نشرة “الإنسان والتطور”
31-1-2010
السنة الثالثة
العدد: 884
تعتعة الوفد
مشروع قانون بإعلان الحرب العالمية الثالثة !!!
الحروب الفعلية التى عشتها- شخصيا- منذ ستين عاما هى حروب الفدائيين بقيادة أحمد عبد العزيز 1948، ثم حرب الاستنزاف بقيادة جمال عبد الناصر 1968-1973، ثم حرب أكتوبر بقيادة أنور السادات 1973. (مستبعدا طبعا الحروب الانسحابية التى انتهت قبل أن تبدأ) أنا أتكلم عن حروب مصر، أما العرب الرسميون الآخرون فهم لم يحاربوا أصلا، الشعوب حاربت، ومثال ذلك: حروب حزب الله، ثم حروب المقاومة الفلسطينية المستمرة بكل تشكيلاتها.
لم يعد يصح أن نعاير بعضنا البعض بالتقاعس عن الحرب (يا جبان يا قليل الحرب، يا بتاع السلام يا و….!!!)، من الوضع جلوسا على مكاتبنا، أو اختباء تحت أغطيتنا نستدفئ من هذا البرد الجميل، ونحمد الله أننا لم نكن فى مناطق السيول أو غزة.
بعد أن وصلت الحال إلى ما وصلت إليه، أصبحت الحرب فرض عين على كل فرد، ناهيك عن أنها فرض عين أصلا على كل بلد يزعم أن بينه وبين إسرائيل – أى أمريكا – خصومة، ولا يفعل إلا أن يعاير غيره بما يمارسه هو فى السر أو بالسلب. (فرض العين : إذا قام به البعض، لم يسقط عن الباقين)
خلال افتتاح الملتقى العربى والدولى لدعم المقاومة فى بيروت مؤخرا قال السيد حسن نصر الله : “المستقبل فى هذه المنطقة هومستقبل المقاومة والعزة والكرامة والحرية” ثم أضاف: “..إن المقاومة التى يقودها حزب الله هى الخيار الوحيد الناجع لإحراز الانتصارعلى….. مشروع الهيمنة الغربى والرأسمالية المتوحشة والعولمة، وأنها هى التى ستوقف قوى التسلط والاستكبار الأمريكى الإسرائيلى”، وزاد على ذلك بأن “… المقاومة لم تعد قيمة وطنية لبنانية، وإنما أيضا قيمة عربية وإسلامية (وصفها بأنها متألقة)، بل وأصبحت اليوم قيمة عالمية وإنسانية يجرى استلهام نموذجها والبناء على إنجازاتها فى تجارب وأدبيات كل الساعين من أجل الحرية والاستقلال فى شتى أنحاء المعمورة…..”.
كما شخّـص نصر الله الصراع فى أية منطقة من منظور استراتيجى عالمى، …وذلك : بالدخول فى صدام عالمى مع أمريكا، أيا كان الحاكم فى البيت الأبيض، …وأقر بأن هذه المواجهة صعبة، ودقيقة وهى معركة ذات مدى تاريخى، وهى بالتالى معركة أجيال، وتستلزم الاستفادة من كل قوة مفترضة…..”
وقد استنتج بعض المعلقين أن حسن نصر الله يحلم، ويريد السيطرة على الشارع العربى ليبتعد عن أهدافه الوطنية، ويخدم فقط المشروع العالمى لحزب الله وإيران ….(أى والله !!، قالوا ذلك !!!!).
أما أنا، فقد التقطت من كلمة نصر الله ثلاثة مقاطع أساسية هى: أنه يتكلم من (1) منظور استراتيجى عالمى، وأنها (2) معركة أجيال، تشمل: (3) شتى أنحاء المعمورة.
إذن فقد امتد فكره وحلمه – مثل أى إنسان سوى – إلى الأمل فى، فالعمل على، تصحيح الكون كله بدءا بأرضه، ثم فلسطين، ولا بد أنه –ربما مثلى أومثل أى وعى مستشرف – أدرك بحدسه أن الكون فعلا مهدد بالفناء الكامل، وأن جنس البشر مهدد بالانقراض الشامل، وأن المسألة لم تعد مظاهرة شعبية إنسانية، ولا هى حتى مجرد تحرير أرض محتلة، إلا أن تجليات هذه الطبيعة البشرية الآمِلة الشاملة المنطلقة تختلف فى الأفراد من أقصاها إلى أقصاها: من أقصى ضلالات “المهدى المنتظر” عند أصدقائى الطيبين المجانين، إلى أقصى غباء دبليو بوش وآلته المغيرة – استباقا- وهو يحارب بالقتل الجماعى والتطهير العرقى محور الشر كما يصنفه، مرورا بأفكار وأفعال بن لادن وحوارييه، وعلى الجانب الآخر نجد كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والمصلحين الثوار عبر التاريخ، فأين تقع أحلام السيد نصر الله من هذا وذاك، وأين تقع أحلامى شخصيا؟
أخذت كلام السيد نصر الله مأخذ الجد: إذ مهما طال الزمن، فلا بد أن تتواصل حرب كل إنسان ضد الفناء والانقراض كلٌّ من موقعه. رحت بدورى أحاول صياغة مشروعى العالمى لصالح البشر، فلم أجد أمامى إلا الحرب فى مواجهة الحرب، هم الذين بدأوا، وفيما يلى مشروعى الخاص لإعلان الحرب العالمية الثالثة بلا نهاية :
1) تـُحل جامعة الدول العربية، ويحـِل محلها المجلس العالمى للحرب المستمرة لإنقاذ البشرية
2) تعلن الحرب على قوى التسلط والاستكبار والاحتكار والهيمنة (تحت الأرض: المافيا، والشركات العملاقة)، وفوقها (رؤساء الدول والمؤسسات الوطنية الرسمية، والعالمية الديكورن المسيرة بما هو تحت الأر ض)
3) تُعرف قوى التسلط والاستكبار والهيمنة كالتالى: خلطة سامة قاتلة: من التعصب الدينى، والسلفية، والقوى الذرية، والإعلام اللاهى، والنكوص اللّذى، والعلم الزائف، والاستهلاك المغترب (للتوضيح: “إسرائيل تجسد هذا التعريف وهى منغرسة فى أرضنا).
4) يُسمح بمشاركة قوى المقاومة غير الحكومية أيا كان تاريخها، بما فى ذلك قوى من داخل شعوب العدو، شريطة التزام الجميع بالتخلى عن قتل الأبرياء والمدنيين، وترويع الأطفال
5) تحدد بقية الدول المتعاطفة موقفها من هذه الحرب، إما بالحياد، أو التعاون المادى عن بعد.
6) تشترك كل دولة من الدول المحاربة بنصف فائض ماعندها من أموال فى الداخل والخارج، أفرادا وحكومات، لشراء الأسلحة، والاستثمار، والتعليم الحقيقى، والإبداع
7) تحصى الأسلحة الجاهزة للحرب، (بما فى ذلك الأسلحة الذرية)، مع تحديد مدى صلاحيتها، (صرّح د. سيد مشعل مؤخرا -فى الصالون الثقافى للسفير السعودى هشام الناظر- أن العرب اشتروا بـ 45 مليار دولار أسلحة فى عشر سنوات، يا ترى لماذا !!؟؟ ربما علموا بمشروعى مسبقا!!!)
8) يحظر نهائيا أى استثمار أو إيداع أموال فى أية دولة محاربة مع العدو، أو ممولة له، أو متخذة موقفا سلبيا منه، ويتم الاستثمار والسوق المشتركة مع الدول الحليفة فحسب
9) تشكل الجيوش حسب تعداد كل بلد، بنسبة 10 % من السكان فيما بين سن 20 & 45، ولا لا يجوز نهائيا أن تشكل الجيوش المحاربة فعلا من وطن واحد
10) تشكل جيوش شعبية، تـُدرب تدريبا دوريا باستمرار، وذلك من نصف البالغين دون الخامسة والسبعين، استعدادا للمقاومة الممتدة إذا انهزمنا، وتستمر الحرب الشعبية عبر قرون حتى تحين فرصة العودة للحروب الرسمية، وهكذا، باستمرار (إبادة أو ولادة)
11) لا تعفى أى بلد من الاستمرار فى الحرب إلا إذا أهلكت الحرب نصف شعبها، وتتعهد باقى الدول بإعالة هذه الدولة ، ثم تعود إلى الحرب بعد تعويض الفاقد.
12) فى حالة النصر، تقسم الغنائم الإنسانية، وثروات الطاقة، وإنجازات الإبداع، على سائر أفراد العالم بما فيها الجانب المهزوم (أليسوا بشرا أيضا؟) وذلك لأن للعدو الفضل فى جر العالم إلى هذه الحرب البقائية المنقذة، بديلا عما كان يمارسه من حروب تحت الأرض، وحروب صغيرة قذرة، وحروب بلا حروب، وأمراض بلا أمراض.
وبعد
هذا ليس نقدا لكلام السيد حسن نصر الله، جزاه الله عنا خيرا، ولكنه احترام لأمانة حدسه الذى له فضل أنه يترجمه واقعا على الأرض بقدر ما يستطيع.
أرجو أن أحظى بمن يتعامل مع مشروع قانونى بنفس الجدية، واضعا فى الاعتبار سنى (عمرى 78 سنة إلا شهورا) ، وتخصصى!!