نشرة “الإنسان والتطور”
15-5-2011
السنة الرابعة
العدد: 1353
تعتعة الوفد
“إنت حرّ فْ كل حاجة، إلا إنك تبقى حر”
يتصور البعض حاليا، بل يكرر أغلب الناس أن ما حدث منذ 25 يناير هو جديد جدا، ولا يهتمون بالنظر فى كيف تشكل وعى هؤلاء الشباب والناس، عبر سنين عددا. الرؤساء الثلاثة، بما فيهم الرئيس الأحدث (السابق) تم نقدهم، بهذا القلم، ونشر ذلك فى حينه منذ عشرين عاما، بفضل رحابة صدر جريدة الوفد. المقال الحالى بالذات (القصيدة) نشر فى: 30 إبريل 2001، منذ عشرين عاما بالتمام والكمال، صدّق أو لا تصدق.
……..
……..
ليس المهم اثبات أنه كان نقدا يسبق الأحداث، فحقيقة الأمر أنه كان يلاحقها ويواكبها، فالأحداث كانت عبر ستين عاما وليس ثلاثين فقط، هى هى تقريبا. علينا الأن أن نعرف، أو نتعرف على: كيف يتكون الوعى الشعبى عامة، ووعى الشباب خاصة من كل ما يصله بشكل تراكمى متصاعد حتى يفيض الكيل، ولو بمحض المصادفة، أو ربما بفعل فاعل، فيتفجر هذا الموجود بما تشكل به، حتى لو كان الدفع البدئىّ بفعل فاعل مغرض، فإنه بقدر مصداقية ما تراكم يستطيع أن يتوجه الوعى الجماعى – إذاتوفرت المسئولية والمثابرة بعد الانتفاضة- إلى ما يريد وهو بذلك يستطيع أن يفوّت الفرصة على أى فاعل خبيث مدبر، وأن يتجنب هجوم وألاعيب أى قرصان من قراصنة الثورات، لأن الناتج فى النهاية لن يترتب إلا على مواصلة السعى وإمساك الدفة
وفيما يلى هذا المثال القديم، الذى يصلح إعادة نشره الآن جدا برغم أنه بلغ من العمر عشرين عاما إلا عشرة أيام!! وقد نشر كما هو تقريبا وفى الوفد بالذات.
المقال (فالقصيدة):
……..
……..
يظل الوعى الشعبى هو الوعى الشعبى، بالكتابة وبغير الكتابة، بالنشر وبدون النشر، الوعى الشعبى هو تكوين بيولوجى أساسا، يتمثل الأحداث، وقد يفرزها الآن على دفعات، لكنه غالبا يختزنها، ليتحوّر بها حتى تتفجّر منه آثارها فى حينها، وعليه أن يتعهدها بعد ذلك جدا!!
……..
سوف أكتفى باختيار موضوعين مازلنا حتى الآن (2011!!) نعيش فى آثارهما، ونحن نحاول أن نتجاوز بعض مضاعفاتهما. الموضوع الأول هو التزييف الذى لحق بقيمة العدل من خلال التطبيق السطحى لقشور ما فهمه أهل السلطة من الاشتراكية (الفترة الناصرية: 50% عمال وفلاحين). والموضوع الثانى هو مسألة السماح بالحرية بشروط أن تسحب من تحتها كل ما يجعلها حرية (الفترة الساداتية)، وهذا لا يعنى أن المسألة مقصورة على هاتين الفترتين فحسب، فما كانت الثلاثين سنة الأخيرة إلا امتدادا لهما.
(ما رأيك لو تقرأ هذا النص الشعرى وكأنه كتب الآن؟):
……..
……..
إلعيال الشغالين هُمَّا اللِّى فيُهمْ،
باسُمُهمْْ نـِـْلَعْن أبو اللِّى خلّفوهم
“باسْمُهُمْْ كل الحاجات تِبْقى أليسْطَا
والنسا تلبس باطِيسْـطَا
والرجال يتحجّـُبوا، عامِلْ وأُسْطَىَ”.
* * *
يعنى كل الناس، عُمُومْ الشعب يَعْنِى:
لمْ لابد إنه بيتغذّى لِحَدّ ما بَطْنُه تِشْبَـْع.
وامّا يِشْبَعْ يِبْقى لازِمْ إنُّه يسْمَعْ.
وان لَقَى سمْعُه ياعينىِ مِشْ تمامْْ،
يِبْقَى يسجُد بعد ما يوطّى ويِرْكَعْْْْْْْْْْ.
بَسّ يلزَقْ ودنه عَالأْرضِ كـِـوَيِّسْ،
وانْ سِمْعِ حاجَةْ تِزَيَّقْ، تبقى جَزْمة حَضْرِةْ الأخ اللِّى عـيّنْ نَفُسُهْ “رَيّسْ”،
لاجْلِ ما يْعَوَّض لنَاِ حرمَانْ زمَانْ. إمّالِ ايِهْ؟
واللِّى يشبْع مِنكُو أكل وشُـوفْ،ركوعْ، سمَعَانْ كلامْ،
يِقَدْر يـِنَامْ:
مُطْمَئِنْ،
أو ساعات يقدر يِفِـنْ.
واللى ما يسمعشى يبقى مُخّهُ فوِّتْ،
أو غراب على عِشُّه زَنْ.
****
والحاجات دى حلوة خالص بس إوعكْ تِسْتَـمَنّـى إنك تقيسها،
أَصْلَهَا خْصُوصِى، ومحـْطوطَةْ فى كيسْها.
وانت بس تنفّذ الحتّة اللِّى بَـظّــتْ (يعنى بانت).
إنت حُـرّ فْ كل حاجة، إلآ إنك تبقى حر.
(لأْْ، دى مش زَلِّـــةْ قَلْم، ولا هِيّةْ هفوةْ،
مش ضرورى تـِتـْفَهمْ، لكن مفيَدةْ،
زى تفكيكةْ ”داريدا”).
يعنى كل الناس يا حبة عينى ممكن تبقى حرةْ،
حرة كما وُلدوا وأكْتَرْ،
يعنى بلبوص حر خالص، بس ما ينطقشى كلمة،
….. يِتخدش بيها حياءْ حامى البلاد من كل غُمّـةْ،
ما هو مولانا رأى الرأى اللى ينفع،
الحكومة تقول، يقوم الكل يسمع.
واللى عايز أمر تانى، ينتبه للأوّلانى.
مش حا تفرقْ. قول يا باسطْْ.
والوثائق فى المعانى، والمعانى فى الأوانى.
والأوانى فى المباني، والمبانى شكل تانى!!
(برضه تفكيكة داريدا، تبقى هاصِت).
****
الدنيا دى طول عمرها تدّى اللى يـِغـْلبْ:
سيف ومطوةْ
واللى مغلوب يـنـضرب فوق القفا فى كل خطوةْ
أصل باين إن “داروين” كان ناويلْهَا:
إن أصحاب العروشْ.
ويَّا أصحاب الفضيلةْ،
يعملولْنا جنس تانى.
جنس أحسنْ.
إسمُهُُ: “إنسانٌ مُحَسَّنْ،
واللى يفضل منّا إحنا؟
مش مهمْ.
إحنا برضه لسّة من جنس البشرْ. ..إلقديمْْ.
يعنى “حيوانٌ بـِيِنْـطَـقْْ”،
مش كفاية؟؟
ليه بقى عايز يقلِّبْ، ولاّ يفهمْ؟
هوّا إيهْ؟!!
هىَّ سايبةْ؟!!
يعنى إيه الكل يفهم ؟!!!!
مشْ ضرورِى،
يِكفى إنه يقرا “ميثاق” السعادةْ،
واللى صعب عليه حايلقى شَرْحُهُُ فِى خُطَبِ القيادةْ.
واللى لسّة برضه مش فاهم يُـحاكـــم.
وانْ ثَبَتْْ إنه برئْ:
يتــْـَرَزْع نوطِ “العَبَطْ”
وانْ ثَبتْْ إنه بِيِفْهَمْ:
يبقى من أَهْل اللَّبَطْ.
”يعنى إيـــه؟”
زى واحد ناسى ساعتُه.
يعنىِ نِـفسُهْ فِـى حاجاتٍ، مِشْ بِتَاْعتُه
“زى إيه؟”
زى واحد جه فى مخه- لا مؤاخدة – يعيش كويّسْْ.
”برضه عيب”
هو يعنى ناقْصُهْْ حَاجَةْ؟
قال يا أُمّى، والنبى تدعى لنا إحنا والرئيسْ،
ربنا يبارك فى مجهودنا يكتّــر فى الفلوسْ.
بس لو نعرف معاهم قدّ إيه، واحنا لينا كامْ فى إيهْ!
****
“آدى أَخْرِةْْ فَهْـمَـك اللِّى مالُوشْْ مُنَاسْبَةْْ.
طبْ خُــدوهْْ، وضّــبوهْ،
واحكُموا بالعدْل يعنى: إعْدلوهْ
تُهمتُهْ ترويج “شفافـيِّه” مُعاصْرةْ
(هذا ملعوبُ الخَواجةْ)
وان رمِينَا الكومِى بدرى، تبقَى بَصرةْ.
”الكلاْم دا مِشْ بتاعْنَا،
دَشّ ماْ لهُوْش أى معنى”
تُهمتُهْ التانية “البجاحه”
واحنا فى عِـزّ الصراحْه،
واللى عايز غير ما يُـنشـرْ،
هوّه حرّّ انه “يـفكـرْ”،
فى اللى عايزُهْْ.
أو يشوفُهْ جوّا حلمـه،
وان حكاهْْ يحكيه لأُمُّــهْ،
وانْ أخد بالُـه وقاُلْه مُـوَطِّى حِسُّهْ،
مستحيل حدّ يِمسُّهْ.
****
قالّها يا مّهْ أنا شفت الليلادِى:
إنى ماشى فى المعادِى.
شفت نفسى باخترعْ نظريَّةْ موضَـهْ،
زى ساكنْ فى المقابرْ يبنى قصر ألف أُوضهْْ:
”والعواطف أصبحت مـِلْك الحكومةْ،
والحكومة حلوة خالص.
عبّـت الحب الأمومى، والحنانْ،
جوّا أكياس المطالْبةَ بالسَّلاَمْ،
والطوابير اللى كانت طولها كيلو،
اختفت ما عادتشى نافعة.
”أصلنا شطـبنا بيع وبلاش مِلاَوْعة “
واللِّى طَالُهْ من رضا الريّس نصيبْْ:
فازْ، وقّــلعْ.
واللى لسّه ما جاشِـى دوره. بات مولع.
قام سعادة البيه قايـلْ لُـهْ: “تعالى بكُرَه”
[درس مش عايز مذاكرة”]
وْرُحت صاحِى.
وبعد
بالله عليكم أليست هذه القصيدة – منذ عشرين عاما – هى أنسب اليوم
المهم هو كيف تحول دون أن تصلح نفس القصيدة للرئيس القادم أيضا.