يحيى الرخاوى طبيب نفسى
نشرت فى الدستور
21 – 2 – 2007
….النادى الأهلى، و”هل هم يكذبون”؟
(1)
قالت البنت: “النادى الأهلى ثالث نوادى العالم يا أبى، هل تصدق؟!!” قال الرجل: الحمد لله، شىءٌ والسلام”، قالت البنت: ” ولكنى لم أفرح مثل الناس”، قال” هل انت زملكاوية؟” قالت: أنت تعلم يا أبى أنه ليس لى فى الكرة، لكن صاحباتى الزملكاوية فرحن لمصر حتى بعد أن هزمهم الاهلى “قال الرجل: طبعا، فلماذا لم تشاركيهم، فرحتهم؟” قالت: “لقد نسيت الفرح يا أبى”، بحلق الرجل فى وجهها، كيف لم يلاحظ ذلك من قبل! هذه الصغيرة لم تعد “هى”، لماذا نسيت البنت الفرح ؟ مالذى يفرح البنات؟ لم يجد إجابة، لم يستطع أن يستمر فى حبس التساؤل: “لماذا لا تفرحين ياحبيتى؟ قالت: أخاف من عذاب القبر، قال: عذاب ماذا؟ قالت: عذاب القبر يا أبى، ألا تعرفه؟ قال: ومن قال لك أن الله سبحانه سوف يعاقبنا على الفرح؟ قالت: ما هذا؟ أنا لم أقل أن عذاب القبر هو لمن يفرح فقط، إنه لكل الناس، فرحوا أم لم يفرحوا. قال الرجل: إلا المؤمنين الصالحين. قالت الفتاة: وهل انت مؤمن صالح يا أبى؟ فزع الرجل وهم أن يرد بالإيجاب، لكنه سألها: ما رأيك أنت؟ لم ترد بدورها فكرر السؤال. قالت البنت :”إن شاء الله” قال: إن شاء الله ماذ؟ قالت: إن شاء الله ربنا يستر، أضافت : ثم إنك يا أبى مثلى، لا تفرح أصلا، مع أنك لاتفكر مثلى فى عذاب القبر، قال: إيش عرفك؟ قالت : لو ضبطتك تفرح بحق لعرفت كيف أفرح، قال: ماذا تقولين؟ أمك تعتب علىّ أن ضحكتى توقظ الجيران، قالت: أنت يا أبى تقهقه، لكنك لا تفرح، صمت طويلا ونظر إلى الأرض ثم رفع رأسه قائلا: هات لى كوب ماء، قالت: حاضر، وقبل أن تتوجه لإحضار الماء التفتت قائلة: هل ضايقتك يا أبى؟ أنا آسفة.
(2)
عادت بكوب الماء وكان ما زال مطأطئا، فترددت ثم نبهته :”الماء يا أبى”، رفع رأسه وحاول أن يخفى ما برق فى عينيه، قال:”ماء ماذا؟ قالت: حضرتك طلبت كوب ماء، فال: أنا؟ شكرا، لم أعد عطشانا، قالت: كيف يا أبى يزول العطش دون أن تشرب؟ قال: لعلى تخيلت أنى شربت، قالت البنت: حضرتك يا أبى لا تعرف كيف تتخيل. صاح فجأة : لا…لا …، يكفى هذا، أنت تحكمين على أبيك كأنه انكشف عنك الحجاب. قالت: آه صحيح، كيف سيحاسبوننا على الحجاب فى القبر؟ صاح : أنا إيش عرفنى؟ قالت: أصل بعض من أحبهن غير محجبات، وهن طيبات وجميلات، قال: وأنا مالى!! قالت: وبعضهن زوجات لناس مهمين جدا جدا، هل سيوضع هذا فى الاعتبار؟، قال الرجل أكثر حسْماً: كفى يا حبيبتى، إرحمينى ربنا يخليك، قالت : يا أبى ، قل لى من أسأل إن لم أسألك؟ قال: إسألى أمك، قالت: أمى كلما سألتها نهرتنى وقالت “إسألى أباك”، ثم أردفت: ما رأيك يا أبى لو أرسلنا نسأل الرئيس؟ قال لها: أهكذا؟!! الرئيس خبط لزق؟ قالت: طبعا، الرئيس كبير جدا جدا، وهذا أمر يهمه شخصيا، ولا بد أنه يعرف أكثر من أمى، ومنك. قال: مليون مرة، قالت: فلماذا حال البلد هكذا إذا كان يعرف أكثر مليون مرة؟ قال الرجل منزعجا: هكذا ماذا؟ قالت: هكذا كما تقولون كلكم، وكما يعرف كل الناس. قال الرجل: طيب وأنا مالى؟ هل أنا الرئيس؟ قالت: ألهذا يا أبى لا تعرف كيف تفرح وكيف تتخيل؟ قال: أتخيل؟ مالذى أدخل الخيال الآن فى الفرح؟ قالت : تتخيل أنك الرئيس، قال: يا خبر اسود !! كنت أستقيل فى اليوم التالى، قالت: لا تصدق نفسك يا أبى، كلهم يقولون ذلك، ثم..ثم…أنت تعرف كل شىء، قال: قلت لك أنا لا عرف شيئا، لا عذاب القبر، ولا عقاب غير المحجبات، ولا متى يستقيل الرئيس، أنا مالى بكل هذا. خلّنا فى النادى الأهلى الله يخليكى، قالت : كما ترى، لكن كيف فعلها النادى الأهلى ونحن هكذا، قال: ثانية؟ “هكذا” ماذا؟ ثم أردف: لعلها تصبيرة حتى نفرح بحق وحقيق، قالت متى يا أبى؟
قال : حين يعدّلون الدستور، ويصبح لى حق أن أترشح لأكون رئيسا. هل يعجبك هذا يا ستى؟
قالت : صحيح يا أبى ؟
قال وهو يدعو الله أن ينتهى الحوار: صحيح طبعا!! هل هم- يعنى – يكذبون علينا ؟؟!!
قالت البنت : طبعا، يكذبون.