عدد أبريل 1982
بضع جرعات إضافية.. فوق شعاع شفاف
علاء إبراهيم
ابق حيث شئت-كيفما شئت.. العق حزن الأمس بيومك المتجهم، ولا تأبه بنذالة الخصيان. فلم تعد تروقك الألسنة المدلاة، ولا العيون المتقدة شررا.. احص قروشك القليلة الصدئة والق بها فى النهر، وتذكر الدين – فأنت منذ الآن دائب، ولأول مرة.. ثم أنس كل شئ وكن مطمئنا؛ فعيون الشباك لن تصير قرة عينك. والقاع عميق – اعمق مما تحلم ….
(ابق حيث شئت. فالسم سمك أنت/ والموت موتك/ والغريب ليس لك/ وأنت المألوف لذاتك والمجتر لخوفك.. لا يضيرك أن تتبدد قسماتك أو تتلاشى ملامحك بين الحافلات الضخمة وفى الساحات الصاخبة، مادمت لعينيك قريبا/ محفوفا بتلاوينك، وبعربدة صراخك النحاسى../ فابق …) .
ستفرك السماء كفيها، فتشيع الدفء فى أوصالك المرتعدة… سوف يهبط المطر حانيا فى كوكبك الصغير، ويتودد إليك …
فارقص رقصتك الأولى/
وامسح عن جبينك/
واجرع كأسك منشيا …
***
(الأمام يرتعش والوراء مستحيل/ وبركة من الدم المتجمد بينهما../ وحزنك الطفولى بدائى جامح/ يتلوى على جبينك/ وتتوه أنت فى ثناياه/.. شفاهك الغليظة مازالت ترطن بلغة العناد المتغضن/ وغطرسة الألهة المهزومة ..) .
يسطع جبين حبيبك فى ألق فجائى../ يغمرك بغبطته وبنهم يتحفز للحرية../ يلقاك متسائلا؛ يتدفق من عينيه النجميين- يتدفق النداء فى بساطة الاخضرار. ويتركك متحديا/ فتحتقن العين بلفظة لا تأتى/وبنور يخطوك الجسد/ فتتفصد منه الأسرار..( أكنت بحاجة للموت كى تقتص لك الأغنيات الحبيسة؟ أم أنك افترشت المذلة فتآمر عليك الصمت الفاجر والكتل الشبحية العفنه، وحلت بك لعنة الأرض اذ تخذل بينها- فاحترقت بسعلتها الكحلية..) فماذا تمتلك الآن سوى لحظة تنقضى وتذويك. فتتشبع بلفظ الأجراس الخفيضة وببقائك مسلوب الغيظ ومسلوب الدهشه/ مسلوب الفزع ومسلوبا فى داخلك/ مسلوبا حتى الفرار والهدد المجرد !.
يسطع جبين حبيبك فى ألق فجائى. فتتخثر دماؤك على قبابه المغسولة برحيقك أنت.. وأنت هنا تتكئ على فزعك وتناوئ المخاوف وحدك.. وأنت هنا تطهو الأعذار والأكاذيب والأحلام معا، تشربها معا. وتدوسها معا.. فالق بمتاعك وول هاربا الى حيث لاتعرف ولا ترغب ولا تتدركك الأعين المترصدة.. ثم احص قروشك القليلة الصدئة والق بها فى النهر وتذكر الدين.. وانتظر.. فأنت منذ الآن صدفة المسار ويكفى.. وجنونك أعظم من أن تتفادى طعنات الريح !.
فارقص رقصتك الأولى/
وأمسح عن جبينك/
واجرع كأسك منتشيا ..
* * *
انتبه الآن! فالظلام قد صار كثيفا. وعصاك ان كانت تقدر على اكتشاف الخطر، فهى لا تقدر على صده…
اجلس فى أحد الأركان وكن يقظا.. افتح صرتك فى هدوء.. تناول من الزاد ماتقيم به أودك.. استرح قليلا لكن حذار أن تغفل عيناك والاصرت صيدا جاهزا لشئ لا تعرفه !.
(تشققت قدماك.. تقوس ظهرك.. ترهل لحمك وصارت العينان حفرتين غائرتين فى حائط متصدع. لا يتميز على الوجه الشاحب المتغضن سوى بؤرة ظل كثيفة ترتجف على الجبين وتطفر فوق الخطوط العميقة المتعرجة ..)
– أنت هنا وحدك
– وحدى هنا يخفق .
– وحدك صار يخفق .
– يخفق كان كان !.
(جبهتك تبرز/ تغطى جهك.. وجهك ينمو/ يغدو قبة/ عصافير صار/ قلبا وطفلا/ طفلا صار طفلا.
– جرعة قبل جرعة
طفلك صار قلبك
– جرعة ثم جرعة
يحبو ثم قلبى
– جرعة بعد جرعة
يصعد حبى .. حبى
– جرعة ثم جرعة
غصن…. عنى.. أحلم…
– جرعة بعد جرعة
يغدو النهر دمى ..
(دمك الآن يبحث …)
فى ركن صغير تلتقط الأنفاس.. ترمى بقروشك الصدئة فى النهر.. تعبث يداك بموجه.. القاع عميق أعمق مما تحلم، وما بعد القاع أعجب مما لا تراه ….
(دمك الآن حلمك ……)
السطح صار كفا بلون الدم تتلوه ملايين الكفوف تقبض على عنق الكائنات البعيدة.قروشك تلتمع الان.. تصير صدفا وعيونا ترتعش وتخفق مع القلب، ترسم خطا يصاعد.. يحتضنك.. يهتصرك.. يصير موعدا ….
(دمك الان يقطر …..)
قطـرة .. قطـرة
سـكون .. سـكون
قطـرة .. قطـرة
وجهـك يغيب
قطـرة .. قطـرة
انتظر … أدور
قطـرة .. قطـرة
عينـاك مرفأ
قطـرة .. قطـرة
يداك بيـارق
قطـرة .. قطـرة
انزف وحـدى
قطـرة .. قطـرة
حـاء .. راء
قطـرة .. قطـرة
يــاء… هـاء
قطـرة .. قطـرة
تم تم .. تم تم
قطـرة .. ق ط ر ة
****