اليوم السابع
الأثنين: 4-11-2013
المتهم المجرم البرئ الأوّاب!!
هذا المتهم الذى يعلم أنه ارتكب الجريمة التى كان يحاكم عليها، ولكنه استطاع، هو أو الظروف، أو الملاعيب، ألا تصل للمحكمة أدلة الإدانة، فحكم له بالبراءة، هل يا ترى انتهى أمره عند هذا الحد أم أن هناك درجات أخرى للمحاسبة والنظر غير استئناف النيابة أو نقض أصحاب الحق المدنى؟.
حين يعود هذا المتهم المجرم البرئ إلى بيته، أو إلى محبسه حتى يفرج عنه، ماذا سيقول لنفسه تحديدا؟ هل سيفرح جدا؟ هل سيفرح فقط؟ هل سيشعر بغصة أعلى بطنه وهو فرحان؟
وحين يأتى عليه الليل وقبل أن يستغرق فى النوم ماذا سيقول لنفسه تقريبا؟.
وحين يستيقظ فى صباح اليوم التالى: يا ترى هل سيميز بين ما نسيه وما تذكره؟
وحين يختم صلاته – إن كان يصلى- ماذا سيقول وهو مازال متوجها لله بعد ختمها؟
وحين تأتى ساعته إيذانا بلقاء ربه ماذا سيقول للمكلف بالمهمة؟
وقبل أن يقرأ الشهادتين، لو كان مازال بعض وعيه قادرا، بماذا سوف يهمس لمودّعيه؟
وحين يبعث من قبره يوم ينفخ فى الصور، هل ستكون لديه فرصة أن يقول شيئا لنفسه قبل أن يأتى دور حسابه؟
وحين يقف بين يدىْ خالقه وحده بلا محام ولا مفتٍ، ولا نيابة، ولا دفاع، ماذا سيقول لربه؟
……………..
هذا بالنسبة للشخص العادى، فما بالك بالنسبة لمن يتصور نفسه متدينا بدرجة متوسطة.
وما بالك بالنسبة لمن يعتقد أنه يعرف دينه أكثر من غيره؟
وما بالك بالنسبة لمن ينصب نفسه قاضيا على تصرفات غيره فى الدنيا والأخرة؟
……….
………
هذه ليست خطبة وعظ وإرشاد، لكنها حقائق واحتمالات لا يؤكدها إلا أن ينظركل منا فى ساعته، وأن يتأمل عقرب الثوانى وهو يدور، ويدور، ويدور، وأن يتذكر أنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور.
وبعد
إذا كان ما قاله هذا المجرم البرئ جدا لنفسه مؤلما أو واعظا أو مخيفا:
فهل يا ترى سوف يعود إلى المحكمة ليعترف بما أنكر عسى أن يخفف عنه العذاب أمام العدل الحق العليم، وهو يتذكر أن القاضى قد يكون قد حكم له بقطعة من النار؟
أم يا ترى سوف يستغفر ربه سرا ويحاول أن يتعلم مما كان حتى لا يعود إليه؟
أم يا ترى سوف يتناسى كل ما قرأه الآن، إن كان قد أكمله(!) ويعتبره كلاما فارغا لا قيمة له، ثم يسارع بأن يلصق على ظاهر وعيه لافتة فيها “نصّ حكم البراءة”؟
ثم يعود يكمل ما بدأه.!!
أعملوا معروفا.
رحمة بأنفسكم،
وبنا.