نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 23-3-2023
السنة السادسة عشر
العدد: 5682
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ)[1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (118)
الفصل الثانى
فى مقام الحيرة، والدنيا تضرب تقلب!!
الأصداء
118- أصل الحكاية
سارت فى ظل أمها وكان هو يلعب فى الطريق، أسعد ما يسعدها ضفيرتها الفواحة بشذا القرنفل أما هو فكان يلعب الحجلة، توقف قليلا ريثما تمر الأم وابنتها الصغيرة، نظرت إليه نظرة غامضة فامتلأ بالخيلاء، وانطلق يعدو ليشهد الجميع على قوته وسرعته. ودعت الأم بالخير لكل مخلوق وهمست:
” أخاف عليها من النظرة وأخاف عليه من الجرى فاشملهما بالرعاية يا رب.”
وكان ثمة رجل جالسا فى ركن ممن يقرءون الخواطر فقال لها، وكأنما لا يعنيها بالذات.
- فلتنظر إليه ما طاب لها النظر وليجر هو حتى تخدر قواه فيخمد.
أصداء الأصداء
من أجمل صور الطفولة فى الأصداء هذا الصبى وهو يلعب الحجلة، مع أنها لعبة البنات أساسا، ثم وهو يجرى أمام الجميلة ذات الضفيرة الفواحة بالشذا وقد سارت فى ظل أمهما، وبنفس النظرة المستقبلية تنطلق الدعوة من الأم لهما معا، لكن الوعى اللامبالى الماسخ لكل نبض جميل يصنم الجميلة لتصبح مجرد بهجه للناظرين، ويصنم الصبى الحلو ليتجمد بعد الإنهاك هنا، أشعر أن حدس محفوظ يجسد لنا حيلة نفسية تسمى التصنيم وهى حيلة نلجأ إليها حين تغمرننا الانفعالات والقلق والخوف على شيء عزيز عزيز حتى نخشى حركته حتى لا يذهب فنقلبه صنما لمجرد الاحتفاظ به (هذا الميكانزم مأخوذ من الأسطورة، التى كانت اللعنة فيها قد حلت بالمنبوذ حتى أن كل ما يمسه يتخشب)”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net
حركية الحياة واستحالة توقفها تبرز في معظم اعمال محفوظ .
اقرأ في هذه الاصداء ( 118) عبق الحياة من طفلين وفي نفس اللحظة حكم “” الرجل الذي يجلس في الركن “”( ان هذا الشذا الفواح من ضفائر البنت وهذه الحجلة التي يلعبها الولد ) لابد ان ينتهوا فقط لانها الحياة . لا تتوقف ولا ينبغي ان تُصَّنم . ولكني اشتم قسوة هذا الرجل الجالس في الركن برغم ظاهر حكمته وواقعيته . فهو لا يريد ان تنعم الام لمجرد لحظات في البهجة هنا والآن .
هذا النموذج الواقعي موجود بتواتر شديد وفيه مثل قديم قبيح فكرني بيه ( ما داهية لا تكون مبسوط ).