أخبار الأدب
نشرت بتاريخ: 3 فبراير 2013
نبض الناس
جدل اللغة بين الشعر والشاعر
تبدأ حركية الشاعر نحو الشعر بتفكيك اللغة القائمة باعتبارها البنية الأساسية للوعى القائم، فتهتز وتختل وتعجز، وهذا ما يمكن أن ينطبق عليه تعبير البياتى “عبور من خلال الموت”، ولكن الكلمة تظل هى وحدة التعبير الظاهر الممكن عن كل من البنية المتفككة والمتخلـِّـقة فى آن؛ والشاعر يترجّح بوعى فائق بين هذا وذاك. للشاعر، حالة كونه شاعرا، وعى محورىّ، أعنى ذاتا ضامة تتخلق باستمرار، وفى الوقت نفسه لها استقلاليتها الجزئية التى تسمح لها بحوار جدلى مع مفرداتها فى بعض مراحل التفكك للولاف.
وهكذا يمكن أن نرى كم أن الشاعر يصبح هو كلماته التى تعتبر لبنات البنية المتخلـِّقة، فى لحظة ما، كما يمكن أن نميز بتكبير بطئ أبعاد العلاقة المتعددة الأشكال بين الشاعر وأبجديته المتجددة كما يلى:
تتخلخل البنية (اللغة) أصلا، (تلقائيا، وإيقاعيا)، وبمجرد القبول بإرادة فمسئولية الشعر: يتمادى التفكيك فى وعى فائق- مع بدايات التخليق جنبا إلى جنب.
تهتز حروف الكلمات على طرف المعنى،……تـُهملنى ،
أتضوّر جوعا، تتغافل عنـِّى،….. أتراجعْ
تنسانى ، أرنو، أترَقـَّـبْ.
لكن بمجرد تفكك البنية القائمة تتحرر الكلمة من الوصاية القديمة، وتنطلق مستقلة:
”تعملقتْ فى غابةِ الظلام والبكارةْ
وراء مرمى اليوم قبل مولد الرموزْ
تسلّلتْ بليلٍ “مشمسٍ ودافئٍ”
تجمَّعتْ، تكاثرتْ… تسحَّبتْ
[تباعدتْ أعمدةُ المعابدِ]
تآلفتْ ضفائر الظلام واللهبْ
أضاءَها -من جوفها- ظلامُها
تلفعتْ بشالـِهـَا القديمْ
فأوسَـع الفرسانُ للبـُراقْ
لم تسرِ ليلاً، لاََ، ولـمَّـا تـعْـرُج”
5/2/1983 “ضفائر الظلام واللهب”
الشاعر، بعد جولات من الصد، والمناورة، والمخاطرة، والإحباط، والتصالح، فالتوحد، فالموت، فإعادة الولادة، يتصالح مع كلماته وقد امتلك ناصية الجدل فتعود علاقته بالكلمة إلى التوازن فالتربيط الجديد، لتخليق البنية التى تعطى الطعم الجديد؛ والشكل الجديد، والإيقاع الجديد، والنبض الجديد، والصورة الجديدة.
ولم تدعْنى أختبئْ
تجمَّعتْ، تحدّتْْ، طرقتُ بابها تمنّعتْ
أغلقتُنى عنها..،استردّتْْ
وساد صمتٌ صاخبُ
-2-
عاودتُ طرقَ بابـِها،
فلاحتْ، واجهتُها،احتويتُها، احتوتْنى
دفعتُها، تـمَلّصَتْ، هربتُ، لم تدعْنى أختبئْ
تضم نفسها وتنزلقْْ، تفرّ رجلىَ اليسارْ،
من فوق سطْـحِها
أقفز فوق رأسِـهَـا ، تحْـمِلـُنـِى
أخافُ سقطةً مفاجئهْ
يُـرَفْـرفُ الهواءُ،.. نمتزجْ
تكوننى، أكـونُـها،
تنبت حولىَ الحروفُ أجنحهْ
4/6/1982″الكلمة”
القلبُ البرعمُ ينبضُ فى جوفِ الساقِ المبتورهْ
تـَتـَساقط أوراقٌٌ لم تذبلْ ، تتلألأْ
يتدفّق نهرُُ القاعِ بِـجَـوْفِ النَّـهْـر الجارىِ
نـشـِطاًً مختبئاً فَـرِحاً ، تنسابُ الأحلامْ
ورحيقُ حياةٍ مجهولهْ ، تـسـرى بالسـاق المبتورهْ
تتردد أصداء الأشْلاءِ فى جذعي الأجوفْ
-2-
تحتضن النبضةُ معناَهاََ
يستأذن لفظٌ ٌٌ: “يعلِـنُـها” ؟ تتأبّى
تهجعُ فى رحـِمِِ الفجرِ القادمْ
تتملصُ من قضبان الكلمهْ:
تتمازجُُ – فى ذرّات الكون- الذرات
لا يُفـشى أحدٌ سـرّه.
ورحيق الطمىِ، وطينُ الجسدِ وأنفاسُ الجنسِ
إيقاعُُ تلاشى الأشياءِ المغمورةِِ
ذائبةُ فى المطلق.
أتلوْلبُ فى جذلٍ صاخبْ.
1/6/1982 همسةُ فجْر