نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 19-12-2024
السنة الثامنة عشر
العدد: 6319
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (209)
الفصل الرابع
حتى رأى وجهه سبحانه، وسمع برهانه
الأصداء عودة إلى النص:
209 – خفقة قلب
قال عبد ربه التائه:
ما بين كشف النقاب عن وجه العروس وإسداله على جثتها إلا لحظة مثل خفقة قلب.
أصداء الأصداء
لولا أننى كررت فرحتى بالاهتمام بما هو الأجزاء المتناهية الصغر من الزمن في كلمات نبضة، وهمسة، ولمسة، ونظرة، ولحظة، لقلت إن هذه الفقرة لم تضف جديدا إلا التذكرة بروعة إيقاع الزمن حين يتكثف، وبالموت فى انقضاضة جديدة، اختزلت العمر كله إلى هذه الخفقة.
لكن ثمة بعدا آخر حضرنى قبل أن أنتقل إلى الفقرة التالية يتساءل: ألا تكون هذه العروس هى “الحقيقة” التى لانتحمل بهر جمالها، فننفيها على الفور أو ننساها حتى يعلن موتها. (لاحظ أنه لم يقل هنا “الشيخ عبد ربه”، بل عبد ربه!!)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى د. الرخاوى للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث العلمية: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net.
ترددت كثيرا ان انعي عمي الفاضل الكريم
واتردد كثيرا اني استعمل هذا الفيسبوك في اي مسألة او مسائل شخصية مهما كانت .
ولا استطيع الا ان اقول ان امثاله– وهم اقل القليل– لا يموتون وان ماتوا .
فانا لله وانا اليه راجعون .
وسبحان من له الدوام .
عندي ان الموت هو الاصل وان الحياة احتمال يفشل فيه الكثير.
والموت كما علمنا هو انتقال الي الوعي الكوني الاكبر.
نحسبه عند الله ممن احسن عملا واضاف لنا فيضا مما افاض الله به عليه.
يرحمك ويرحمنا الله يا عمنا .
تعرفت علي عمي الاستاذ الدكتور يحيي الرخاوي عن قرب شديد من خلال ازمة حادة وانا حول ال١٧ عاما . فقد توفي زميل لي في حادث حيث سقط تحت عجلات المترو . كان هذا الزميل يجلس بجانبي علي نفس التخت في الفصل. وانا في بداية الثانوية العامة سنة ١٩٧٥. فاحضروا لي عمي كي يساعدني في هذه الازمة الحادة . فاقترب مني الي حد الاستحالة . فقد رأيته ورآني فالتقينا في افق مفتوح شديد الصدق شديد الوضوح وشديد الغموض وعميق الاغوار.
لم يفلح ان يعتبرني مريض نفسي ولم افلح ان اجعله طبيبي النفسي. ومنذ ذلك الحين اتابعه ويتابعني في هذا الافق المفتوح دون ان ألازمه .
كنت اتابع ما يحاوله كثيرا وكنت اراسله بين الحين والآخر وكنت اعلم انه يعلم محنتنا جميعا–انا وهو — وكل من ما زال ينبض( بشرا كما خلقه الله ) في هذا الزمن الشديد التحدي.
وعندما شعرت انه ارهقه الحمل وتكالب عليه حتم الزمن وحتم اقتراب محنة الحياة من حتم الاجل . بدأت اتيقن انه قد اكمل محاولته الفردية ويستعد للرحيل. وها قد رحل ولم يرحل . وها انا ما زلت احاول ان التقي به في فضاء مفتوح اجتمعنا فيه –منذ سنة ١٩٧٥– وما زلنا في خطين متوازيين كدحا الي الله لنلاقيه. واحسبه قد سبقني الآن اليه.
سيظل الموت لغز عقيم لكل من كان مبلغه من العلم لم يتعد حدود شديدة الضيق.
واما من كان له قلب او القي السمع وهو شهيد فهو يتيقن ان الحياة الحقيقية تبدأ بعد الموت بعد مخاض شديد.
الموت هو الاصل .
قد يعني “” عبدربه “” ( محفوظ) ان حتي الحضور الحيوي في “” اللحظة “” ينتهي في “” لحظة”” لكي يتجدد ابدا .
فقدرنا ان نكابد كل “” لحظات الحضور “” قبل ان تتفلت .