نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 6-11-2013
السنة السابعة
العدد: 2259
تحصين الكرامة الإنسانية بالدستور (1)
كان الله فى عون أعضاء لجنة الخمسين ولجنة العشرة، ولجنة المائة، وأصوات الاثنين وخمسين مليونا فى مهمتهم الرائعة الشديدة الصعوبة، نبدأ بلجنة الخمسين فأدعو لهم بالتوفيق والصبر وأن يصلنى منهم فى نهاية النهاية ما أستطيع أن أصحح به جهلى أو أحسن ذكائى، فأرضى ضميرى وأنا أدلى بصوتى بـ “نعم” أو “لا”، حتى أرحم نفسى من شعورى بالتقصير، وقلة الوطنية الإيجابية لو أننى احترت لدرجة الامتناع عن التصويت.
فى صحف اليوم قرأت هذا النص: “انتهت اللجنة من تمرير المادة 37 من الدستور بعد أن صوت الاعضاء على صياغتها المعدلة لتنص على أن “الكرامة الإنسانية حق أصيل لكل إنسان: لا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وضمانة حمايتها ” (الشروق 28-10) وبعد الخبر ذكرت الصحيفة أنه حذفت من المادة القديمة ما كانت به شبهة أحتمال اقتصار تطبيقها على تصرفات تعذيبية أو تعزيرية بعينها، قلت الله نوّر هكذا تلتزم الدولة – دستوريا– بمنع أيها مساس بكرامتى وكرامة ابنائى وبناتى، وكافة مواطنىّ،
قيل وكيف كان ذلك؟.
قبل أن أحاول أن أجيب حضرتنى تساؤلات استيضاحية منها: هل الكرامة الإنسانية يمكن أن تصاغ أصلا فى كلمات؟ وهل وضع مثل هذه المادة فى الدستور هو الذى سيحفظ على الإنسان المصرى كرامته؟ وهل تفاصيل مواد القانون العادى للتعامل وعدم التعرض للخصوصية، وما أشبه، ليس كافيا لحفظ الكرامة؟ وما هو السلوك المطلوب للحفاظ على الكرامة حتى فيما بين المواطنين وبعضهم، وكيف تلتزم الدولة بضمان أن يلتزم كل واحد حدوده؟ أليس العدل المطلق هو الأصل فى كل التعاملات بكل التفاصيل،
أنا لا أعرف ماذا ينبغى أن ينص عليه الدستور ثم نعرضه على الخمسين مليون ناخب، وماذا ينبغى أن يقوم به الجهاز التنفيذى فالقضائى للدولة يوميا ومنذ الآن تطبيقا للقوانين المحكمة التى تحافظ على الحقوق بما فى ذلك حق عدم المساس بالكرامة؟ وهل يوجد دستور فى الدنيا ينص على السماح “بمرمطة” كرامة المواطن، وبالتالى نحتاط نحن بأن ننص على ما هو ضد ذلك؟
حفظ الكرامة هو بالاحترام المتبادل، والاحترام الحقيقى للآخر إنما يتم وهو حاضر وهو غائب على حد سواء، وهو أعلى درجات الحب، ويظهر ذلك فى أن نتذكر هذا الآخر، وأنت تركن عربتك، وأنت تختار لون عمارتك، وأنت تلقى ببقايا أكلك وأن تتبع قاعدة أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك وأن تأبى على أخيك ما تأباه على نفسك بل أن ترجو لأخيك ما ترجوه لنفسك،
ورجعت التساؤلات: يا ترى هل هذا من اختصاص الدستور أو هو نتيجة لمنع الغش فى المدارس، واحترام الوقت، وحضور الله فى وعى كل فرد كل ثانية؟
يا سادتى الكرام كنت ومازلت أداعب زملائى، وأمنع نفسى أن نتحدث نحن النفسيين فى وسائل الإعلام بنصائح مباشرة، فأقول لننسى ولهم ماذا يمكن أن يصل للناس إذا قلنا لهم أنه على الإنسان أن يكون “كويسّا”، ثم نؤكد لهم أن التربية النفسية الصحيحة نؤكد إن “الإنسان الكويّس هو أحسن من اللى ماهوش كويس”. هل نضع مادة فى الدستور تلزم الناس أن يكونوا كويّسين؟
طالب من الله، ولا يكثر على الله أن يكون الدستور من عشرين مادة أساسية لا أكثر، ليس فيها بديهية واحدة يمكن أن تُستنتج دون نص،
والباقى نتركه للقوانين التفصيليه وقضائنا الشامخ، وأخلاقنا إن شاء الله بإذن الله من غير مقاطعة.
[1] – تم نشر هذا المقال فى موقع “اليوم السابع” بتاريخ 28-10-2013.