليها، والرجل صاحب الكيس الذى أراد حشر نفسه فى العربة ويبدو أنه لم يجد ممانعة من أحد لا الأم ولا الراكب ولا السائق، لولا تغير الإشارة.
القصة تحمل الكثير من الأفكار والمشاعر والمعانى بأسلوب بسيط سلس قريب من القلب، ومن خلال أحداث بسيطة يومية يكاد لا يلحظها أحد وهى تمر به فى أى يوم رتيب عادى.
د. يحيى:
أخيرا نَقَدَها من استطاع بكرم حاذق
افتقدتُ أى تعليق جاد عليها، إلا شفاهة، من اثنين أو ثلاثة
حسبتُ أنها لا تستأهل.
شكراً
أ. أيمن عبد العزيز
أفهم أن هذا تجارة بالموت
ولا أفهم لماذا نخاف الموت وما قد يأتى بنا للموت على الرغم أن هناك آخرين يفرحون بالموت.
د. يحيى:
هل تعنى بمن يفرح بالموت: “الشهادة”؟
هذا أمر يحتاج إلى عودة ومسؤولية واحترام جاد
أ. أيمن عبد العزيز
هل الذى يفرح بالموت، يفرح لأنه يخلد به أو لأنه يموت فى سبيل شىء له قيمة عنده، وهل معنى هذا أن خوفنا من الموت لأننا لا نسوى شىء ولا الموت سوى شىء لنا أو يمثل قيمة لنا.
د. يحيى:
كل الاحتمالات واردة
أ. عبير محمد رجب
تصور سألت نفسى هذا السؤال منذ بداية ظهور أنفلونزا الخنازير، ومدى رعب الناس منها “هل نسينا بالفعل الذين يموتون جوعاً أو يقتلون غدراً فى غزة والعالم… بس ده ما منعش إن الخوف والرعب يوصلنى أنا كمان.
ويمكن سألت نفسى السؤال ده عند ساعة وفاة حفيد الرئيس، وحزن الناس عليه واهتمام الإعلام بهذه الحادثة، وكأنها نهاية العالم، يفرق إيه ده بجد عن باقى أطفال غزة وفلسطين… وألألاف غيرهم اللى بيموتوا كل ثانية وإحنا حتى عينينا بطلت تدمع علشانهم.
هو إحنا فعلا نسينا، ولا ده بقى أمر واقع وعادى، ولا بقت القضية شخصية، وكل واحد بيقول يا لا نفسى وبس، وما تخافش ولا تنعفلش إلا لما الموت يقرب منك إنت وبس.
د. يحيى:
أيضا، كله محتمل.
أ. منى أحمد
التعتعة حسَّاها إحنا قوى وكلها واقعية جداً، أنا شايفه إن كلام حضرتك أثر فى الراجل الطيب وقتها لإنه كان محتاجه قوى، ولحظة أنه سمع حوار حضرتك.
د. يحيى:
ربنا ينفع بكل محاولة
أ. منى أحمد
أنا شايفة أن الحياة غالبا والناس بتحاول تحب نفسها مش حب فى نفسها، ولكن كل واحد خايف على الناس اللى بيرعاهم وبس مش أكثر من وجهة نظرى.
د. يحيى:
يارب هذا الخوف يمتد للجنس البشرى يا شيخه أرجو أن تقرئى التعتعة غداً عن مايكل جاكسون وأوباما، وهى اللى ظهرت أمس فى الدستور، لتعرفى كم أحب نوعى هذا كله (البشر).
أ. جاكلين عادل
أتفق مع حضرتك أننا خُلقنا ليكون لنا حياة وليكون لنا افضل، وأيضاً أوافق أن لمثل هذه الأحداث (انفلونزا الخنازير) الاهتمام البالغ بكرة القدم من الصغير والكبير)، وغيرها من الأحداث إنما هى للإلهاء لكنى أخشى هذا التبسيط الذى من الممكن أن يفيد بالكثير خاصاً ونحن فى بلد لا نستطيع استيعاب الكوارث، فكم حضرتك ذكرت حتى الآن قد أصابت من القادرين فى الزمالك والجامعة الأمريكية، فماذا لو أصابت شخص بسكين بحى شعبى.
د. يحيى:
– أظن أن الاهتمام بكرة القدم هو نوع من الإلهاء الطيب
– المسألة فى انفلونزا الخنازير وثقب الأوزون المزعوم وانفلونزا الطيور أخطر وأخبث.
د. مروان الجندى
عندما قرأت التعتعة لم أستطع أن أتذكر سوى: إمتى القيامة تقوم؟.
د. يحيى:
يا رجل !
لم الاستعجال؟
خلّنا أكثر قليلا حتى نستغفر على الأقل.
أ. رباب حموده
أنا موافقة إن أحنا مش عايشين الحياة من أصله وعشان كده هما مش محتاجين أن يلهونا عن شىء لان نقدر أن نفعل تجاه أى شىء.
مجرد كلام نتحدث به لتنفيس عن احباطنات، ولا نستطيع أن نفعل أى شىء لأى حد.
أظن أنه مش الهاء، ولكنه رعب من عدو الجميع لديهم احتمال عدم معرفة كيفية الانتصار عليه سواء العايشين أو اللى مش عايشين أصلاً.
د. يحيى:
ليس هكذا تماما.
أليس هذا الحوار هو دليل على أننا “عايشين!!؟”
د. عماد شكرى
لا أدرك أحياناً كيف يكون الإنسان بهذا الذكاء، ولا يحضر لديه الوعى بالموت إلا بالإبداع والمرضى، أو بحضور الموت ذاته، أنا أشعر أن هذا الخوف مرتبط بغياب الوعى بالموت، ومع ذلك أنا برضه خايف.
د. يحيى:
الإنسان يكاد يتنازل عن ذكائه الفطرى لحساب المخ الطاغى، والنتيجة هى غباء الاغتراب والتراكم مهما بدا براقا.
د. أحمد محمد فهمى
لا أفهم فى معظم الوقت سر تناقض إهتمام الناس بمشاكلنا أو تجاهلها، لا أعرف ما هى الأسباب.
د. يحيى:
التناقض جزء أساسى من الوجود الحى.
إذا اختفى التناقض أو انعدم، اختفت الحياة.
(وإن كنت لا أعرف ماذا تقصد انت هنا بالتناقض تحديدا!)
أ. هاله حمدى
أول حاجه اليومية جامدة جداً فعلاً لسه كنت فى موقف شغل ده ولقيت الناس لابسه كمامه وماشيه مرعوبة قلت فى بالى هما خايفين على حياتهم ليه بجد؟ واحنا بالحالة ديه، والظروف دى؟ حانخاف ليه وعلى أيه؟
د. يحيى:
والله حكاية الكمامات هذه تبدو نكته عبثية سخيفة، وهى تدل على الجهل بالوقاية كما تدل على سطحية وجودنا فى نفس الوقت،
أنا أراها أقرب إلى الكاريكاتير المقرف!!
أ. هاله حمدى
هى فعلا انفلونزا ذواتى بتاعت الناس الاغنيا وبعدين مدام لها علاج ودوا يبقى ليه نعمل ضجه ونخاف ونجرى ونهتم بالحياة أوى.
الإعلام بيعمل حاجه جامده أوى: أول ما يكون فيه حدث مهم يطلعوا حدث تانى يلهوا الناس فيه والحياه تعدى ولا كائن فيه حاجه من الاول.
د. يحيى:
فى هذا الوقت من كل عام أتابع دور الاعلام التافه (معارضه وحكومة، فى مسألة دموع وابتسامات الثانوية العامة)، وأكاد ألعن الجميع وأمزق الصحف التى تضع مثل هذه الصور فى الصفحة الأولى، وكأن كل وظيفة الاعلام هى مزيد من تسطيح التعليم، ورشوة المتعلمين وأهاليهم.
القياس على ذلك واردٌ طول الوقت، ما أسخف وأخبث وأضرّ كل ذلك.
د. محمد الشاذلى
أحسدك على وجهه نظرك هذه – حين أقارنها بذعرى فى البداية – لكن يا سيدى ما يزيد الأمور سوءاً هو أننى أفقد الثقة تماماً فى حكومتنا، لا أثق فى أى بيانات أو أرقام أو تأكيدات – اضطر أن أتلقى معلوماتى من الغرب وما قد يحمله من كل الأهداف الغير معلنه، مضافاً إلى ذلك الخوف البشرى البعيد عن أى منطق.
د. يحيى:
فقد الثقة يتعدى حكومتنا، بل حكومة الولايات المتحدة، (حكومة النظام العالمى الجديد!)
اللعب تحتىّ جدا
وخبيث جدا جدا.
د. إسلام إبراهيم
هم يا د.يحيى يحاولون إلهائنا عن الانتباه إلى أننا نشغل المركز الأول والرياده فى سلبيات بلا حصر مثل:
– مصر هى اعلى دول العالم من حيث التلوث
– مصر هى أعلى دول العالم من حيث حوادث الطرق
– مصر هى أحد اكثر الدول فى العالم قمع للحريات
– مصر هى دولة من 6 دول فقط فى العالم لم يعلنوا التخلص من شلل الاطفال
فأهلاً وسهلاً بالانفلونزا ولو حتى انفلونزا الصراصير
د. يحيى:
أشاركك الحذر من الاحصاءات العشوائية والخبيثة، لكننى لا أستبعد صدق بعضها.
أ. مياده المكاوى
أوافق تماماً على دور الاعلام فى تحويل انتباه عامة الناس عن ما يجيب أن ينشغلوا به من قضايا تفضلت بالإشارة لبعض منها فى اليومية، ولكنى أتساءل كيف لا ينشغل هؤلاء الناس بصحتهم بعد أن نجح الاعلام وفقا لاهداف سياسيه أيا كانت سياسة من فى أن يوجه انتباههم إلى أكل عيشهم ألا يعتمد أكل العيش لدى عامة الناس على صحتهم ثم أنهم يفقدن الثقة فى مصداقية الإعلام القومى وما ينقله على لسان المسئولين بل ويفقدون الشيق فى مصداقيه المسئولية شخصيا.
أعتقد أنها حلقه مفرغة التكمله فيها لن تؤِت ثماراً.
أتساءل أيضا عن ما يفعله خاصة الناس إن صح القول بتلك القضايا التى يجب أن تشغلهم؟؟
أعتقد أنها ليست بالنسبة لهم سوى موضوعات يثابرون فى فلسفتها وتنظيرها وشجبها و…و…و…
وبرأيى أصبح الكلام فى ذلك تحصيل حاصل من عامة الناس وخاصتهم كل بطريقته.
د. يحيى:
يجوز،
لكن حذار من التعميم
أ. إسراء فاروق غالى
ليست المشكلة فى أن يحاول البعض خداعنا ولا هى فى أن نُخدع لكن المشكلة الحقيقية فى أن نُخدع لكن المشكلة الحقيقية فى أن ننخدع مراراً وتكراراً.. فقد تعرضنا لمثل هذه الاحتفاليه الأعلامية الارعابيه الالهائية مع كل من الجمرة الخشيه ثم سارس ثم انفلونزا الطيور.. والأن أنفلونزا الخنازير.
– أعتقد أن الحكاية كلها ممكن تتلخص فى “سياسة بيزنس” وكأن فى جهات معينة هدفها إنها تلهى الناس عن الازمة المالية العالمية وتداعياتها السلبية، وعلى الناحية الأخرى أعتقد أن هناك دور لما فيه شركات الأدوية فى ذلك؟
– من ناحية أخرى أعتقد أن الحملة التى تتبناها منظمة الصحة العالمية تثير مخاوف الناس أكثر ولا تتناسب مع حجم المشكلة الحقيقية والسؤال هنا: أيه اللى ممكن يورط المنظمة الدولية فى كل هذا؟ هل توخى الحظر أم أسباب أخرى.
د. يحيى:
كل هذا محتمل الصحة، لكن الإلهاء ليس فقط عن الأزمة المالية العالمية، وإنما ما يعنينى هو إلهاؤنا عن جوهر الأهداف والقيم “الأولى بالرعاية والتنمية”، وهى القيم التى يمكن أن تحافظ على بقاء النوع البشرى بديلا عن القيم الزائفة التى تتضخم هكذا بلا وعى كاف.
***
حوار/بريد الجمعة
أ. رامى عادل
روى الله ظماك يا دمدحت، فقد داويتنى من ان احدا لا يصبر على قراءتى الا قليلا، فالرحله فى السماء أو اليها لا تكتمل الا بخليل.
د. يحيى:
عليك الدور للرد يا د. مدحت
د. نعمات على
هل استجابات الإنسان الطبيعى مثل استجابات المريض النفسى؟
أشعر أن إستجابات المريض النفسى أكثر صدقاً وإحساساً، ولكن فى رأيى أنها مفيدة جداً ومؤلمة جداً وبتكبر قوى.
د. يحيى:
كله مفيد
***
يوم إبداعى الشخصى حوار مع الله (9) استلهاماً: من مواقف مولانا النفّرى موقف العبدانية
أ. عبده السيد على
الموضوع كده بيتصعب بالنسبة لى أكثر، والفطرة اللى لغوصت فيها بدماغى بعدت العلاقة، ما قربتهاش، والبيولوجى لوحده مش محتاج اجتهاد إلا من تحييد الدماغ علشان أبقى عبدانى.
د. يحيى:
الصعب صعب
وما يصل يكفى
تسهيل مثل هذا الصعب تشويه له
د. عمرو دنيا
اللهم أجعلنى منعوتاً عندك بك وألهمنى البصيرة أن أكون كذلك وتتجاوز كونى منعوتاً بما منك أو بما عنك أحياناً.
الكلام بالرغم من أنه يبدو صعب قوى إلا أنى حاسس بيه بجد، وفعلاً حاسس بسهولة وقربه من قلبى.
د. يحيى:
قل للصديق “عبده” يا أخى وهو يشكو من الصعوبة قبلك مباشرة.
أ.رامى عادل
يحضرنى الآن حديث الأخ الدكتور / محمد أحمد الرخاوى عن الآية الكريمة بسم الله “صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة” وتذكر كم كان متحمسا للآية ولا أعلم على وجه التحديد ما علاقاتها بأن نكون منعوتين بـ الله.
د. يحيى:
أريد أن أرجع إلى ما اقتطفته أنت من محمد، فأنا ليس عندى نص المقتطف، ولابد أن له رأيا.
***
امتداد للبريد:
د. جمال التركى X د. يحيى الرخاوى
(الخاص العام، هو العام الخاص!!)
جمال:
البروفسور يحيى الرخاوى، صديقى العزيز و ز ميلى الفاضل
أتواصل معك من جديد بعد شبه انقطاع أملاه طارئ صحى … حتم على التوقف لبرهة من الزمن، كانت فرصة للتأمل والتفكير فى ما أنجزت و ما أريد انجازه، وما تسمح به إمكاناتى بعد مراجعة نسق عملى والطريقة التى توخيتها.
يحيى
لم يحدث انقطاع أصلا يا جمال، ولا شبه انقطاع، أنت تعلم ذلك، ولا أظن أن الكتابة أو المراسلة، أو حتى المشافهة هى الوسائل الوحيدة “للوصل” أو التواصل، يا جمال يا أخى، يا إبنى، يا صديقى، سلامتك ألف سلامة، ما ذا حدث يا رجل؟
جمال:
إثر عودتى من جدة نهاية إبريل، أحسست برغبة متزايدة للنوم أثناء النهار (رغم أخذى ساعات كافية من النوم أثناء الليل)، إضافة إلا ما لاحظته ابنتى الوسطى شروق ( ثالثة طب) من ارتفاع “شخيري” أثناء النوم مع اضطرابات فى التنفس، ولفتت نظرى من أننى فى حاجة أن أستشير أخصائى أمراض الجهاز التنفسي، لكنى لم أر داعيا لذلك، ورغبة فى إقناعى أمدتنى ” بمحاضرتها” فى أمراض الجهاز التنفسى المتعلقة “باضطرابات التنفس أثناء النوم” عندها، لاحظت أن عديد من الأعراض تنطبق علي، وكان أن اتصلت بزميلى أخصائى الجهاز التنفسى وأجريت الفحوصات اللازمة التى خلصت أنى أعانى من زيادة فى الوزن مع اضطرابات التنفس الليلى قد تكون لها علاقة بخلل في نظامي الغذائي و بعض من الإجهاد، مما حتم على زملائي/أصدقائى إلزامى بحمية غذائية صارمة ودفعى للعودة للسباحة والرياضة (كنت تهاونت عنهما هذه السنة لكثرة مشاغلي) مع الحد من ساعات العمل المكتبى و البحثي (التي قد تتجاوز أحيانا الحدود العادية)
يحيى
مرة أخرى سلامتك، وشكرا للدكتورة الصغيرة شروق، ومبروك الطب، (“شطورة”)، على فكرة يا شروق: “منى” ابنتى طبيبة، و”نفسية” للأسف، (يعنى!!)، وعلى وشك ان تكون أستاذا فى طب قصر العينى بعد بضعة أشهر، وبرغم ذلك، فإنى لم أفرح كثيرا أن ابنتى بل حفيدتى “شروق” قد صارت مشروع طبيبة جميلة، حافظى على جمالك يا شروق، جمال عقلك وجمال حسك، وجمال روحك، وجمال كُلـّك، ولا تصدقى كل ما تقرأين فى دروسك، إحفظيها، واطلعى الأولى بتقدير امتياز كما تشائين، ولكن حين نأتى للتطبيق، تذكرى أنك شروق، وأنه ليس كل ما هو مكتوب فى دروسك صحيح، ولا كل الصحيح قد كتب فى دروسك، الشخير ليس مرضا، وزيادة الوزن ليست سببا، فى عمق نوم أبيك الطيب هذا هكذا، السبب هو إخلاصه المفرط لعمله على حسابه لحسابنا، قولى له إن الله سوف يحاسبه على تفريطه فى أمانة الحفاظ على صحته، وعلى وزنه، وعلى “كيف يملأ الوقت بما هو أولى بالوقت”، وسوف ترين عجبا من سرعة استرداده صحته وإشراقه من شروقك، سلّمى على سحر وذاكر وليلى الكريمة، لم ولن أنسى زيارتى لكم أبدا، كيف كبرتِ هكذا يا بنت من وراء ظهرى؟ دون إذنى؟ وعلى ذكر “، أنه ليس كل ما هو مكتوب فى دروسك صحيح، ولا كل الصحيح قد كتب فى دروسك ” أنا لى برنامج يذاع ثلاث مرات أسبوعيا اسمه “مع الرخاوى” يصل إلى الخارج، أهز فيه وأنقد القيم السائدة، وهو ما أسميه “تنمية التفكير النقدى”، خاصة عند الشباب، القناة جديدة وجادة، إسمها “أنـــا” وأعتقد أنها تصل إلى تونس فهى تبث على “النايل سات” دون تشفير، وترددها ووقت إذاعة البرنامج مثبتان فى بريد الجمعة الماضى، أو قبل الماضى، فى نشرتى اليومية، هل تقرئينها أحيانا؟ المهم دعينى أعود لأبيك يا حبيبتى، فقد شغلنى أمره.
ثم ماذا يا جمال؟
جمال:
كانت وقفة للتأمل والمحاسبة والمراجعة، خلصت بعدها إلى ألا خيار لى فى مواصلة مشروعي… لكن ليس بما كان عليه ( كونى فى نفس الوقت المهندس والبانى والمنفذ والمشرف والمتابع..)، ألم تقل لى ذات يوم “إن العمل الفردى لا يطمئن يا جمال..”؟ ألم تقل لى ذلك اليوم “تبدوا متعبا يا جمال..”؟ ( أجبتك إنه تعب السفر لا أكثر..)، ألم يمازحنى البروفسور عكاشة مؤخرا بجدة ” شو جمال عملت كرش…) قلت له “كبرت يا سى أحمد (لم أعد شابا)،
يحيى
أحب هذا النداء التونسى الجميل، سى أحمد، لعلك لا تعرف أننا حين كنا أطفالا كان الأصغر ينادى منا أخاه الأكبر بـ، “سى..فلان”، ولما كنت أصغر إخوتى الذكور (ثلاثة ذكور قبلى مباشرة أحدهم مات طفلا) فقد كان أخى الأكبر هو سى أحمد، والذى يليه سى محمد، أما أنا فحين كبرت لم أجد من ينادينى بـ “سى”، لأن مَنْ بعدى هما بنتان، دخلتا مدرسة فرنسية، وانقلبت سى إلى “أبيييه” (بمط الياء abaihكلمة لا أعرف لها أصلا) مثلما انقلب كل شىء فى حياتنا يا جمال فصار الحزن الألم الحى الجميل اسمه “دِبرِشَنْ”، وهكذا.
العمل الفردى فعلا لا يُطَمِئن يا جمال، ومع ذلك ففضلك فى موقعك وشبكتنا أفضل من مأزقى ألف مرة، أنت وحدك المبدع والمحرر والمهندس والمنشئ والمستمر وكل شىء، ومع ذلك عملك ليس فرديا أبدا، حين قلت لك ذلك كنت أعنى العمل القائم على فرد واحد، وأنت أصبحت مؤسسة يا جمال فاطمئن، أما ما أفعله أنا، سواء بالنشرة أم بالفكر المختلِف قبلها وبعدها، مع عزوفى (أو عجزى) حتى الامتناع المطلق عن المشاركة فى الندوات والمؤتمرات واللقاءات وأغلب المراسلات، فهو مأزق فردى أكبر لا أعرف له حلاَّ قريبا، وأنا المقصر.
برغم كل ذلك فإن العالم لم يتحول إلى أحسن (وأحيانا إلى أسوأ) إلا بأعمال فردية، حين نعيد قراءة التاريخ سوف تجد أن الفعل الجماعى قد تم حين استوعب فرد وعى جماعته بأمانة، ودفعهم إلى ما هم جاهزون له أو قادرون عليه، وليس إلى ما هو متفرد به منفصلا عنهم، هذا هو الفرق بين النبى والديكتاتور، العمل الفردى بهذه الصورة الأولى هو أبقى وأكثر أصالة،
ثم لماذا نشغل أنفسنا بما يبقى؟ ألم يقل شاعرنا العربى “أهيم بدعدٍ ما حيت فإن أمُتْ، فلا صلُحت دعدٌ لذى خلة بعدى”، هذا بعد أن تراجع عن مديح هو الجهاء نفسه حين قال “أهيم بدعد ما حييت فإن أمت فواأسفَى من ذا يهيم بها بعدى”، إذا نظرت أنت للشبكة، أو نظرت أنا للنشرة وغير النشرة، فأى الأمور أفضل، أن نبكى على أيهما “من ذا يهيم بهما” أو يتعهدهما بعدنا؟ أم أن ندعو عليهما بالتوقف حتى لا يصلحان بعدنا لأحد؟!!! (يا للعرب! من قديم!!)
ثم إن المسألة فى النهاية ليست إلا مسئولية فردية نلقى بها الله “وكلهم آتيه يوم القيامة فردا”، صحيح أنه سوف يحاسبنا على ما فعلنا، وعلى ما تركنا، ولكنه –سبحانه- سوف يحاسبنا أيضا على ما لم نفعله، وكان أولى بنا أن نفعله فيما أتاحه لنا من وقت،
كل هذا وارد فيما نحاوله يا أخى، والحمد لله.
أما حكاية “كبرت يا سى أحمد”، فهذه خدعة كبرى يا سى جمال. حين أشفقتَ أنت على شيخوختى أن أكتب كل يوم، وحين تأخرتْ النشرة يوما ففزعتَ وهاتفتنى خشية أن يكون قد أصابنى مكروه صحّى حال دون صدورها، استقبلت عواطفك وحرصك على صحتى باحترام ومحبة بالغين، لكننى لم أفَهم تعبير “شيخوخة” الذى استعملتَه آنذاك، فهل تريدنى الآن أن أفهم قولك “كبرت يا سى أحمد، لم أعد شابا”، فمن الشاب إذن؟
لا أريد أن أرجعك إلى تعريف الشباب، التى كتبته فى أكثر من موقع، ومن ذلك أنه “الحفاظ على القدرة على الدهشة، والمغامرة بالجديد”،
ثم دعنى أذكر لك إحدى الألعاب التى تحبها وتشارك فيها، هيّا جرّبها حتى مع أسرتك، فقد طلبت مرة من مجموعة من الأصدقاء (ليسو مرضى) أن يختار كل منا ثلاثة أعمار :
(1) السن الذى “يشعر” به “حالا” بغض النظر عن العمر الحقيقى
(2) السن الذى يتمنى أن يكونه الآن لو ان الأمر بيده
(3) السن الذى يرفض أن يكونه حالا، لو أن الأمر بيده
(هذا كله بخلاف سن شهادة الميلاد)، وكانت الإجابات شديدة الدلالة،
فإذا أضفتَ إلى اللعبة ملحقا أن يقيّـم كل من اللاعبين الآخر بما يصله من عمره، فكم عمرك يا جمال ؟ أنا شخصيا أرى أن عمرك ليس أقل من 26 سنة، برغم أنك تبدو أقل، فمتى أنجبتَ شروق وسحر يا رجل؟ هذه معجزة راجع نفسك إذْ، لا بد أنك خدعت ليلى، ما رأيك؟ “( قال “كبرت ياسى أحمد قال”).
جمال:
ابنتى الكبرى سحر تتخرج طبيبة هذا العام وللسن أحكامه”..
يحيى :
ما هذا يا “سحر”؟ طبيبة أنت أيضا مثل شروق؟ وفقكٍ الله ! ما هذا يا جمال؟ الحمد لله، يا رب بارك وانفع بهما، الطب يا “سحر”، كما ألمحت لشروق حالا لم يعد فنا جميلا يليق بكما، جميلتنان رقيقتان كما عرفتكما، الطب أصبح مؤسسة يخيل لمن يلتحق بها أنها مؤسسة علمية، مع أنه فن يستعمل العلم وأشياء أخرى، الطب فى الخارج تديره شركات الأدوية وشركات التأمين والمحامون، الأطباء يعملون تحت أمر وإذن هذه المؤسسات، العلماء الذين تستعملهم هذه المؤسسات العملاقة يبحثون فيما يقدم لهم من مشروعات استثمارية مالية دوائية، وليس فيما يستأهل البحث، وإذا كان جيلى فى بلادنا قد شاهد هذا التحول السلبى (دون أن يشارك فيه بالضرورة، أو حتى أن يقره – وهل أخذ أحد رأينا؟ وهل نحن لنا رأى؟) المهم: إذا كان جيلنا قد شاهد هذا التحول السلبى، فدعينى أكلفك أنت وشروق وجيلكما أن تصلحا ما أفسده القرش والطمع والقوانين المكتوبة والعلم الزائف، أملى لا ينقطع فى الشباب مهما فعلوا فيهم، فهم أقرب عهدا بالصنعة الإلهية يا شيخة، إياك أن تنسى، إن الله تعالى لا ينسى، لا تأخذه سنة ولا نوم.
آسف يا جمال نسيت أننى أكلمك أنت، ههْ أكمل:
جمال:
كانت كل هذه إشارات.. لكنى لم أستوعبها فى حينها أو ألقى لها بالا.. إلى أن تبين لى الآن أن المشكلة ليست تعب سفر.. أو كبر سن.. إنما أعمق من هذا، إنه خلل فى تنظيم حياتى وتحمل مسؤولياتى على حساب البدن و حقه… و كان ان احتج بدني… فكان هذا الإنذار.. وصلتنى الرسالة… حمدت الله أن نبهنى لهذا، آملا أن أكون استوعبتها و قمت بالتغيير الذى كان لا بد منه…
يحيى:
بل الأرجح عندى أنك استوعبتها من البداية، لكن لم يكن ثــمً بديل، إنها أمانة ألقيت فى وعيك بما هو أنت، دون إذن منك، إنه سبحانه ألقى عليك عملا ثقيلا، فذكرتَ اسم ربك وتبتلت إليه تبتيلا، فكانت الشبكة، وسوف تستمر إلى أن يأذن الله، أو يقفلها الشيطان رغما عنا، وهو قادر على ذلك امتحانا لنا، وأنت تعرف وسائله وأراك تقاومها حتى الآن، كان الله فى عونك. تاريخ رائع يستحق أن نحافظ عليه جميعا، يارب يعرفه الأصغر فالأصغر، برغم أن الأصغر ليس هو الأقدر، إحكه يا جمال، إحكه لشروق وسحر وكل من هو أصغر
جمال:
كنت شرعت تأسيس الشبكة سنة 2000، مباشرة بعد التفرغ من إنجازى معجم العلوم النفسية الذى تطلب منى 12 عاما بالتمام و الكمال (من 1988 إلى 2000)، وتم إطلاق الموقع على الويب سنة 2003، الآن وبعد حوالى السبع سنوات من إطلاقه، قد أكون حققت بعض الشيء…
يحيى:
بل حققت كل شىء يمكن تحقيقه فى هذه المدة الزمنية، وهذا هو المأزق الحقيقى، لو أنك كنت فشلت، أو حققت ربع ماحققت، لكان الأمل أن تواصل حتى تحقق ما حققت الآن، أما وقد أشدت كل هذه البنية الأساسية وحدك، فقد دخلنا امتحان النجاح، وليس امتحان القبول، فماذا أنت فاعل؟
جمال:
أرى أن على أن أواصل مشروع الشبكة ما قدر الله لي ذلك، ساعيا لتأسيس فريق يتعاون معي في مرحلة أولى ليتولاها لاحقا ، مع العمل لتوفير الدعم المالي الكافى من الهيئات والمؤسسات لدعم مسيرة الشبكة وتطويرها، فإن وفقت فى هذا، أكون قد أرسيت أسس “إستمرارية الشبكة” وإن فشلت، يتوقف هذا المشروع العلمي الأكاديمي، بعد أن يكون اكتمل مسيرة قد تقارب العقد من الزمن، عندها تدخل الشبكة التاريخ.. وكفى به حاكما على و على ما أنجزته فى هذه المرحلة…
يحيى:
هذا هو مربط الفرس، “توفير الدعم المالى الكافى من الهيئات والمؤسسات لدعم مسيرة الشبكة”، أنت تعلم – والله أعلم – كم شركة تنتظر منك إشارة لتدعم شبكتك، شبكتنا، بملايين الدولارات، آخر دعوة لمؤتمر “علمى” تحت رعايتهم، جاءتنى أمس لمؤتمر عن العقاقير النفسية أو ما شابه ذلك، مؤتمر يعقد فى بورت مارينا فى نوفمبر القادم، وكان مؤتمر الجمعية المصرية للطب النفسى قد عقد الشهر الماضى فى سميراميس إنتركونتننتال بالقاهرة إلخ إلخ، ونحن نفرح بهذا التمويل، ولا نربطه بما نفعل ونحن نكتب فى وصفاتنا حقنة “الماعرفشى إيه” (ما يقابل الهالو بيريدول) بثمانمائة جنيه مصرى الحقنة الواحدة (كل أسبوع أو اثنين)، يكفى هذا لو سمحت، لو سمحت،
هذه الشركات يا جمال مستعدة أن تقدم لك كل ما تحتاجه الشبكة، دون شروط !!!!!! هل ثم كرم أكبر من هذا ؟!!!!!!!، أنا لست أعرف كيف قاومتَها حتى الآن، أنا واثق أنه بعد انسحابك فى حياتك رضا واحتراما (لا قدر الله)، أو بعد عمر طويل، أو بعد أن تُسلمها للاقل حرصا وأكثر واقعية، واثق أن هذه الشركات جاهزة يا رجل، لمن يشير لها بإصبعه، وسوف نفترض حتما بالغ أمانته – وقانا الله جميعا شر أنفسنا سرا وعلانية – وسوف تحل هذه الشركات فى أقل من خمس دقائق جميع المشاكل المالية والعملية . كل المصادر المادية الأخرى يا جمال – فيما عدا التأميم الحكومى، (وقد يثبت أنه ألعن لأنه قد يسوقها للشركات من الباطن)، أقول كل المصادر الأخرى جهدها قليل، وعمرها قصير، ليس عندى حل يا جمال، حتى مقاطعتى للمؤتمرات التى تمولها هذه الشركات هى حل سلبى قبيح يحرمنى أن ألقاك وألقى الزملاء وجها لوجهْ، دِفئا لحُب، وعْيا لِقلب،
ما علينا، الأزمة غير قاصرة علينا، لكن لعلك تتابع آرائى فى هذا الشأن ليس فقط لتعرية من يمول المؤتمرات، ولكن من يمول هيئة الصحة العالمية، ومن يمول الأبحاث والمجلات العلمية، ومن يمول انتخابات بوش، بل وأوباما، ومن يمول الإضرابات والانتفاضات البرتقالية والبنفسجية، ومن يمول حرب العراق الاستباقية، ومن يمول .. ومن يمول .. ومن يمول،
إياك أن تتصور أننى أثنى عزمك، لكننى أعرفك بما تعرف، ولا أجد حلا، لا أجد حلا، لا أجد حلا، ومع هذا – تصور يا جمال : أنا على يقين من أننا – نحن البشر – سوف نجد حلا (إن كتب للكائن البشرى ألا ينقرض). أى والله. آسف يا رجل، أسف والله دعنا ننتقل إلى ما هو فى أيدينا الآن.
جمال:
…. صديقى الفاضل، لعل فيما ذكرته سالفا، توضيحا لما يبدو “انقطاع تواصل” فى ظاهره مع اليوميات، لكنى متابعها عن قرب و هى تُحدّث يوميا على الشبكة، كنت أعلمتك فيما سبق أنى لا أستطيع متابعة نسق تردادها… للكثافة وللعمق الذى تتميز به، و لعدم ايجادى المساحة الزمنية الكافية للتعيقب بتدوين ما يخطر فى ذهنى أو تحدثه فىّ من أحاسيس و مشاعر …. وتمضى اليوميات تتراى .. ويتواصل شبه صمتى مع ما أشعر به من ضيق لعدم تفعيل ما بلغنى كتابة…
يحيى:
إياك يا جمال أن تتصور أننى لا أعرف انشغالك، أو أننى انتظرت منك أكثر مما فعلت، وتفعل، أنت معى دائما تنقدنى، وتصححنى، حتى لو لم تقل حرفا واحدا، كما أنك تصالحنى على زملائى (مع أنه لا توجد خصومة أصلا)، وتعرفنى بمن لا أعرف، وتدعو لى بما يصلنى، أعلم ذلك حين تُستجاب دعوتك، أنا أستطيع أن أميز مصدر الدعوات حين تستجاب لى !!! أنت تحدّث نشرتى يوميا على الشبكة، ثم نصبر معا على الزملاء حين يقرأون ما يقرب من سبعمائة نشرة حتى الآن أعتقد أن بها ليس أقل من مائة فكرة غير مسبوقة، لعلها كلها خطأ، لكنها مائة، بل إنها لو كانت خطأ لكانت أولى بالتصحيح، نصبر عليهم، ونصر على إرسالها كل يوم، كل يوم، هل هناك أكرم من هذا منك يا أخى ؟ يا رجل صل على النبى عليه الصلاة والسلام، أنت فعلت أكثر مما تصورتُ، وأشمل مما توقعتُ، يا رجل كم الف زميل تصلهم شبكتك شبكتنا يوميا، ولا واحد منهم (إلا من يعدون على الأصابع) قد اهتم بسؤال واحد، أو استفسار، أو رفض، أو حتى شك، أو تقريع،
يا جمال يكفى أنك أنت جمال الذى أعرفه، وأنك العربى الوحيد الذى دعانى لأقول وجهة نظرى العلمية النابعة من ثقافتنا فى صفاقص قبل كل ذلك، يا جمال ربنا يخليك، ويبارك فيك حتى لو لم تكتب لى حرفا واحدا بقية العمر الذى بقى لنا، فأنت معى بالرغم منك شئت أم أبيت، لماذا تحمّل نفسك كل هذا الجهد المضاف يا أخى، هل أنت ناقص؟ ثم بالله عليك لماذا أخذت حكاية اختبار الشخصية بكل هذه المسؤولية هكذا يا رجل؟
جمال:
أستاذ يحيى، يشرفنى إعلامك تحويلى كامل أسئلة “الاستبيان حول الشخصية فى الثقافة العربية” للعامية التونسية رغبة فى تفعيل التأسيس لهذا الاختبار و كنت قد فرغت من إعداد كتيب عن “مشروع هذا الاستبيان” الذى جاء متضمنا كامل أسئلة الاستبيان بالعربية والعامية المصرية والعامية التونسية إضافة إلى جميع “المقتطفات” المتعلقة بالاستبيان التى جاءت فى اليوميات، آمل الاطلاع عليه وإبداء الرأى، إذا حظى برضاك و موافقتك سأعمل على إنزاله فى الشبكة و إعلام الزملاء بواسطة بريد قائمة المراسلات، و تبقى الدعوة قائمة لتأسيس فريق عمل يتحمل مسؤولية إتمام هذا العمل (تحت إشرافك إن لم تر مانعا فى ذلك).
يحيى:
يا خبر يا جمال!! يا خبر ! احرجتنى يا رجل، أنا آسف، وشاكر، ومقدر، لقد تراجعتُ أنا بشكل حاد وحاسم عن الاستمرار فى هذا المشروع، ليس فقط لقلة عدد المتحمسين، لكن بعد أن أعدت النظر فى صعوبات التواصل، والترجمة إلى اللهجات المحلية، ثم التقنين فى ثقافات فرعية مختلفة، ثم الاتفاق على كل من المصداقية والثبات، ثم فائدة هذا كله لنا فى المرحلة الحالية، بعد كل ذلك تراجعت فعلا، وكتبت تراجعى هذا فى كل من النشرة وبريد الجمعة بشكل شديد الوضوح، حتى لا أرهق الزملاء الطيبين الذين تحمسوا وشاركوا فى الترحيب، وقد أوضحت كيف تبينت أن الزملاء، كما أن الله تعالى – سوف يلوموننى إذا أنا مضيت فى عمل ليس “أولى بالوقت” من غيره، وحين عدلت عن مشروع الاستبيان بهذا الوضوح تصورت –كما بلغك- أن التقسيم العربى الثانى هو أولى بالوقت، ثم جاءت ملاحظة وترشيد الأخ الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة، فنبهتنى إلى الواقع العالمى الجديد، (وهو جزء من النظام العالمى الجديد والعياذ بالله)، فعدلت مرة أخرى عن التمادى فى هذا العمل، مع أنه عندى كتاب كامل منذ سبعة عشرة عاما عن التصنيف والتقسيم، (سوف أرفق نسخة من مسودته مع هذا الخطاب) ولعلك تذكر كيف تراجع التقسيم الفرنسى الذى وضع سنة 1967- 1968 وتعهده البروفيسور بيير بيشو، واستلهمناه نحن فى مصر بالنسبة لبعض فئات التقسيم المصرى/العربى الأول DMP I، مثل فئة “حالات البارانويا”، بما يقابل فى التقسيم الفرنسى Delire Chronique ثم تراجع هذا التقسيم الفرنسى أيضا إذ لم يجد القوة ليقف أمام التقسيم الأمريكى الثالث فالرابع (فالخامس فما يستجد من تقسيمات)، ناهيك عن التقسيم العالمى العاشر فالحادى عشر. (التقييم الفرنسى – على حد علمى لم ينشر رسمياً أبداً!!) إلخ.
على فكرة، ومع احتفاظى بحقى فى التفكير التآمرى، كل هذا التفتيت والاحتكار حتى على مستوى الصحة العالمية والهيئات الدولية هو تحت ضغط ولخدمة شركات الدواء، (وهذا يحتاج إلى تفصيل لاحق طبعا)
فرحت بجهدك بالنسبة للاستبيان فى ترجمته إلى اللهجة التونسية الجميلة، وقد أستأذنك أن أنشره فى إحدى النشرات اليومية احتراما وشكرا، لكننى فى نفس الوقت خجلت أن أكون سببا فى إضاعة وقتك (وأنا أعلم بوقتك) فى هذه الترجمة الموسيقية التى أفرح برنينها حين ترسل لى مشاركتك فى الألعاب التى تتفضل بالمشاركة بها فى الموقع، وسوف أعتز بهذا الجهد مدى الحياة، لأنه أروع وأجمل من أن ينسَى أو يجنّب، جزاك الله عنا خيرا، وهو لك فى حسناتك حتما، ولى فى تثقيفى وتعرفى على من تختلف لهجته عنى يا سى جمال.
جمال :
فيما يخص إعداد “التقسيم العربى الثانى للاضطرابات النفسية” لست أدرى أين يقع هذا المشروع فى سلم أولوياتك، ولكنى أدعوا له رغم احتراز البروفسور عكاشة عليه، الذى يرى أن علينا الانخراط والمشاركة فى التصنيف الأمريكى الخامس الجديد، ولكن هذا لا يمنع ذاك، خاصة وأن مشاركتنا إبداء الرأى فى التصنيف الأمريكى لن ترقى إلى مستوى من القوة لتغيير ما نرغب تغييره ولن تكون مشاركتنا أكثر من ديكور لإضفاء طابع العالمية على هذا التصنيف، إنا فى حاجة إلى “تصنيف من نوع آخر”، تصنيف يتماشى ورؤيتنا للإنسان وللكون والحياة، تصنيف” ثنائى البعد” يعطى للإيمان بالله واليوم الآخر وعالم الغيب أهميته في فك شيفرة سيكولوجية الإنسان فى سوائه واضطرابه، آن الأوان أن نقدم لإنسان هذا الزمان تصنيفا آخر، مختلف عن التصنيف الحالى “أحادى البعد…المادي، المشاهد، الملموس، الخاضع للتجربة و القياس…” والذى لا يعترف الا بـ”عالم الشهادة” و ينكر على الإنسان حقه فى البعد اآخر ” عالم الغيب” وما له من تأثير بالغ على اضطرابه واستقراره النفسي،، هذا العالم الأحادي البعد، الذى يتعسف علينا إلى درجة أن ينكر حقنا فى ادراج بعد “عالم الغيب” فى قراءتنا الأمراض النفسية و تصنيفها، ينكر علينا اعتمادنا محورين (” عالم الغيب“و”عالم الشهادة”) فى رؤيتنا للمرض النفسى قراءة وتصنيفا، إنى لا أعدّ “التصنيـف الثنـابعـدي” تصنيفا عربيا بالمفهوم العرقي أو الثقافي أو الأجناسي… غنه تصنيف يعترف بالأثر الكبير لما هو مادي/حيوي و ما هو روحي/عقائدي/معرفي على الإنسان، إني أعده تصنيف مختلف في منطلقاته و أسسه، لا ينكر على الإنسان حقه في الإيمان بأن لهذا الكون خالقا عزيزا حكيما قادرا و أنه ميتلى/ممتحن على وجه هذه الأرض و أن مرجعه إليه ليحاسب عن أعماله يـوم ” اليقيـن” أكانت خيرا أم شرا، و ما الفوز الحق إلا رضوان الله في جنة الخلد و ما عدا ذلك فهو الخسران… إنه “البعد الآخر” للإنسان …هذا البعد الفطري المتأصل و الذي سلبتنا القوى الخفية حقنا فيه ( و ما زالت تعمل على طمسه فينا).
يحيى :
أين ذهبتَ يا جمال؟!! ما كل هذه الأحلام يا رجل، لقد وصلنى تعقيبك على استلهامى المتواضع لمواقف النفرى، وفهمت أنك التقطت بعض ما خطر لى مما غمض على كثيرين، مع أننى أعتبر – وأعيش أو أحاول أن أعيش- هذا البعد الحقيقى فى التواصل مع الكون الأعظم إلى وجه الله تعالى: بعدا واقعيا عمليا قريبا و””بيولوجيا بمعنى “الحياة” وليس فقط الكيمياء والفيزياء، وهو نفس البعد الذى نتواصل به مع بعضنا البعض فى رحابه تعالى، هو ليس بعدا ميتافيزيقيا أصلا، هو بعد حى ماثل هنا والآن وفى كل مكان، هو بعد أرقى وأشمل، وهو الذى يضمنا إلينا، دعنى أعلن تحفظى على استعمال هذه الكلمة – ميتافيزيقا- فهى كلمة ملتبسة،
جمال :
عزيزى يحيى، هذا بعض ما أريد أن أبلغه لك، إلى أن يجمعنى بك لقاء بإذنه تعالى تقبل محبتى ومودتى وصداقتي.
دمتم فى حفظ الله ورعايته ودام عزكم وعطاءكم
يحيى
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته