نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 19-2-2014
السنة السابعة
العدد: 2364
الوصايا العشر للإعلام ودوره الجديد(1)
من أين نبدأ الآن؟
نبدأ بالإعلام أخطر وسائل تشكيل الوعى:
الوصية الأولى: على الإعلام أن يكف عن الحديث فى الماضى تماما إلا بعد أحكام القضاء النهائية سواء بالنسبة للثلاث سنوات الماضية أم بالنسبة للثلاثين سنة التى سبقتها. (وحتى بعد أحكام القضاء إلا بما ينفع دروسا للمستقبل).
الوصية الثانية: على الإعلام أن يكف عن رشوة المُشاهد أو المُستمع أو القارئ بتقديم المادة التى يشتهيها بالطريقة التى تدغدغه وتثيره وتبرر له اعتماديته، بأقل قدر من الدفع إلى الفعل المنتج.
الوصية الثالثة: على الإعلام أن يضبط جرعة الإثارة للإثارة، وألا يربط جرعة الإثارة بوفرة الإعلانات أو عدد المشاهدين، وإنما بمقاييس الإسهام فى تكوين معالم الدولة الناشئة، ابتداء من دفع عجلة الانتاج فى أصغر الوحدات امتدادا إلى كرامة الاستقلال (لا الانفصال) الإقتصادى والثقافى، سعيا إلى الإسهام الحضارى من موقع القدرة الذاتية.
الوصية الرابعة: على الإعلام أن يساهم فى إعادة معنى موضوعى للزمن وحسن التوقيت، فلا يكون همه التفريغ الآن، أو التحريض على العقاب الفورى دون تحقيق، إرضاء لمزاج الشارع أو غير الشارع.
الوصية الخامسة: على الإعلام أن يعلم الناس – بعد أن يبدأ بنفسه – قراءة الخبر فى دوائر سياقه الممتدة، وأن يجتهد فى تفسير الحدث أبعد من مجرد تحديد السبب الظاهر أو العلّة القريبة، حتى يتعلم الناس – حالة كون الإعلام يتعلم – أنه لا شىء فى أية بقعة فى الأرض مهما صغر يمكن أن ينفصل عن سائر ما يجرى فى العالم، وأن المطلوب ليس فقط هو إنقاذ مصر، وإنما هو الإبقاء على هذا النوع البشرى بالتركيز على “العدل” والتكافل الإيجابى لتعمير الأرض وعبادة الحق تعالى، بدءًا من كل واحد بنفسه فبلده (بلدنا هى: “مصر” إن كنت تذكر) فالعالم الطيب أجمع!.
الوصية السادسة: من حق الإعلام أن يختار المقدِّمين بقدر ما يتمتعون “بكاريزما” جاذبة، ولكن أيضا عليه أن يضع فى الاعتبار مدى ما يملكون من قدرات على تحريك وعى الناس فى اتجاه الإنتاج والإبداع.
الوصية السابعة: على الإعلام أن يتعلم، ويعلم الناس، كيف يقرأون الأرقام، كل الأرقام من أول أرقام الثانوية العامة حتى أرقام مؤشر البورصة وصناديق الانتخابات وأن يحسن ترجمة هذه الأرقام إلى معان بسيطة محددة لها علاقة بالحياة اليومية بما قد تساعدنا على الوفاء بمستوى الضرورة إنطلاقا للمشاركة فى صراع البقاء.
الوصية الثامنة: على الإعلام أن يعلمنا – بعد أن يتعلم، أو وهو يتعلم – أنه لا يوجد سلام بين ذئب وحمل، وأن السلام بين قوى غير متكافئة هو سلام “القطيع والرعاة”، وأن ثقافة الحرب ليست دعوة للحرب، وإنما هى تزويد الوعى القومى بوقود لهيب استمرار الاستعداد لملاقاة الخطر من عدو حقيقى، ومن ثم فالمطلوب هو أن يحدد الإعلام للناس عدوهم الحقيقى، ليس فقط الذى يهدد أى شبر من أرضهم، وإنما الذى يهدد هويتهم، ولغتهم، وحزمهم، وعزمهم، وكرامتهم، وإبداعهم، بطريق مباشر أو غير مباشر.
الوصية التاسعة: على الإعلام أن يساعد الناس فى إعادة النظر فى المقاييس التى يقيسون بها الأداء: سواء أداء حكامهم أو نوابهم أو أداء أى عامل نظافة يسهم فى بناء معالم حضارة تليق بنا وبالبشر، من أول نظام الشوارع حتى جودة التعليم إلى وفرة الضروريات وخُلق المعاملات.
الوصية العاشرة: على الإعلام أن يشارك فى التوعية الهادفة لتعميق الإيمان اليقين الخلاق، فربنا سبحانه يدعونا “لما يحيينا”، فيساهم الإعلام فى أن يحتوى ويعمّق وربما يصحح التدين الشكلى السلطوى الترهيبى الترغيبى.
[1] – تم نشر هذا المقال فى موقع “اليوم السابع” بتاريخ: 19-1-2014، وتاريخ: 20-1-2014، وحذفت مقدمة الجزء الأول لأضم إليها الجزء الثانى.