نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 2-9-2021
السنة الخامسة عشر
العدد: 5115
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (1)
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (37)
الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت
الأصداء
37- الوحدة
لزق المنظر البشع بذاكرتها لا يتزحزح، منظر كف الضابط العمياء وهى تهوى على خد أبيها العليل، وبقدر ما كانت تحب أباها وتقدسه، بقدر ما خاصمت كل شئ، نفسها والعالم من حولها، وتتقدم بها السن وهى وحيدة ترمقها ثقوب الكون برثاء.
أصداء الأصداء
لقطة ذات عمق خاص، فقد ربطت بين السلطة الخارجية القاهرة، و تقمص البنت لأبيها المريض، وتفاعلها لما حدث برفض الحياة برمتها “إذا كان الأمر كذلك” (ما دام القهر كذلك).
تبين هذه اللقطة أنه على الرغم من كل ذلك، وبسببه، فإن الفتاة -لا الظالم- هى التى دفعت الثمن وحدة وشقاء.
أما لماذا ثقوب الكون وليست عيونه هى التى ترقبها، فأحسب أن ذلك يعلن “إعدام الموضوع” بكل احتمالاته. فحتى عيون الكون (التى تحتمل أن تشير إلى حياة ما) لم تعد عيونا، بل ثقوبا، فحين يبلغ الإحساس بالقهر هذا المدى – يلغى الآخرين تماما. سواء كانوا أخيارا أم أشرارا، قاهرين أم مقهورين، بل تلغى الحياة ذاتها لتصحبح العيون ثقوبا.
هذه الصورة هى من القسوة بحيث يصبح فى الرثاء لها شفقة أقسى أكثر إيلاما.
مرة أخرى أود أن أشير إلى احتمال قد يقفز للتحليليين النفسيين فى هذا الموقف، حين يربطون عدم زواجها – مثلا – بعلاقتها اللاشعورية – جنسيا – بأبيها المهان، ولا أجد مبررا يضطرنا إلى ذلك.
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net