“يوميا” الإنسان والتطور
3-10-2007
اللعب مع الأسوياء: خفيف خفيف!!
يا خبر!! .. دانا لو سبت نفسى، يمكن …
وعدنا أمس أن نقدم استجابة بعض الأصدقاء الأسوياء الذين تطوعوا للمشاركة فى لعبة موازية للعبة أمس. (يا خبر أسود، دانا لو اتجننت يمكن ..) التى لعبها المرضى والمعالجون فى جلسة للعلاج الجمعى.
وقد عرضنا فى نهاية يومية أمس عشر ألعاب جرت فى حلقة واحدة من حلقات برنامج “سر اللعبة” قناة النيل الثقافية ودعونا من يشاء أن يحاولها أولا، ثم نرى.
وقد أشرنا إلى أن التسجيل الصوتى المرئى موجود فى الموقع لما جرى حرفيا فى هذه اللعبة، ونعيد الإشارة إليه هنا (“لعبة التحكم والخوف من فقده” من برنامج سر اللعبة).
هذا وقد ظهر لى عند محاولة الكتابة والشرح والتعليق أن شرح الحلقة كلها لا يمكن اختزاله فى يومية واحدة. لسببين (على الأقل):
السبب الأول: أن الموضوع حساس على المستوى العلمى والأخلاقى (والدينى).. وأيضا على مستوى حدود حرية الفرد فى مواجهة نفسه والناس (المجتمع).
السبب الثانى: أن اختلاف الألعاب وتعقيبات المشاركين كانت (مثل كل الألعاب) شديدة الثراء والدلالة، بما يحتاج إلى تفسير مناسب.
أى واحد منا يمكنه أن يتساءل عن نفسه فى هذه المنطقة أسئلة مثل ما يلى:
– هل هو “ماسك” نفسه أم لا ..، هل هو يعرف أنه ماسك نفسه أصلاً؟
– هذا التحكم: هل هو شعورى أو لا شعورى؟
– إن كان الاثنان معاً (والأمر عادة كذلك) فأى جزء من هذا التحكم هو شعورى وأى جزء هو لاشعورى؟
– ما هو الحد الفاصل بين أن “يسيب الواحد نفسه” وبين أن يفقد التحكم فى نفسه (لدرجة الجنون مثلما ظهر فى لعبة أمس)؟
الألعاب عشرة، ويبدو أننا سوف نعرض كل أربعاء لعبة واحدة بعد أن تبين لنا أن الأمر يحتاج إلى إفاضة فى الشرح والتفسير اجتهادا.
والآن: إلى اللعبة
مقدمة
د/يحيى: أهلا بكم لعبة جديدة من “سر اللعبة”……
هى لعبه بنحاول نعيشها، مش بس نقول شوية كلام
وبنلعبها سَوَى مع ضيوفنا علشان نتعرف على أنفسنا، على قضايا حياتنا، على أبعاد الوعى اللى احنا عايشينه لعلنا نتحمل مسئولية وجودنا فى هذه الأيام الصعبة
النهاردة حانلعب لعبة صعبة … لعبة التحكم والخوف من فقده ..: (مثلا) أنا ماسك نفسى بالعافية، أنا خايف أسيب، أنا خايف أسيب نفسى، .. حاجة زى كده.
وزى ما تعودنا (فى البرنامج ده): اللعبة عبارة عن شوية ألفاظ بسيطة خالص وضيوفنا الكرام بيكملوها “كيفما أتفق”
وبندعوا المشاهد بعد ما يشوف لعبة أو اثنين، أو من الأول، يعمل زى ما احنا بنعمل يسيب نفسه معانا، يا بعدنا، يا بعد ما نخلص البرنامج
أنا حاقول مثال واحد (فى الأول قبل ما نلعب) للى ما شافش البرنامج قبل كده
مثال توضيحى: أنا لا بتحكم فى نفسى ولا حاجة دا أنا طبيعى جداً إنما ………….
واللى يكرر يكمّل وهوّ بيقول أى كلام، يقول مثلا:
… أنا لا بتحكم فى نفسى ولا حاجة دا أنا طبيعى جداً إنما.. يارب أصدق نفسى
(مش ده اللى حانلعبه، دا مثال توضيحى)
ضيوفنا الكرام النهارده هم:
السيدة: منى وديع، كلية الفنون الجميلة
الأستاذ: فوزى شبيب، مدرس تربيه فنية
الأستاذة: سوزان عوض، صحفية
والدكتور: هانى الحناوى مدرس مساعد (طب نفسى) جامعة 6 أكتوبر
أهلا بكم وسمعتوا المقدمة .. بعد كل لعبة، (بنتكلم) بنسأل بعضنا(عن اللى حصل خفيف خفيف)
النقاش مفتوح بتلقائية مطلقة إحنا فى قناة فعلا فيها سماح السماح.
***
اللعبة الأولى:
ياخبر .. دانا لو سبت نفسى، يمكن ..
د/يحيى: على فكره أحب بعد شوية كده لما نسخَّن بنتكلم بأكتر من تعبير: بالوش وبالعنين بالإيدين والجسم والكلام. الكلام لو بيطلع لوحده كده ما بيجرجش الوعى اللى احنا بنلعب بيه
(يلاحظ أن أى واحد يبدأ، وأن المخاطَبْ يليه ويوجه الخطاب لزميل لم يلعب، وأن آخر واحد يوجه الخطاب لمشاهد)
أ/ منى: يا دكتور هانى يا خبر.. دانا لو سبت نفسى .. يمكن أغلط في اللى قدامى، أعمل أى حاجة ممكن تزعله منى يعنى.
د/ هاني: يا أستاذ فوزى: يا خبر .. دانا لو سبت نفسى .. يمكن ماتعرفنيش.
أ/ فوزى: يا دكتور يحيى: يا خبر .. دانا لو سبت نفسى .. يمكن أضيع نفسي.
د/يحيى: أستاذة سوزان: يا خبر .. دانا لو سبت نفسى .. يمكن صورتى تختلف تماما تماماً
أ/ سوزان: عزيزى المشاهد: ياخبر .. دانا لو سبت نفسى .. يمكن ماعرفش كنت حاجى ولا مش هاجى.
(التعليقات)
د/ يحيى: مِشْيِتْ معانا، وعبّرنا
دلوقتى: حد وصله حاجة جديدة من اللى قاله، أو من اللى سمعه، أو من القضية نفسها؟ إتغير؟ أتهز من حاجة؟
أ/ سوزان: (دا) تعبير عن حاجة جوه النفس أوى، الإحساس الداخلى أو الشعور الداخلى.
د/ يحيى: (هل) دى جديدة؟ ماكنتيش عارفاها قبل ما نلعب؟
أ/ سوزان: أيوه يمكن ماكنش عارفة إنى حاكون مهزوزة كده.
د/ هانى: حسيت يا دكتور يحيى إن في حاجات ممكن تجمعنا … لو سبنا نفسنا، يعني لما سمعت حضرتك بتقول صورتى تتغير حسيت أن أنا فى أرض مشتركة معاك ممكن يكون الحاجات اللى مش مصدقها تحصل.
د/ يحيى: شوف يا دكتور هانى أنا (شخصيا) أتخضيت، هو إيه حكاية صورتي تتغير؟!! إذن أنا بقى لابس قناع تقيل ولا إيه؟ لأ وإيه “تماماً تماماًَ”! حابقى إيه يعني.
أ/ فوزي: أنا شفت إن أنا قولتها من غير تفكير يعني ماحسبتهاش خالص يعني.
د/ يحيى: هو اللعب(كده أحسن) إن احنا مانحسبهاش خالص.
أ/ فوزى: أنا فعلاً ماحسبتهاش بس بعد ما قولتها فكرت فيها لقيت إن أنا فعلاً تحكمى فى نفسى حاميني أنا، أكتر من إنه بيحميني من علاقتى أو بيحمى غيرى مني أنا ،وحامينى “أنا مِنّى، لسه حالاً بأمانة.
أ/ منى: اللي وصلني إن بعض الناس أكيد تلقائية، أنا دلوقتى حسيت إن لازم الواحد يتحكم فى نفسه علشان مايجرحش حد مايضايقش حد.
د/ يحيى: هوّا أولاً إحنا مش ملزمين، واحد يقول ممكن، واحد يقول أنا شفت حاجة جديدة ومش عاوز أقولها، ومش كل واحد ملزم يقول، إللى شاف شاف واللى ماشفش ماشفش، أو حد ممكن يقول أنا شفت ومش عايز أقول، كله مسموح. بس فعلا بدايه طيبه خالص.
(انتهى النص، ويمكن مشاهدته كما ذكرنا (“لعبة التحكم والخوف من فقده” من برنامج سر اللعبة)
***
ملحوظة قبل التعقيب
(تأكيد مبدئى: هذا التعقيب، مثل كل تعقيب ليس إلا اجتهاد فرضى، لا هو حُكْم دامغ، ولا هو علم مسلّم به)
ويمكن لكل قارئ ان يصل بنفسه لنفسه (أو لغيره) إلى ما يرى، كما قد يتورط فيجد نفسه قد غرق فى رؤية كان يود أن يتجنبها (الآن على الأقل).
ما علينا، الباب مفتوح لكل الاحتمالات، بما فيها أية خطبة وعظية، أو تحذير مسئول، أو فرحة بالانفتاح، أو تصور دعوة لحرية خائبة.
الملاحظات والتعقيبات
أولا: الملاحظات العامة:
1- إن المشاركين كانوا – عموما – فيما عدا د. يحيى فى سن متقارب (أوئل متوسط العمر).
2- إن المقاومة كانت أقل كثيرا مما تصورت وأنا أعد اللعبة.
3- إن السهولة والجدّية – فى نفس الوقت – التى تم بها الأداء تبدو مفاجأة (لى على الأقل).
4- تنوع الاستجابات واضح
5- إننا تعمدنا أن نترك أسماء المشاركين كما هى حيث أنهم وافقوا متفضلين على المشاركة بأسمائهم ثم إن البرنامج عرض هكذا بعد موافقتهم دون أى تعديل أو تدخل، وشاهده كافة الناس.
المناقشة
سوف نتناول هنا للقراء استجابة كل مشارك مستقلة أساسا، وقد نربط أحيانا، أو فى النهاية إذا لزم الأمر.
1) سوزان
كانت إجابة سوزان لا توحى بأى عمق “يمكن ما أعرفش كنت حاجى ولا مش حاجى” ومع ذلك جاء تعقيبها بعد ذلك ليدل على أن شيئاً ما، أعمق كثيرا، قد تحرك دون أن تتحقق من ماهيته،
مجرد أن تنتبه سوزان بعد اللعبة إلى أنها “ماكنتش عارفة إنى هأكون مهزوزة كده”، تبدو هذه جرعة كافية لتوصيل رسالةٍ ما.
أن يكون (الواحد) مهزوزا لا يعنى – بالضرورة – أن يكون هشا، وإنما الاهتزاز – فى مثل هذا الظرف – يفيد أن “من حق أى واحد فينا أن يهتز”، أما إشارة سوزان إلى أن اللعبة أوصلت إليها “تعبير عن حاجة جوه النفس قوى” فهذا يكفى، خاصة ان هذه الحاجة “جوّه قوى”.
لقد شاع – خلال سوء فهم فرويد أو مبالغاته – أنه من الأفضل أن نعرف تفاصيل وتاريخ “ما هو جوّه قوىً”،(حتى تنفك عقدنا) وهات يا تداعى، وهات يا تفسير، لكن يبدو أن المهم هو أن نعترف بهذا الذى هو “جوه قوى”. حتى لو لم نعرف محتواه.
2) هانى (ود. يحيى)
(هانى: هو مدرس طب نفسى الآن فى جامعة خاصة)
يبدو أن د. هانى قد آنَس طمأنينة ما حين رأى نفسه وأستاذه (المسئول عن الحلقات) يقفان على “أرض مشتركة” أما ما ألحقه من أنه “ممكن يكون الحاجات اللى مش مصدقها تحصل” فقد يمكن أن يرجع إلى هذا الاحتمال: وهو التقارب مع أستاذه، أو إلى أى موضوع آخر لم يذكره.
اعتراف د. يحيى هو نفسه بالدهشة مما قاله فى اللعبة “أنا أتخضيت” يُظهر كيف أنه انتبه أنه – مهما حاول – سيظل ليس هو كله، ومع أن هذا طبيعى، إلا أن دهشته أمتدت أيضا إلى تبينه “سُمك القناع” (يمكن صورتى تختلف تماما تماما) وقد انتبه هو ذاته إلى أن حكاية تأكيده ” تماما تماما”، قد يعنى أن صورته قد تختلف جذريا، وربما كانت هذه هى المفأجاة للدكتور هانى وللدكتور يحيى على حد سواء.
3) فوزى
فوزى هنا يعلن طبيعة اللعبة بشكل ما، وهى أن المطلوب فيها – ما أمكن ذلك – أن تجرى “من غير تفكير”(أنا قلتها كده من غير تفكير)، وبدون حساب.
لكن فوزى بعد ما لعبها دون حساب “ماحسبتهاش خالص”، اكتشف فائدة “ألا يسيب: “حتى لا يضيع … يمكن أضيع”، إذن ليست وظيفة اللعبة (ولا عموما) هى الدعوة إلى أن “تسيب نفسك” كما ينبهنا فوزى:” تَحكُّمى فى نفسى حامِينِى” ثم إنه يكتشف ثلاث مستويات للحماية نتيجة لتحكّمه:
(أ) بتحمينى من علاقاتى
(ب) ويتحمى غيرى منى
(ج) وحاميانى أنا منى
المهم أن كل ذلك اكتشفه فوزى من خلال اللعبة: “ لسه حالا بأمانة“!
4) منى
منى: فى اللعبة بدا أن كل اهتمامها هو الخوف على الآخر – “اللى قدامى” – وعلى صورتها عنده ورأيه فيها – “حاجة تزعله منى يعنى” .
أما فى التعقيب فيبدو أنها عادت تؤكد جانبا واحدا تقليديا أخلاقيا كميزة للتحكم، وهو أن التلقائية ليست مطلوبة دائما، أو حتى ليست هى الأصل، وان تحكمها فى نفسها له فائدة أخرى “عشان ما يجرحش حد” ما يضّايقش.
ثم يأتى تعقيب د. يحيى على كلامها فى النهاية ليؤكد عدم لزوم أن نرصد التغيير من اللعبة أو نضعه فى ألفاظ.
قفلة وتذكرة
اليوم هو 3 أكتوبر، ومضى على بداية هذه الورطة شهر وثلاثة أيام وهأنذا أفاجأ بضرورة وصعوبة ما أريد توصيله، والأهم أننى فوجئت بعكس ما خِفْتُ منه، فقد تصورت أننى لن أجد عندى مادة تكفى كل يوم (السنة 365 وأحيانا 366) وإذا بى أجد أننى مغمور بما علىّ توصيله مما لا يكفى العمر كله.
مثلا هذه الحلقة المكونة من عشر لعبات، كنت أحسب أننى سأتناولها فى يومية واحدة، وإذا بى أكتشف أنها سوف تستغرق عشر يوميات (أكثر من شهرين)، لذا دعونا نحدد لها يوم الأربعاء من كل أسبوع لها.
أصبح عندنا الآن ثلاثة أيام نتفق عليها.
يوم الأربعاء: سر اللعبة …
يوم الخميس: نجيب محفوظ
يوم الجمعة: حوار/بريد القراء