“يومياً” الإنسان والتطور
16-9-2008
السنة الثانية
العدد: 382
من مجموعة الأربعاء (العلاج الجمعى)
تجربة من العلاج الجمعى (ليست لعبة) !!
هل نحن نقبل ما نرفضه فى أنفسنا؟
فى العلاج الجمعى الجارى فى قصر العينى، تدرج التفاعل مع أحد المرضى (نتذكر أننا لا نذكر التشخيصات، ونغير الأسماء إلا اسم المدرّب، المعالج الأساسى) حول ما يرفضه فى نفسه لكى “نشتغل فيه” معه “هنا والآن”، وفوجئنا باكتشاف بسيط خطير فى آن، هو ما سنعرضه كما هو فى هذه النشرة:
هذا الاكتشاف برغم بساطته ومباشرته، وبرغم أن الذى قام به هم مجموعة من المرضى أغلبهم من الطبقة الوسطى، فالأدنى، وتعليمهم يتراوح بين الأمية والمتوسط ثم الجامعى (أقل بكثير)، ونحن فى رمضان، والحضور ليس كاملا، بالرغم من كل ذلك فهو يتناول أعمق مشاكل التركيب البشرى،
وقد جرت التجربة بهدوء، وكأنها تسرقنا دون مقاومة، وانتهت بإنارة لم نناقشها، إذ يبدو أن الرسالة التى تضمنتها قد وصلت للمشاركين بما لا يحتاج إلى نقاش، وأيضا ربما خوفا من أن تحرقها الألفاظ والعقلنة.
الفرق بين هذه التجربة، وما قدمناه مما أسميناه “ألعاب نفسية”، سواء مع الأسوياء فى “سر اللعبة” أو ما تفضل به أصدقاء النشرة أو أصدقاء الموقع، الفرق هو أنه ليس مطلوبا فيها منك أن نكرر ألفاظا بذاتها كيفما اتفق، فتكتشف انت أو نكتشف نحن من خلالها ما تيسر من داخلنا أو مما هو نحن. كما يحدث فى اللعبة، هنا فى هذه التجربة، نبدأ بتصوّر واحد حسب رؤية المجرب، ثم بعد ذلك نجرب بتمثيل مشتمل (الجسد واليدين والوجه والعينين والصوت ثم النص اللفظى) نفس التصور من زاوية أخرى،
الفكرة أننا حين نمثل نقوم بتمثيل دورٍ ما نحن نعتقد أنه لا يمثلنا، أو أننا لا ننتمى إليه، أو أننا حتى نعيش عكسه، قد نكتشف (وهذا ما حدث) أن ما نمثله هذا له جذوره الكامنة فى داخلنا، وعموما فهذا أيضا أبسط من السيكودراما أو حتى الصورة الأصغر منها المينى دراما.
على بساطة التجربة، فقد لمستْ مسائل من أعقد وأعمق ما تناولته فلسفات متعددة، ونظريات نفسية متنوعة، مثل “إشكالة النفى” negation أو التناقض contradiction أو الجدل Synthesis أو غير ذلك، الأمر الذى نتصور دائما أنه أقرب إلى التنظير العقلى مع أن أصوله غائرة فى قوانين الحياة كما تعاش بما هى لا أكثر ولا أقل،
إننا لكى نمارس قوانين الوجود ليس مطلوبا منا أن نتحذلق أو نتموسع، وإنما نحن نتلقى الرسائل المعاشة كما هى، حتى لو عجزنا عن التعبير عنها مكتفين برصد أو قبول أو التعلم من، أو تطوير نتائجها.
أتصور أنه يمكن للقارئ الزائر، خاصة من تفضل بمشاركتنا من قبل فى الاستجابة للألعاب التى قدمناها، يمكنه أن يشاركنا التجربة، شريطة أن يتبع التعليمات التى سوف نوردها بعد تقديم هذا المقتطف المحدد من تلك الجلسة فى العلاج الجمعى .
مقتطف التجربة أثناء العلاج الجمعى
د.يحيى:
إيه يا نبيل اللى أنت رافضه فى نفسك بالضبط؟
نبيل:
مش عارف، يتهيأ لى حاجات كتير
د.يحيى:
إختار حاجه واحده هنا ودلوقتى، واعلنها: أنا رافض كذا
نبيل:
أنا رافض فى نفسى التوهان والبعد، يعنى الخروج عن الواقع
د.يحيى:
طيب، إيه رأيك، لو تقول بقى يعنى كده وكده، يعنى بتمثيل: أنا قابل فى نفسى التوهان والخروج عن الواقع
نبيل:
أنا قابل (توقف) ….. إيه ده؟؟؟ يا خبر !!! أقول اللى انا رافضه؟ أقول أنا قابله؟
د.يحيى:
أيوه: مرة كده ومره كده، واوعى تنسى إنك بتمثل، حتى لو القبول ده مش عندك، قلها كأنك قابل بحق وحقيق، قولها بإيديك، وعنيك، ولازم توجه كلامك لحد من زمايلك أو زمايلى،
نبيل:
أنا قابل فى نفسى التوهان والخروج عن الواقع هنا ودلوقتى
د.يحيى:
بس كده، إيه رأيكوا، كل واحد يحاول يعملها زى نبيل، ولو إن نبيل مَثِّل نص نص:
يعنى يقول يا فلان: أنا رافض فى نفسى كذا، ويرجع يقلبها هى هى، وكأنه فعلا قابل اللى هوه رافضه !! مين يبتدى؟
د.يسرا:
يا أمانى:
أنا رافض فى نفسى القسوة
وأنا قابل فى نفسى القسوة هنا ودلوقتى
أمانى:
يا دكتورة دولت
أنا رافضه فى نفسى السلبية
أنا قابلة فى نفسى السلبية
د.دولت:
يا حاتم
أنا رافضة فى نفسى الكسل،
أنا قابلة فى نفسى الكسل
حاتم:
يا سالم
أنا رافض فى نفسى المرض،
أنا قابل فى نفسى المرض
سالم:
يا خالد
أنا رافض فى نفسى المرض،
انا قابل فى نفسى المرض
خالد:
يا دكتورا دنيا
أنا رافض فى نفسى الحزن،
أنا قابل فى نفسى الحزن
د. دنيا:
يا أشرف
أنا رافضه فى نفسى التردد،
أنا قابلة فى نفسى التردد
أشرف:
يا سلامة
أنا رافض فى نفسى الحياه
أنا قابل فى نفسى الحياه
سلامة:
يا عزيز
أنا رافض فى نفسى الحب
وقابل فى نفسى الحب
عزيز:
يا دكتور يحيى
أنا رافض فى نفسى الاستيعاب،
وقابل فى نفسى الأستيعاب
د.يحيى:
يا يُسْرَا
أنا رافض فى نفسى ادعاء التواضع
وقابل فى نفسى ادعاء التواضع .
إنطباع بعد التجربة
حين انتهت التجربة، نظرنا فى وجوه بعضنا البعض، ولم يستطع أى منا – بدرجات مختلفة– أن يخفى دهشته مما وصله، وكان معظم ما وصلنى شخصيا دون أن أختبره بسؤال أو أعلنه فى تعليق هو ما يلى:
1- إن المسألة ليست بالصعوبة التى تبدوا لأول وهلة حين يُطلب من أينا أن يجرب العكس
2- إنه لا توجد فروق كبيرة بين استجابة الأصحاء (الأطباء) وبين استجابة المرضى
3- إن أحد الاحتمالين (الرفض فى مقابل القبول) لم يُلْغِ الآخر
4- إن المشاركة الجماعية، والمساواة بين دور الأطباء والمرضى سهلت التجربة
5- الأرجح أن عدم مناقشة التجربة بالألفاظ ساعد على تعميق أثر التجربة غالبا
والآن: الدعوة عامة للأصدقاء (مع تحوير بسيط)
الخطوة الأولى
- تبدأ بأن تختار ما ترفضه فى نفسك كيفما اتفق، تحاول ذلك بسرعة ما أمكن، تختار سمة واحدة فقط، أو موقفا، أو سلوكا، ليست بالضرورة أهم ما ترفض
- تقولها بصوت مرتفع:”أنا رافض فى نفسى” كذا أو كيت
- يمكن أن تقولها لنفسك، ويمكن أن تقولها لصديق، يتبادلها أو لا يتبادلها معك
الخطوة الثانية
o بعدها مباشرة، تقول نفس العبارة، بعد تغيير “أنا رافض” إلى “أنا قابل“
o حاول أن تجعل تعبير الوجه، والصوت، واليدين بالذات، والجسم، أن تدل جميعها على أنك تقبل فعلا ما تمثل قبوله، وتذكر أنه تمثيل فى تمثيل (مثلما فعلنا فى المجموعة)
o لاحظ ما طرأ عليك مقارنة بما استبعدته قبل أن تجرّب
ما بعد ذلك:
- يمكن ألا تفعل شيئا إطلاقا بعد ذلك (لا تفكر فيما حدث، ولا تقل شيئا، ولا تكتب)
- يمكنك أن تقول (أو تكتب) لنفسك (أو لنا) ملاحظاتك، فورا، أو بعد قليل
- ويمكن أن تفكر فى الأمر لاحقا
- ويمكن أن ترفض كل هذا ساخرا
ما رأيك؟!!!!!