نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 19-3-2014
السنة السابعة
العدد: 2392
تحرير العلم من الأموال القذرة (1)
كنت قد وعدت أمس أن أقدم نبذة عن هذا العالم المبدع الشجاع “روبرت شيلدراك” وبالذات وهو يقدم كتابه الرائع “تحرير العلم”، ثم وجدت اليوم أن الكاتب الصادق الأمين الاستاذ محمد البرغوثى فى صحيفة الوطن اليوم (1/3/2014) بعنوان “الاستعمار العلمى الغادر” قد أعفانى من مقدمة ضرورية حين شرح كيف أن كثيرا مما يسمى العلم خاصة فى مجال صناعة الدواء قد تحول إلى تجارة فاحشه، وقد سبق أن كتبت بالتفصيل كيف أن هذه المنظومة الاستغلالية الخبيثه قد تمادت حتى وصل ما تفعله إلى حد الجريمة، وليس فقط مجرد الخطأ أو اختلاف وجهات نظر علمية، كما سبق أن شرحت النص المعاد (سكريبت Script) من: التركيز على وصم وشجب العقاقير المجربة الرائعة المفعول لمجرد أنها رخيصة تحت زعم أنها ذات أعراض جانبية خطيرة، لتزاح من السوق ويحل محلها عقاقير يبلغ ثمنها أحيانا عشرات إلى مائة ضعف ثمن العقاقير الاولى (نعم مائة لا يوجد خطأ مطبعى)، فإن لم ينجح ذلك اختفت من السوق بفعل فاعل، و”ملعون أبو الفقراء”!! لتظهر العقاقير الباهظة الثمن، مع إخفاء آثارها الجانبيه عمداً، وبِعِلْم عَاِلم!! لمدة سنوات، يكونون فيها قد حصّلوا أضعاف مازعموا أنهم صرفوه على العلماء الذين ابتكروا هذا العقار الجديد ذا السعر الفلكى!! وكان أخر مثال لذلك هو هذا العقار الأمريكى المزعوم ضد فيروس “سى” البالغ ثمنه ثمانون ألف دولار للمريض الواحد، ثم يأتى نفر ممن يحملون شهادات كبيرة جداً، ممهوره من جامعات حلوة جدا محلية أو خوجاتيه جدا، يأتون ويصدقون، ويصفقون، ويسوقون، ويجهّلون كل من يخالفهم، دون النظر إلى تعريف عملى للصحة والمرض، ولا إلى دراسة جدوى العطاء الإنسانى الفعلى، ولا حقيقة محكات الإسهام فى الحياة، ولا إلى فقر أغلب المرضى الحقيقيين، فيزيدون على فقرهم إيهامهم بأمراض غير موجودة، ثم يضيفون إلى ذلك حسرتهم على عجزهم عن الحصول على أدوية فلكية يقع ثمنها بعد مدى ما يمكن أن يصل إليه مجرد خيالهم.
هل استسلم العلماء الشرفاء لكل هذا؟
لا، أبداً!!!!
بدأت الثورة هناك وهنا، وكان من ضمن ما بلغنى من سنوات كتاب بعنوان: “سبع تجارب قد تحول مجرى العالم”، لهذا العاِلم السالف الذكر نفسه “روبرت شيلدراك”، وكم فرحت بشجاعته وأمانته ودعوته للشخص العادى أن يمارس بنفسه تجارب علمية مجانية، ويرصد نتائجها، وبهذا يدرب أى واحد منا نفسه على الحفاظ على “التفكير الفرضى الاستنتاجى” “الذى ينعم به ربنا علينا جميعا من سن السابعة، فتقضى عليه المؤسسات السلفية الإعلامية والمالية يمينا ويساراً، بكل جبن ساحق.
عدت إلى هذا العالم الجميل لتتاح لى فرصة مشاهدة محاضرة لكتابه الجديد “العلم يتحرر” وهى متاحة لمن شاء، وعليها ترجمة بالعربية: http://www.youtube.com/watch?v=R2jvhhGS7HQ#t=27
وإليكم بعض ما جاء فيها وهو يقدم كتابه الجديد “العلم يتحرر”، قال:
“… ما الذى يتحرر منه العلم؟ …. ؟ يتحرر من الوهم!! …” ثم قال: “معظم الناس لايصدقون قولى أن العلم نظام عقائدى لأنهم يرددون: أن العلم طبعا هو الشىء الوحيد الذى يمكننا من تخطى النظام الإعتقادى المتعصب…” لكن معظم العلماء لايدركون أن الحقائق التى يكررونها ليست إلا معتقدات، إنهم يظنون أن الأخرين لهم معتقدات: المسيحيون، البوذيون، المسلمون، وهلم جرا أما هم فليس لهم معتقدات لذا هم يعرفون الحقيقة المطلقة….” وهم لا يعلمون أنهم قد أصبحوا أكثر جمودا، ولا يرددون إلا مسلمات” …. ومعظم الناس خارج دائرة العلوم يعتبرون معلومات العلماء حقائق صحيحه: فقط لأن العلماء قالوا بصحتها…” ثم يستطرد: “الذى أفعله فى هذا الكتاب “تحرير العلم” هو استعراض العقائد العشرة للعلم الحديث، وتحويلها إلى أسئلة أعاملها كفرضيات يمكن إختبارها”.
ثم راح يعدد العشر معتقدات الخاطئة لما هو علم، وراح يفندها لدرجة أوصل خطأ أغلبها إلى حد “الضلال”Delusion ، فيحضرنى أينشتاين وهو يقول: “إن العلم أهم وأرقى من أن يترك للعلماء وحدهم” وأيضا يحضرنى قوله “العلم ليس سوى إعادة ترتيب لتفكيرك اليومى”.
وبعد
بصراحة، وأنا أهاجم العلم هكذا خفت من استقبال ناسنا لهذا الكلام، فيلقون بكل معطيات العلم المفيد، الجميل الرائع فى نفس السلة التى ألقوا فيها هذا العلم الخبيث الدولارى المتآمر، فلا يبقى لدينا إلا الخرافة، والجمود السلفى الدينى الناحية الأخرى، علماً بأن تسطيح الدين والاستهانة بروعة وفاعلية الإيمان الحقيقى الحافظ للصحة والإبداع قد ساهم فى تقديس العلم حين انساق المسطـِّحون – دينا وعلما- وراء البدعة التى تسمى “التفسير العلمى للنص الإلهى” مما جعل من العلم مرجعا أوليا، وكأنه هو الذى عليه أن يثبت الحقائق الإلهية الأكثر شمولاً وأرحب عطاءً، فهل ثم تقديس أكبر من ذلك؟ أليس من حق هؤلاء العلماء الدولارين أن يمشوا فى المعامل مرحاً، وأن يخترعوا الأمراض والأمصال ويقسموا الغنائم على رجال الكونجرس وقادة اسرائيل وكذلك على من غفل أو تغافل من العلماء السذج الطيبين، وكله بثوابه؟!
[1] – تم نشر هذا المقال فى موقع “اليوم السابع” بتاريخ: 1-3-2014