نشرة “الإنسان والتطور”
27-10-2009
السنة الثالثة
العدد: 788
التدريب عن بعد:
الإشراف على العلاج النفسى (63)
(مرة أخرى:)
المرضى: أسرة ممتدة، والطبيب والد
د. محمد عبد الفضيل: هى ست عندها 48 سنة، واحدة من ثلاثة أخوة أشقاء مش متجوزة، معاها دكتوراة فى العلوم الإنسانية بتكتب مقالات سياسية، هى دخلت المستشفى هنا من خمس سنين وقعدت تقريباً ست أسابيع وخرجت متحسنه نسبياً وماشية على الدواء لغاية النهارده
د. يحيى : مادخلتـْشى تانى طول السنين دى .
د. محمد عبد الفضيل : لأه، هى دخلت مرة واحدة، البداية بتاعت الأعراض كانت بعد وفاة والدتها بحوالى سنة، هى ليها أخ أكبر منها دكتور ومهاجر لأمريكا، وليها أخت أصغر منها دكتورة وعايشة هنا فى مصر، أختها هى اللى جت لحضرتك العيادة الأسبوع اللى فات، وانا كلمت حضرتك عليها، المريضة دى بعد ماخرجت انتظمت معايا مدة طويلة، بعد ما سافر زميلى اللى كانت بتابع معاه.
د. يحيى: يعنى بقالقها معاك انت حوالى قد إيه؟
د. محمد عبد الفضيل: يمكن تسع شهور
د. يحيى : إنت بتشوفها هنا فى المستشفى
د. محمد عبد الفضيل: آه، هى أول ماجت أنا كنت مصر طول الوقت إنى أضغط عليها إنها تتحرك وتعاود نشاطها القديم، هى ست مُنجزة وشاطرة، وفعلا رجعت انتظمت فى الشغل .
د. يحيى : هى موظفة فى الصحافة، ولا بتكتب مقالات بأجر، ولا إيه؟ يعنى لها مواعيد شغل ؟
د. محمد عبد الفضيل : أيوه ، بس مش ثابتة قوى، وكمان هى بتاخد كورسات فرنساوى وتقريباً وصلت للمستوى 12، يعنى ماشية كويس جداً بس عايشة لوحدها، أختها الأصغر منها إتجوزت من سنتين أختها عيانة نفسية برضه وده مصعب الدنيا شويتين خصوصا بعد وفاة والدتها ، العيانة بتاعتى دى مالهاش علاقة بأى حد خالص، مافيش اهتمام من أى حد خالص، حتى أختها كنت باشوف اهتمامها بيها مش إهتمام حقيقى يعنى
د. يحيى : هى مش متجوزة ؟ مش كده؟
د. محمد عبد الفضيل: آه مش متجوزة ، هى اتخطبت مرة واحدة وهى صغيرة خالص وأتفركشت الخطوبة، وخلاص
د. يحيى : كان سنها كام ساعتها
د. محمد عبد الفضيل : كان سنها وقتها تقريباً 26 سنة
د. يحيى : ودى تبقى صغيرة خالص؟ 26 سنة؟ ولاّ إنت بتجامل زميلاتك هنا ولا إيه؟
د. محمد عبد الفضيل : يعنى، صغيرة بالنسبة لسنها دلوقتى.
د. يحيى : السؤال بقى ؟؟
د. محمد عبد الفضيل : هى انقطعت عن إنها تيجى بقالها تقريباً فى حدود شهرين، وانا عارف إنها مالهاش علاقة بحد ولا حد مهتم إنه هو يسأل عليها ، فأنا انشغلت
د. يحيى : العادة الشهرية أخبارها إيه؟
د. محمد عبد الفضيل : بدأت تتلخبط، وهى جاية لى كانت بدأت تخش فى سن اليأس يعنى، بس عمرنا ما اتكلمنا فى المنطقة دى، زى ما تكون مش مهتمة ، ما خلاص بقى.
د. يحيى : السؤال؟
د. محمد عبد الفضيل: بعد انقطاعها ده مش عارف أتصرف إزاى
د. يحيى : عندك تليفونات قرايبها؟
د. محمد عبد الفضيل : عندى تليفونها نفسها
د. يحيى : ماعندكشى تليفونات حد من قرايبها
د. محمد عبد الفضيل : لأ
د. يحيى : ليه بقى ؟؟!!، المهم ؟
د. محمد عبد الفضيل : هل ينفع إن أنا أتصل بيها ؟
د. يحيى : هو رسميا ما ينفعشى، لكن مصريا ينفع.
د. محمد عبد الفضيل: هوه يعنى كان الأفضل إنى أتصل بقرايبها مش كده ؟
د.يحيى : بصراحة آه، دى غلطة ما تغلطشى فيها تانى، حتى لو قرايبها يا أخى مش مهتمين بيها زى ما بتقول عن اختها، حتى لو أخوها مسافر دى معلومات أساسية لازم تتثبت فى أوراقها، لازم تستوفيها ومن البداية، خصوصا لما المريض يكون ذهانى، وبالذات فصامى، أنا ما اعرفشى فى بلاد بره بيعملوا إيه، إنما فيه خدمة اجتماعية، وفيه تأمينات، وفيه دوسيهات منظمة، وكلام من ده، إحنا هنا عندنا الدكتور بيقوم بكل ده لوحده، مش قلنا الطبيب فى مصر بالذات والد، وفى مهنتنا دى بالخصوص، مرة تانية، دى لو بنتك وتغيب عنك شهرين حاتعمل إيه، صحيح انت أصغر منها فى السن، لكن الطبيب والد مهما كان فرق السن، الدكتور النفسى بيعمل عيلته زى ما قلت لكم قبل كده زى نمو كرة التلج ، كل ما شوية رذاذ ييجوا عليها يتلموّا حواليها يتجمدو وتكبر وتمتد، أنا ساعات باشعر إن عيلتى جايبة من مرسى مطروح للعريش لابوسنبل ، بابقى مشدود بينهم على كل المسافة دى وانا مش دارى، هى مش مسألة انشغال فكرى وكلام، هى مسألة وعى ممتد، بامتداد الأسرة وعلى قد كبرها، طبعا ما حدش يستحمل ده بوعى كامل، لا أنا ولا غيرى، إنما ربنا موجود، ما هو اللى بيجمّع الناس على بعضهم تحت العباية الكبيرة بتاعة تواصلهم مع بعضهم، الطبيب هنا مفروض ياخد باله من الحكاية دى، مش بس الطبيب النفسانى، أنا لما كان عندى أظن ست سبع سنين كان عندنا فى بلدنا دكتور لسه فاكر اسمه، كان اخويا جاله تيفود وما كانشى طلع لسه الكلورومايستين، يمكن سنة اربعين كده ولا حاجة، وكان العلاج كله بالراحة والمعرقات والمسكنات والصبر، فكنت باشوف الدكتور البقلى ده بييجى بيتنا فى البلد كل يوم، لحد ما افتكرته، أو اعتبرته واحد من العيلة، كان يقيس الحرارة ويطيب خاطر أمى، ويقول على نظام الأكل ويمشى، أظن هو ده الطب الأصلى بصراحة
د. محمد عبد الفضيل: يعنى أكلمها؟
د. يحيى: يا راجل اتوكل، بس حاسب إوعى تفتح باب الاعتمادية على الآخر، الست دى جدعة مهما كانت عيانة، ومعاها دكتوراه، وبتكتب فى الجرايد، وناجحه زى ما بتقول، إنت تحاسب، وما تلحش عليها، وتنبهها على الانتظام فى الأدوية لحد ما ظروفها تتحسن وتقدر تجيلك، وبعدين لو ما جاتشى يمكن تتردد جدا إنك تكلمها تانى، وهنا بقى يظهر فايدة إنك تكون واخد نمرة قرايبها حتى لو كانوا مش همه، إذا كنت حاتصدق إن المرضى دول عيلتك الممتدة، فما تنساش إن الوالد مسئول عن رعيته زى ما بيقولوا، بس بالحساب، طبعا بالحسابات العادية إنت مش مفروض تعمل الكلام ده، إنما ما تنساش إنت مسئول أمام ربنا، الحالة صعبة وجعانة ناس بغض النظر عن نوع مرضها اللى بيزود احتياجها زى ما انت عارف، فى السن دى والوحدة دى إنت ما تتصورشى أحتياجاتها العاطفية قد إيه، والجنسية برضه، الجنس ما بيموتشى، هو حياة، هو يتركن بس من قلة ما فيش، يمكن يدبل بس ما بيموتشى، صحيح ما فيش فرصة عند الست دى إنه يظهر صريح على السطح، إنما لازم تعمل حسابك إنه موجود، وتحترم ده
د. محمد عبد الفضيل: أنا فاهم طبعاًً، وبصراحة أنا اتكلمت معاها فى ده كتير يعنى
د. يحيى : أم حصل إيه بقى !!!؟
د. محمد عبد الفضيل: ما حصلشى حاجة غريبة، بالعكس وصل لها نوع من الاحترام لإنسانيتها واحتياجها
د. يحيى : شفت ازاى؟ ويقولوا على الفصاميين ما بيحسوش، يا راجل البنى آدم بنى آدم، راجل، ست ، عيان مش عيان؟ نحترم خلقة ربنا الدنيا تمشى أحسن، يعنى مجرد أحترام إن لها احتياج مشروع، دون أن تحقق احتياجها ده، بيخلى الأمور أوضح مهما بان إنها أكثر إيلاما، إنت لما تحترم الحق فى أى حاجة، مش معنى كده إنك ملزم بتنفيذ ما يترتب عليه، فيه حقوق لا إنت ولا الحكومة ولا الملك يقدروا ينفذو ربعها، لكن ما نقدرشى نلغيها من وعينا لمجرد إنها مش بتتحقق بقدر كافى، أنا قلت الكلام ده كتير وما عنديش مانع أكرره لأنه صعب، فلو سمحتم استحملو التكرار شويتين،
د. محمد عبد الفضيل : يعنى اتصل بيها؟
د. يحيى: مرة واحدة، وبعدين نشوف سوا سوا
د. محمد عبد الفضيل : ربنا يسهل
د. يحيى : ويستر