نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 25-5-2017
السنة العاشرة
العدد: 3554
فى رحاب نجيب محفوظ
قراءة أخرى للأحلام الأولى (20- 52)
تقاسيم على اللحن الأساسى
نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى“
نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)
الحلم (20)
خرجنا باحثين عن مكان طيب نمضى فيه بعض الوقت. ونظرنا إلى الهلال ثم تبادلنا النظر. ورأيت على ضوء المصباح رجلا عملاقا لم تر العين مثله أرسل عموداً لا مثيل لطوله نحو الهلال حتى بلغ طرفه. وراح بحركة ماهرة يفرد طيات نوره حتى استوى بدراً وسمعنا أصوات تهليل فهللنا معها وقلت إنه لم يحدث مثل هذا من قبل فصدقت على قولى، وانساب النور على الكون رفعنى على سطح الماء فهتفت “ليلة قمرية” فقلت “القارب يدعونا” وركبنا ونحن فى غاية السرور، وغنى الملاح “رايداك والنبى رايداك”، واسكرنا الفرح فاقترحت أن نسبح حول القارب وخلعنا ملابسنا ووثبنا إلى الماء وسبحنا ونحن فى غاية الامتنان ولكن القمر تراجع فجأة إلى الهلال واختفى الهلال.. انزعجنا انزعاجا لم نعرف مثله من قبل، ولكننى شعرت بأنه يجب مراجعة الموقف بما يتطلبه من جدية فقلت ونحن غارقان فى الظلام “لنسبح نحو القارب” فقالت “وإذا ضللنا الطريق”؟ فقلت: “نستطيع أن نسبح حتى الشاطئ” فقالت: “سنكون عاريين على الشاطئ” فقلت: فليؤجل التفكير فى ذلك.
التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)
وظللنا نسبح ونحن لا نلتفت إلا إلى بعضنا البعض ما استطعنا لذلك سبيلا، واختفى القارب مثلما تراجع القمر/الهلال، وقالت إلى متى نؤجل التفكير فى منظرنا عند الخروج من الماء، قلت: إلى أن نصل إلى الشاطئ، أو يظهر القارب، قالت: وماذا نفعل حتى يحدث هذا أو ذاك، قلت: فهو الحب، قالت: ماذا؟: قلت: ما سمعتِ، قالت: وهل هذا وقته، قلت: بل هو عز وقته، قالت: لقد جننتَ، قلت: أنا الذى جننت أم العملاق الذى أرسل النور حتى الهلال وطواه حتى صار بدرا، ثم كان ما كان، قالت: أى عملاق وأى هلال، ماذا جَـرَى لك؟ أنا لم أشاهد ما تحكى عنه وسمعنا نفير قارب النجدة البحرية ثم وجدنا قاربهم يقترب أكثر حتى حاذانا، وسأَلـَنـَا قائد النجدة إن كنا نريد مساعدة، فقالت: طبعا، وقلت: لا شكرا، فانتشلوها وتركونى وأنا نادم على إجابتى، وفى حسرة لا مثيل لها، شاهدت الضابط فى القارب وهو يخلع سترته ويسترها بها، وغمرتنى غيرة حمراء، وحوّلت وجهتى نحو الشاطئ بعد أن اختفوا فى الظلام، وحين وصلت، وجدت رجال الأمن ينتظرونى، وقبضوا علىّ ووجهو إلى تهمة “السباحة بدون تصريح”، وحرّزوا حقيبتى التى احتفظت بها حول رقبتى على أنها ضبطية الممنوعات، وسلمت أمرى لله وأنا أتلفت باحثا عنها فى عربة الشرطة التى كانت تنتظر، ولم يمهلونى حتى أتحقق ولو من الضابط الذى انتشلها، ومضيت معهم صاغراً وقبل أن أركب عربة الشرطة الأخرى سمعت ضحكتها تجلجل مثلما اعتدتها، فنظرت في السماء وإذا بالقمر يعود باسما، فعاتبته وأغفيت.