“يوميا” الإنسان والتطور
24-12-2007
تهميش “الجسد” على الناحيتين
…. فكيف نتصالح مع أجسادنا (مفتاح 15)؟
فى يومية أمس، ومن بين الأربعين مفتاحا التى قدمتهم لفتح الأبواب إلى السر الآخر تصورت أن أحد من انبهر ببدعة السر الأول (بتاع المليون دولار) وقانون الجذب، سوف ينتظر منى أن أقدم تعريفا لكل مفتاح على الأقل، ومعه دليل الاستعمال، طبعا لن أفعل، ولا أنا أستطيع، ولا أنتم ترضون، إن كل ما يمكن تقديمه، ما دام السر الخاص بنا هو أن نعرف كيف “نعيش بشرا”، هو محاولة أن نحسن التعرف على ماهية البشر، وكيف ننمى ما هو “بشر فينا” كما خلقنا الله.
ومن هنا يلزم توضيح ماهية هذا السر الآخر ونحن نعد من يحسن استعمال المفاتيح إليه أنه سيجد به ضالته.
المفروض أن هذه المفاتيح تفتح الأبواب إلى حقيقة إمكانية أى إنسان أن يكون كذلك (إنسانا كما خلقه الله)
يعنى ماذا؟
يعنى:
“أنت تستطيع أن تعيش بشرا،
أن تقرر أن تحيا إنسانا بعمق هذه اللحظة المتكررة
(هنا والآن– لا يوجد غيرها).
بشرا جميلا رائعا كما خلقك الله.
برغم كل ما يجرى فيك وحولك،
وبرغم كل ما تتصوره عنك وعنهم،
دون أن تتخلى عن مسئوليتك، أو تنسى الناس، أو مصيبتك،
ودون أن تلغى ألمك
أو تتنـكر لفرحتك
هيا الآن”
لكن لا يتوقع أحد- مثلما يجرى فى ما يسمى التنمية البشرية، أو مثل تعليمات قانون الجذب فى بدعة السر الأول- لا يتوقع أحد أننا سوف نقدم تعليمات محددة تجعلك تمتلك هذا الكنز الثمين بمجرد أن تؤديها
كل ما أستطيع أن أقدمه شخصيا هو أن أجمع من أوراقى وخبرتى ما أنار لى طريقى حتى عثرت على بعض هذه المفاتيح، حتى دون أن أبحث عنها بقصد مسبق.
إذا كنت لن أقدم تعليمات، فماذا سوف أقدم؟
سوف أحاول أن أشير إلى ما أتصور أنه ينقصنا معرفته عن طبيعتنا البشرية بالنسبة لك، مجرد إشارة إلى أى مفتاح ما أمكن ذلك، حتى يجد كل واحد الطريق إلى مفتاحه الخاص فى هذه المسألة أو تلك، لا أكثر ولا أقل.
وهنا يجدر بى أن أشير إلى آخر الفقرة التى قدمت بها يومية أمس، وهى كيف أنى اكتشفت أن بعض هذه المفاتيح قد تعمل تلقائيا بنداءات التحكم عن بعد، حتى من داخلنا.
حديثنا اليوم عن المفتاح رقم 15 الذى يقول:
“أن تصالح جسدك (تتعرف عليه بالحركة، و بالرقص، و بالعبادة، و بالجنس)
فما هو السبيل أن يتصالح الواحد منا على جسده؟
ولكن هل نحن نعيش فى مجتمع يعترف بما هو “جسد” أصلا بالطول أو بالعرض، فى التربية أو فى البحث العلمى أو فى ممارسة الدين أو فى الإبداع؟
ابتداء ننصح بالرجوع إلى اليومية بتاريخ ” 6-11-2007 عن الفطرة والجسد ”
المعرفة والجسد
ومن أوائل ما يمكن أن نتعرف به على أجسادنا هو أن نتعرف على دوره فى كل من حركية المعرفة، والحوار فى الجنس
فى المعرفة علينا أن نتذكر أن الجسد ليس قفازا يلبسه العقل
كما أنه بالنسبة للجنس فإن الجسد ليس أداة لخفض التوتر أو توفير اللذة
وسوف نقصر حديثنا على النقطة الأولى فى هذه اليومية. (ويمكن الاطلاع على النقطة الثانية من حيث المبدأ فى الموقع “الوظيفة الجنسية من التكاثر إلى التواصل”
تهميش الجسد من الفريقين على طرفى النزاع
إن نظرة متأنية لمنهج وأدوات التفكير عند كل من الذهنيين (يسمون أحيانا المثقفون أو العلميون المؤسسون أو العلماء) والإسلاميين التقليديين (أو السلفيين الرسميين أو غير الرسميين من المتدينين عامة) قد يكتشف وجه الشبه أكثر من أوجه الاختلاف
كلا الفريقين أعطى الفكر والتفكير الذهنى أولوية مطلقة، وكلاهما أهمل أدوات التفكير الأخرى إهمالا بالغا، وبالذات أهمل الجسد باعتبارة أداة معرفية بالغة الأهمية، وأيضا أداة كشف وإبداع.
أنا أعترف باحتمال وقع المفاجأة عند الجميع بعد أن غُيِّبَ الجسد واستبعد عند أغلب ناسنا، وليس فقط عند هذين الفريقين، بل إنه يخيل إلى أحيانا أن حضور الجسد فى مجال المعرفة -مثلما هو فى سائر مجالات الحياة- أصبح من المحظورات عند أغلبنا.
أكاد أرصد أن الخلاف بين الفريقين ليس:
- فى النظر إلى نوعية الوجود الإنسانى ولا فى طبيعة الانتماء للحياة،
- ولا هو فى فرص إطلاق قدرات الإبداع المحدودة والمختنقة عندنا جميعا
- كما أنه ليس فى فرص تحريك مسار التطور أو فتح باب الاجتهاد،
ذلك أن الفريق الأول سرعان ما يجد نفسه حبيس إحدى المنظومات الأيديولوجية المحكمة (وأشهرها ‘أيديولوجية’ ما يسمى العلم)
أما الفريق الثانى فهو قابع فى هناء فوقى داخل نصوص تـفسرها نصوص من داخل النصوص دون حركية الزمن ولا مواكبة الوعى، وهو يعتمد فى تفسيره على ترجمة معجمية للألفاظ التى ترده، ناسيا أن المعاجم ليست إلا تسجيل مرحلة تاريخية لتطور لغة ما، فى حين أن الدين والإيمان هو كيان متجدد يتطور بتطورالإنسان فى علاقته مع الكون إلى ربه.
يترتب على هذا وذاك أن كليهما يضطر أن يحكم على من يخالف منهجه بالنفى والشجب الذهني، حتى لو تشابها فى الطريقة والنتيجة:
الإسلامى يقول عن خصمه: علمانى = مرتد،
والذهنى العلمى يقول عن خصمه ‘لا علمى = جاهل
ومع تشابه الموقف الأساسى للإثنين، وهو أنه موقف ذهنى اختزالى على حساب كلية الوجود وشمول الوعى، نكتشف أنهما بالرغم من اختلافهما الظاهرى يصلان إلى نفس الغاية، وهى الاكتفاء بقشرة الوعى دون سائر الوجود
واحد تحت لافتة التمسك بمنهج (علمى) بذاته
والآخر تحت لافتة التمسك بتفسير (لفظى) بذاته.
واحد يرفع راية يسميها العلم المحكَم المنضبط (دون الوعى الكلى والمعرفة الشاملة)
والآخر يرفع راية ألفاظ الدين يسميها التفسير وأحيانا الفقه (دون إيمان بإطلاق الفطرة وتجديد الإلهام)
واحد يكتفى بعضلة عقله وقد دربها بأبجدية الميكنة والتقنية والاستهلاك والرفاهية وديكورات الحياة الذهنية والنفسية (دون الجسدية) وهو يكتفى بذلك عن بقية وجوده، وبالذات عن جسده وشامل وعيه وفطرته
والآخر يكتفى بعضلة عقله وقد دربها بأبجدية التفسير والتحديد والتقييد والمنع والقمع والحكم الفوقى، دربها (عضلة عقله) حتى ألغى بها- أيضا- سائر وجوده (بما يشمل جسده وشامل وعيه وفطرته)
فأين يقع الجسد من كل هذا؟
وكيف ننصح الشخص العادى أن يستعمل المفتاح 15 والامر كذلك؟
أظن أن الوقت قد حان أكثر من أى زمن مضى أن ننظر فى سائر وجودنا، وأن نستعمل كلية فطرتنا وألا نفرح -على الجانبين- بنمو عضلة العقل الظاهر على حساب كلية الوجود وحقيقة الإيمان
نحن الآن -على مستوى العالم أجمع- نتحول،
وهذا التحول ليس اختيارا:
الأدوات جاهزة، واللغة متحفزة، والمعلومات وافرة ومتدفقة، رغم أن أغلب الناس مازالوا بعيدين عن أغلب هذا، ناسين:
- أن المنهج يتغير (منهج العلم سعيا إلى المعرفة الأعمق ومنهج التدين تعميقا للإيمان الأصدق)
- وأن القيم تتغير أيضا: القيم المثالية والقيم الدينية والقيم التى تسمى الواقعية
- وأن الواقع أيضا وأساسا كيان يتغير (لم يعد الواقع خارجنا فقط، نحن جزء منه)
- وأن الحياة تتحرك.
إذا كان لنا أن نواكب المستقبل القادم فلا ينبغى أن نصر على معرفة مسبقة وتفصيلة أننا “إلى أين؟
الإلزم أن نعرف آليات التغيير (كيف نتغير)
سوف نجد أنفسنا فى الأحسن إذا كان منهجنا أحسن (وليس بالضرورة الأحسن على الإطلاق)
القيم الجديدة والمناهج الجديدة لكى تكون جديدة، فهى مجهولة الآن، على الأقل من حيث التفاصيل.
لا مفر من المغامرة، ثم انتظار النتائج، مع الحرص المناسب.
فما هى آليات هذا التغيير الحتمى التى تغيب عنا، وفى نفس الوقت يبدو أنها تهددنا ؟
الفطرة واستلام تاريخنا الحيوى
لا مفر من أن نحسن استلام عهدة تاريخنا الحيوى من حيث
- أن بدايتنا الحيوية هى جسدية بالضرورة، ونحن – الأحياء- كنا “نعرف” المحيط حولنا، ونواصل مسيرة بقائنا، فتطورنا، بأجسادنا قبل أن تكون لنا عقول أصلا (بالمعنى الأحدث)
- أننا مازلنا نحوى هذه البدايات وما تلاها فى تركيبنا البشرى الحالى (هنا والآن)
- أن الفطرة كما أوضحناها سابقا هى مرتبطة بكل استعدادتنا الطبيعية الحاضرة فينا حتى الآن مستوعبة التاريخ الطولى جميعه، وأنها ليست قاصرة على مراحلنا الأولية، حتى أننى كدت أرفض تصنيفها كيانا، مفضلا استيعابها حركية حيث قلت باللفظ الواحد، “انظر 6-11-2007 عن الفطرة والجسد“
“الفطرة ليست شيئاً محدد أو مفهوما ساكناً” ثم قلت فى محكات التحديد “الفطرة هى حركة فى اتجاهها!”
فما علاقة الفطرة بالجسد
فى البدء كان الجسد، الفطرة هى جسد من جسد، هى جسد ولد من جسد، يولد الإنسان على الفطرة، فالوجود البشرى يبدأ وهو يتمحور حول جسد باعتباره الوعى الأساسى الذى يفرز على قمته وعى أحدث يسمى العقل، لكن هذا الأخير لا يكون بكامل كفاءته إلا وهو متصل باصله متمحور حوله.
الحاجة إلى منهج جديد
إذا كنا نتكلم عن إضافة يمكن أن نضيفها إلى المسيرة البشرية، لنتحقق بشرا (المفتاح رقم 15) فيجدر بنا أن نبدأ من أساسيات يحتاجها الإنسان المعاصر، لا أن نستدرج إلى نفس طريقة التفكير بعضلة العقل المنفصلة عن الجسد وعن الوعى وعن الوجود الكلى
إذا أردنا أن يحتل الجسد موقعه فى مركز الفطرة فلا بد لنا من أن ندرك أن علينا أن ننشئ منهجا تربويا جديدا، ننشئه إنشاء نستطيع من خلاله أن نرسى للجسد دورا محوريا فى التعبير والحوار والمعرفة والعلاقة بالآخر والتوجه إلى الله، وبهذا المنهج ومن خلاله يصبح الجسد حقلا معرفيا قادرا على إحياء الفطرة والإضافة إلى الوجود، ناهيك عن دور الجسد فى المشاركة الدورية الإيقاعية الحيوية فى منظومة الحياة الكونية،
وإنى لآمل أن نهتدى كيف نجعل هذه الممارسة التربوية العملية قادرة على أن تعبر الفجوة بين الروح فالجسد، إذ تتجاوز هذه الثنائية الحادة، بينهما.
أمثلة محددة
الآن جاء وقت تقديم أمثلة محددة فى اتجاه ما أردت إيضاحه:
أعترف بداية أنه لا يخفى علىّ ما أنا بصدده وأنا أخاطب بلغة العقل التى أحاول أن أحجمها فى حجمها المحدود، أخاطب بها عقولا تبرمجت على ما هو ليس فطرة بحال، لأحاول أن أصل إلى لغة أخرى بمنهج آخر، نعم، صعب أن أقدم هذا المفهوم لقارئ يعيش فى مجتمع لم يعد يستعمل جسده إلا للغذاء والإخراج والتناسل واللذة المغتربة، وأحيانا للعرض والزينة وقتل الآخرين على حلبات الملاكمة أو فى حوار سياسى بين مسدسات السلطة وعربات الإرهاب المفخخة
ولكن لا مفر من المحاولة .
لتكن البداية بعرض ثلاثة أمثلة تحدد موقع الجسد من المعرفة والمنظومات الفكرية وحركة النمو والتناغم الكلي:
المثال الأول من الحصيلة العلمية المتاحة،
والثانى من الممارسة العملية الجارية،
والثالث استلهاما، وليس تفسيرا، من التراث
أولا: من منظور علمى
منذ لامارك والفكر التطورى يتأرجح بين إقرار وراثة بعض العادات المكتسبة واستحالة ذلك إلا من خلال طفرات تكاد تكون عشوائية يحكم استمرارها قوانين لاحقة، ودون الدخول فى تفاصيل فقد ظلت المشكلة فى تفسير كيف يمكن للعادات المكتسبة التى قد تغير التركيب النيورونى فى الدماغ (أساسا من خلال المطاوعة النيرونية Neural Plasticity (التى تعنى إحداث تغير دائم فى تركيب الخلايا العصبية الدماغية نتيجة لمؤثرات بيئية (وظاهرة البصم Imprinting (التى تحدد كيف أن سلوك النوع يظهر دون تعلم، مما يستتبع أنه انتقل بالوراثة بعد أن اكتُسب للبقاء).. كيف يمكن لهذا التغيير فى خلايا المخ أن ينتقل إلى الخلية التناسلية المسئولة عن الانتقال إلى الأجيال التالية؟
هنا لابد من الإعتراف بأن البرمجة التى تمت بطبع السلوك بيولوجيا على خلايا المخ أساسا: هى قادرة على الانتقال من خلايا المخ إلى الخلايا التناسلية، أو هى قد طبعت فى نفس الوقت على سائر الخلايا، إذ ما الذى يمنع أن يكون ‘الطبع’ قد تم فى كل خلايا الجسد عامة؟ بما فيها الخلايا التناسلية؟ وقد عاد التقدم فى علوم الوراثة والهندسة الوراثية يسمح بقبول هذا المنظور الذى لم أشك فى صحته يوما من واقع الممارسة.
فالجسد – إذن- هو تركيب يمثل ويتمثل المعنى مثل الدماغ بشكل أو بآخر، وبقدر ما يتغير الترتيب النووى للجسد تأثرا بالتغير الذى حدث فى خلايا المخ، يمكن أن يتغير التركيب الخلوى الدماغى نتيجة لتغيرات جذرية دالة فى خلايا الجسد، وهذا ما لاحظناه فى المثال العملى التالى.
ثانيا: من مدخل عملى إكلينيكى
عندنا – نحن الأطباء النفسيين- مرض وأمراض يكون فيها الفكر متصلبا تصلبا يجمد معه الوجود كله وذلك فى شكل ما يسمى الضلال الثابت أو الوسواس القهرى، وهذا بعض التصلب المرضي.
ولا يمكن تغيير مثل هذه المنظومات الفكرية الثابتة عند المريض بالإقناع، ولا بالمهدئات العظيمة التى لا تفعل إلا أن تخفيها تحت قشرة من الهمود الساكن.
وفى محاولة علاج تنشيطى فى مستشفى للمجتمع العلاجى لاحظنا أنه بتحريك الجسد – بالعدو، والذكر الإيقاعى أثناء العدو، والهرولة، والاقتحام الصدْمى، والعرق، ورفض الرتابة، والبلبطة فى البحر (وليس العوم التنافسى) – لا حظنا أنه بتحريك الجسد بكل هذه الوسائل، نستطيع أن نتعتع المنظومة الفكرية الضلالية، فتكون أسهل فى التناول والتمثل فى كلية الوجود المتناغمة إذ تذوب فى حركة بسط جديدة، فرجحنا أن ما فشلنا فيه من خلال الحوار الفكرى قد نجحنا فيه من خلال التحريك والقلقلة الجسدية،
وثمة مدخل آخر إلى تحريك وخلخلة الفكر المتجمد من خلال تحريك الوعى وذلك باستعمال علاج يسمى علاج الحرمان من النوم، حيث يعمل الحرمان من النوم من خلال تعتعة نمطية الإيقاع الحيوى المغلق الدوائر، فإذا بالجسد يستجيب بدرجة كافية تسمح له باستعادة فاعلية الإيقاع الحيوى الليلنهارى circadian rhythm بحركيته المفتوحة، ومن خلال هذه التعتعة الجسدية الدماغية معا، تنفك المنظومة الفكرية الثابتة[1].
وقد أتاحت لنا هذه التجربة العملية أن نشاهد الجسد وهو يشارك فى احتواء تصلب الفكر، ثم وهو يـقلـقـل فيتعتــع الفكر، ثم وهو يعاد تنظيمه بطريقة أكثر مرونة (أقل تصلبا) فى كل من الجسد وخلايا الدماغ على حد سواء
ثالثا: من قراءة فى التراث
أنظر يومية 16 نوفمبر 2007، والحديث النبوى الشريف عن صهيب الذى نسى مع أنه خلط الإيمان بلحمه ودمه
الخلاصة
خلاصة القول:
(1) إن ثم تشابها شديدا بين المعتقدين الدينيين وبين المنهجيين المعقلنين فى علاقتهم بالجسد وإصرارهم على تهميشه (حتى دون قصد)
(2) إن كلا الفريقين قد أهمل كثيرا من الوسائل المعرفية الشاملة لحساب تقوية قشرة (عضلة) العقل المسجونة فى المنهج الكمى المغترب. وهو ما يعيق ويهدد تكامل الإنسان هذه الأيام خاصة
(3) إن إعادة توظيف الجسد كوسيلة معرفية بادئ ذى بدء، وكذلك إعادة النظر للوعى من خلال الجسد وليس من خلال قشرة العقل سوف يدفعنا للبحث عن تربية أكثر توافقا مع الفطرة النقية، كما قد يفتح لنا أفاقا فى مناهج البحث و المعرفة لا يمكن تصور حدودها حالا.
(5) إن ما يمكن أن أسميه “إحياء الجسد” يمكن أن يحرك مسيرة الإبداع فى اتجاهات قادرة على استيعاب أدوات المعرفة الجديدة .
(6) إن كل المعلومات الوافرة والمتزايدة والمرتبطة بما يسمى الثورة المعلوماتية- إذا لم تتمحور حول الوجود الكلى الفطرى للإنسان حيث يحتل الجسد مركزه- سوف تصبح تهديدا للوجود البشرى بالإنقراض، وليست إضافة له للتقدم.
وبعد
هل يمكن أن نعطى أحدا المفتاح 15 الذى يقول
مفتاح : (15) “أن تصالح جسدك (تتعرف عليه بالحركة، و بالرقص، و بالعبادة، و بالجنس)
كيف بالله علينا يصالح هذا المتلقى الذى قد يصدقنا جسده وقد لحق بأجسادنا كل هذا التهميش من الذين يربوننا، ويوجهوننا، ويعلموننا كلا من ديننا، وعلومنا؟
أليس هذا بمثابة كتابة وصفة دواء باللغة الصينية لمن تربى فى كولومبيا ليصرفها من بنجلاديش؟
اليس الأسهل أن نتبع قانون الجذب ونركز ولو على عشرين ألف جنيه عالبركة؟
[1] – يحتاج الأمر إلى إيضاح أكثر، لكن المساحة والغرض المحدود لا يسمحان، فنكتفى بإضافة تذكرة أن الوعى هو حالة بيولوجية معرفية معا، وهو إحاطة بالجسد والعقل فى احتواء واحد، وأن تجمد الفكر أو تجمد الجسد أو كليهما يقابلهما انغلاق دورات (لليلينهارية- النوم يقظية – الحلم نومية) إلخ وحين تصبح دورات معلقة أولها فى آخرها تماما تتجمد الحركة رغم ظاهر الدوران، فى حين أنه فى الحالات العادية (وأكثرها كثيراً فى الحالة المرنة والمبدعة) تقوم هذه الدورات الحيوية بدفع النمو والإبداع، والمراد هنا التركيز على أن جمود الجسد يقابل جمود الفكر يقابل انغلاق دورات الوعى.