نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 28-11-2024
السنة الثامنة عشر
العدد: 6298
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (206)
الفصل الرابع
حتى رأى وجهه سبحانه، وسمع برهانه
الأصداء عودة إلى النص:
206 – الأصل
قال الشيخ عبد ربه التائه:
أطبق الشر على الإنسان من جميع النواحى، فأبدع الإنسان الخير فى جميع المسالك.
أصداء الأصداء
المهم فى هذه القصيدة المعمار كلماتها المنتقاة بحرص الشاعر، فقد وازنت بين جوانب البناء بشكل مذهل، فحين أطبق الشر هنا، أبدع الإنسان الخير هناك، ثم إنه قد بدا لى أن الشر لم يبدعه أحد، فقد أطبق (منه لنفسه)، أما الخير فهو الرد الذى رد به الإنسان -إبداعا- على الشر.
وجمال معمار هذه القصيدة يتأكد حين نلاحظ أن الرد لم يكن صراعا فى نفس الموقع، فقد ترك الإنسان للشر جميع النواحى، فلم يستدرج إلى معارك لم يحدد موقعها، بل راح يبحث عن مخارج يسلكها بعيدا عن النواحى التى أطبق عليها الشر، فحوصر الشر ليشبع بنواحيه، لكن بلا مخرج له، لأن كل المسالك أصبحت فى حوزة الخير. معركة كاملة، وخطط حربية محكمة، وحصار تجويعى مهلك، كل ذلك فى سطر وبعض سطر.
أما العنوان (“الأصل”) فهو عنوان رائع كأنه يقول هذا هو أصل علاقات حركة الحياة، المناورة الذكية لصالح الإبداع، لا الاستقطاب المجمد، ولا الصراع التنافرى، ولا الحلول المائعة الوسطي.
وخلاصة المناورة الذكية تقول: دع الشر يفعل ما يشاء “فى النواحي”، ما دام قد أطبق عليها جميعا، واهتم أنت بإبداع الخير يمتلك حق المرور فى كل الطرق والمسالك، أو بلغة أخرى: لا عليك من مكاسب الشر “الإقليمية ” ما دمت تعرف منهجك الإبداعى، والمكسب فى النهاية لمن يملك المنهج والمسالك والإبداع، لا لمن يستولى على النواحى والمواقع.
_______________________
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى د. الرخاوى للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث العلمية: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net.