نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 26-12-2012
السنة السادسة
العدد: 1944
تعتعة التحرير
ديمقراطية شعبنا الجميل: هدية للإخوان
مع أننى لم أتردد يوما فى إعلان موقفى من الديمقراطية إلا أننى لم أتردد أيضا فى العمل بنصيحة شيخى نجيب محفوظ أن أقبل أحسن الأسوأ باعتباره الأحسن، منتظرا إبداع البشر فى كل مكان لاكتشاف (أو تخليق) أداة تقيس “الوعى العام” بدلا من ظاهر الرأى العام، فتقيس بعض نتائج صحوة الناس، بدلا من قياس نتائج غسيل المخ، وتزييف الوعى (قبل تزييف الإجراءات) ونتائج: الكذب السياسى ورشاوى القادر للجائع، ومع ذلك فأنا سعيد بهذه النتائج المزور بعضها.
نحن مازلنا فى سنة ثانية روضة الديمقراطية المستوردة بتوصيات “عمُّو” أوباما وأبلة كلينتون ومؤامرات إسرائيل، لامانع، وسوف أخترق مقاومتى مثلما أفعل أمام أية تجربة ناجحة مهما كانت ضد رأيى، تحيا الديمقراطية حتى هكذا، وسوف أصفقّ لما أكره، نعم، أنا أصفق لتجربتنا الديمقراطية المتواضعة الرائعة رغم أنفى، وأدعو لها بمواصلة تنمية إيجابياتها رغم أنف مصدرها.
ذهبت إلى احتفالية الاستفتاء، وكأنى ذاهب إلى معزى هذه المرة بعد أن تعلمت من الإستفتاء السابق أنها “فرحة ما تمت”، وقد قوبلت من المسئولين والمنظمين بسبب سنى، وعصا فى يدى، وغضروف ظهرى، باحترام وتسهيل بالغين، رحت أتطلع فى وجوه الناس فى الطابور وتيقنت بأن هذا الشعب يحترم نفسه ويتجاوز شكوكه ويتحدى المناورات التى تحاك له، كما وصلنى الفريق الذى لا يريد أن يفكر أصلا، وينظر إلينا – نحن الناس- على أننا من “المغضوب” عليهم و “الضالين”، ما علينا، ادليت بصوتى أنْ “لا”، وفى نفس الوقت دعوت الله أن تكون النتيجة “نعم” أى والله، وفى المساء حكت لى ابنتى (استاذ بكلية الطب) العائدة من المطار فى الرابعة صباحا كيف وقفت فى الطابور أربع ساعات ونصف، وفرحت بها، تأكدت مسبقا من نتيجة القاهرة على الأقل أنها لا، حتى بعد ما بلغنى من ألعاب التباطؤ لصرف كل هؤلاء الذين يحبون الله قبل الشريعة ومعها، ويحبون مصر قبل أنفسهم ومعها، ويحبون الناس فى كل مكان ومن كل ملة، دون أحضان وحدة وطنية وما فى القلب فى القلب، يحبون كل من خلق الله حبا يعلمه الله ويباركه.
ثم ظهرت النتيجة المبدئية، ولم أهتم ببلاغات التزوير والتجاوزات برغم أننى على يقين من أن كثير منها على حق، كان، ومايزال ما يهمنى أكثر هو تزوير وعى البسطاء خاصة بواسطة أئمة يؤمونهم فى صلاة الجمعة، أئمة أشفقت عليهم أن ينطبق عليهم الحديث الشريف فيذهبون إلى جهنم “سبعين خريفا “فسبعين خريفا” فسبعين خريفا” لأنهم خانوا أمانة المنبر، ودعوا الناس إلى ما يتصورون أنه الشريعة على حساب الإسلام الرائع، والإيمان الكدح الإبداع، وحب الله.
فرحت بنتائج المرحلة الأولى وصالحتنى جزئيا ومرحليا على الديمقراطية، ودعوت الله للإخوان أن ينظروا فيها بمنظور إسلامى إيمانى موضوعى يسمح لهم أن يحبوا الناس ويحبوا وطنهم ويحبوا أنفسهم ويخافون الله بطريقة أفضل وأعمق، قل لى كيف ؟
مع تقديم حسن النية دعوت الله أن يحسن هؤلاء القوم قراءة هذه النتائج (مع التجاوز عن تزوير بعضهم إياها) بما يساعدهم ويهديهم إلى الحق، وإلى الله، “أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ”، وأيضا ينظرون فيها استعداد للجولات القادمة، فلقاء ربهم: “بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ”،….، “وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً”،
وإليهم بعض ما خطر ببالى.
أولاً: عليهم أن يتذكروا أنهم مسئولون عن كل البشر إن كانوا حقيقة يريدون بالإسلام ومن الإسلام خيرا، وأن يتذكروا أن من أحيا نفسا واحدة – ولو نفسه – (بمحاربة قوى الشر عبر العالم) فكأنما أحيا الناس جميعا.
ثانياً: أن يتذكروا أن مسئوليتهم هذه تبدأ بالأدنى فالأدنى، فهم مسئولون عن التسعين مليون مصريا أولا وليس أخيرا انطلاقا إلى السبعة مليارات إنسان فى العالم (هل يا ترى لا يعلمون ماذا يفعل الشياطين بالعالم).
ثالثاً: أن يفهموا دلالة أن عدد الذين لهم حق التصويت فى المرحلة الأولى هو 26 مليوناً و6 آلاف، أن عدد الذين ذهبوا إلى الصناديق هو 31% من هذا العدد حوالى 9 ملايين وهم يعلمون بالتقريب كم عدد الذين حالوا دون وصولهم للصناديق.
رابعاً: أن يتأكدوا أن الذين امتنعوا (69 % حوالى 18 مليونا) هم مع “لا”.
خامساً: أن يتأملوا أنه برغم كل ذلك فإن مؤشرات نتائج المرحلة الأولى أشارت إلى أن نعم 56.5 % فقط .
إذن:
وبرغم كل ما أصيبت به من ضربات: “تحيا الديمقراطية” إن وصلتهم فوصلتنا بحقها، مع استمرار إصرارى أنها ليست “هى الحل”!! اختزالا، حتى نظل نبحث عن الحل الحقيقى الأفضل، نصحيتى لهؤلاء المجتهدين – مع ترجيح حسن النية – أن يجيب أى منهم فى ضوء ما ذكرت حالا، وفى نور قلبه الذى خلقه الله بلا غشاوة، على الأسئلة التالية:
1- هل أنت – وجماعتك الفاضلة- بعد قراءة هذه الأرقام تمثل التسعين مليون مصرياً فعلا، رجلا وأمرأة، يافعا وشيخا وطفلا وطفلة؟
2- هل تشغلك هموم هؤلاء جميعا – خاصة بعد صلاة العشاء – وقبل أن تغيب فى الموتة الصغرى، وأيضا حين تستيقظ وقد أحياك الله بعد أن أماتك واليه النشور؟
3- هل هذه الأغلبية (راجع الأرقام من فضلك) تعطيك تفويضا لاختزال الإسلام إلى الشريعة، واختزال الإيمان إلى الإسلام واختزال الكدح إلى الله إلى ظاهر الإيمان للإخوان.
4- هل ضميرك مطمئن بالنسبة لمن حيل بينهم وبين الإدلاء بأصواتهم لصالح ما تتصور أنه الحق الأوحد؟
5- هل تعلمت شيئا من موقف القضاء الشامخ، ووكلاء النيابة الشرفاء، وتمثيلية عجز الدولة عن فض الاعتصام حول هرم الحق فى مصر: المحكمة الدستورية الشامخة باسم العدل سبحانه وتعالى؟
6- هل انت راض عن إجاباتك على هذه الأسئلة، من عبد فقير مثلى، لا يحترف السياسة ويحاول أن يصالح هذه البدعة المسماة الديمقراطية؟
وبعد
مازلت أواصل دعائى ربى أن تكون النتيجة النهائية هى “نعم” حتى لا تتحقق أمنية الأشرار منهم فى إشعال حرب أهلية “وَتَضْـرَى إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ“، خاصة وأنا أتذكر تهديدات الرئيس نفسه، وليس الشاطر، بمثل هذه الحرب إذا فاز شفيق قبل انتخابات الرئاسة، (لم يقل إذا ثبت تزوير الانتخابات بحكم القضاء لصالح شفيق) فما بالك إذا سقط هو بعد أن اعتلى العرش.