نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 29-1-2025
السنة الثامنة عشر
العدد: 6360
ترحالات يحيى الرخاوى
الترحال الثانى: “الموت والحنين” [1]
الفصل الخامس
الفصل المفقود: (2)
أوراق قديمة، وأوراق مبعثرة (8)
من مذكرات 3 يوليو 1950
معذرة لقد نسيت أن أعلق على الحرب الكورية!!!
20 فبراير 1954
قال والدى ونحن نتكلم فى مقدار نصيب الإنسان من الجهد ومعنى الاعتماد على اللّه:
يا إبنى إنى حين أقول أسلمت وجهى لله كل صلاة لا أقولها وأستسلم،
وإنما أقولها لأقبل النتائج، و أتعلّم.
(عود على بدء) 27 / 8 / 1986
“ديكى ديكى، أنت صديقى أنت رفيق البيت، رفيقى
صِح فى الدار، أيقظ جارى، واشرب ماءً من إبريقى“.
هنا فى لبتوكاريا كنت أنا الجار الذى يوقظه الديك، وأنا الصديق معا،
صديق عن بـُعد كالعادة، حتى مع هذا الديك أصادقه عن بعد!!!
8 اغسطس 1987
………………
……………..
2000/6/8
هل هذا هو ما حدث فعلا أم أننى ألّفته بعد الامتحان كما تمنيّت أن أقوله؟ لا أعرف. كان أحد الممتحنين انجليزيا . وجدت أيضا مثبتا فى نفس التاريخ:
أول يونيو سنة 1950
ذهبت إلى سينما بالاس : فيلم كوميدى هو The Street with no Name لا أعرف ممثلية وفيلم The Big Man تمثيل الأستاذ Richard Woman وكان رائعا. (هكذا كان الاسم مكتوبا مسبوقا بـ”الأستاذ” لعله ريتشارد ويدمارك).
26 مارس 2000
كيف، أو لماذا كنت أسجّل الأفلام هكذا بهذا الإلحاح؟
25 يناير 1950
ذهبت إلى سينما متروبول فيلم صراع تحت الشمس Duel in the Sun كان رائعا، لم أستذكر شيئا…. قرأت قصة “بعد الغروب” ياله من مؤلف، محمد عبد الحليم عبد الله إنه هو الذى ألف “لقيطة”. صفحة مستقلة بعد تاريخ 31 يناير (1950
كتبت فى هذا الشهر من مؤلفاتى:”إلهام”، و”مصافحة و “وداع فى الريف”
فى هذا الشهر كان مما دخلت من الأفلام House of Strangers, ، جان دارك، والبجعة السوداء تمثيل مورين أوهارا، وتايرون باور.
(ملحوظة: لم أعثر على شئ من مؤلفاتى المزعومة تلك يونيو 2000)
31 يناير سنة 1950
ـ أعجبنى أيضا من أفلام هذا الشهر Key Largo تمثيل Edward G. Robinson
ذهبت إلى “فيلم بيومى أفندى”، الفيلم الجبار، أو إن شئت الأصح فقل إن ممثله الأستاذ يوسف وهبى هو الجبار.
11 يونيو سنة 2000
الأعجب أننى اكتشفت أننى كنت أسجّل مقتطفات من حوار بعض الأفلام، وأيضا بعض الأغنيات ، وبالإنجليزية فى بعض الأحيان، مثلا :
5 ثم 6 مارس 1950
ذهبت إلى سينما نورماندى مع عبد الفتاح فيلم South of St Louis فيلم عظيم أجبنى قولها (الممثلة المغنية فى الأغلب، لعلها ألكسيس سميث التى وردت فى الصفحة التالية ـ اليوم التالى) :
ومازالو يسيرون
يقال إنى جذابة،
ويقال إنى أنثى،
ومازالوا يسيرون
ورفعت الثوب عن حذائى، ثم عن رجلى، ثم عن ساقى،
فنظروا إلىّ، وما زالوا يسيرون.
ثم بالانجليزية فى اليوم التالى من نفس الفيلم فى الأغلب.
I want to sit with a soldier, any soldier, who kisses me
I want to walk with a soldier, any soldier, I dont worry
26 يونيو 2000
هل صحيح أننى التقطتُ ذلك حرفيا سواء بالانجليزية، أم من خلال الترجمة أثناء مشاهدتى الفيلم؟ هل هذه هى ألفاظ الأغنية أم أن الخيال قد ملأ الفجوات؟
كل هذا ليس مهما بشكل خاص، المهم هو دهشتى الآن وأنا أحاول أن أفهم عقلية ومزاج من هو فى هذه السن التى كنتها سنة 1950؟
هل ما زالت هناك مساحة فى عقول الشباب يملئونها بالخيال أو بالتسجيل أو بالمناجاة؟ العجيب أننى أكتشف أن هذه المنطقة ما زالت موجودة بنفس النوعية فى تركيبى الحالى حتى الآن، نكمل قليلا
12 مارس 1950
ذهبت إلى فيلم ربيكا تمثيل لورنس أوليفييه وجون فنتين، وهى أخت أوليفيا دى هافلين، .. . وقد تعجبت أن هذا الفيلم قد مثله (أوليفييه) سنة 1938 مع أن فيلم هملت قد مثله 1942، لكن قصارى القول أنه مثّل فأبدع،
26 يونيو 2000
لم يقتصر ما عثرت عليه من آراء فى الأفلام والروايات، بل كانت ثمة تعليقات تبين بعض علاقة هذا الشاب بالسياسة. ودلالة ذلك مقارنة بما يجرى الآن، قرأت :
29 يناير 1950
ـ ظهرت نتائج الانتخابات وتولى النحاس الوزارة.
عملت جميع المدارس إضرابا. “يحيا النحاس باشا” عدا مدرستنا، أثبتنا أننا راقيين مثقفين وأننا لم نـُـكتب فى أم الكتاب وفديون
14 فبراير سنة 1950
. رأيت جلالة الملك اليوم وهو يمر إلى مكانٍ ما وراء المدرسة الإنجليزية English School كان يضع حجر الأساس لمستشفى الأميرة فريال، كان منظره يحـّرك الحب والإجلال.
3 يوليو 1950
معذرة لقد نسيت أن أعلق على الحرب الكورية
20 يونيو 2000
لمن يعتذر هذا الشاب، ولمن يعلّق على الحرب الكورية؟ “بصفة ماذا؟
20 يونيو 2000
كان ضياع الفصل الرابع ثم البحث عنه فرصة للرجوع نصف قرن إلى الوراء، لأتجول هكذا. كنت نسيتُ ما لم أتذكره أصلا، فتغمرنى دهشة تبرر هذا الترحال الآخر. أشعر أننى لو تركت نفسى بين أوراقى المبعثرة هذه لأصبح هذا الفصل كتابا بأكمله، لقد بلغت الأوراق التى عثرت عليها عدة مئآت أو آلاف. قد تكون مهمة، وقد يثبت أنها أتفه من أن تنشر، وأن هذا الاستطراد قد نثَــرَ تسلسلا ما كان ينبغى أن يـُقـطع. أشعر أن نداء الرحلة ونحن فى طريقنا من تركيا إلى أثينا يشدنى بشكل ملحّ حتى لا تكون هذه الاستطرادة هربا من نبش الذاكرة لتسترجع الفصل الذى ضاع، لم أكن أذكر أننى كتبت شيئا عن الرحلة القصيرة إلى اليونان هدية زواج ابنى الأكبر تعويضا عن هذا الاغتراب الذى كاد يخنقنى فى فندق “هيلتون” النيل يوم عرسه. لم أذكرلأحد ذلك الدافع الخفى. هالة زوجته ابنة أخرى، وكما تعرّفت أكثرعلى والد ابنتىّ مايسة ومنى من خلال حبهما لى ، وله، على اختلافنا، تعرفت كذلك على د. حلمى نمّر والد هالة من خلال حبّها لنا معا على اختلافنا. مات الدكتور حلمى منذ أيام.
لم يكن د. حلمى نمّر، صديقى، تماما كما لم يكن د،السعيد صديقى، عثرت بين أوراقى المبعثرة على خطاب كنت أرسلته إليه دون معرفة فور توليه منصب رئىس جامعة القاهرة، كان ذلك سنة 1958 فى قمة خلافى مع المرحوم أ. د. هاشم فؤاد، (عميد الكلية) ذلك الخلاف الذى جعلنى أكتب كتاب “أسمار وأفكار” عن قصرالعينى وموقفى منه، هذا الكتاب أعتبره علامة أيضا لما يمكن أن يسمّى “سيرة ذاتية” أو لعله يندرج تحت “أدب المكاشفة” بشكل ما.
كان الاختلاف بينى وبين د. حلمى كأشد ما يكون الاختلاف. أذكر أن زوجته د. إجلال رأفت قالت بصريح العبارة فى أوائل فترة خطوبة ابنى لابنتها: إنها لا ترى أى فرصة لإقامة صداقة بيننا (د. حلمى وشخصى) وفعلا. كان كل ما يمثله هو نقيضى، إلا أننا كنا نشترك فى أمرين (حسب تقديرى) هما : حمل هم أهل بلدنا، ومحاولة الإسهام فى الأخذ بيدهم، كلٌّ بطريقته.
مات الدكتور حلمى نمّر، خلال عشرة أيام، مَرِضَ ثلاثة أو أربع أسابيع، ومات فى أيام، فيروس فى الكبد، يحمله ربع سكان مصر، ومصاب به عُشرهم، ينتشر هذا الفيروس بشكل متزايد فى الجسد المصرى بشكل ليس له تفسير ،ينتشر كما ينشر القضاء والقدر، قد يظل كامنا ما استطعنا أن نقاوم، فما أن يلتفت الواحد منا أو يتوقف ولو للنظر حتى ينقض عليه مفترسا، أتصور هذا الفيروس مثل القرادة التى شبه باتريك زوسكيند بطل روايته العطر جان باتيست غرنوى.
“القرادة العنيدة المتعفنة والمقرفة”…”…المتكورة على نفسها فوق شجرتها “… تنتظر حتى تسوق لها ….”صدفة عجيبة فى صورة حيوان ما”،…”…حينئذ فقط تتخلى القرادة عن تحفظها،فترمى بنفسها فوق اللحم الغريب لتتكالب عليه وهى تعض وتنهش”
انقض فيروس س على الدكتور حلمى منتهزا ضعف مقاومته ، فتهتك كبده، فمات، تصادف هذا مع صدور قانون للجامعات استقبله د. حلمى على أنهم :”:طردوه من بيته”، فانهارت مقاومته، ورأىته فى ألم لم أره من قبل أبدا، زرته أحاول مداعبته كعادتى معه، فوجدته مطعونا بجد، ثم اكتشفَ تذبذبا فى مستوى السكر فى الدم، ثم الصفراء، ثم السبب : انقضاض الفيروس على الكبد، ثم انتقل إلى القصر العينى التعليمى الأحدث، (يسمّونه الفرنساوى خطأ واحتقارا لنا واحتراما للصوص الذىن بنوه قبيحا ونشازا) ثم السفر إلى إنجلترا ثم كان يوم السبت 15 يونيو 2000 حين كلّمنى إبنى مصطفى يخبرنى بوفاته فى إنجلترا.
………………
………………
ونواصل الأسبوع القادم بقية الفصل الخامس: (الفصل المفقود: 2) (الفصل الحادى عشر: من الترحالات الثلاثة) “أوراق قديمة، وأوراق مبعثرة” (9)
التحدي
تدور الرحي
لتطمس ما لا يطمس
ينزلقون الي اسفل
ولا يشرئبون
يحكمون غطاء العيون
القلوب
تزهق انفاس وجودهم
دون الوجود
ينتشر وباء
العمي
يرتون بالماء المالح
كي يظل العطش
هو حبل الدابة
تحكم الغمامة
يزلوا
الهذا خلقوا
لا يستحقون هبة الحياة
يعمهون
يطل المخنوق بين الاغشية
عله يتنفس
يحكمون الغطاء
والاغرب
انهم يزدانون بحلي براقه
مزيفه
تزيد من زغللة
الضلال
يطل الآخرون
علي هولاء
يظنون انهم
الناجون
يتكورون كتلا ماسخه
يلهثون علي فتات
فضلات
بقايا التخثر
تزلزل الارض
تعلن فشل النوع
وانقراضه
فهو لا يستحق
الحياة
تبت يداهم
ما اغني عنهم
ما كسبوا