تعتعة الدستور: “متواطئــون!!!”
نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 22-11-2023
السنة السابعة عشر
العدد: 5926
تعتعة الدستور
“متواطئــون!!!” [1]
…الهول، الهلع، الأشلاء، الموت، الدمار، البطولات، الاستشهاد، القوة، الخسة، النذالة: كلها معا لا تريد أن تتركنى برغم أننى لا أشاهدها رأى العين، الدماء تغمر وعيى حتى أعلى الصدر وتكاد تزحف نحو مداخل أنفاسى، صيحات الأطفال وولولة الأمهات الثكالى يتشكل بها كل صوت يصلنى، ولو كان بوق سيارة، أو أزيز فتح باب قريب، أو شخشخة صوت مصعد قديم.
بلغ بى الحال أن أتصور أن أى إلهاء عن فعل يمكن أن يحول دون الجارى هو فـُـرجة لا أكثر، الألم الساحق إن لم يدفع إلى فعل قادر يمكن أن ينقلب إلى مازوخية استمنائية قبيحة، كل المساعدات والأصوات والتبرعات والابتهالات والدموع كلها محترمة ومشكورة ورائعة، لكنها فى نهاية النهاية قد تكون إجهاضا لفعل أكبر وأهم، فعل يمكن أن نتفجر به إلى ما ينبغى. الخوف أن نكتفِى بتلك الأعمال الطيبة والنوايا الحسنة تنفيثا وتسكينا، بمعنى أن تلك الأعمال الطيبة يمكن أن تجهض الغضب فالثورة، وأى إجهاض للغضب فالثورة هو تأجيل آخر، ودليل على أننا لم نتعلم من الهدنة، والتهدئة، والوعود، والكذب، والتدليس طوال واحد وستين سنة.إن أى فعل، أو امتناع عن فعل، يساهم فى استمرار هذا الوضع، هو تواطؤ.
من لا يتحمل مسئوليته فهو متواطئ. ما العمل؟
دع جانبا حكومات الكبار الذين لا نكف عن استعطافهم والاستنقاذ بهم وهم يخذلوننا سرا وعلانية، دع أوباما – الذى فرحنا بفوزه !!- وهو لا يعلق على موقف بلده من قرار مجلس الأمن، ثم وهو يصوت فى الكونجرس مع 290 عضوا (مقابل خمسة) على حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس..إلخ!!، ودع ساركوزى يصرح أن حماس تصرفت بشكل لا يغتفر، ودع ممثل الاتحاد الأوربى يصرح أن ما تفعله إسرائيل هو حق دفاعى مشروع، ودع ميركل تنصح وتفتى وتحذر، وهى تحمّل حماس مسئولية الدم الجارى، حتى أرسل لها منتقدوها على النت فنجانا مليئا بدم الأطفال، (لم أذكر أن عليك أيضا أن تدع تعبيرات وجوه الملوك والرؤساء والمسئولين العرب، منهم لله، لأنك تدعها من تلقاء نفسك).
ثم إنك لا يمكن إلا أن تحترم جهود النفسيين وهم يتطوعون لتخفيف الآلام إثر الصدمات خاصة لدى الأطفال، وأن تعجب ببراعة الجراحين يلحقون أو لا يلحقون ما تطاير من أشلاء، على ألا تتوقف ذاهلا وأنت تسمع أصوات عربات الإسعاف تخترق جدر الأنين المكتوم والصرخات الملتهبة وهى تعايرنا أننا ما زلنا أحياء،
وأيضا لك أن تجزع كما تشاء من منظر الأمهات يحتضنّ بقايا أطفالهن وهن ينتحبن، و…، و….، و……و…، كما أنه من حقك أن تفرح بكل هذا الاحتجاج المظاهراتى، والهتافات المحرِّضة، ولكن لا تأمل فيها أكثر من قدراتها.
دع كل هذا جانبا دون أن تنساه، ودون أن تتقطع ألما وهو لا يتركك تدعه، ودون أن تُفرّج عن غضبك بتعليق مغيظ أو تفسير دامع، دع كل ذلك واحترم ما لم تستطع أن تشارك فيه إيجابيا، فكل من شارك بأى شىء بأية طريقة، بأى قرش، بأى دواء، هو أفضل ألف مرة من مائة متفرج نعـّاب.
دع كل ذلك وتعالى نبحث عن مسئوليتك الأكبر أنت، مسئوليتى أنا، فى هذه اللحظة تحديدا، “هنا والآن”، نحن الجلوس على مقاعدنا الآن نفسر، وننظـّـر، ونحكم، ونجزع، وقد نكتب شعرا، أو نرسم لوحة، أو ننتظر استلام جائزة!! و قد تضبط نفسك فخورا برقة مشاعرك وأنت تذرف الدموع، وقد ينفجر الغضب منك إلى الهواء الطلق، قبل وبعد وأثناء اشتراكك فى مظاهرة احتجاجية رائعة، هيا ننظر سويا بعد أن صنفنا كل من على الساحة إلى “مسئول”، أو”جبان” أو “خائن” أو “صامد” أو “بطل”، أو “شهيد” أو “متواطئ”، ننظر ماذا “نفعل”؟
إذا لم تنتبه، ننتبه، أنتبه، بعد واحد وستين عاما (1948-2009) إلى أن كل ألفاظ “التهدئة”، و”الهدنة”، و”فض الاشتباك”، و”وقف إطلاق النار”، و”التسوية المؤقتة”، و”خريطة الطريق”، و”النكسة”، و”السلام”، كل هذه الألفاظ تكشفت عن مناورات مشبوهة قذرة، إذا لم ننتبه إلى ذلك، وأن ارتباطنا بها بهذا العمى، هو مسئول عما يجرى، فالأرجح أنك متواطئ دون أن تدرى، وأنا مثلك.
انكشفت قواعد اللعبة مثل طلوع الشمس: إما حرب لا تتوقف أبدا أبدا حتى النصر، وإلا فهى الهزيمة الشجاعة بكل ثقلها وخزيها ومسئولياتها، الهزيمة غير المؤجلة التى لا تحتاج إلى أسماء تدليل جديدة، وهى هى باعثة الألم الخلاق، فالقرارات الصعبة، فتسريح الجيوش النظامية، فتغيير الحكام، ليتحول الشعب المهزوم كله إلى جيش المعركة القادمة فالنصر الحتمى.
إما القبول بهزيمة مثل ألمانيا أواليابان، أو بنصر مثل فيتنام
وإلا، فالكل متواطئ.
أرجو أن تلهمكم هذه الأفكار بأفكار أخرى…. ولكن لا تطيلوا التفكير…بل إعملوا الآن .
___________
[1] – نشرت فى جريدة الدستور بتاريخ 14-1-2009
2023-11-22
ما أشبه اليوم بالبارحة نأسف مولانا الحكيم ما زال الكل متواطىء
ترى إلى متى ستظل كلماتك تلك تصف الوضع الراهن هنا و حتى أي آن !؟
الواحد و الستون عاما صاروا خمسة و سبعون فى غفلة و لا انتباهة اللهم إلا مقاطعة لمنتجات تدعم اقتصاد الكيان الصهيوني بصورة ربما تكون أكثر جدية من ذي قبل و أتمنى لها مزيد من الانتشار و الإصرار و الإستمرار أهو على الأقل نتوحد فى فكرة و نتشارك فى نية لحين الصحوة و الانتباهة اللازمة لتغيير الحال من هزيمة إلى نصر بإذن الله
كل ما اقول وحشتني يا مولانا أجدك حاضرا لا تغيب
الله يديم حضورك نور مولانا و معلمنا الحكيم و يديم عملك موصولا
لا ينقطع نفعه …..آمين
أرجو تصحيح الأخطاء المطبيعيى قبل النشر
صباح الخير يا د. طلعت مطر
تم التصحيح ان شاء الله
أه يا أستاذنا الراحل العظيم . بالأمس فقط كنت أسال نفسى وأنا اشاهد قناة الجزيرة، ماذا لو كان أستاذنا الراحل حاضراً الآن. ماذا كان عساه أن يقول، حتى قرأت نشرة اليوم وكأنما سمع أحدهم مأ أهمس به بينى وبين نفسى فأذاع هذه النشره. ها هو يجيب فى غيابه ويعبر عما يعتب فى قلوبنا نحن تلاميذه من ألم وحسرة وخيبة. أما الألم فعظيم حتى يصعب وصفه فى كلمات، وأما الحيرة فكلنا يعرف ما وصلنا إليه من ضعف وهوان، حتى أن الغرب لم يعد يعمل لنا حسابا ولم يعد يعتبرنا حتى موجودين. فلو كنا أقوياء ومتحجين كعرب حتى ولم تهدد بالحرب ماكانت إسرائيل تفعل ما تفعله الآن ولا كانت أمريكا تفعل ما تفعله الآن وهذا هو سر الشعور بالخيبة.
أه يا ستاذنا الراحل العظيم . بالأمس فقط كنت أسال نفسى وأنا اشاهد قناة الجزيرة , ماذا لو كان أستاذنا الراحل حاضراً الآن . ماذا كان عساه أن يقول , حتى قرأت نشرة اليوم وكأنما سمع أحدهم مأ أهمس به بينى ولين نفسى فأذاع هذه النشره. ها هو يجيب فى غيابه ويعبر عما يعتمب فى قلوبنا نحن تلاميذه من ألم وحسرة وخيبة. أما الألم فعظيم حتى يصعب وثفه فى كلمات , وأما الحيرة فكلنا يعرف ما وصلنا إليه من ضعف وهوان , حتى أن الغرب لم يعد يعمل لنا حسابا ولم يعد ييعتبرنا حتى موجودين . فلو كنا أقوياء ومتحجين كعرب حتى ولم تهدد بالحرب ماكانت غسرائيل تفعل ما تفعله الان ولا كانت أمريكا تفعل ما تفعله الان وهذا هو سر الشعور بالخيبة.