يوميا الانسان والتطور
25-9-2007
بعض وصف “بعض” مصر !!! 2007 (3)
هذا هو الجزء الثالث والأخير (مؤقتا) من “لمحات من” كتاب لن يصدر أبدا،
يحكى عن ما نحن فيه، والأجزاء الثلاثة حتى الآن بما فيهم هذه
“العينة المقدمة” للفصل الأول (الوهمى) هى ما اقترحت أن يكون “جدول أعمال” هذه المحاولة اليومية، (يوميا: الإنسان والتطور) إلا أن الاستجابات المبدئية كانت معدومة تماما ربما غمرها زخم فيضان العناوين، وازدحام “جدول الأعمال” بالأسئلة دون إجابات. كما خفتت أصوات الحماس الطيبة القليلة التى كانت تأتينى، خفت أو تراجعت.
دعنا نرى بعد هذا الجزء الثالث متى وكيف سوف أتوقف، وأنا أرجع للتساؤل : لمنْ أكتب. وهل أستمر؟
إجابتى الحالية هى: سوف أكتب “لى”، حتى أتوقف.
بعض معالم الفصل الأول
مصر: أين هى الآن؟ ماذا هى؟ إلى متى ؟
(بعض مقدمة الفصل دون متن لاحق)
أين تقع مصر الآن من العالم/ فى العالم (ليس لمجرد المقارنة أوالمدح والهجاء) ؟
محاولات إزالة الحدود بين الأوطان أخذت عبر التاريخ أشكالا مختلفة ، فكل دين مثلا يضع أول مهمته هداية كل البشر، وكأن البشر يمكن أن يصبحوا على دين واحد فى العصر القريب أو البعيد، (راجع هذه الهيجات الفظيعة، والفرحات المقابلة، لتنصير مسلم أو إسلام مسيحى أو ملحد حتى جارودى!!!)، ثم جاءت الشيوعية تدعو إلى الأممية بدءا بالنداء الأشهر “يا عمال العالم اتحدوا” ثم هذه هى العولمة تلعب نفس اللعبة على أقذر بالقتل الاستباقى والتطهير العرقى والمواثيق الملتبسة والنشاطات الاقتصادية التى أزاحت الحكومات جانبا (عابرة القارات) ، المحاولة (المحاولات) ممتدة ومزعجة رغم فشلها قديما وحديثا،
فيظهر ما يسمى التعايش الخلاق ، وهو شى طيب، لفظ رائق، وفكرة جميلة، لكن من يتولى تحقيقها أو السير فى اتجاهها بلجدية الكافية؟
أين تقع مصر فى كل هذا؟
إلى متى سوف تظل مصر هى مصر بمعالمها المتميزة؟
وهل لا بد أن يكون لها معالم متميزة؟
إلى متى “مصر”
إلى الأبد ..، تماما مثلما يظل الشخص هو نفسه إلى أن يموت، مع أنه ينتمى إلى أسرة ومجتمع ووطن ما.
هل يمكن لأى منا أن يصبح ذرة مجهولة بين سائر الناس لمجرد أنه يحبهم جدا جدا، وأن هذا هو المطلوب تحت أى عنوان؟
طبعا لا !!
مرة أخرى أقتطف أغنية الأطفال (داخلنا وخارجنا)
كل واحد يبقى نفسُهْ
بس نفسُهْ هيـّا برضه كلنا،
مالى وعيه بربنا
(سوف أؤجل عرض رأيى فى الشطر الأخير حاليا فهذه قضية جوهرية لا تكفى فيها أية إشارة)
حين نتكلم عن “بعض وصف بعض مصر” ، علينا أن نستشرف مستقبل العالم لنرى مكاننا فيه ونحن نؤكد هويتنا جدا، وحتى نحقق بعض ذلك، دعونا نحاول الإجابة – أو حتى الوقوف أمام بعض الأسئلة كعينة محدودة، مثلا :
أين يقع العالم فى وعينا الفردى اليومى الآن ؟
المتابع لحركات التواصل بين البشر العاديين حول العالم سوف يدرك مباشرة أن ثمة حاولات متعددة الأطراف تجرى فى كل مكان ، تضرب مركزية المعلومات ، و سطوة الإعلام المركزى، وحتى التعليم الرسمى الفوقى. اللامركزية الشعبية تنمو وتتمادى فى كل مكان (ومنها هذا الموقع مثلا) وهى التى تسمح بحركية فى تبادل الآراء والمواقف (بل والمشاعر عبر العالم) ، لكنها أيضا تسمح بتبادل ونشر أفكار شاذة مغتربة، ومواقف متعصبة بلا حدود.
أي الاتجاهين سوف يغلب ؟
لا أعرف.
لكن مصير الجنس البشرى كله قد يتوقف على هذه النقطة التى تبدو ثانوية فى العصر الحاضر.
انتباه ضرورى:
لا يخفى على أن الدعوة للوعى بهذه الحركية التواصلية عبر العالم من حولنا تبدو سخيفة ومرفوضة وعبيثة إذا مرّت على وعى عامل مصرى (أو غير مصرى) كادح لا يجد الخبز “الحاف” لعشاء أولاده، أو قرأها هنا موظف متوسط لا يجد أجر المدرس الخصوصى (مهما زادوا فى مرتبات المدرس العمومى) لابنه إلخ. هل معنى ذلك أن نسكت ونحجم عن المشاركة حتى يجد هذا العامل ثمن الرغيف؟ (علما بأنه حتى لو وجد ثمنه قد يعجز عن الحصول عليه لطول الطوابير وقلة العرض) الأمر ليس فيه”إما أو“: إما الحاجات الأساسية أو المشاركة العالمية، ذلك أنه يوجد عبر العالم شعوبا تجد الحاجات الأساسية، بل والرفاهية الاستهلاكية، ومع ذلك فهى فى نفس المأزق : التهديد بالانقراض وهى فى أعلى قمة “السعادة اياها“
حين نحاول أن “نصف بعض مصر الآن” علينا أن نبذل الجهد اللازم فى محاولة التوفيق بين “الهم اليومى، والوعى العام إلى الوعى الكونى”، ذلك أن الله حين خلقنا لم يخلقنا لنحصل على رغيف العيش وأجر الدرس الخصوصى إلا باعتباره الضرورة الحتمية لمجرد البقاء، ثم بعد ذلك خذ عندك : تعمير الأرض والسعى إبداعا إلى وجهه.
بعد تجارب التاريخ الفاشلة والناجحة معا، لم تعد ثمة حتمية للانتقال التلقائى من مستوى” الضرورة” إلى “مستوى الحرية” بأى شكل من الأشكال ، كل (أو أغلب) من حقق مستوى الضرورة لم ينتقل إلى مستوى الحرية ، بل سجن نفسه إما فى ضرورات متجددة يغذيها الاستهلاك والاغتراب أو التأجيل حتى يموت، يفعل ذلك وهو يحيط نفسه بسياج من المقدسات المنغلقة ، أو يعشى بصره بزخم من بريق الشعارات “المـُطَـبْـطِبة”البراقة.
حين نتساءل عن وضع مصر الآن ونحن نصف بعض مصر، يجدر بنا أن نحدد المحكات التى نقيس بها هذه الإشكالة ، هل نحن – بوعينا الفردى فالجمعى- جزء من البشر مهما كانت الصعوبات، ومهما كان افتقارنا حادا إلى متطلبا الضرورة الحياتية اليومية؟ أم أننا لا نفعل شيئا إلا تكرار أننا “أبناء الحضارة التى هى” أ و ترديد أننا “خير أمة أخرجت للناس” دون أن نتحمل مسئولية هذا وذاك؟
والآن : كيف نحول أن يكون همنا بكافة البشر ليس خدع’ هروبية تلهينا عن حقنا فى العيش الضرورى ، والقدر الكافى من الكرامة والاحترام لنكون بشرا؟
ثم كيف نحول دون التوقف عند الضرورى الذى حتى لو تحقق لوجدنا أنفسنا ندور فى نفس الحلقة، مع تصعيد مستمر لما هو ضرورى؟
كل هذه المقدمة هى تمهيد لتساؤل يقول :
1) إلى أى مدى يشارك المصرى فى زخم الإبداع الضرورى والمتجدد عبر العالم؟
من الإبداع التقنى، والإبداع الدينى إلى الإبداع الإيمان الحقيقى مرورا بالإبداع التشكيلى بما فى ذلك تشكيل الوقت (الموسيقى)، والإبداع المنهجى فى البحث المعرفى؟ دع جانبا حكاية الجوائز العالمية التى يحصل عليها أفراد نابغون نفخر بهم ونتصبر بفضلهم ونشكر لهم عطاءهم، لكن دون أن نقفو آثارهم، أو نحاول أن نكمل مشوارهم؟
إن من يريد أن يساهم فى وصف بعض مصر قد يجد نفسه مطالبا بالإجابة على أسئلة أخرى مثل:
2) أى الأجيال عندنا :
- جاهز للتجاوز؟يرغب فى التجاوز؟
- يرضى عن التجاوز؟
- يقدر على التجاوز؟
(هذا إذا ما أدرك معنى التجاوز وضوروته من أصله )
3) هل نحن نعرف كيف يمكن أن نتجنب الالتهام من الأقوى سواء بالتعاون أو بالتجاوز؟
4)هل يشارك شبابنا فى:
- اللحن العالمى الجديد؟
- الوعى العالمى الجديد؟
- الوصْل (التواصل) العالمى الجديد؟
…. بأى قدر؟ وهل يتزايد؟
5) هل ثمَّ، بديل للثورات التاريخية التى ثبت أنه لا يرثها إلا الانتهازيون والسفاحون الأوغاد الذين استطاعوا أن يتخلصوا من أصحابها ومن منافسيهم على حد سواء؟
6) هل بدأنا؟ مهما كانت البداية متواضعة؟
7) متى نبدأ إن كنا لم نبدأ؟
وبعد
أرجو من قارئ هذه اليومية المتواضعة ألا يتصور أننى أحلم، وإلا ما أضعت وقتى فى هذه الورطة المتزايدة – بين سائر اجتهاداتى.
أنا أكره المثالية جدا، ربنا حين خلقنا خلقنا من طين الأرض لنظل مرتبطين به.
فى نهاية قصيدتى “فى “هجاء البراءة” قلت منغرسا فى الأرض :
جــحـافلُ البــشـرْ،
كـالــدودِ والجـــــذورْ،
تغوص فى اشتياق،
فْى الطين والعفنْ.
وفى نهاية ديوانى الأول بالفصحى قلت:
خاتمة
لا.. .
يا من ترقب لفظى العاجْزْ
بعيون الفن المتحذلقْ
أو تفهم روح غنائى
بحساب العلم الأعشي
لا تحسب أنى أكتب شعرا
بخيال العجز الهارب
أو أنى أطفئ ناري
بدموع الدوح الباكى
لا .. لا .. لا.. لا
هذا قدرى
وقديما طرق الباب الموصد شيخ أعرج
فتعارجت
(فليس على أعرجٍ من حرجْ)
فليحترقِ المعبد
ولتذرُ الريح رماد الأصنام
ولتُسأل نفس ما كسبت
وليُعلن هذا فى كل مكان:
‘فشل الحيوان الناطق أن يصبح انسانا’
أو .. .. ..
فلنتطورْ
إذ يصبح ما ندعوه شعرا
هو عين الأمر الواقع.
أما نهاية ديوانى أغوار النفس، وأعتقد أنه قد سبق لى أن اقتطفتها فى يومية سابقة ، ولا أجد حرجا فى إعادتها بمناسبة عنوان هذا الفصل، قلت أعرّف “مصر” :
دانا لما بابص جوا عيون الناس،
الناس من أيها جنس،
بالاقيها ف كل بلاد الله لخلق الله.
وفْ كل كلام ،.. وفْ كل سكات.
واذا شفت الألم، الحب، الرفض، الحزن الفرحه فى عيونهم..
يبقى باشوف مصر.
وباشوفها أكتر لما بابص جواي.
والناس الحلوين اللى عملوا حاجات للناس،
كانوا مصريين !!
“كل واحد همّـه ناسه،
كل واحد ربّـه واحد،
كل واحد حـرّ بينا،
يبقى مصري ”
تبقى مصر بتاعتى هى الدنيا ديه كلها،
هى وعد الغيب، وكل الخـلـق، والحركة اللى تبني.
= لأ يا شيخ !!؟
- قلت اصـبّـر نفسى برضه بكلمتين،
[بس هـمّـا،
بس صح ،
يعنى ! برضه !!]