“يوميا” الإنسان والتطور
23-11-2007
حـوار بريد الجمعة
مقدمة:
ضيوف جدد شرفونا هذا الأسبوع، أهلا بهم.
الإبن والصديق أ.د. جمال تركَ من تونس الشقيق زارنى، وهو صاحب الفضل ودينامو ورئيس (وكل شىء) فى موقع الشبكة العربية للأمراض النفسيةwww.arabpsynet.com زارنى أول أمس، كان يحضر مؤتمرا ما فى القاهرة، فرحت به فرحا شديدا، أنا أحبه، سألته هل فرَّخت مساعدين يتولون الشبكة معك (ثم بعدك)، قال: لا، قلت هل أنت مازلت وحدك، تقوم بكل العمل وحتى الآن، قال: نعم، قلت لنفسى هذا شاب عربى شديد الذكاء والنشاط والأمانة يخطئ نفس الخطأ الذى يتمادى فيه كهل مثلى لا يريد أن يهمد، العمل القائم على فرد واحد لايطمئن، ولا أحد يضمن استمراره، أين العمل الجماعى؟
لم أقل له كل ذلك صراحة،
كان ضيفى، لكن الرسالة وصلت.
كنت قد أرسلت له أنبئه عن حكاية ورطتى اليومية هذه “الإنسان والتطور: النشرة اليومية”، فتفضل مشكورا بوضعها بجوار اسمى – الذى كان موضوعا قبلا- فى موقعنا على موقع الشبكة العربية للأمراض النفسيةwww.arabpsynet.com _ وبناء عليه، تعرف ضيفا هذا الحوار الأول والثانى على النشرة وهما مَنْ سنبدأ بهما حالا.
أخبرنى الإبن د. جمال أيضا – أو استأذننى لا أذكر- أنه سينزل هذه النشرة اليومية فى الموقع مباشرة، فلا يحتاج زائرالموقع أن ينتقل إلى موقعى ليطلع عليها!
ياه يا جمال!! شكرا، أهكذا تتيح لى أن أتواصل مع زملاء كدت أيأس من أى سبيل للتواصل معهم.
أنا أحب هذا الشاب، وأحب زوجته، وأحب ابنه، وأحب ابنتيه، رأيتهم مرة واحدة حين دعانى وحدى لزيارة صفاقص فى تونس لأتحدث عن منظور آخر (منظورى التطورى) فى الطب النفسى، عشت هناك خبرة غير مسبوقة، ربما كانت فى خلفية وعيى وأنا أقرر أن أتورط هذه الورطة اليومية، أعود لحبى لأسرته، وجدت نفسى أنهى خطابى البريدى الإلكترونى إليه منذ أيام قائلا ” أخشى أن تتزوج إحدى بناتى/ حفيداتى الجميلات دون أن أحضر فرحها! أى والله ! مع أننى لا أحضر أفراحا أصلا هنا فى بلدى، (مثلها مثل المؤتمرات إياها ، كلها قبلات – بين الرجال أساسا – زيطة أفراح بلا فرحة، هكذا، أصبحت بالنسبة لى مثل المؤتمرات العلمية المليئة أيضا بالقبلات والأحضان – أيضا بين الرجال أساسا – بلا علم ، أعنى بلا فرصة للدهشة العلمية فالحوار الحقيقى.
ما علينا، شكرا يا جمال، (لاحظ أننى لم أشر إلى رقم الذين حضروا محاضرتك فى مؤتمر القاهرة لأننى لم أستسمحك فى ذلك)، شكرا يا جمال بجد، ورافقتك السلامة، تعجبت أن بناتك وإبنك كبروا هكذا حتى وصل بعضهم إلى الجامعة، ياه ، بارك الله فيهم وفيك.
والآن إلى ضيفينا الجدد الذين شرفونا بفضل موقعك، موقعنا موقع الشبكة العربية للأمراض النفسيةwww.arabpsynet.com
د. يحيى:
أهلا. دكتور رمضان ، أرجو أن تكون قد اطلعت فى أى يوم جمعة سابق على كيف نقلب البريد حوارا، بما فى ذلك احتمال ظلم الضيف حيث ليست أمامه فرصة للرد (وهذا أبسط شروط الحوارالحقيقى) إلا فى الأسبوع التالى إن أراد، اعترفت أنا منذ البداية، مرة ومرة، أن هذا ظلم يقع على الضيف، وأننا سنعتبره قد قبله حرصا منه على نفٍع عام، إلى أن يرسل لنا محتجا أو رافضا هذه الطريقة، أهلا د. رمضان، كيف عثرت علينا هكذا؟ فتفضلت بزيارتنا؟
د. رمضان زعطوط:
كشف موقعكم نفسه لمجالى الإدراكى بواسطة موقع الشبكة العربية للأمراض النفسيةwww.arabpsynet.com اليوم بتاريخ 15-11-2007 وكم حلمت بلقاء …(….)
د. يحيى:
آسف قطعت كلامك، فأنا عادة أحذف بعض الفقرات التى فيها مديح يحرجنى، فسمحت لنفسى أن أنتقل مباشرة إلى حديثك عن زميل كريم
د. رمضان:
…بعض دموعى التى سفحتها وأنا أقرأ خبر الحياة اليومية لأستاذ الجيل فى علم النفس “فاخر عاقل” فى دار العجزة فى سوريا؟؟؟…حبات من عناقيد الدموع التى تتدلى من أشجار النفوس فى هذا الوطن من المحيط الى المحيط…
د. يحيى:
يا خبر !! أليس هو مؤلف “الموت اختيارا”؟ كم هو مؤلم ما تقول، آسف، ولكن …..
د.رمضان:
لولا هذه الشبكة العنكبوتية (كيف يتفق الوصف مع: إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت؟) لولاها لما قرأناك أو قرأنا بعضك على هذا الموقع الجامع
د. يحيى:
الفضل كل الفضل للإبن الأستاذ الدكتور جمال ترك (كما ذكرت فى المقدمة)، ولكن هلا عرّفتنا أكثر بك
د. رمضان:
أنا طبيب جزائرى ودارس لعلم النفس( ليسانس، ماجستير وأحضر الدكتوراه فى علم النفس الاجتماعى للصحة) متزوج وأب لأربعة أبناء سوسنة وعصام ورضوان وضياء، متوسط الدخل كأستاذ مساعد فى جامعة ورقلة بالجنوب الجزائرى الساحر
د يحيى:
أهلا مرة أخرى
د. رمضان:
التعليق على الصور يومية14-11-2007 “عن ماهية الوجدان وتطوره“ أحسب العواطف والوجدانات مثل المعانى لاتكون إلا مركبة مهما حاولنا تذريرها (من الذرة):
الصورة 2: خوف + توجس
الصورة 3: انكسار+ ذهول
الصورة 12: ألم+ أسى
د. يحيى:
يا د. رمضان، الاستجابات التى وصلت لى عن الصور الثلاثة محدودة، جعلتنى لا أعلق عليها، مع أننى كنت أنوى أن أتمادى فى عرض أكثر من عشر تعبيرات عاطفية لنفس الممثلة، وحين أرسلت أنت تعليقك من الجزائر فرحت أننى تركت تحت كل صورة فرصة لتسمية التعبير فى الصورة باللهجة المحلية، وحين جاءتنى رسالتك هكذا ، تساءلت : أليست اللغة العامية (اللهجة المحلية) أقدر على التعبيرعن عواطفنا من الفصحى، وهل يا ترى وجدان المرأة الجزائرية الأمية فى جنوبكم الساحر (وصلنى سحره) هو مثل وجدان المرأة الصعيدية فى نجع حمادى، وكيف نسمى نفس العاطفة عند كل منها، ولكن قل لى ماذا عن كلمة “الوجدان” بالنسبة لك؟ فقد ثار حولها جدل كثير ناقشت بعضه فى يومية الحزن والوجدان بتاريخ 18-11-2007
د. رمضان:
عن الوجدان أذكر أننى ناقشت مع بعض المرضى المزمنين القدرة على التعبير الانفعالى فراودتنى فكرة التشفير الانفعالى عبر مراحل العمر المختلفة، ونسبة ذلك الى خبراتنا البدنية مغلفة أو محنطة فى سرابيل الكلمات والأصوات أو الصور
د. يحيى:
…. وهذا هو من أهم ما شغلنى بالضبط، ولعه وراء محاولتى هذا التنظير فى مسألة العواطف، وأنا أشك فى أننى سوف أنجح لأنه يبدو أن الأداة المتاحة ليست هى الأداة المناسبة، لعلك قرأت يومية 6-11-2007عن الفطرة والجسد وتَصْنيم الألفاظ، ولكن هل أمامنا سبيل آخر؟
د. رمضان:
الموسيقى، الألوان أو قل مدركات الحواس الخمسة أو الستة أو أكثر؟
د. يحيى:
والله يبدو أنهم أكثر من ستة، هل يمكن أن نعطى لتلك العواطف الجياشة التى يمكن أن تحركها فينا سيمفونية بيتهوفن إسماً؟ (مع أنى لا أفهم فى الموسيقى الكلاسيكية أصلاً).. ثم إن الجسم كما تعلم قد دخل لعبة التفكير والإبداع من أوسع أبواب العلم المعرفى، والوجدان أيضا يقوم بدوره الجوهرى فى التفكير والإبداع معا، والحكاية تتسع بروعة مذهلة جميلة.
د. رمضان:
ماعلاقة ذلك كله بفقر التعبير الانفعالي alexithymia فى الصحة والمرض بين النفس والجسد؟ كل ذلك مغطوسا فى محيط الثقافة!
د.يحيى:
يا خبر يا د. رمضان، وضعت يدك على جذور ما أدى إلى اغترابنا المعاصر، قليل من الزملاء هم الذين يستعملون (أو يعرفون) ما هى “الألكسيثيما”، أنا أفضل تعريبها لأن تعبير “فقر التعبير الانفعالى” هو لا يفيد ما تفيده الكلمة الأصلية، وإلى أن نحصل على كلمة واحدة مفيدة، دعنا نتوسع فى التعريب بمسئولية مباشرة (يمكن أن تراجع عدد الكلمات الجديدة التى تدخل اللغة الإنجليزية) يومية 6-11-2007عن الفطرة والجسد وتَصْنيم الألفاظ، فهل تقبل دعوتى لك لكتابة مقال فى الشبكة العربية، أو فى موقعنا “باب المحررون الضيوف” عن هذا الموضوع، حين نختزل تعبيرنا الانفعالى ونحن نصفه بألفاظ خاوية من أى نبض حقيقى، وهو مايشعرنى أحيانا أنها تخرج من ثقب صفارة ذات تردد واحد موضوعة خارج أعلى رأس المتكلم !!!
د. رمضان:
أحسبك كينونة تتشظى بعد أن وصلت لمرحلة الانشطار، أرجو أن يكون لك سلف كوكبى يسمح بتوالد نجمى ولو على حساب الكوكب الأم (ابنكم عن بعد رمضان)
د. يحيى:
برغم تحفظى ضد ذكر مثل هذا الفضل، إلا أننى فضلت أن أثبته لأفرح بنجاح التعريب فى الجزائر بعد ما عانت من الفَرْنَسَهْ الكاملة عقودا وعقودا، والآن أدعوك لتسمع معى صوت عزيز قدم إلينا – بفضل الشبكة العربية أيضا، (يا فرحتى أصبح لى إبن آخر فى الجزائر !!) هذا يا د. رمضان هو صوت ابن لم أجرؤ أن أتذكره لمدة عشرين عاما، وهو قادم من العراق!!، أهلا يا د.صفاء
د. صفاء جواد زوين:
أستاذي … شكرا على هذا الموقع
… (قلت لنفسى) منذ عشرين سنة كنت طالبا للماجستير فى قسم الأمراض النفسية فى القصر العينى، ثم هأنذا أعثر على موقع أستاذى الذى استفدت من محاضراته وخبرته السريرية وخاصة جلسات العلاج الجمعى…!!
د. يحيى:
أهلا وسهلا، يا د. صفاء الحمد لله أننى سمعت صوتك الآن هكذا، يأتينا من العراق الشقيق الدامى، لا تتصور يا صفاء أننى نسيتك، أو نسيت عدنان، نعم ، كان ذلك من عشرين سنة أو أكثر، لكننى كنت كلما خطرتم على بالى أفزع خشية أن أكون قد فقدت أحدكم فى وسط بحور الدماء الجارية الآن أو الرؤوس المتساقطة قبل الآن!!!، صحيح أننى لم آكن أطمع أن أرى أيا منكم قبل موتى ولا لحظة واحدة، لكن هذا كان حالى (وما زال)، أخشى أن أسألك عن عدنان، وعن زميلكم الثالث الذى لا أذكر اسمه، كان بعض ذلك يخطر ببالى وأنا مع الزميل الأستاذ الدكتور عبد المناف (من العراق) …. فى لجنة امتحان الشهادة العربية (البوردالعربى) فى دمشق العام، تلو العام، لكننى لم أفعل، أولا: من أين له أن يعرف وأنتم فى الجيش وهو فى الجامعة، ثم إننى لم أكن أريد أن أعرف أخباركم تحديدا خوفا من ما أتوقع، ولكن ما الفرق بين أن أفقدك يا صفاء وأن أفقد كل هذه المئات من الأبرياء كل يوم، كل يوم، كل يوم، لا أحد يعرف الثروة البشرية التى تمثلها عقول أبناء العراق بالذات. فى الشهادة العربية، وبرغم كل الظروف، كانوا أوائل كل التخصصات من إخواننا العراقيين، أنت تعرف أننا نعرف أنهم أحسن وأكثر من يقرا ما يكتبه المصريون، وينشره لبنان، كل الناس تتكلم عن الخسارة فى البترول وفى الفوسفات العراقى، ولا ينتبهون إلى حجم الخسارة فى البشر العراقيين، آسف، أقلّب عليك مواجع يا صفاء، وأنت لست ناقصا. مرة أخرى أرجع الفضل لإبنى جمال ترك، ياه، كيف حالك يا صفاء لقد امتلأت بكل هذا : إبن فى تونس، وإبن فى الجزائر، ثم تعود أنت يا صفاء تسمعنى صوتك من العراق هكذا قبل أن أموت ، الحمد لله !! كيف حالك؟ وماذا تبقى مما قلناه سويا،هل تعرف أن العلاج الجمعى ما زال هو هو كما تركته ، والمشاهدة مفتوحة للجميع فى قصر العينى كل أسبوع ومنذ 1971؟ والأمور مازلت تسير وتتجدد وهى تتحدى التدهور والانقراض؟ أى والله.
د. صفاء:
الان أتساءل بعد ان اتيحت لي الفرصة للاتصال بأستاذى الجليل هل مازالت المبادئ والنظريات اللتي تعلمناها منه باقية لحد الان؟ وخاصة ماضمها كتابه الشهير “سر اللعبة”؟ أم حدث هنالك تغيير دال لبعض المفاهيم؟
د. يحيى:
إذن فأنت ما زلت تذكر ما بدأناه، الحمد لله، تقصد شرح ديوان سر اللعبة “دراسة فى علم السيكوباثولوجى”، تصور يا صفاء أنه بعد مرور ربع قرن لم يوزع منه إلا بضع عشرات ، والباقى هدايا، لم يقرأه “على بعضه” طبيب نفسى مصرى واحد، لم أقرره طبعا على أى مستوى دِرَاسِى، لأن ما به يُزَارُ اختيارا، ولا يُقَرر دراسة، وخاصة أننى امتنعت عن الامتحانات والإشراف على الرسائل منذ سنوات طويلة، وحتى الشهادة العربية التى كنت مقررا للجنة الامتحانات بها لسنوات، اعتذرت عن الاستمرار فيها لأسباب لا بد أنك تستطيع أن تستنتجها.
أقول لك ردَّا على تساؤلاتك إننى بصدد تحديث هذا العمل من خلال هذه النشرة اليومية، وقد بدأتُ فعلا بفصل “الفصام”، ولست أعرف إن كان ذلك مناسبا أم لا، لكننى حين ورّطت نفسى فى هذه النشرة ، كان ذلك بهدف ضمنى ، هو أن الزم نفسى بمثل ذلك، أرجوا أن تتابع أنت – ومن يهمه الأمر- هذه المحاوالات خاصة فى ما يتعلق بالفصام، ثم الإدمان ، ثم التنظير الأساسى مثل تناولى لمسألة الوجدان:
(عن ماهية الوجدان وتطوره(1) 14-11-2007)،
(عن ماهية الوجدان وتطوره(2) كيف لا نحبس الظاهرة فى لفظها 17-11-2007)،
(عن ماهية الوجدان وتطوره(3) عن الوجدان والحزن 18-11-2007) ،
يا ليت يا صفاء، شكرا،
يا ترى عندك وقت للمشاركة فى تتبع حوارنا مع الأصدقاء القدامى؟
ولكن دعنا أولا نستجيب لضيفن جديدين أيضا ولكنهما مصريان ، أحدهما فى السويد، يكتب بالإنجليزية ، (ماذا أفعل بالله عليك يا صفاء)، دعنا نرحب به أولا د. عطية من ستوكهولم.
Atia Daud :
My very dear Prof Yehya Rakhawy. I’m very happy to read you site. Also I’m very proud for being one of your students 1976 at psychology lecture Ain Shams University. I\’m working in Stockholm since1978. I get some of your books from Dr Yosri Khamis.I would like to visit you and Dar elmukatam next time I visit Egypt. Your article about what happened to the Egyptian values is very wonderful. For us the Egyptian abroad ….we have a frozen picture about Egypt. Our children ask us why Egypt in TV does not look like Egypt which we visit every year.
د. يحيى:
تركت رسالتك بالإنجليزية يا د. عطية كما هى، لضيق الوقت، ومن فرط الغيظ أيضا، أنا أحب العربية كما لعلك تعلم، ولا أرضى عنها بديلا، ولعلك لاحظت خطابى مع د. سناء فى أحد حوارات الجمعة فى هذه النشرة، أهلا د. عطية، برغم محاولة تجنبى ذكر تقريظ شخصى إلا أننى أثبته هنا لأذكّر نفسى بتلك السنوات التى قمت فيها بالتدريس لطلبة علم النفس فى كلية الآداب، واحترمت المبدأ الذى أتاح لى هذه الفرصة، وهو الذى ألزمنى أن أستجيب لأى دعوة يمكن أن يتبقى منها ما يبلغ رسالتى، وأظل كذلك حتى يستغنوا عن خدماتى، وها أنت ذا فى ستوكهولم مازلت تذكر ما كان، والفضل يرجع لهذا المبدأ: “خذ الفرصة، وقل ماعندك، حتى يوقفونك!”
أشفق يا د.عطية على أبنائك وهم يتساءلون عن الفرق بين “مصر التليفزيون“، ومصر “إللى بحق وحقيق” (التى يزورونها)، تصور يا د.عطية أن نفس هذا التساؤل يطرحه أطفال مصر (وبعض كبارهم) عن أطفال مصر التليفزيون، وأطفال مصر عزبة القصيرين، وحارة السكر واللمون، وأطفال كفر عليم، ……….الخ.
شكرا يا د.عطية، وفى انتظار متابعتك ونقدك، وخاصة أن ما ننشره – مثلا فى موضوع العواطف والوجدان- هو أقرب إلى تخصصك فى علم النفس، يا ترى ماذا عندكم من جديد فى ستوكهولم، وخاصة بالنسبة لهذه الموجات التسطيحية التى غمرت شبكات التواصل وهى توهم الناس بالحلول السهلة وهى تسوّق برامج التغيير التدريبى الملفظن على السطح وكأنه السبيل الأمثل لتطور الإنسان، وربما هذا هو ما يسأل عنه ضيف جديد هو الأستاذ محمد غنيمى، لو عندك إجابة أكثر تفصيلا، أرجو أن توافينا بها مشكورا.
أ. محمد غنيمى:
…. ماذا يرى أستاذنا “…”، فيما يتم استيراده من أنماط حياة ومناهج تحت اسم “علم التنمية البشرية” أو “علم البرمجة اللغوية العصبية“، وادعاء مستوردى هذه المناهج بأنها سبيلنا للنجاح والسعادة؟
د. يحيى:
أظنك يا أخ غنيمى سمعت دعوتى للإبن د. عطية أن يكتب لنا فى هذا الموضوع، وأرجو أن تسمح لى أن أؤجل ردى مفصلا فى يومية لاحقة، فأنا أقوم الآن بدراسة مسألة موازية لعلك سمعت عنها ، وهى ما يتعلق بالكتاب الذى اشتهر مؤخرا وعنوانه “السر” The Secret، لقد شاهدت الفيلم، واقتنيت الكتاب، وأنزلت الترجمة تحت الفيلم لأراجعها مكتوبة، وقد فزعت فزعا شديدة من لعبة بيع الأوهام هذه، تلك اللعبة التى وصلت إلى درجة تكاد توازى ترويج المخدرات، أى والله.
لا أنكر يا سيدى أننى عثرت على بعض الحجارة الخام الملقاة هنا وهناك بين أكوام القش الهش هذه، تلك الأكوام التى يسوّقونها تحت هذه الأسماء، وأنا أكاد أكون متأكدا أنهم لا يعلمون شيئا عن أن بعض هذه الحجارة قد تكون من الأحجار الكريمة، لو أحسن الكشف عنها بطريقة أخرى لهدف آخر غير التجارة وبيع الأوهام. أعتقد أن هذا هو نفس موقفى تجاه ما ذكرت عن “التنمية البشرية”، والبرمجة اللغوية العصبية“، : أكوام من القش، أصحابها من شطار التجار، لا يعرفون ما يمكن أن تختبئ تحتها من أحجار كريمة، فإذا اشتريتَ كوما من هذه الأكوام فلا تنس البحث عن هذه الأحجار، لعلنا نصقلها معا، وهذا ما سأحاوله فى يومية – أو يوميات قادمة- وأنا أناقش كتاب “السر”، أرجو أن تسامحنى فى التأجيل. ثم أدعوك معى للترحيب بأصدقائنا القدامى ، أهلا يا أسامة
د. أسامة عرفة:
خطر لى سؤال: هل يتحاور المبدعون معا؟
خطر لى جواب، ربما خطأ: …. هم عادة لا يتحاورون بل يبدعون و تتجادل إبداعاتهم عبر المستهلكين
د. يحيى:
الله نور يا أسامة، كنتُ دائما – وما زلت – أستشهد بالبابا شنودة – متعه الله بالصحة- وهو ينبهنا إلى عدم التركيز على، أو الفرحة بـ “الحوار بين الأديان”، ويقول إن الحوار الذى يجرى هو بين المتدينين وليس بين الأديان، وحين فكرت فى هذا تأكدت لى صحة هذا الرأى. إن الحوار بين الأديان، لو كان صادقا، وجدليا وعميقا، فلا بد أن يفرز دينا جديدا، وإلا فما فائدة الحوار الحقيقيقى، أذكر أن فيلسوف الإسلام محمد إقبال قد فسّر حكمة وأهمية ومعنى أن يكون الإسلام هو خاتم الرسالات، بأنها إشارة إلى أن يتحمل كل واحد من البشر بعد ذلك مسئولية وجوده وكدحه وإيمانه دون أن ينتظر كل عدة عقود أو قرون وحيا جديدا من السماء، ربما هذه هى الأمانة التى علينا أن نحملها، وبالقياس: فإن ما وصلت إليه يا أسامة هو رأى رائع فعلا، دعنا نتصور أنه تم حوار بين إبداع نجيب محفوظ وإبداع توفيق الحكيم (أقول بين إبداعهما، وليس بين شخصيهما) لا بد أنه سوف ينتج من هذا مسخ شائه لا يطيقه أحد.
د. أسامة عرفة:
لو صحت هذه الفرضية فمن هم نوع محاوريك فى هذه اليومية من بين قراءها؟..
المبدعون من القراء: القليل منهم قد يدخل على خط الحوار
والمستهلك هايشيل ويمشي ..
د. يحيى:
حلوة حكاية القارئ المبدع، والقارئ المستهلك، مرة أخرى: الله ينور يا أسامة، ثم خذ عندك القارئ المنتـقِى (الذى لا يصله إلا ما يريد أن يصله بعيدا عن السياق)، ثم القارئ الخائف (الذى يغلق كل أبواب وعيه وفكره إلا عن ما سبق له معرفته، فلماذا يقرأ بالله عليك؟) ثم القارئ المشوِّه، الذى يضع من عنده ما لم أقله، ياه هذا بحث يا أسامة يستأهل جهدك، يا اللااااه
د. أسامة:
… بقى البحث في أجندة المحاوريين عن مكسبهم الخفى من الحوار، وهو في الأغلب مكسب شريف هم أشبه بمن يذهب للمباراة في الاستاد وعدم الاكتفاء بمشاهدتها على التلفاز، أتمنى أن لا يكتفوا/نكتفي بتشجيع اللعبة الحلوة و ندب الفرصة الضائعة، بل نحاورك في أرض الملعب
د. يحيى:
ياليت!! أنا أوافقك فَرِحا فعلا، وإن كان لم يصلنى وجه الشبه تحديدا مع حكاية كرة القدم هذه، لكننى فرحت بحكاية “المكسب الخفى” و “المكسب الشريف”
هل عندك شىء آخر؟
د. أسامة:
(نعم) السكينة عندي ليست سكونا أو جموداً أو توقفا، بل هى الحركة في أعلى درجات الصفاء والثقة والأمل،
أتفق مع حضرتك في جل ما ذهبت إليه في رؤيتك للفطرة أنا فقط أردت أن أشير عفوا وعذرا عن التعبير أن الفقهاء بيوصفوا الزرافة و حضرتك بتوصف الفيل
د. يحيى:
أيضا لست آخذا بالى، سامحنى ، ما معنى أنهم يصفون الزرافة وأنا أصف الفيل؟، يا أخى أنا أحترم الفقهاء حين يدعمون ما أراه لصالح الحياة والناس، كنت أغامر أحيانا فى أن أنصح بعض المرضى الوسواسيين ألا يجعلوا وسوستهم فى الوضوء حائلا دون صلاتهم بما يترتب عن ذلك من شعور بالذنب، وتقصير فى العبادة و…و.. أنصحهم أن يواظبوا على الصلاة حتى بدون وضوء، حتى يأذن الله – بالطب أو غيره- فى أمرهم خيرا، وكنت أتردد بينى وبين نفسى وأنا أنصح بذلك، هذا ناهيك عن اعتراض المريض وأهله، أو سخريتهم مما أقول أو منى، إذا بوالد أحد المرضى بهذا المرض يوافقنى على رأيى ويستشهد بمعنى حديث يقول “طاهر من حيل بينه وبين الطهورين” (لاأذكر نص اللفظ) فاستزدته، فشرح لى أن الطهورين هما “الماء” و”التيمم”، فإذا كان ثَمَّ مرض يحول دون هذا وذاك، فلا حاجة للمصلى بهما وهو طاهر بدونهما. لم أجد نفسى فى حاجة أن أتساءل عن صحة رواية الحديث أو مصداقية راويه، وجدتنى أشكر هؤلاء الفقهاء الذين ينتقون من التراث أنفعه، ويدعمونه بما عندهم من دعامات ليست أبدا جامدة ولا ضارة بحال. هل هذا كل ما هنالك يا أسامة.
د. أسامة:
مازلت على يقيني بأن رؤيتك للوجدان تستأهل الرصد وقد وصلنى منها ما يبرر ذلك خلال إشرافك على رسالة دكتوراة د. مجدى عرفة (افتقده بالذات وبشدة فى حوارات اليومية)
د.يحيى:
..وأنا كذلك أفتقده، لكننى سئمت من كثرة انتظارى للأقرب فالأقرب، وهأنت ترى اليوم أن البريد قد امتلأ بالأبعد فالأبعد ، لا أحد من قصر العينى، ولا من أطباء مصر النفسيين ، حتى الآن (وقد قاربت اليومية أن تصل إلى ثلاثة أشهر) لا أحد من كل هؤلاء قال: باسم الله، أعانهم الله على وقتهم، عموما يمكنك أن تسأله أو تخبره بما تشاء، خاصة وأنه كان من أهم كتاب “الإنسان والتطور” المجلة الأم من أول عدد، وما زلت أذكر أن شيخنا نجيب محفوظ يخْتَرْ من مواضيع العدد الأول (يناير 1980) إلا على موضوع “علم النفس الإنسانى” الذى لخصه د. مجدى فى هذا العدد وإليك بريد مجدى arafamagdi@yahoo.com. إن أردت أن تدعوه بنفسك يا أسامة، قل له أنت مباشرة ما تشاء،
ولكنك لم تقل لى رأيك عن احتمال نشر كتاب الفصام هنا مسلسلا مثلا.
د. أسامة:
(أذكر بهذه المناسبة) كتابك بورتريه للمريض النفسي بما كان به من احتمال إضافة للمكتبة العربية خصوصا أن كتب الطب النفسي المتداولة شوهت أو تجاهلت عمق هذه المنطقة (عن الوجدان) كما فعلتْ بالوعى اختزالا وجهلا وتجاهلا
د. يحيى:
ياه !! ذكّرتنى يا شيخ، تصور أن هذا الكتاب عن أعراض الأمراض النفسية لم يصدر أبدا، مع أننى أعددت مسودته كاملة تقريبا فى صورة كتاب ثنائى اللغة Bi-lingual بالإنجليزية والعربية معا؟ والله لا أعرف يا أسامة هذه اليومية ستسع ماذا أم ماذا؟ دعها تتطور وحدها.
ولكن ، قل لى ما رأيك فى موضوع الموت الذى أقحم نفسه علينا فى هذه اليوميات هكذا مؤخرا بلا استئذان
د. أسامة:
أحيانا أتساءل كيف لنا أن نتحدث عما يلى الوفاة و المسمى بالموت دون أن نخبره، فنحن لم نحياه بعد !! ولم يأتنا من عايش خبرته ليحدثنا، إنما هى تصوراتنا أو آمالنا ..، أو أنها وعى يقينى يصل لدرجة الإيمان بذلك الامتداد بعد الوفاة، ولكن من أين أتانا كل هذا اليقين..؟
ولنتأمل مايقوله علام الغيوب و رسوله المحبوب
الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا
وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ..
وعى أشمل رؤية أوضح
ثم فى الانتقال الثالث:
رفع عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد
وكأن الموت درجة من درجات هيراركية الوجود الإنسانى و مسار كدحه
د. يحيى:
…. ليس عندى تعليق!! رائع تعبيرك “الموت درجة من درجات هيراركية الوجود الإنسانى ومسار كدحه”، أظن أن هذه هى المنطقة التى أشتغل فيها، أو قل هى التى وصلتنى لتطمئننى على توجه مسار كدحى. ثم اسمح لى أن أنتقل إلى آخر تعليق لك عن المخ البشرى بين التفكيك، والغسيل، وإعادة التشكيل (والإبداع)
د. أسامة:
بتأمل حركة التاريخ و دوراته فان ما نمر به الأن هو أكثر مراحل الإنسانية تدهورا، أى أعلى نقط تصاعد منحنى الظلم، وأدنى نقط نزول منحنى الانسانية، وعند هذه النقطة، عادة عبر التاريخ كانت تأتى الرسالات والنبوات الجديدة.
حاليا: العالم أصبح قرية واحدة و لم يعد هناك أنبياء فالتحدى أصبح أكبر، ولا مفر من منهج عالمى جديد أو الفناء ..
هذه اللحظة التاريخية التى لا مفر فيها من تكاتف شرفاء العالم، وتقريبا لم أكن أمزح سابقا عندما أشرت إلى سفينة نوح العصر .. ويا شرفاء العالم اتحدوا .. و لكن بقى أن نتحد على ماذا .. بدايةً على رفض ما آلت اليه البشرية وحتم التغيير و الاصلاح
د. يحيى:
“ماشى” لكن دعنا نتفق ألا نكتفى بالنوايا الحسنة، أو الوصف والشجب والتشخيص، ماذا يفيد التشخيص إن لم يلحقه علاج نابع من فائدة التشخيص والتوصيف؟
شكرا يا أسامة، وتعالى الآن نرحب بالإبنة إيمان، ونحن نعتذر لها لأننا انتقينا من فيض ما أرسلت بعض ما جادت به، وهو الأقل، لقد أرسلت تطمئننى ألا أنتظر من كل من يقرأ اليومية أن يشارك بالرأى أو التعقيب
أ. إيمان:
….. هناك من يتابع وبشغف ولكن دون المشاركه برأى معين ومتاكده أنهم كثيرون وأن هذه المقالات تؤثر فيهم إيجابا وليس سلبا، أدعو من الله ان يثبت خطاك فى الاستمرار لما هو خير. عندما أقرأ هذه اليوميات فأنا أميل للموافقه على بعضها، ورفض البعض الآخر أحيانا، ولكنى لا أستطيع تكوين رأى خاص بى فى كثير منها، يمكن هذا لأننى قليلة المعرفة ولكننى أحاول …
د. يحيى:
أشكرك يا إيمان، ولا أظن أنك قليلة المعرفة بما جاءنى بعد ذلك منك من تعقيبات ناضجة ناقدة، مثلا عن ماهية الوجود وتطوره
أ. إيمان:
لا أعتقد اننى يمكننى تسمية التعبيرات العاطفية بهذه السهولة بالرغم من أنها ليست غريبة أو جديدة وأحيانا كنت أعتقد أن اللغة أو الكلام مهما بلغ لن يعبر عن العاطفة الحقيقية، ولكن بعض الشعراء عندهم قدره فائقة على ذلك . أذكر فى قصيدة المساء للمتنبى (عندما هجرته حبيبته) يقول:
لقد ذكرتك والنهار مودع والقلب بين مهابة ورجاء.
وخواطرى تبدو تجاه نواظرى كلمى كدامية السحاب إزائى
والدمع من جفنى يسيل مشعشعا بسنا الشعاع الغارب المترائى
والشمس فى شفقٍ يسيل نضارة فوق العقيق على ذرا سوداء.
مرت خلال غمامتين تحدرا وتقطرت كالدمعة الحمراء .
فكأن أخر دمعة للكون قد مزجت باخر أدمعى لرثائى.
وكاننى آنست يومى زائلا فرأيت فى المرآة كيف مسائى.
هذا يحدث أيضا (والأولى ذكره) فى عظمة القرآن وبلاغته حتى بدون تفسير له، فمعناه يصل بقوة من خلال القراءة المتأنية فقط.
د. يحيى:
بذمتك يا إيمان هل هذا يدل على أنك قليلة المعرفة، إننى لا أحب المتنبى كثيرا، ربما كشخص، وليس كشاعر، وما زلت أحفظ كثيرا من أبيات كانت علينا فى الثقافة العامة (سنة ثانية ثانوى الآن) من ميميته التى تبدأ بـ
واحر قلباه ممن قلبه شبم ومن بجسمى وحالى عنده سقم
مالى أكتِّم حبا قد برى جسدى وتدعى حب سيف الدولة الأمم
بصراحة يا إيمان كرهت نفاقه لسيف الدولة، وحكايته مع كافور، وحتى أننى كرهت موته ولم أصدّق روايته، وبرغم دفاع أستاذى المرحوم محمود شاكر عنه، إلا أننى لم أتصالح معه أبدا، حتى ذكرت ذلك لشيخى نجيب محفوظ، وإذا به يفهمنى أننى أقيس ما أسميه نفاقه بمقياس خاطئ، لأن الشعراء أيامها كانوا يقومون بدور وزير الإعلام هذه الأيام، ثم أردف شيخى “ماذا تنتظر من وزير إعلام معاصر أن يقول فى الرئيس الذى عينه فى هذا المنصب؟”، وبرغم هذا المنطق الواقعى الجميل، لم أستطع أن أصالح المتنبى، ثم تأتين أنت الآن تصالحينى عليه من خلال كل هذه الرقة التى لم أكن أعرفها أبدا عن مثل هذا المشاعر، ولا كنت أتصور كيف يجيش وجدانه بكل هذا الحب.
ثم بالنسبة لتعليقك على الصور، ولكن دعينى اثبته أولا هكذا:
إيمان: الصور بالتوالى
الصورة 1: حزن ويأس وانكسار
الصورة 2: راحة اليأس
الصورة 3: الم شديد وندم على فشل ما أو فقدان إنسان عزيز.
د. يحيى:
أرجو أن تقرئى تعليقى على الصور فى حوارى مع د. رمضان فى أول الحوار، ذلك أنه لم يصلنى ما يكفى من ردود حتى أعقّب ، ثم دعينى أثبت تعقيبك على موضوع “السعادة”
أ. إيمان:
… أنا أيضا لا أميل لاكتشاف أو تحديد السعادة بالبحث عنها فأنا أكون سعيدة عندما أفاجأ بها، أو حتى عندما لا أنتبه إلى لحظاتها، ولماذا نبحث عنها أصلا؟ فهى لن تتشكل فى موقف أو كلمة أو أى شىء معين، هى أكبر من ذلك.
د. يحيى:
عندك حق، لكننى لا أوافقك على اعتراضك على غيظى من نفسى وأنا أنهى موضوع المخ البشرى بين التفكيك والغسيل والتشكيل
أ. إيمان:
(فعلا، لقد تعجبت) لماذا امتلآتَ غيظا. أنا عن نفسى شعرت بالأمل والتفاؤل ولكننى أعتقد أننا سنحتاج من الوقت والجهد (الذى أسأل الله أن يعيننا عليه) ما يجعلنا نستخدم مجالات المعرفة المختلفة بوعى وحذر حتى نهتدى إلى ما هو أصلح لتطور الإنسان
د.يحيى:
حين أستعمل كلمات كبيرة نابضة، مهما كنتُ أعنيها، أشعر أننى ابتعدت عن القارئ، وأننى ألوح له بما لا يليق وهو فيما هو فيه، فأحاول أن أحول دون ذلك، لكننى لا أستطيع أن أتخلى، فأثبتها، وأعتذر، هذا هو ما ملأنى غيظا. دعينى أعيد ما قلته من خلال هذا التوضيح “
إن هذا التواصل الواعد الجديد قادر على أن يعيد للشخص العادى بعض معالم فطرته التى شوهتها وتشوهها عمليات غسيل المخ الجماعى المهددة للنوع البشرى برمته ، فنستعيد بذلك :
- حلاوة المعرفة،
- وفرحة التساؤل،
- ومسئولية الحزن الموقِظْ
- ودهشة الحكمة الفطرية،
- وفخر التاريخ الحيوى،
- وتواصل البشر الحقيقى،
- وإمكانيات الشخص العادى فى المشاركة فى النقد والإبداع،
فيعود الإنسان قادرا على أن يسير أموره من حَسَنٍ إلى أحسَنْ، برغم بطء الخطى ووعورة الطريق.
(انتهت الإعادة)
بالذمة يا إيمان هل هذا يجوز/ فرحة التساؤل !!! ومسئولية الحزن اليقظ!!!!
يا شيخة نحن في ماذا أم ماذا؟ ولكن يبدو أنه وصلك أنت – وأنت فى هذه السن- ما أشعرك بالأمل والتفاؤل، هذا طيب ، ولعلمك أنا لا أستطيع أن أعيش بدون تفاؤل، على شرط أن أبدأ فورا فى محاولة الإسهام فى تحقيقه، هل تقبلين هذا الشرط؟
والآن هل تنتقلين معى إلى الإبن كريم ، بعد الاعتذار أيضا عن اختصاره هذه المرة لأن المسألة اتسعت منا
كريم محمد محسن شوقى: عن الوجدان، والحزن
المقال صعب جدا وطويل جدا ومهم جدا
أنت تقول: “إن تقديسنا لما هو علم – بالمعنى الحديث الضيق – ينبغى أن يُرَاجَعُ تماما حتى لا يصير النشاط المعرفى حكرا على فئة بذاتها، تمارس من خلاله الوصاية على وجودنا ومشاعرنا، مع عجزها عن الإحاطة بأقل القليل مما هو نحن، بسبب انغلاقها الساكن فى مصطلحات جامدة (مستورد أغلبها) بما يفصلها عن الظاهرة الأصل“.
“موضوع مراجعة تقديسنا لما هو علم بالمعني الحديث الضيق دي صعبة شوية يا دكتور يحيى لأنه ماعنديش بديل …طب من قاموا بكتابة هذا العلم اتبعوا منهجا بحثيا ونظاما معينا للوصول إلى النتائج بما يحقق مصلحتهم…أنا بقى لا أنا عندي منهج، ولا بحث، ولا نظام، ولا حتى ناس بتقرأ أدب وشعر…أراجع إيه ولا إيه و ازاى وليه….؟
د. يحيى:
بصراحة يا كريم عندك حق، وأنت لست أول من حذرنى من مثل ذلك، أنت – وهم – تتصورون أن تحفظى من استسهال الاستيراد هكذا هو تهوين لجهود هؤلاء السابقين المتقدمين عنا فعلا، مع أن هذا لم يخطر على بالى أبدا، فأنا أعرف مدى تخلفنا، وكسلنا ، وتقاعسنا، بل إننى حين أنبه إلى ضرورة عدم تبعيتنا لهم، أجد أكثر الاستجابات فى اتجاه “عليك نور، إذن نتبع أجدادنا الأولين” فأرعب، وأقول : لا يا عم رجعت فى كلامى، ومهما ذكّرت هؤلاء الذين يفهموننى خطأ، بأننى لا أعنى “هكذا وجدنا آباءنا”، وإنما أعنى أن عندنا “هنا والآن”، بما خلقنا الله ما يمكننا من إضافة، لكنهم لا يصدقوننى، ويتمادون فى تصنيفى حيث هم، سلفى ابن سلفى فماذا أفعل بالله عليك؟
أستأذنك الآن يا كريم،
ولنقتطف من رامى هذه المرة أقل القليل فالحوار طال، ولا بد أن أسلم اليومية الآن.
أ. رامى عادل: حوار الجمعة
بسم الحق العدل: مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة، ومن أصدق من الله حديثا.
عم دهب العزيز . مش عارف ابدأ من فين . ومع ذلك توكل على الحي القيوم الذي يراك حين تقوم. وربى، إيحاءاتك العظيمة المنتظمة تدفعنى نحو الصحة تدريجيا أقصد بتدفعني للكدح، ولكنها موحيه بدرجة خطيرة حتى أنني أشك في لحظات انك تكلمني شخصيا فانتفض وأفضها سيره. ومع نفاذيتها (كلماتك) أيمكن ان تفيد جدا لقياس أمور شائكه. وهذا لا يستقيم إلا للمتابع المجادل.
أنا مش عارف ليه لما بتتكلم عن استمرارك في الكتابه (أى كتابه) بتكون منكسر مكتئب. ماتغير جو أخرج البلكونه. أسرق تلت ساعه على بحر. المهم شم هوا نضيف جدِّدْ. إتمرد أيوه إتمرد. رَوْشِنْ غنِّى وأرقص واتثورج. إركب مراجيح. طرقع لبان, روح لصحابك. أقف على ناصية، أعمل منظر. سلام
د. يحيى:
أكثر الله خيرك يا رامى، أشعر بجد أنك تحبنى، ويكفى أن تقوم هذه اليومية بهذا الدور الطيب لك ولصحتك ولى، شكرا، لكننى لن أقتطف منك هذه المرة إلا هذا المقطع، ربما ثقة فى سماحك، وأرد عليه هكذا:
أولا: أنا أرفض مناداتك لى بـ”عم دهب”، صحيح أننى أحب عم دهب كشخص خفيف الظل، لكن بخله مزعج لى، ومع أن تكالبه على المال يتعرى بتحايل بطوط وأولاد أخيه البط الصغير أولا بأول، فما زال رفضى أن تسمينى باسمه شديدا, وحتى عبقرينو، قد أتعاطف معه، لكننى لا أحب أن أستعير اسمه، فإياك أن تنادينى بعم دهب ثانية. ثم يا أخى إيش عرفك أننى لا أفعل كل ما تقول؟ أنا اشتريت مركبا صغيرا للتجديف هذا الأسبوع، وليس عندى أجمل من شم الهواء سواء فى النيل أو فى البحر، ثم إنى أتروشن يا أخى بطريقتى، لكننى لا أحب طرقعة اللبان، لا مِنّى، ولا من أى أحد خصوصا إن كان يتحدث معى وهو يفعلها، ثم إنه صحيح أنا ليس لى أصحاب بالمعنى الذى تريده وأتمناه، مع أننى أزعم أن كل الناس أصحابى، وهذا زعم خائب لا ينفع. أما حكياة أقف على ناصية وأعمل منظر، فإنى أخشى أن يحسبنى أحدهم غير ما تريد، فيمد يده ويعطينى ما فيه القسمة، شكرا يا رامى، واعذرنى للاختصار هذه المرة
كما أعتذر أيضا لابن أخى محمد أحمد، مع أنه أهدأ وعنده هذه المرة بعض الجديد، برغم دورانه حول نفس البؤرة، وحول نفسه وآرائه!
ثم دعنى يا رامى أختم بالإبن د. زكى سالم الذى انتطرتُ رسالته هذه من زمان، فجاءت بكل هذا الاختصار
د. زكى سالم: أحلام فترة النقاهة
أعبر لسيادتكم عن سعادتى واهتمامى بكتابتكم الكاشفة لجوانب مهمة فى أحلام فترة النقاهة
فلكم كل الشكر والتقدير والحب
د. يحيى:
شكراً يا زكى
برجاء قراءة آخر كلمتى مع رامى.