الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) “الأصداء” مع “أصداء الأصداء” بقلم: “يحيى الرخاوى” (208) الفصل‏ ‏الرابع: ‏حتى ‏رأى ‏وجهه‏ ‏سبحانه‏، ‏وسمع‏ ‏برهانه

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) “الأصداء” مع “أصداء الأصداء” بقلم: “يحيى الرخاوى” (208) الفصل‏ ‏الرابع: ‏حتى ‏رأى ‏وجهه‏ ‏سبحانه‏، ‏وسمع‏ ‏برهانه

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 12-12-2024

السنة الثامنة عشر

العدد: 6312

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (208)

الفصل‏ ‏الرابع

‏حتى ‏رأى ‏وجهه‏ ‏سبحانه‏، ‏وسمع‏ ‏برهانه

الأصداء عودة إلى النص:

‏208 – ‏الطائر‏ ‏الأخضر

قال‏ ‏الشيخ‏ ‏عبد‏ ‏ربه‏ ‏التائه‏:‏

أحببت‏ ‏حتى ‏الذروة‏ ‏وحلقت‏ ‏بجناحى ‏النجاح‏، ‏وأطربنى ‏الغناء‏ ‏فى ‏الليالى ‏البدرية‏، ‏وعند‏ ‏المغيب‏ ‏هبط‏ ‏الطائر‏ ‏الأخضر‏ ‏فغرد‏ ‏وأشجانى ‏دون‏ ‏أن‏ ‏أفقه‏ ‏له‏ ‏معنى‏.‏

 أصداء الأصداء

من‏ ‏أطيب‏ ‏ما‏ ‏نتذكر‏ ‏من‏ ‏أساطير‏ ‏نشأتنا‏ ‏فى ‏طفولتنا‏ ‏هو‏ ‏ما‏ ‏كان‏ ‏أهلنا‏ ‏يقولونه‏ ‏لنا‏: ‏من‏ ‏أن‏ “‏الذبابة‏ ‏الخضراء” ‏التى ‏تحوم‏ ‏أحيانا‏ ‏حولنا‏، ‏هى “‏روح‏ ‏عزيز”، ‏فأحببناها‏، ‏وصالحنا‏ ‏الموت‏ ‏من‏ ‏خلالها‏، ‏حتى ‏أنه‏ ‏كان‏ ‏لى ‏أخ‏ ‏لم‏ ‏أره‏ ‏كثيرا‏، ‏كان‏ ‏بين‏ ‏شقيقـّى ‏الأكبر‏ ‏منى، ‏وكان‏ ‏بينى ‏وبينه‏ ‏أقل‏ ‏من‏ ‏أربع‏ ‏سنوات‏، ‏لكننى ‏أذكر‏ ‏موته‏ ‏وزيارة‏ ‏عماتى ‏فى ‏هذه‏ ‏المناسبة‏، ‏ولما‏ ‏وصفت‏ ‏المنظر‏ ‏لأمى ‏وصورت‏ ‏مكان‏ ‏جلوسهم‏، ‏وكررت‏ ‏مسامع‏ ‏من‏ ‏نحيبهم‏، ‏حضنتنى ‏وبكت‏، ‏فلما‏ ‏كنا‏ ‏نرى ‏الذبابة‏ ‏الخضراء‏ (‏لم‏ ‏نكن‏ ‏نسميها‏ ‏ذبابة‏) ‏كنت‏ ‏أفرح‏، ‏وأمنع‏ ‏أى ‏أحد‏ ‏من‏ ‏إيذائها‏ ‏صائحا‏ ‏به‏ ‏إنها‏ ‏روح‏ ” ‏سى ‏خالد” (‏كان‏ ‏الأخ‏ ‏الأصغر‏ ‏فى ‏أسرتى ‏يلقب‏ ‏الأكبر‏ ‏بـ‏ “‏سي”) – ‏حضرنى ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏وأنا‏ ‏أعود‏ ‏للعنوان‏ “‏الطائر‏ ‏الأخضر”.‏

وقد‏ ‏تصورت‏ – ‏لكل‏ ‏ما‏ ‏سبق‏- ‏أن‏ ‏محفوظا‏ ‏عاد‏ ‏يصالح‏ ‏الموت‏ ‏الجميل‏، ‏فيحضره‏ ‏بعد‏ ‏مشوار‏ ‏الحياة‏ ‏الناجح‏، ‏وخبرات‏ ‏الحب‏ ‏الرائقة‏، ‏يحضره‏ ‏ليغرد‏ ‏ويشجى، ‏دون‏ ‏أن‏ ‏نفهم‏ ‏أى ‏معنى، ‏وهل‏ ‏نحتاج‏ ‏فى ‏مثل‏ ‏هذا‏ ‏الموقف‏ ‏إلى ‏فهم‏ ‏أصلا‏، ‏أليس‏ ‏التغريد‏ ‏والصوت‏ ‏الشجى ‏هنا‏ ‏هو‏ ‏هو‏ ‏المعني‏.‏

لكن‏ ‏علينا‏ ‏أن‏ ‏نتذكر‏، ‏كما‏ ‏أشرنا‏ ‏مرارا‏، ‏أن‏ ‏الموت‏ ‏لايكون‏ ‏كذلك‏ ‏إلا‏ ‏إن‏ ‏كنا‏ ‏قد‏ ‏تحضرنا‏ ‏له‏ ‏بالحب‏ ‏حتى ‏الذروة‏ ‏والتكامل‏ ‏يطير‏ ‏بنا‏، ‏والغناء‏ ‏فى ‏الليالى ‏البدرية‏ ‏يملؤنا‏، ‏ولا‏ ‏يبقى ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏نصبح‏ ‏طيرا‏ ‏أخضر‏ ‏نحوم‏ ‏حول‏ ‏من‏ ‏نحب‏ ‏بعد‏ ‏رحيلنا‏.‏

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى د. الرخاوى  للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث العلمية: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net.

2 تعليقان

  1. الناس نيام اذا ماتوا
    لم ينتبهوا
    فلايضير الشاه سلخها
    بعد ذبحها
    يهرتلون بما يشبه الصوت
    هو رطان الصم البكم
    لا
    من الصم البكم من
    يسمع ويري
    يجادلون انفسهم كي يحكموا
    غمامة العمي.
    يسطع رحيق
    لا يتحمله صاحبه
    اكابده وحدي
    يتفلت مني الواحد تلو الآخر
    اصادق وجود يختفي
    بين ثنايا عجز حمل الامانة
    تعلمت ان احب الحب دون صاحبه
    احن لنفسي في غياهب المستحيل
    فهو الوحيد الممكن.

  2. محفوظ يبلغ اوج رفرفته الي الآفاق العالية المفتوحة النهاية وقدمه مغروزة في طين الارض وهذا هو سر ابداعه وحضوره في آن واحد .
    الاعجاز هو ان تستطيع — حتي مشاهدة الموت حضورا آخر — وانت تحلق في التناغم الكامل بين المعني المطلق والقصور البشري الحتمي —في آن واحد .
    وقد قرن الحياة بالحب حتي الذروة ولما حضر الموت ( الطائر الاخضر ) رفرف بجناحيه دون ان يفقه له معني ولكنه حضر وهو يرفرف. وهذا ما يؤكد اتصال الموت بالحياة حضورا عيانيا .
    وذلك لمن القي السمع وهو شهيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *