نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 25-1-2025
السنة الثامنة عشر
العدد: 6356
ثلاثية المشى على الصراط
رواية: “مدرسة العراة” [1]
الفصل السابع
عبد السميع الأشرم (1 من 2 )
-1-
سألت الممرض وأنا خارج هذه المرة: فأجابت:
= هل أحضر أيضا المرة القادمة؟”.
- مثلما قال الدكتور.
= لم يقل شيئا.
- تحضر حتى يقول.
= فى نفس الميعاد؟
- فى نفس الميعاد.
= حاضر،
ما دخل “اضطراب أمعائى” بما يجرى هنا وما يقال؟، لولا أن الطبيب الباطنى هو الذى نصحنى بالحضور لانصرفت من أول مرة، هذه زحمة ألفاظ، وفرقعات مشاعر، وتمثيل، وأنا فيها مثل الأطرش فى الزفة، لا يصل إلىّ إلا هرجلة متداخلة، أنتظر أن يأتى علىّ الدور، وهو لا يأتى ابدا، أحضر باستمرار، وفى نفس الميعاد حسب التعليمات.
العمر يتسرب من بين يدى وأنا أريد أن أكمل نصف دينى وأتزوج، أمعائى تثور علىّ أكثر كلما فكرت فى الزواج، حين عجز الأطباء الباطنيون عن مداواتها أرسلونى إلى هنا وأنا لا أعرف ماهو نصيبى من هذا الذى يجرى، ما هو ذنبى أنا فى ذلك كله، أواظب على الحضور فى انتظار تعليمات الطبيب، وفوق كل ذى علم عليم، الوحيد الذى يمكن أن أفتح له قلبى هو إبراهيم الطيب، أنا مؤمن أن لله حكمة فى كل هذا، والمؤمن مصاب، إبراهيم يذكر الإيمان فى حديثه بين الحين والحين، هو ابن حلال، أشعر أنه يعرف أكثر مما يقول.
= سمعتك مرة تقول يا إبراهيم إن الإيمان هو الحل.
- بلا شك.
= أظن أن ما يجرى هنا ليس له علاقة بالدين.
- أى دين؟
= إن الدين عند الله الاسلام، هل تشك فى هذا؟
- الاسلام هو دين الفطرة، والفطرة فى كل دين.
= ما علاقة ما يجرى هنا بالاسلام؟
- نحن نبحث هنا عن حقيقة الفطرة السليمة.
= لم ألاحظ أن أحدا يبحث عن ذلك أمامى.
- أنت لا تريد أن تلاحظ أى شئ يا عبد السميع، أنت تنتظر الوحى من الطبيب، لا من الله، ولا منك.
= أنا مؤمن، ومع ذلك فإن أمعائى تؤلمنى وتنغص على عيشتى، وتحول دون أى متعة، هى تمنعنى حتى من الزواج.
- لستَ مؤمنا كلك يا عبد السميع.
= استغفر الله، من كـَـفـَّـر مسلما فهو كافر.
- أنا لا أكفرك، ربما أكفر أمعاءك.
= لا تسخر منى، أنت تعلم ما بى، كيف تكون الأمعاء كافرة يا أخى بالله عليك؟
- إسألها.
هذه مسخرة، كيف يكون المرض كفرا؟، المرض ابتلاء، ماذا يقول هذا الإبراهيم؟، حسبته قانتا جادا فإذا به يتندر على دين الله، أستغفرك ربى وأتوب إليك، ما الذى أوقعنى هنا؟، وما الذى يمنعنى من التوقف عن المجئ مادامت أمعائى لا تتحسن، وما دام الطبيب لا يسأل فىّ؟ من أسأل؟ هل أستشير طبيبا آخر؟ أحيانا يخيل إلى أن أمعائى تتكلم بهذا الألم فإذا سكتت أحسست أن دوامة تدور فى عقلى حتى أكاد أفقد توازنى، لابد أن هناك علاقة ما بين هذا وذاك، رضيت أن أحضر رغم عدم اقتناعى الظاهرى، شئ ما يدفعنى للحضور غير أمعائى، أحس بالرغم من كل شئ أن لى دورا آخر فى هذه الحياة لا يحول بينى وبينه إلا هذا الألم المستمر، أعتقد أحيانا أن هذا الدور هو “الزواج” لأزيد من ذرية المسلمين حتى يتباهى بهم الرسول صلوات الله عليه يوم القيامة، من يضمن لى أن ينشأوا مسلمين والفساد مستشرٍ هكذا؟ لا بد أن يزول الفساد أولا، علىّ أن أساهم فى أن يزول الفساد حتى ينشأ أولادى مسلمين، كيف؟ لابد من أن يخبرنى الطبيب كيف أتخلص من هذه الآلام حتى أتفرغ لتنفيذ ما أعتقده، أمعائى تمنعنى، ليس أمامى إلا الصبر، حتى الممرض يرد على أسئلتى بنفس الطريقة.
= لم يقل لى الطبيب شيئا هذه المرة.
- سوف يقول عندما تحين الفرصة.
= نفس الميعاد؟
- نفس الميعاد.
= حاضر.
- 2 -
- حاضر حاضر؟، ما هى الحكاية يا عبد السميع، ألن تتعلم كيف تقول لا ولو مرة واحدة، أين إيمانك الذى تختبئ وراءه؟، أين أنت؟
= ماذا تريد ياإبراهيم؟
- تتحدث عن الدين ولا أرى إلا شحوبك وخوفك.
= لا أفهمك.
- أحس أنك تذل نفسك بلا مناسبة، أحس بامتهان الإنسان فيك وأنا أراك مرتعدا فى انتظار أى لفتة أو تعليق.
= أنا لست خائفا، أنا مريض والطبيب يعالجنى وأنا رهن تعليماته.
-….. نسيت نفسك يا عبد السميع بشكل بشع.
= ماذا تعنى؟
- أعنى ما قلت.
= ماذا تريد منى؟
- أكره مذلتك، كأنك تذلنى أنا أيضا، لا تذل نفسك فقط.
= مالك أنت؟ ثم بأى حق؟
- بحق حبى لك.
= هذا من فضل الله.
- أنت لا تعرف فضل الله .
= عندك يا رجل، أنا مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره، هذا الذى تسميه استسلاما هو الإيمان بالقدر.
- لم يخلقنا الله آلات خرساء، أنتَ لستَ هنا من أصله يا عبد السميع.
= لماذا أنت عنيف هكذا يا إبراهيم؟ أنا أخاف منك، أخشى اقتحامك.
- لا أستأذن الناس لأحاول معهم.
= تحاول ماذا يا رجل؟، كفـَّرت أمعائى، وتكاد تكفرنى، وتقول: تحاول، هل بيدك مفاتيح جنة خاصة؟، بأى حق يا ابراهيم؟
- بحق غيظى منك وحبى لك، أنت أعمى يا عبد السميع، أعمى؟، بل على قلوب أقفالها.
= يعجبنى فيك أنك تحفظ كلام الله وتستشهد به.
- كلام الله ليس للاستشهاد، هو فعل ماثل، أنت مسؤول عما أنت فيه.
= أنا لم أمرض بخاطرى،
- إنى أخجل من امتهانك لما كـّرمك الله به.
= لا إله إلا الله يا أخي!!.
- التوحيد الحقيقى مدخل الحرية الحقيقية،
= لا راد لقضاء الله وأنا صابر.
- رجعنا للاستسلام.
= أنت تـُيـْئـِسـُنى يا إبراهيم.
-…. وإن من الحجارة لما يشقق فيخرج منه الماء.
= من أين لك كل هذا؟
- من كتاب الله.
= كأنك تحفظه.
- لونك كالموتى يا عبد السميع
= وهل أنا مسؤول عن لونى الميّت أيضا؟
- نعم.
= دلنى على الطريق يا أخى إن كنت تعرفه بهذا الوضوح.
- لا يموت إنسان مـِثـْلك بالصدفة.
= أنا لا أفهم شيئا سوى أنى مريض.
- فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا.
= كأنى متهم بالمرض!!
- بصراحة أنا أشك أنك تقرأ القرآن مهما ردده لسانك.
= ترعبنى يا ابراهيم.
- تخشانى والله أحق أن تخشاه.
= والله العظيم أنا غير فاهم،
- إن شا الله ما فهمت.
-3-
لو أن أى واحد آخر منهم قال لى ما قاله إبراهيم لرفضته واحتقرته وتركته، إبراهيم كاد ينزع جذورى دون هوادة أو تردد، من أين له بهذا اليقين وهذه القوة؟، ثم ما معنى هذه اللغة المحيرة التى يستعملها؟، يرجع بى إلى أيام زمان ويسألنى متى… خفت حتى مت؟، من ذا يستطيع أن يتحمل ما تحملته من خوف وحيرة وألم ووحدة؟، تدعونى يا إبراهيم أن أوقظ إحساسى من جديد؟، قيام القيامة أهون من هذا، لو علمت ما كان ما عملت فىّ ما عملت، أنت تتكلم فى خلو بلادك، مـَنْ عـَلـَى البر شاطر، هل تعرف معنى إحساس شاب طفل وحيد ضائع ضائع ضائع؟، يرفض كل المسلمات ويرفض كل التقليد ويرفض التهريج ويرفض العبث ويرفض الرفض، تريدنى أن أوقظ إحساسى لأرجع إلى هذا العهد القاسى الظالم الساحق، إحساسى الآن مستقر آمـِنٌ، تسألنى عن الخوف الذى أماتنى وكأنك تعرفه، لو كنتَ تعرفه لـَما سألتنى، خوف كصيب من السماء يا إبراهيم، ما دمت تتكلم بالكتاب والحكمة، فيه ظلمات ورعد وبرق، لـَّما أظلم على لم أقم من كبوتى، وضعت رأسى تحت جناحى مثل مالك الحزين حتى لا أرى شيئا ونسيت كل ما كان، أخشى أن أخرج رأسى وأنت وغيرك تتربصون بى كالثعالب، لا، لن أرى ولن أفهم إلا ما أرى وأفهم، هذا آمـَنٌ.
منذ صدْر الشباب لم أسمع صوتى الداخلى هذا أبدا، ما الذى أيقظه هكذا؟، أنت يا إبراهيم أم أمعائى؟، بداخلى شئ كان يحاورك يا إبراهيم من ورائى، أهذا هو نهاية المطاف؟، سوف أشنق بحبل من أمعائى على منصة الضلال الذى تعيشون فيه جميعا، جئت أشكو من أمعائى فإذا بى وسط جماعة من المنحلين الكفرة، صبرت على مسخرتهم على أمل أن أجد علاجى، والتمست لهم الأعذار، ليس على المريض حرج، ولمَّا أنست فى إبراهيم خيرا قـَلـَبـَها على رأسى وأيقظ هواجسى، لماذا الحيرة وكل شئ وارد فى كتاب الله، يحدثنى داخلى:
- ولكنه يعرف كتاب االله ويتكلم به أكثر منك.
– يتكلم به فى غير مواضعه.
- وهل أنت وصى على مواضعه.
رجعت إلىّ هواجس المراهقة دون إنذار، كنت قد استرحت بعد تلك الخبرة التى أجابتنى عن كل الأسئلة، هذا هو إبراهيم، الله يجازيه، يقلبها على رأسى فيثور فكرى وكأنى لم أحل شيئا ولم أر شيئا ولم أسمع شيئا، مصيبة وحلت بى، ولا أدرى السبيل إلى التخلص منها، هل أكف عن الذهاب حتى لو احتفظت بفضلات أمعائى حتى الموت؟، هل أراجع طبيبا باطنيا آخر لعلى أجد دواء حديثا غير ما تناولته قبل ذلك؟
المشكلة لم تعد مشكلة بطنى وأمعائى، هذا الوسواس الخناس حل محلها، من الذى أرجعه بعد أن أتانى اليقين لحما ودما؟، سوف أذهب لأزداد إيمانا حين أواجههم واحدا واحدا بكل أسلحة الدين والحرام والحلال، لن تذلنى أمعائى هذه، ولسوف ترى يا إبراهيم أى مصيبة ستلحق بك إذا تعرَّضت لى مرة أخرى، إذا ما حاولت أن تجعلنى “أفكر” ثانية، لولا أن أَمـَرنـَاَ الله بالأخذ فى الأسباب لذهبت إلى غير رجعة.
-4-
فـُتحت علىّ أبواب الماضى، دخلت الذكريات تصفعنى بلا رحمة، أعيش مشاعر المراهقة بلا استئذان وأريد أن أنتقم من إبراهيم، كلما اقترب منى تحرك فىّ غول الانتقام وأنا لا أستطيع أن أستغنى عنه، الأدهى والأمرّ أن خلايا جسدى قد استيقظت مع عودة أفكارى القديمة وتساؤلاتى الحيرى، عدت أتأمل النساء فى الشوارع وأحس بطراوة أجسادهن فى الأتوبيسات فلا أتشنج، هل هذا هو الإحساس الموصل للإيمان الذى تتحدث عنه يا إبراهيم؟، الله يخيبك، هذا وحده دليل على أن ما تقوله، وما نحن فيه، إنما يوقظ الشيطان فىّ يا أخى، أنظـُر إلى بطاقتى الشخصية ولا أصدق أن هذا تاريخ ميلادى، كأنى توقفت عند سن السابعة عشر فى إجازة طويلة، أمانى الوحيد كان فى ثقتى بحواسى الخمس، كانت عندى الشجاعة أن أظل واضحا عنيدا لا أتصرف إلا بما أعتقد، ولا أرضخ إلا لمنطقى الخاص، لا يمكن أن تتصور يا إبراهيم معنى أن تجعل العقل سيدك وهاديك الأوحد فى هذه السن المبكرة فى بلد ريفى وسط عائلة تقرر أعظم قراراتها حسب نصيحة سيدّنا أو عرّافة أو بمحض الصدفة، مع ذلك ظللت أقول..”لا” بكل مسئوليتها وعنفها، وحدة قاسية وخطيرة لا يحتملها إنسان “يحس” كما تقولون، احتملتها سنوات وحدى، سنوات طويلة طويلة طويلة، اكتشفت عجز الحواس بالمصادفة وأنا أنظر فى الميكرسكوب فى حصة الأحياء، ماذا لو كانت حقيقة الوجود تحتاج إلى ميكروسكوب أدق من هذا الميكروسكوب ولكنه لم يـُـخترع بعد؟ أخذت أراجع علاقتى بالكون – وأحمد الله أن الطب النفسى ساعتها لم يكن قد انتشر بهذا الشكل وإلا لحكموا علىّ بالجنون دون استئناف، تريد أن تعيدنى إلى الجنون يا إبراهيم؟، أنت لا تعرف ما كان، أحسست أيامها بقدرة حواسى أن تـُـخـَـلـِّـقَ حواسا جديدة لها قدرة الميكروسكوب على رؤية ما لا يرى بالحواس القديمة العاجزة، مضيت وحدى أطرق أبواب الوجود أبحث عن اليقين بهذه الحواس الجديدة الغامضة دون أن أهرب إلى الحل الأسهل أو أرضى بالإيمان بشئ جاهز، ضيعتُ سن البهجة والمغامرة فى سعى جاد وحيد، هل تريد منى يا إبراهيم أن أرجع إلى هذا الألم وتلك الحيرة، سرت عاريا حافيا ضائعا تغوص قدماى فى أرض رخوة بلا قاع، كنت أغوص فى رخاوتها واختلاط معالمها ولكنى لا أشك فى بوصلة توجهى، سنوات طوال يا إبراهيم عشت فيها حياتين إحداهما سرية وليست مظلمة كما تتصور، ليس كل ما فى السر هو مظلم، أنت وأمثالك لا تعرف ثمن رفض المسلمات فى هذه السن، الوحيدة التى كانت تشاركنى الحيرة وتقبلنى دون شروط كانت هنية: خادمة سمراء ذات شعر أجعد، كانت تعانى من نوبات يقولون عنها لمسة أرضية، أحبـتنى وسمحت لى أن أفرغ حيرتى بين ذراعيها، أن أضع رأسى على صدرها دون صفقات مذلة، أن أتعرف على جسدى فى حضنها.
تفتح على يا إبراهيم بابا صفقته ورائى حتى صار جزءا من حوائطي، قل لى بربك مـَـنْ على الأرض كان يستطيع أن يتحمل كل ذلك وحده دون أن يجن؟ أنقذنى حضن هنية من الجنون صغيرا، والحمد لله لم ألحق بها أى أدنى، فأين الحضن الذى يحتوينى الآن إذا أنا سمعت كلامك؟، لابد أنك تعرف كم هو ساحق ألم الوحدة .
ذهب كل شئ فجأة ، وذهبت هنية أيضا إلى سيد آخر يدفع ربع جنيه أكثر مما يدفع أبى، مع أنها كانت الوحيدة التى لم تقبل مقابلا لما أعطتنى، أعطتنى نفسى وأنا فى حضنها، أجـَّـلت ضياعى واستسلامى معا، كانت أثناء نوباتها تتكلم عن رفيق لها تحت الأرض، نصرانى الديانة، كنت أصدقها وأشعر أن داخلها قد تصالحت فيه الأديان مع بعضها البعض أصدق وأعمق، كانت هنية تسمع لى وتفهمنى وتسمح لى بجسدها الظاهرىّ بين الحين والحين دون هواجس الذنب أو وعيد الجحيم، ثم ذهبتْ لسيد آخر رغم أننى كنت أحتاجها أكثر منه، سيد كل ميزته أنه يدفع ربع جنيه أكثر، تركتنى وحيدا أبحث عنى من جديد، سنين طويلة وأنا أتقلب بين الكتب والوحدة والمساجد والكنائس والضياع، سنين طويلة أطرق كل باب يا إبراهيم بكل أحاسيس اليقظة الجياشة وليس لى من خبرة صادقة مع مخلوق إلا مع هنية، لا أبى ولا أمى ولا أصدقاء فى سنى، ولا أحد، أذهب إلى المقابر وأنام تحت شجرة التوتة وأركب النورج وأجنى القطن، رغم كل ذلك لم أكن مثل العيال ولا مثل الشباب، يحسبوننى معهم وأنا لست معهم، دائم البحث والصبر واليقظة، ظللت أحافظ على أحاسيسى لى خشية أن يحبسوها فى صندوق مغلق ليس له مفتاح، سنين طويلة طويلة كأنى أعيش الدهر أعيشه عدة مرات، كيف تريدنى أن أعود اليها ثانية بعد أن وجدت إجابتى - فجأة - على كل الأسئلة؟، سكنت كل هواجسى على أرض ملساء صلبة بلا معالم، سلـَّـمت الدهشة والتفكير والحيرة والرغبة إلى صاحب مجهول، وجدت الإجابات الواضحة الجاهزة على كل الأسئلة دون استثناء.
- كل الأسئلة؟ يا بعد السميع.
= كل الأسئلة. يا إبراهيم
- كل الإجابات؟
= كل الإجابات.
- فما الذى أتى بك إلى سوق الأسئلة هذا من جديد؟
- أمعائى.
خذ من القرآن ما شئت لما شئت، كل الأسئلة يا ابراهيم يمكن أن تجد لها جوابا فى هذا الكتاب، فلماذا الحيرة؟، ولماذا البحث؟، ولماذا الجرى والضياع؟ ولماذا أنا هنا؟ ما الداعى لأن تتحدانى وتحاول إرجاعى إلى غرور الشباب لمجرد أن أمعائى تؤلمنى ولا أستطيع تنظيم عملها، لو أنك مررت بما مررت به يا إبراهيم ورأيتهم حقيقة واضحة تـُـمـْـسـَـك باليد وتـُـسـْـمع بالأذن وتـُـرَى بالعين لعرفت مصدر اليقين الذى أنا فيه، ولكففت عن ضربى بسياط سخريتك التى تغلف بها نصيحتك وتقلب بها وجدانى.
****
ونواصل الأسبوع القادم فى استكمال الفصل السابع “عبد السميع الأشرم”
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – يحيى الرخاوى: رواية “مدرسة العراة” الجزء الثانى من “ثلاثية المشى على الصراط” الرواية الحائزة على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1980 (الطبعة الأولى 1977، الطبعة الثانية 2005، الطبعة الثالثة 2019) والرواية متاحة فى مكتبة الأنجلو المصرية بالقاهرة وفى منفذ مستشفى د. الرخاوى للصحة النفسية وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث العلمية – المقطم – القاهرة.