نشرت فى روز اليوسف
28 – 10 – 2005
سلسلة الإنسان
أ.د. يحيى الرخاوى
أما قبل
الصراط المستقيم الذى نطلب من الله تعالى أن يهدينا إليه فى كل قراءة فاتحة هو غير محدد ألفاظا فى ذات السورة : برغم أن أغلب المفسرين الأفاضل أصروا أن يحددوه كلٌّ بطريقته ومن موقعه وعلى مسئوليته. من منطلق الاستلهام وليس التفسير: وقفت طويلا عند هذا التعميم المعجز فى آيات صورة الفاتحة، وكأن هذه الآيات توصينا بأن الصراط المستقيم هو الصراط المستقيم، لا أكثر، فإذا أصررنا مثل الأطفال على أن نتمادى فى التساؤل، وهذا حق كل طالب معرفة، جاءت الإجابة أنه “صراط الذين أنعمت عليهم”. تلقيت وحى هذه الآية الكريمة بأن نعمة الله على أهل الصراط المستقيم تمثل دائرة إيجابية تغذى بعضها بعضا، أى أن فطرة كل واحد، بفضل الله، تهديه إلى الصراط المستقيم نحو الحق تعالى، فينعم الله عليه، وهو يدعوه بأن يهديه إلى الصراط المستقيم، وهكذا دواليك، لكن الطفل/الإنسان – مهما كان عمره الزمنى – قارئ الفاتحة لا يتوقف عن مواصلة التساؤل لمزيد من الإيضاح، فتأتيه الآية تلو الآية بأن الذين أنعم الله عليهم هم، ببساطة، غيرالمغضوب عليهم. ولا الضالين، فتتأكد عندى ملامح الفطرة، وكيف أن من يشذ عن الصراط المستقيم المتناغم مع الجميع فى الكون إلى الله، يصبح مثل النيزك الضال إذ ينفصل عن أصله، نشازا شاردا، لم يعد يمثل تلك النغمة الإيمانية التى تشترك فى عزف لحن الإيمان الكلى إلى وجهه تعالى.
حكايات وأغانى رمضان: عن الفطرة والأطفال(4)
كيف نقى أولادنا من التعصب؟؟
أولا: الحكاية
كان الشاب ملتحيا جدا، وجهه سمح، فيه طيبة مصرية برغم أنه كان أبيضا ناصع البياض، لحق بى بعد المحاضرة (سنة ثانية طب) أيام كنت ألقى محاضرات على هذا المستوى، وطلب بأدب جم أن نواصل الحوار فيما أغلق عليه في بعض ما أشرت إليه أثناء المحاضرة مما لم يفهمه جيدا، أو لم أوضحه جيدا، ليس تماما فى موضوع المحاضرة. قلت له على شرط، قال أقبله، قلت: لنتفق أن ما يسرى عليك يسرى علىّ، قال: هذا تفضل منك، قلت: بل هذا هو عدل الحوار. قال شكرا، قلت له: لنفترض أننى خرجت من الحوار مقتنعا برأيك حتى غيرتُ رأيى الذى لم يعجبك، أشرق وجهه بالبشر ولم يتردد قائلا: نحمد الله أن هداك إلى الحق. قلت: لنفترض – لا قدر الله – أن العكس حدث. قال: أى عكس؟ قلت لنفرض أننا خرجنا من الحوار وأنت مقتنع بعكس ما هو فى فكرك الآن حتى اضطـُررتَ أن تغيره. تردد مليا، ثم سأل مستوضحا : ماذا تعنى بعكس ما أنا فيه؟ قلت له: أنا لا أعرف ما أنت فيه، مما تعتبره الصواب كل الصواب ولا شئ غيره صوابا ، لكن لا بد أن له عكسٌ ما. انزعج هذه المرة أكثر. قلت له :أنا أصدقك، وليس عندى نية أن أزعجك، ولا أ ريد أن أقنعك بشئ محدد، وما ذكرته فى المحاضرة هو مجرد رأى شخصى، يحتمل الخطأ والصواب، والله سبحانه سوف يحاسبنى عليه، قال مطمئنا: إذن نتحاور. قلت له: إذا كنتَ واثقا مائة فى المائة أنه من المستحيل أن تتحرك بعيدا عما تعتقده فى أى اتجاه آخر. فلم الحوار؟ وفيم الحوار يا بنى؟
صمت فى دهشة، ولم يرد . ربتّ على كتفه ودعوت له بالتوفيق، فدعى لى بالهداية.
انتهت الحكاية.
هذا شاب طيب جميل، لا هو متهور ولا هو إرهابى ولا هو جماعات (هذا ما رجّحته) فقد تصورت أن هذا الشاب الدمث غير قادر أن يقتل نملة، لكننى تصورت أيضا أنه أرض خصبة تماما لو وقع فى يد من يجعله يفجر نفسه فى بعض أهله يوما لفعلها يقينا.
ما ذا يصير بأولادنا إلى هذا الذى نراه فى الإسكنرية وأسيوط والزاوية الحمراء؟
ما الذى يصير بأولادهم إلى ذاك؟ (يعذبون إخوتهم البشر فى أبو غريب وجوانتاناموا وفلسطين وأفغانستان والبلقان وأمريكا الجنوبية والشمالية، وشمال أفريقيا…وعبر العالم ؟)
لقد خلقنا الله من نفس واحدة، وجعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف، كيف نتعارف؟
تجربة:
ضع رضعا مع بعضهم البعض منذ الولادة، إجمعهم من كل صوب وحدب، لا تقل لهم شيئا، لا تسمّهم، ولا تذكر لهم وطنا، دعهم يسمون أنفسهم، أو يسمون بعضهم البعض. سوف يعرفون الله، ولن يكرهوا بعضهم البعض أبدا، ولن يقتل أحدهم الآخر، ولن يعذب أحدهم الآخر مهما حدث، ربما هذا بعض مغزى ما تخيله ابن طفيل فى “حى بن يقظان”.
نستمع إلى الأغنية التى كتبتها للأطفال ضمن الأغانى التى ألهمتنى هذه السلسلة:
أغنية للأطفال
الدنيا كتير والناس ألوان
وقديمك لازم يتجدد
لو كنت صحيح مخلوق إنسانْ
مش معنى كده تبقى رمادى، أو من غير لون
كل المطلوب إنك تفهم : إنك “كائن” “عمّال بتكونْ”
فتح عقلك للى ما تعرفشى كتير عنّه
وضرورى حا تلقى انك عايز حاجهْ منّه
ما هـأُو هوّه كمان مش حايسيبك إلا مع بعض
ربنا سوّانا سوَى جميعا من طين الأرض
كده تقدر تكبر وتكبّـر
كده تقدر تفهم وتقدر
تلقى الأبيض جوا الإسود : لاتنين حلوين
والعكس صحيح، طيب جرّب، يا حلاوة الطين
القراءة (للكبار)
الأطفال يسألون بصدق وتعجب عن أصلهم وفصلهم، ولماذا ولد الأسود أسودا؟ والأبيض كذلك؟ ولماذا وجد محمود نفسه مسلما؟ فى حين وجد رياض نفسه مسيحيا؟ نحن نجيبهم عادة إجابات عجيبة من أغربها: أن نطلب من أى منهم أن يحمد ربنا أنه ولد هكذا، لأنه لو كان ولد “غير هكذا” لذهب إلى النار، ولا نلاحظ ونحن نجيب هذه الإجابات، أن الفريق على الجانب الآخر قد يأخذ نفس الموقف، ويقول نفس الكلام.
المسألة برغم كل هذا شديدة الصعوبة. إن أى تنازل عما وجدنا أنفسنا فيه هو بمثابة التنازل عن القاعدة التى ننطلق منها إلى ما هو نحن. إن أى تمييع للموقف، خاصة من جانب واحد، هو دعوة للاشىء، ومن ثم سيطرة الأقوى والأغبى.
ما العمل؟
الغنوة تشير أولا إلى اتساع طيف الاختلاف، وكم هو ممتد ومتنوع أكثر بكثير من هذا الاختزال إلى أبيض وأسود، خاصة إذا كنا نتصور أن الأبيض هو دليل النهار والضوء والنقاء، وأن الأسود عكس ذلك. فى نفس الوقت هى تنبه إلى رفض أن يكون الحل هو الرمادى أو حتى درجات الرمادى، فكل الألوان مطروحة على مدى التاريخ والجغرافيا. “الناس ألوان”
نأتى لما يمكن أن نستلهمه من الآية الكريمة: “وخلقناكم شعوبا وقبائل : لتعارفوا”: كيف يتعارف الأغيار، وكيف يتعارف الاضداد، الأرجح أن الطفل أقدر على قبول الاختلاف من الكبير الذى تبرمج على أن الصح هو واحد فقط، وأن هذا الواحد هو الذى يعتقده دون ما يعتقده الآخر. هذا لا يحدث إلا على مستوى الأفكار (أنظر بعد الأغنية الثانية، عن تصلب الفكر ومرونته) الفكر المتجمد هو أكثر تشنجا من الوعى والحس والجسد، الفكر الظاهر يتمسك بمعتقد ايديولوجى منظم يحتمى به ويتحرك داخله، أما الجسد فهو لا يعرف سوى الإيمان الأشمل، الجسم الأبيض يتكلم نفس لغة الجسم الأسود، لكن العقل اليسارى الذى جعل اليسار دينا لا حركية لا يتكلم لغة العقل اليمينى الذى تصور اليمين استغلالا بلا ناس. الإشكال إذن هو فى محتوى الفكر وثباته. أول أبعاد محاولة كسر التعصب هو أن نحسن الإنصات إلى لغات كثيرة، وقنوات تواصل مختلفة، حالة كوننا نتعارف، بديلا عن ادعاء التسامح والقبول الشكلى.
البعد الثانى هو أن يتم ذلك فى حالة حركية دؤوب. المحتوى الفكرى بالذات يصبح سجنا وقيدا إذا سكن، أما إذا تقلب وأعيد النظر فيه طول الوقت فإنه يصبح مرنا قابلا للمراجعة، الحركة ليست فقط فى القرب والبعد، ولكن فى التجدد والمراجعة.
الحلول الوسطى (الرمادى) ليست هى الحل. بُعد الحركة هو السبيل الصحيح لتأكيد البرنامج الحيوى الذى أسميناه “الفطرة” : نحن فى حالة “تكوّن مستمر”، القضية ليست شكسبيرية هملتية: “أكون أو لا أكون”، القضية هى “أكون كما استلمت نفسى، أم أتكوّن كما أستطيع”، وهى بلغة الفطرة : “أنا لا أملك إلا أن أكون كما استلمت نفسى، لأتكوّن كما أستطيع ويتاح لى” (كل المطلوب إنك تفهم إنك “كائن: عمّال بتكون”).
تعبير “مش حايسيبك إلا مع بعض” ربما له دلالة أكبر مما يبدو لأول وهلة، كيف يتركك الآخر وأنت معه؟ إن الجدل الحقيقى هو الذى يخرج منه الاثنان مختلفين عما كانا قبل بدايته، فكأن الواحد يترك الآخر الذى بدأ معه الجدل ليجد نفسه “معه” بعد أن أصبح آخرا جديدا، أنت تتركه لتلقاه جديدا، وهو كذلك.
نشاط هذه العملية لا يتم بأمان إلا فى رحاب الآخرين تناغما مع حيوية وإيقاع نبض الكون فى آن، تحت مظلة مشتركة (اجتمعا عليه، وافترقا عليه) متجهين إلى مطلق مفتواح النهاية : “مع”، و”كل على حدة،” فى نفس الوقت.
البداية واحدة (ربنا سوّأنا سوى جميعا من طين الأرض)، قد يختلف الطريق، لكن كيف تختلف الغاية؟.
النمو مثل الحرية لا يكون إلا مع آخر يمارس نفس العملية، من هنا يمكن فهم تلازم “تـِكبـَر و تْـكبّـر”. لكى تكون حرا لا بد أن تحرص على حرية الآخر.
لكى تواصل نموك لا بد أن تتيح الفرصة لآخر ليواصل نموه معك، جتى لو كان هذا الآخر أبوك أو أمك، لا أحد يتوقف عن النمو أبدا، ما دام يستحق أن يوصف أنه “حى”. النتيجة المأمولة من هذه الحركية معا : هى إلغاء الاستقطاب (الدنيا مش أبيض واسود)، لأنك سوف: “تِلقى الأبيض جوّا الأسود، لاتنين حلوين، والعكس صحيح”-هذه ليست تسوية مائعة، نلاحظ أن الأبيض ليس بجوار الأسود، ولا هو مختلط به ينتجان الرمادى، ولا هو يكتفى بأن يتبادل معه فحسب، لكنه بداخله من أصل واحد ( ياحلاوة الطين).
نستمع الآن إلى قصيدة صلاح جاهين “إفريقية”، خفيفة الظل، فائقة الإبداع
ثانيا : القصيدة
– أبيض، وفنطازيه
ومراتى ألمظّيه
وربنا اصطفانا،
عشان حُمرة قفانا،
وشيّلنا الأَمانة،
اللى تٌقْل الرزيّه.
– أَسود، ودمى حامى،
حامى الحمى ياحامى،
مافيناش لونكم ولوننا،
ماما مدِّيـَاهولنا…
ومشهِّده المحامى.
– محامى كبير قانونجى،
وفى الكلام برِنجْى
شايب وشكلى رائع،
فاهم كل الشرائع…
لابيض – وده رأَى شائع –
أبيض، والزنجى زنجى
“كلام الولد الأبيض”
– والله “الجلاس” ماادوقه،
يا الزنجى ينول حقوقه!
تلميذ، وباستهجّى،
لكن فى الرأَى.. حجه!
العالم بدُّه رجَّه،
عشان تمسح فروقه!
“كلام الرجل الأفريقى”
ياليل . . والبدر بمبى . .
يا ليل . . وأَلم فى جنبى . .
يا ليل . . مقدرش أَنام بو . .
يا ليل . . و “لومومبا” قام بو . .
يا ليل . . أَنا سجنى بامبو،
وان ماكَسرتوش . . ده ذنبى!
القراءة
هذه القصيدة تفقد نبضها إذا نحن قرأناها نقدا مفصّـلا، النهج المتبع فى هذا الباب هو أن نشير، دون شرح مشوِّه، إلى الرسائل التى نريد إبلاغها للناس من خلال تنوع الإبداع الذى يضيف معارف متوازية لعطاء قنوات المعرفة الأخرى.
نلاحظ هنا مثلا كيف يفخر الأبيض ببياضه، فيعيّن نفسه مسئولا عن نشر وتسويق ما حقق من مزايا وتفوق (قارن الدور الأمريكى هذه الأيام برغم أن كونداليزا رايس سوداء، وكولن باول أسود؟) صلاح جاهين ينبهنا من قديم كيف أن الذى يميز نفسه هكذا إنما يعين نفسه وصيا على الآخر، ثم على العالم، وهو يعزو ذلك إلى تفضيل الله له على غيره بسبب لونه أساسا، (“وربنا اصطفانا، عشان حمرة قفانا، وشيلنا الأمانة اللى تقل الرزية”). مع أن الله سبحانه عر ض الأمانة على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها، وحملها الإنسان. الإنسان هو الذى تصدى لحملها بغرور متفرد، لكن الأبيض هنا (مثل عمنا بوش) يعتبر نفسه وصيا على البشر، ليس هذا فحسب، بل هو يمن على سائر البشر بأنه متعب من ثقل الأمانة التى حملها من أجل خاطر عيون بقية البشر الملونين، والبدائيين أمثالنا.
نلاحظ أيضا أن موقف الطفل الأبيض هو عكس ذلك، فهو يعرف أنه لا يكون إنسانا بلونه، وهو يُضرِب عن أكل الجلاس حتى يأخذ الأسود حقه “والله الجلاس ما ادوقه لا الزنجى ياخد حقوقه”، ليس هذا فحسب، بل هو يعلنها صريحة أن العنصرية التى يقودها الكبار (الأثرياء عادة) إنما تحتاج إلى ثورة عالمية لتتغير (العالم بـِدّه رجّه، عشان تمسح فروقه).
موقف الرجل الأسود ضعيف (قارن موقف الإفريقى) وهو يحتج بأنه ولد هكذا، وكأنه كان يتمنى ألا يكون هكذا، وكأنه يدافع عن ذنب لم يرتكبه (تذكر مايكل جاكسون)، وهو يستنجد بالمواثيق الإنسانية العالمية (مافيناش لونكم ولوننا، ماما مدِّياهولنا…، ومشهِّده المحامى). المحامى-عمليا- يضرب بالمواثيق عرض الحائط ليعلن تأكيد التفرقة ( لابيض – وده رأَى شائع – أبيض، والزنجى زنجى)
تنتهى القصيدة، أو تكاد تنتهى بتنبيه المظلوم ( لأنه أسود، أو لأنه إفريقى) إلى ضرورة أن يتحمل مسئولية اختراق هذا التمييز بإنجازه شخصيا، وليس بانتظار العطاء من الأبيض أو من المواثيق ( يا ليل دانا سجنى بامبو، وان ما كسرتوش ده ذنبى).
الطفل (الولد الأبيض) هو أبعد المتحدثين عن التعصب.
الطفل، والجسد، والفطرة، والأحرار، هم الأصل. هم الذين لا يفرقون؟
المواثيق، والوعود، والمناظر، واللاشعور هم المتعصبون العنصريون مهما ادعوا وأشاعوا. الطفل “محمود سيد على” يستحيل أن يتصور أن الجالس بجواره فى الفصل، من شبرا، وسنهما سبع سنوات، سوف يذهب إلى النار لأن والده اسمه جرجس، والطفل “رياض جرجس عبد السيد” ، وهو جار محمود، لا يتصور أن يذهب محمود إلى النار لأن أمه اسمها فاطمة.
ذات مرة تقمصت هؤلاء الأطفال وأنا أعبث بمذياع فى حجم الكف (ترانسستور)، وكلما سمعت رطانا لا أفهمه، سألت نفسى – مثل محمود أو رياض – هل صاحب هذا الصوت سيدخل النار؟ وكانت إجابتى مثلهما تماما. فكتبت فى ذلك وأوصيت القارئ بالمحاولة، وهأنذا أعيد التوصية.
ثالثا: القصيدة
غصبا صدفه
لمست إصبعىَ المفتاح
فسرت كلمات عجميه
تنساب إلى عمق النبضه
تنتزع السيف من الغمدِ
تلتهم ظلام الرؤية
فيطل الفجر الأصدق
يجتمع السامر من أحباب الله
البيض السمر السود الحمر
البيذقُ والفرزُ ورخُّ الشاه
…………..
-2-
تنكسر الموجة تتفتر
تترنح من طعن مؤشر
…….
يتراقص سهم الأفق يفتح وعيى المرتجف الأعشى
- فيرينى العالم
- رؤية يقظان كالنائم-
مذياعا ملقى
فى حجم الكف
…….
يتلألأ مطر الرحمه
تتفتح
للسمر الصفر البيض السود لكل الألوان
للفيل الأبيض والسنجاب الأزرق والإنسان
هل أدعو القارئ فى هذه الأيام المفترجة أن يقوى إيمانه بمثل هذه التجربة بمجرد استعمال الترانسستور، والتساؤل عن صاحب كل رطان، إن كان سيذهب إلى النار؟ أم أن عدل الله سبحانه ورحمته، أكبر من كل تصور. أعتقد أن الطفل سينجح، ويفشل الأكبر.
فى تجربة الأغانى التى كتبتها للأطفال مستلهما نبضهم الفطرى، حاولت أن أبين كيف أن أى فكرة هى ليست إلا وسيلة للتشابك مع فكرة أخرى (بما فى ذلك المعتقد)، وأن الفكرة الثابتة مهما كانت متانة قائلها، وأسلحته، وزعم تقدمه، لا قيمة لها إن لم تتحرك وتحرَِك، هذا ما أنهيت به هذه الأغنية التى سأختم بها المقال دون تعليق.
رابعا: أغنية ختامية (للكبار والأطفال معا)
……
إوعى تصدق ان الفكرة كده وحدها صحْ.
إوعى تصدق إنها إما: كُخِ أو دَحْ.
الفكرة تجيلك إوزنها
مش بس تقولها “تدوِّنها” !!
تعرف حقيقتها بتأثيرها
واذا نفعْت: تفرحْ: تعملها
وان خابت يبقى تشوف غيرها
فِـكرك مش دايما هو الصح
………….حتى لو صح
ما هو فكر الناس التانيين صح
راجع فكرك مع ناس تانيين
حلوين وحشين
حاتلاقى حاجات مش على بالك
حاتلاقى الكون غير ما بدالك
طب جرب تقعد فى مكانهم
مش بس حاتشوف شوفانهم
دانت حاتتخض من نفسك
وتراجع فكرك وحواسّك
فكرالتانيين ثروة خسارة
تفلت منك كده يا سمارة
ماتقولش عليه دا كلام فارغ
مش يمكن انت المش سامع
الفكرة التانية المنبوذة
يمكن تلاقيها لها عوزة
الفكرة قيمتها فْ تحريكها
مش فى متانة إللى ماسكها