اليوم السابع
الأربعاء: 18-9-2013
المظاهرات ليست البديل الأفضل من الصناديق، ولا العكس
فى مقال أمس ذكرت بوضوح بعد أن عرضت تواضع ما تقيسه الصناديق ما يلى: …… “كل هذا لا يعنى أننى ضد الصناديق على طول الخط”، ومع إصرارى على أنها اصبحت أصناما لما يسمى الديمقراطية وأنها لا تعبر عن الحرية الحقيقية إلا أننى أعلنت استسلامى للأمر الواقع على أن نعمل لنجد حلا أرقى وأعمق وأكثر موضوعية لقياس الوعى العام لنفع الناس وبقاء الإنسان.
وقد جاءتنى تعليقات هامة ومفيدة أغلبها من قارئ طيب محب يسمى نفسه “الشعب الأصيل” ترحب وتقرظ وتقبل وجهة النظر هذه بحذر مناسب، كما جاء فى تعليق آخر أكثر تفصيلا وأدق إحاطة وجدت أنه يحتاج منى وقفة أتناوله اليوم بترحيب يستأهله.
كاتب هذا التعليق هوقارئ محيط ذكى اسمه “صفوت الكاشف” عنون تعقيبه بعنوان جميل هو “هل نذهب إلى القمر سيرا على الأقدام”؟ وقد فرحت بهذا العنوان الشعر، لكننى لم أستطع أن أعرف كيف وصلته دعوتى إلى إبداع آليات جديدة من واقع أزمة الإنسان المعاصر حين يلجأ إلى استعمال الأسوأ بشجاعة المضطر وآلام الواعى بقصوره، المتألم لمضاعفاته، وهو يواصل البحث بما أكرمه الله ثم اتاح له من إبداع كل هذه التكنولوجيا… الخ. “فأين السير على الأقدام فى كل هذا الأمل فى إبداع بشرى فائق لا يمكن انجازه إلا بتكنولوجيا غاية فى الحداثة، الأستاذ صفوت يقول: “فإذا كانت الصناديق أصناما للأديان المزيفة فلا بديل عن هذه الصناديق”، وأنا لم أقل إلا أن الألم الناقد الحادث من معرفة أننا مضطرون لاستعمال هذه الإجراءات المتاحة القاصرة، هو الذى سيجعل الإنسان يبدع ويبدع ويبدع آلات وتقنيات وقوانين تحقق له إنسانيته التى سوف يتفوق بها على اضطراراته المرحلية الناقصة.
ثم يذكر الابن الفاضل بعلم فائق ملايين السنين التى عاشها الدينصور حتى اختفى منذ ملايين السنين أيضا، ويضيف أن برامج البقاء أوالغريزة لم تغن عنه شيئا، يعنى لم تمنع انقراضه، وهو يعلم يقينا أنه حتى الآن لم يعرف سبب إنقراض الدينصور أهو خطأ تطورى (مثل الذى أرجح أنا أن الإنسان يقع فيه الآن) أم كارثة طبيعية (كتاب الإنقراض جينات سيئة أم حظ سئ، دافيد م.روب ترجمة د. مصطفى فهمى)، فإذا كان سيادته يعايرالدينصور بإنقراضه برغم برامج البقاء فلعله يعلم أن 999 من كل ألف من الأحياء قد انقرضوا أيضا برغم وجود نفس القوانين التى لم تنجح فى الإبقاء عليهم، أما الواحد فى الألف الذى بقى ومنه الإنسان (والنوارس والنمل والصراصير والفيلة… الخ). فعلى من اكتسب الوعى بالوعى وكل هذا الذكاء الرائع والخطر فى آن (أعنى الانسان) أن ينتبه للانضمام إلى الفئة الناجية فلا يكتفى بالاستسلام لنتائج مئات الصناديق ولا عشرات المواثيق الموضوعة على حساب إهمال برامج البقاء، التى اكرمه الله بها فضلا عن مستويات وعيه وتعدد عقوله.
لكننى أقر المعقب الفاضل فى النهاية أن بديل الصناديق ليست هى المظاهرات (على العمال على البطال) ولا محاكم الشوارع ولا نيابات الإعلام.
ولسوف يبدع الانسان المعاصر، المصرى وغير المصرى، ما ينقذه من الاستسلام الدائم لنظم تهدد بقاءه: كائنا مكرما من ربه متفوقا بإبداعه.