نشرت فى مجلة سطور
عدد مارس 2006
الفطرة: جدل الإنسان والطبيعة
بين التجريم والتحريم والتشويه والتأثيم
… أغفى (سعيد مهران) قرب الفجر فى دار الشيخ على الجنيدى: “…. حلم بأنه يجلد فى السجن رغم حسن سلوكه، وصرخ بلا كبرياء وبلا مقاومة، ورأى سناء (ابنته التى أنكرته جهلا به بعد خروجه من السجن، وقد تزوجت أمها – زوجته/طليقته أثناء سجنه- من غريمه عليش سدرة). رأى سعيد سناء تنهال بالسوط على رؤوف علوان فى بئر السلم، وسمع قرآنا يُـتلى، ورأى نفسه فى سيارة مطاردة عاجزة عن الانطلاق السريع لخلل طارئ فى محركها، واضطر إلى إطلاق النار فى الجهات الأربع، ولكن رؤوف علوان برز فجأة من الراديو المركَّب فى السيارة، فقبض على معصمه قبل أن يتمكن من قتله، وشد عليه بقوة حتى خطف منه المسدس، عند ذاك هتف سعيد مهران: أقتلنى إذا شئت لكن ابنتى بريئة، لم تكن هى التى جلدتك فى بئر السلم، وإنما أمها، أمها نبوية بإيعاز من عليش سدرة، ثم اندس فى حلقة الذكر التى يتوسطها الشيخ على الجنيدى كى يغيب عن أعين مطارديه، فأنكره الشيخ……”، “…طالبه الشيخ ببطاقته الشخصية، فعجب سعيد وقال إن المريد ليس بحاجة إلى بطاقة، وأنه فى المذهب يستوى المستقيم والخاطئ، فقال له الشيخ إنه يطالبه بالبطاقة ليتأكد أنه من الخاطئين، لأنه لا يحب المستقيمين، فقدم له مسدسه وقال له ثََـمَّ قتيل وراء كل رصاصة ناقصة فى ماسورته، ولكن الشيخ أصر على مطالبته بالبطاقة قائلا: إن تعليمات الحكومة لا تتساهل فى ذلك، فعجب سعيد مرة أخرى وتساءل عن معنى تدخل الحكومة فى المذهب فقال الشيخ إن ذلك كله تم بناء على اقتراح للأستاذ رؤوف علوان المرشح لوظيفة شيخ المشايخ، فعجب سعيد للمرة الثالثة، وقال إن رؤوف بكل بساطة خائن ولا يفكر إلا فى الجريمة، فقال الشيخ إنه لذلك رُشح للوظيفة الخطيرة ووعد بتقديم تفسير جديد للقرآن الشريف يتضمن كافة الاحتمالات التي يستفيد منها أى شخص فى الدنيا تبعا لقدرته الشرائية، وأن حصيلة ذلك من الأموال ستُستغل فى إنشاء نواد للسلاح ونواد للصيد ونواد للانتحار، فقال سعيد إنه مستعد أن يعمل أمينا للصندوق فى إدارة التفسير الجديد وسيشهد رؤوف علوان بأمانته كما ينبغى له مع تلميذ قديم من أنبه تلاميذه، وعند ذاك قرأ الشيخ سورة الفتح، وعلقت المصابيح بجذع النخلة، وهتف المنشد يا آل مصر هنيئا فالحسين لكم. وفتح (سعيد مهران) عينيه فرأى الدنيا حمراء ولا شىء فيها ولا معنى لها”.
انتهى الحلم (ص -83 اللص والكلاب)[1]، كان سعيد قبل أن يغلبه النوم مباشرة قد تذكر “..ليلة قضاها مسهدا حتى الأذان شوقا إلى سعادة موعودة فى النهار التالى، لم يعد يذكر عنها شيئا، …فتطلع إلى زرقة الفجر وابتسامة المشرق، وفرك يديه حبورا بالسعادة الوشيكة التى لم يعد يذكر عنها شيئا، لذلك فهو يحب الفجر للنغمة والزرقة والابتسامة والسعادة المنسية“
ُقرب نهاية الرواية (ص 112) يتذكر سعيد كيف طلب أبيه مهران – وهو المريد المخلص للشيخ على الجنيدى- من الشيخ “..علـِّـم هذا الغلام ما ينبغى أن يفعل” ، فأجاب الشيخ وهو يحنو عليه بنظرة: ” نحن نتعلم من المهد إلى اللحد، ولكن يا سعيد إبدأ بأن تحاسب نفسك، ليكن فى كل فعل يصدر عنك خير لإنسان“(ص 112).
لكنه تعلم أشياء أخرى من رؤوف علوان: مثلا ص: 114 أنه “لا تخف، أعتقد أن هذه السرقة عملا مشروعا”.
هذا الحلم، بما قبله وما بعده، كتبه نجيب محفوظ سنة 1962 فى رواية اللص والكلاب، يوجز الرواية برمتها بما يخدم أبعاد هذه القضية التى نتناولها فى هذه المداخلة. قبل هذا الحلم كان الشيخ على الجنيدى قد نبه سعيد يوم خروجه من السجن ولجوئه إليه أنه “.. أنت لم تخرج من السجن ” (ص 24) فما هو السجن العقاب؟ وما هو السجن العذاب؟
نلاحظ فى الحلم (الرواية) تنوع تعريف الجريمة، وتداخل التحريم فى التجريم، مع إشارة إلى المجرم الحقيقى (ما يمثله رؤوف علوان) مع تبرئه الطفلة حتى لو كانت الأداة، فالمعركة – كما تمناها سعيد – هى بين الخونة وبعضهم، فما ذنب الفطرة؟.
لا يفوت محفوظ قبل الحلم مباشرة أن يذكرنا بأصل نقاء علاقة سعيد بالفطرة الطبيعة، وذلك وهو يتذكر كيف كان يستقبلها ذات فجر، “.. فهو يحب الفجر للنغمة والزرقة والابتسامة والسعادة المنسية” (الموعودة معا.
هكذا تترجح الفطرة السليمة بين الطفولة الواعدة والطبيعة المتجددة، جمالا وإيقاعا.
ثم يصحو سعيد مهران من الذكرى والحلم ليجد الواقع/الدامى فاللاشئ:
” ….وفتح (سعيد مهران) عينيه فرأى الدنيا حمراء، ولا شىء فيها ولا معنى لها”.
العلاقة بين التجريم بلا جريمة مقابل الجريمة بلا عقاب، وبين التحريم الترهيبى بلا ذنب، والتأثيم القمعى لصالح السوق، والسلاح، وصيد الفرص والأبرياء، وفى النهاية الانتحار، تبدو فى الحلم شديدة الوضوح، فرؤوف علوان المحرض على الجريمة مزيف الوعى، هو الذى سيضع تفسيرا جديدا للقرآن الشريف لخدمة هذه الأغراض السالفة الذكر، فى حين أن الإيمان الحقيقى الذى يتجسد فى الشيخ الجنيدى يقبل المخطئين دون المستقيمين “، فقال له الشيخ إنه يطالبه بالبطاقة ليتأكد أنه من الخاطئين، لأنه لا يحب المستقيمين”، كلمة مستقيم هنا غير كلمة صالح، المستقيمون غير الصالحين، الفطرة ليست مستقيمة، الفطرة خطّاءة تنصلح باستمرار. ومع ذلك فالشيخ الجنيدى، الذى أشار لسعيد من البداية أن يكون قانونه “هو نفسه أولا قبل وبعد النصوص التى تشرعها الحكومة والمفسرون، مضطر أن يحترم المبادئ التنظيمية التى وضعتها الحكومة ” إن تعليمات الحكومة لا تتساهل فى ذلك. ” ما لدخل الحكومة فى أن يقبل الشيخ أحد مريديه الخطائين؟ فنتبين أن الحكومة قد عقدت اتفاقا خبيثا مع من يستطيع أن يشوه الفطرة لحساب مصالح السلطة، فتتوحد سلطة الثقافة المزيفة التبريرية فى السلطة الدينية فى شخص رؤوف علوان المرشح لوظيفة “شيخ المشايخ”، ليضع شرحا جديدا للقرآن ..، وبرغم ذلك، يعلمنا الشيخ الجنيدى أنه لا مفر من احترام تعليمات “الحكومة”، دون التسليم لها.
الجريمة الحقيقية ليست فقط ، ولاتماما: هى الواردة فيما يخالف النص القانونى، والحرام الحقيقى موجود قبل وبعد ما يسمى حراما “رسمياً” أفتى به من احتكر تقسيم أوقاف الثواب والعقاب على فاقدى الأهلية.
أصل الحكاية ومسيرة التطور:
الجريمة هى نغمة نشاز فى سيمفونية الفطرة، وتفاقم الجريمة المتصاعد هذه الأيام، وقد دعمته السلطات العملاقة العالمية، العلنية، والسرية، فرادى وجماعات حتى حروب الإذلال والاستعمال والإبادة الجماعية، هو إنذار خطير على مسار التطور. الجريمة ليست هى النشاز الوحيد الذى قد يفسد اللحن الإنسانى تجاوبا مع لحن الطبيعة. إن أى خروج عن السياق الكلى، أو التوجه الجدلى، هو نشاز مختلف الحدة والخطر، فالمرض العشوائى، والقبح النافر، والإنكار غير الإيمانى، والجمود المغترب، هى تشكيلات أخرى من النشاز الذى يفسد اللحن البشرى حتى يكاد ينفيه.
الإنسان فى محاولة الحفاظ على مكاسبه وقد احتل مقدمة مسيرة التطور حتى تاريخه، حاول ويحاول أن يتخلص من هذا النشاز أو يفشله أو يحتويه بكل الوسائل المتاحة، حتى لا ترجح كفته فيفسد اللحن حتى التوقف (الانقراض). حين سن الإنسان القوانين مكتوبة، كان قد طبقها قبل أن يكتبها، كان ذلك هو السائد فى مرحلة غلبة الحضارة الشفاهية، ثم كتبها، وبتقدم المدنية (الذى لم يواكب بالضرورة – ولا طول الوقت – تحضر الإنسان)، حلت الكتابة محل الممارسة، وكان ذلك لازما بعد أن كثُرت أعداد الناس فازدحمت الارض بمن عليها، وفى حين تقاربت إمكانيات التواصل بين البشر عبر التكنولوجيا الأحدث، تباعدت المسافات الحقيقية العميقة فيما بينهم، فكان لا مَفَرّ من وضع قواعد وترتيبات لتنظيم العلاقات بين الناس وبعضهم، وبينهم وبين السلطة. هذا هو ما سمى “القانون”، ومن ثمّ تصدر مبدأ الشرعية الذى يقول أنه “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”، تصدّر حق تصنيف الجريمة فاختزلها إلى ألفاظ نصّية مثبتة فى أوراق رسمية، لا تتغير إلا ببطء شديد، ليس بالضرورة إلى أحسن. فارتاح المجرمون الأذكى، والأعتى، والأخفى، وراحوا يترصدون لأى نص قانونى جديد، لينقضوا عليه تحايلا، وتخريجا وتأويلا، لصالح استمرار وتطوير جرائمهم المعفاة من العقوبة، ليست لأنها لا تُعَدّ ضمن الجرائم الخطيرة والمؤذية والمهلكة والمبيدة، ولكن لأنهم عرفوا كيف لا ينطبق عليها نص حرفى مكتوب فى كتاب رسمى.
محاولات المواجهة وانحراف المسار:
لم تتوقف الفطرة البشرية عن محاولة تجاوز كل ذلك، فراحت تحرص بتلقائية طبيعتها أن تحافظ على نقائها وبقائها، ربما أسوة بمن تبقى من أحياء قبلها ومعها بدون قانون مكتوب، ولا تجديد نصّى لما هو “شرعية”، فلا إبن آوى كتب قانونه ، ولا النوارس، ولا حتى النمل، أو السحالى حددت نصا يبين أبعاد “الشرعية”. فطرتنا البشرية ليست بدعا مختلفا عن فطرة الطبيعة والأحياء، فهى تحرص على أن تواصل عزف اللحن التطورى المتواصل، وأن تتخلص من (أو تحتوى) أى نشاز (وخاصة نشاز الجريمة) مما يمكن أن يعطل لحن المسيرة الأساسى. استلزم ذلك الاستعانة باللحن الأكبر فالأكبر من سيمفونية الكون الأعظم، حيث تفضل رب العالمين على من انتقى من عباده بأن يكلفهم أن يعينوا سائر خلقه على تنقية فطرتهم لتتوجه لما خلقت له. تفضل سبحانه على من اجتهدوا لشحذ طبقات وعيهم حتى استطاعت أن تتلقى رسالة رحمة ربهم، هؤلاء هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كان عليهم أن يعينوا سائر الناس الذين حملوا الأمانة دون استعداد كاف، يعينوهم على مواصلة الحفاظ على فطرتهم، لتتوجه إلى ما وعدت به. هكذا أدت الرسالات السماوية وغير السماوية دورها، وعليها أن تواصل أداءه، وكان لزاماً عليها أن تضع حدودا ومواصفات لضمان السعى إليه، من بينها أنها سمت النشاز فى هذا المقام “الحرام” ونهَتْ عن فعله، كما أطلقت الحلال على ما هو غير ذلك كله.
ثم حدث للحرام والتحريم أن تولى أغلب أمره الملفظِنون المعقلِنون المغرٍضون والغافلون (رؤوف علوان فى حلم سعيد مهران، وقد تولى إدارة تفسير حديث للقرآن الشريف) فراحوا يبتدعون ما يشبه مبدأ الشرعية حتى كاد يصبح أنه “لا حرام ولا رذيلة إلا بنص”، فانتقل مبدأ التحريم من الإسهام فى تنقية الفطرة لترسيخ وتطوير لحنها الأساسى، إلى استعماله سيفا فى يد أى سلطة دينية أو سياسية أو اقتصادية، لترسيخ مكاسبها على حساب أى شىء وكل شىء، وكل حق، وكل عدل، وكل إنسان ضعيف.
إذا كنا، فى مسألة التجريم مضطرين، للتسليم مرحليا بسيادة القانون المكتوب، ولا مؤاخذة، فالأمر ليس كذلك تماما فى مسألة التحريم. إنك بمجرد أن تُنبه أن التحريم ليس من حق السطة الدينية الرسمية فحسب، يصوّرونك بلا إبطاء أنك تريد أن تُحل الحرام، حتى تصبح المسائل سائبة فى خدمة الشيطان، ولا يخطر على بالهم أى احتمال فى الاتجاه الآخر، وهو أنك تريد تنمية قانون داخلى/خارجى معا، (الشيخ الجنيدى وهو ينبه الطفل سعيد أن يبدأ بمحاسبة نفسه). إن توسيع دائرة التحريم التلقائى حتى تشمل الجرائم الأخطر (غير المحرمة قانونا) مثل: التخلى عن مسؤولية الحياة، وتحيز الإدراك، ومسؤوليه العجز عن الفعل، واللامبالاة، واستغلال البشر فى ظل ألفاظ قانون غبى أو منحاز، وعمى البصيرة استسهالا، ونسيان ما لاينبغى أن يُـنسى، إن كل هذا الذى لا يندرج تحت لافتة التحريم الرسمى يمكن أن يكون السبيل الأفضل لفهم معنى تجريم ما لا يجرمه القانون.
الإبداع نبوة الإنسان المعاصر:
أستشهدُ كثيرا بتفسير فيلسوف الإسلام “محمد إقبال” لحكمة أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء، فقد رأى إقبال أن هذا يعنى أن على كل إنسان أن يتحمل مسئولية وحيه الخاص، ولا ينتظر بعد ذلك وحيا ينزل على نبى جديد. أولياء ما بعد الرسول عليه الصلاة والسلام هم المبدعون على اتساعهم، ولأنهم ليسوا أنبياء، هم كـُثْـرٌ، وفى كل مجال عبر العاَلم، لكن مجموعهم يقوم بدور الأنبياء المعاصرين، لا من حيث تبليغ الرسالة أو تنظيم الحلال والحرام، وإنما من حيث توسيع الوعى، وتشكيل الجمال ونفى القبيح والنشاز، لتصبح الفطرة البشرية أقدر فأقدر على تمييز الحلال والحرام.
انتبه الإبداع بشكل فائق لهذا التباين الشاسع والضار بين المستويين للتحريم والتجريم، بين المستوى الرسمى والحقيقى: بين المكتوب والجارى، بين الحلال بالاستبعاد (ما ليس حراما) والحلال إقبالا: بالعمل، بين المعلن الظاهر وجوهر الجارى، بين ألعاب الكلام، ومحور العدل. لم يتوقف الإبداع عن الإسهام فى كشف كل ذلك، وإن كان لا يملك من أدوات السلطة، ولا من إمكانات الواقع ما يطرح به بديلا، ناهيك عن أن يفرض به نظاما عاما، إلا أن ما يقوم به من إسهام فى تشكيل الوعى، يمكن أن يسمح لنا أن نأمل فى نظام قد يخفف من مضاعفات ما وصلنا إليه، إلى أن نجد قوانين أرقى مكتوبة وغير مكتوبة تحافظ على بقائنا معا، لننطلق بنا إليه.
عينات من جهاد الإبداع:
الأعمال الإبداعية التى تناولت التحريم والتجريم والتأثيم، نقدا وتعرية، ومراجعة هى بلا حصر، المقتطف الذى أوردناه من “اللص والكلاب” هو مجرد عينة مكثفة تظهر أبعاد القضية من خلال حلم ليس مُقْحّمًا. لكن الرواية كلها تطرح قضايا تتساءل: بأى مقايس نقيس الجريمة الظاهرة والخفية؟ ومن هو المجرم الحقيقى؟ ومن يُنزل العقاب بمن، وما هو عقاب السلطة، وما هو جحيم الذات،..إلخ؟ نجيب محفوظ فى هذه الرواية أثار وتناول معظم هذه القضايا، وقد أدان المجتمع من ناحية، كما أدان المثقف المزيف من ناحية أخرى، لكنه لم يُعْفِ السرقة الفعلية من المسؤولية. محفوظ عاد فتناول هذه القضية باقتحام إبداعى مرعب فى ليالى ألف ليلة بالذات، كما تناولها بتنويعات مختلفة، فى أغلب أعماله، مثلما أطلت فى أصداء السيرة الذاتية بشكل متباعد، لتظهر أكثر تواترا فى أحلام فترة النقاهة. ديستويفسكى تناول فكرة “التأثيم” باكرا حين قدم التأثيم الذى كان يمارسه بطرس الكسندروفيتش، بكل بلادته وتصنعه و نزواته وغروره، ليغذى شعورا وهميا بالذنب عند زوجته ألكسندرينا، الأمر الذى رصدته الطفلة نيتوتشكا نزفانوفنا[2] (الفطرة) ورفضته حتى أعلنت ثورتها وكأنها تمثل الضمير القاضى الذى يحاول تأكيد حق الإنسان فى “الحق فى الحب”.
الطفولة قادرة على رصد القانون ونقده، وأيضا مناقشة حدود الدين التقليدى والأوصياء عليه، فى رواية إيمانويل شميث أعلنها الطفل موسييه صريحة بعد أن استشار القاموس (لاروس) فى معنى كلمة “صوفى” التى حسبها مرضا أصاب به صديقه مسيو إبراهيم البقال المسلم الذى يشرب الخمر ويعلمه الغش أحيانا، (مسيو إبراهيم وزهور القرآن)[3] يقول موسييه بعد بحثه عن معنى الكلمة فى معجم “لاروس”: “الصوفية … تعارض حرفية القوانين، وتولى أهمية كبرى للعقيدة الداخلية للدين” ثم “..ومن محاولاتى المستميتة لفهم جميع كلمات هذا التعريف، اتضح فى النهاية أن مسيو إبراهيم بمشروبه الكحولى يؤمن بالله …، ولكن بطريقة يبدو أنها تعتبر من الخارجين على الدين، إلا أن فكرة معارضة القوانين أقلقتنى بعض الشىء، فإذا كانت حرفية المطلوب هى اتباع القوانين بكل دقة كما يقول أصحاب القاموس، فإن لذلك معان مقلقة مؤداها أن مسيو إبراهيم غير شريف، لأنه لا يتبع القانون حرفيا، وأننى بذلك أخالط ناسا لا يجب علىّ مخالتطهم، لكن فى الوقت نفسه إذا كان التزام القانون يعنى أن يصبح المرء مثل والدى وأن يكون عابس الوجه وأن يملأ البيت كآبة، فإنى أفضل أن أعارض حرفية القانون مثل مسيو إبراهيم”.
هل يحتاج هذا المقتطف إلى تعليق؟
عودة إلى ديستويفسكى مقارنة باللص والكلاب نجد أن نجيب محفوظ يحاكم المفكر لا الفكرة، ويجّرمه أكثر مِن مَن قام بتنفيذ الفكرة وتفعيلها على أرض الواقع، بما يترتب عليها، فى حين أن ديستويفسكى يحاكم الأفكار ذاتها وينقدها، أبطال “الإخوة كارامازوف” هم في جانب منهم ضحايا أفكارهم أو أفكار سواهم. القاتل في “الجريمة والعقاب” يقضي على المرابية مدفوعاً بأفكاره ويذهب إلى السجن ليكفر عنها. والمحقق، حتى المحقق، لا ينبش فقط في حيثيات المشتبه به وظروفه بل في أفكاره أيضاً. استطاع دويستويفسكي فى الجريمة والعقاب أن يشعرنا بالجريمة بكل كياننا حتى نكاد نصدق منطقها، لكنه يعود فيحكمها ولكن بطريقة مختلفة بعد أن قلب وجوهها، وغاص فيها حتى القاع. البطل «راسكولنيكوف» ليس عقلانياً فهو لا يعرف حتى النهاية لماذا لا يجوز ان يقتل المرابية. ونحن معه لا نفهم بالعقل والمنطق حالته الوجدانية ويصعب علينا تقييم عمله لكننا بكل كياننا نشعر وبوضوح بضرورة كل التسلسل الذى أدى إلى هذه الجريمة.
فى «الإخوة كارامازوف» تمتد المراجعة إلى ظاهر الدين وباطنه[4]، ومستويات الأخلاق وما بعدها، مما يؤكد لنا مدى محاولة الإبداع لخوض غمار هذا التحدى.
كل ما سبق من أمثلة – مجرد أمثلة – ينبهنا أن مبدأ الشرعية، وحدود النص الدينى الذى نعتز بهما، ولاينبغى أن نفرط فيهما، هو مبدأ قاصر، ومحدود، وملتبس فى آن، وفى نفس الوقت يظهر لنا علاقات متشابكة بين التجريم والتحريم، وأيضا هو يشير إلى احتمال تجاوزهما إلى ما يشوه الفطرة أو ينحرف بها إذا نحن اكتفينا بالحدود المعلنة، أو تحايلنا عليها.
التحريم والتأثيم:
لا يوجد دين لا يرسم حدودا للحرام (دع جانبا الحلال فهو كل ما ليس حراما، هكذا يقولون)، وإلا ضاعت معالمه وتفككت قواعده، لكن المسألة تتعقد بمجرد أن تتوالاها سلطة دينية عاجزة عن التعمق والتطور إذ تروح تمسك سيف التحريم المنصوص عليه ألفاظا وتتوقف عنده تماما، وكأنه وحده هو الدين لا أكثر ولا أقل، ثم إنها تتجاوز التحريم إلى التأثيم المستدام (الإشعار بالذنب طول الوقت). يتم ذلك من خلال المبالغة فى التحريم على أساس دينى، او اجتماعى، أو تراثى أو غير ذلك، مما يكاد يجعل الشعور بالذنب مبررا للوجود كما تناوله سارتر فى”الذباب” [5].
أنظر حولك الآن لترى التطورات التى يمر بها مجتمعنا لعلك تتبين قدر ما يصل الناس من تأثيم (أكثر منه تحريما) طول الوقت، من أول تحريم لبس معين (حتى تجريمه متى استطاعوا) إلى الترهيب والإرهاب بكل تلك الأقاويل عن عذاب القبر وكل أنواع التعذيب المنتظرة للأطفال قبل الكبار. النتيجة هى أن عملية التأثيم تحل محل التحريم، حتى تكاد تصبح الحياة نفسها إثما يستحسن أن نستغفر الله لارتكاب ذنب الاستمرار فيها، نفعل ذلك حتى لو ادعينا عكسه. حتى خطاب الرحمة والعفو والغفران عادة ما يبدأ بالتأثيم بشكل متضخم ومرعب، بحيث تتضاءل معه مساحة وفاعلية الرحمة مهما اتسعت وشملت.
كلما امتد النص ضاقت حركية الإبداع:
سوف أكتفى هنا بمثال واضح من واقع مهنتى أدلل به على ما يجرى من ابتداع نصوص قانونية محكمة، لا تخدم فى نهاية النهاية إلا تراكم المال الغبى عند قلة مغتربة، ذلك أنه يتم حرمان المرضى من حقهم فى العلاج الممكن، وأيضا حرمان الأطباء من حركتهم الفنية الإبداعية لمساعدة مرضاهم ، وذلك بتوالى إصدار قوانين وقواعد ملزمة، على حساب سحب الثقة الأساسية بين المريض والطبيب، حدث هذا فى الخارج تحت شعارات كثيرة من أول الاقتصار على حقوق الإنسان المكتوبة إلى ما يسمونه لوائح تنظيم المهنة لصالح المرضى، النتيجة أن زميلنا الطبيب هناك يشعر أنه “مدير آلة الطب”، وليس طبيبا، وذلك بعد أن حرمه القانون من أى حركة “خارج النص” (ولو كانت لصالح مريضه بما فى ذلك إنقاذ حياته) يفعل الطبيب ذلك وهو يقوم بدوره مختنقا خوفا من أن يخرج عن المكتوب، فيرتكب جريمة تلزمه بالتعويض إن لم يكن بما هو أكبر. أصبح الطبيب هناك – كما سيحدث هنا – يمضى أكثر وقته فيما يسمى “أعمال الورقPaper work بدلا من أن يمضيه فى أعمال التطبيب وفن اللأم، وذلك ليحمى نفسه أولا، ثم إن الملاحظات العلمية والفنية المسجلة فى أوراق المرضى قد تضاءلت لأقل من 10%، بعد أن أصبح من حق المريض ومحاميه أن يحصلوا على الملف الأصلى للمريض فى أى وقت ولو بعد سنوات، فتراجع الأطباء عن تسجيل أية ملاحظات جادة، أو حتى علمية قد تفيد مستقبلا، واكتفوا بالملاحظات الشكلية الروتينية، خوفا من أن يتصيد محام شاطر ملاحظة غامضة هنا أو هناك تجرّم الطبيب بالسلامة!!
القانون غير المكتوب مُلزم أكثر:
من موقع شخصى، توقفتُ عن المشاركة فى الامتحانات بكل مستوياتها، من طلبة البكالوريس حتى الدكتوراة، ذلك لأننى مع وبعد كل امتحان، كنت أصاب بأرق وغم مزعجين، كنت أشعر أننى قاض فاشل، وأن الله سيحاكمنى على جريمة أنى أجيز طالبا لمجرد أنه أتقن الانحاء تحت سقف نصوص أنا أعرف لماذا تقزمت وكيف أحُكمت، حتى التشخيصات الإكلينيكية اصبحت محددة بقائمة من الأمراض والتفاصيل دون ربط ذلك بتنويعات العلاج واحتمالات استخدامه، كل هذا يسخر لخدمة أغراض تجارية وقانونية تأمينية وتعويضية على حساب المريض والعلاج.
ليس معنى أنى اعتذرت عن عدم المشاركة فى الامتحانات أننى توقفت عن التدريس، على كل المستويات، لكننى لجأت إلى وسيلة طريفة لأبين للدارسين على مختلف مستوياتهم أن هناك قانونا آخر، غير المكتوب، لا بد أن يحاسبوا أنفسهم به، وهو الذى سوف يحاسبهم ربهم به، قانون حمل المسؤولية ونفع الناس حقيقة وفعلا، قانوناً نطبقه ونحن نستعمل مقاييس ثقافية محلية محددة، وعلمية منطقية مؤكده. أدت هذه الخبرة إلى أننا كنا ننتهى من عرض الحالة أثناء الدرس، لنتساءل: ما هو التشخيص الذى ينبغى أن نقوله لننجح فى الامتحان، وما هو التوصيف الذى سنقوله لربنا حين نلقاه ويسألنا عن الوقت، والجهد، والمقابل، والمنطق الذى تعاملنا به مع المريض لصالح صحته؟ بدت المسألة فى أول الأمر أشبه بطرفة، لكن بالإصرار ومواصلة المحاولة والتصحيح، استطعنا أن نتبين معا كيف أن تقديس نص “دليل علمى” (هكذا اسمه بالضرورة) موصى عليه سرا من شركات الدواء، قد يكون فى النهاية – شعوريا أو لا شعوريا – جريمة تخدم شركات الدواء على حساب المرضى.
بالغتْ شركات الاستغلال أيضا فى زعم الإعلاء من قيمة وتكاليف الأبحاث التى تقوم بها لصالح مكاسبها وليس لصالح المرضى، من أول الأبحاث التى تبالغ فى الأعراض الجانبية للأدوية التقليدية الرخيصة، حتى الأبحاث التى تتبنى نظريات وفروضا كيميائية ميكانيكية مختزلة، فيقفز ثمن عقار من عشرة جنيهات إلى عقار آخر يعمل عمله لكن ثمنه هو ثمانمائة (800 جنيها) فقط لا غير، ولا يأتى العقار الجديد بنفس النتيجة أو قد يأتى بنفس النتيجة مع فارق السعر، والطبيب الذى يساهم فى هذا التوجه يشارك فى جريمة ليست مُجَرّمة، وقس على ذلك حين يتم التخويف من مخاطر الأجهزة القديمة الناجحة لدرجة تجريم استعمالها، ليقفز ثمن الجهاز. “القانونى” الأحدث – باتفاق بين الشركات وبعضها – إلى ما يدور حول المائة ألف جنيه، فى حين أن ثمن مكوناته لا تزيد عن مائتى جنيه مثلا.
هذه الجرائم المبرأة من العقاب، والتى تسهلها وتبررها نصوص قانونية تحت مزاعم شبه علمية هى أخطر وأبشع من جريمة فردية تقع تحت طائلة القانون.
أصول مستويات المحاسبة:
إذا سمح لك القانون بحدود معينة تتحرك داخلها وترضى بها، أو تضطر إلى الالتزام بمداها، فعليك أن تعرف أنها ليست هى غاية الحدود التى عليك أن تقف عندها، أمام نفسك، وأمام ربك، الآن، أو فيما بعد. إن أردت أن تغامر باستلهام النص مباشرة، فثمة آيات بينات كثيرة تعلن بوضوح أن المسألة ليست هى كما تظهرها نصوص القوانين أو الأحكام الشرعية الرسمية. إن حسابك الحقيقى (كما قال الشيخ الجنيدى فى اللص والكلاب) هو حسابك لنفسك، وأمام الله وليس بالمادة كذا من القانون الفلانى، أو الفقرة كيت، من المرجع العلانى، حتى لو كان هذا المرجع هو تفسير التفاسير، أو فتوى الرسميين. اكتشفت شخصيا أن ثمة مستويات ثلاثة عليك أن تتذكرها، هى موجودة فى معظم الأديان غالبا، لكننى أستشهد بدينى الذى أتعرف عليه مجددا وباستمرار. (طبعا يوجد غيرها لكننى أكتفى بها)، هاك مجرد عناوينها:
1) “إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا”.
“وكلهم آتيه يوم القيامة فردا”
أنت قاضى نفسك، ليس لك محام يتلاعب بالحجج والإجراءات ، ثم إن المحامين سوف يكونون مشغولين بقضاياهم الخاصة “لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ” .
2) “بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره”
ولن يعفيك أن يكون عندك عذر قانونى أو تفسيرى (لنص مقدس)، فكل التفاسير قد تكون من باب المعاذير التى إذا ألقيتها لتخفى جريمتك الحقيقية، فستـُلقى فى وجهك، بل ستكشفها بصيرتك أنت بنفسك.
3) “ِاذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ، وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا ..”
إن الذين أفتوْا لك أية فتوى، (أكرر أية فتوى) بالتجريم أو التحريم ، لهم الحق أن يتبرؤوا منك إن كنت قد اتبعتهم دون إعمال رأى، أو تحمل مسؤولية
الورطة والبداية الفردية:
لأول وهلة، تبدو المسألة كما أوضحناها هنا حتى الآن، أنها قد تسيبت حين يصبح كل واحد قاضى نفسه، فتسيح الأمور، ولا يكسب فى هذه الحال إلا الأخبث والأقوى، هذا تنبيه طيب وحقيقى، ومع ذلك فلا مفر من التمسك – ولو من حيث المبدأ – بكل ما جاء فى المقال. قد نُضطر ونحن نحسبها بالعقل والممكن أن نكتفى مرحليا بالتجريم الرسمى، والتحريم السلطوى التفسيرى الاحتكارى، هذا على المستوى العام، الذى لا بد سوف يتغير ويجد حلولا أقدر وأعدل مع تطور الوعى البشرى أفرادا فجماعات، لكن هذا لا يعفى أى واحد منا من مسئوليته الفردية المطلقة، هى مسؤولية كل واحد على حدة، خاصة وأننا لن نحاسَب (هنا أو هناك) جماعات، أو دولا أو جنسيات، أو بالتوكيل الجماعى الرسمى فى الشهر العقارى، وإنما الحياة بالنسبة لكل منا فى البداية والنهاية هى مسئولية كل واحد فرض عين.
ما العمل؟
لنتذكر أولا أن النمل والنحل والسحالى والقردة لم ينقرضوا بعد، برغم أننا نزعم أننا تطورنا منهم.
لا بد أن سبب بقائهم، هو تنظيم لمسألتى التجريم والتحريم بغير قانون مكتوب، أليس كذلك؟
وما دمنا نزعم أننا أرقى منهم – والله أعلم – فلا بد ونحن ننظم حياتنا بما هو مكتوب، أن نتحمل مسئولية ما هو ليس مكتوبا. هذه واحدة.
الثانية – حتى لو كررنا – هى مسألة أن علينا أن نتذكر طول الوقت أن تنظيم الدولة شىء، وتنظيم الذات شىء آخر، صحيح أنه إذا كان نظام دولة ما هو أقرب إلى العدل، وأحرص على تنمية الفطرة، بالإبداع والاختلاف والجدل، فإن ذلك سوف يسهل مهمة كل منا أن يكتشف فطرته، وأن يحافظ عليها فى مواجهة أى تشويه أو ترهيب أو فتوى أو تبرير، لكن: حتى وإن افتقر نظام الدولة إلى هذين البعدين: العدل، و فرص تنمية الفطرة، فعلى كل واحد أن يجتهد فى موقعه، لأنه سيحاسب نفسه الآن، وغدا إذ يلقاه، فردا، بلا معاذير، ولا محام، وسوف يتخلى عنه من أفتى له مهما بلغت مرتبته، فقد لا يكون إلا “رؤوف علوان” فى عالم “سعيد مهران”.
محكات ليست مثالية:
هل ثم محكات لتقييم المحاسبة الذاتية، وقياس الفطرة النقية؟
طبعا توجد محكات ومقاييس، لا يتسع لها هذا المقام ولا هذا المقال، وسوف أكتفى بمجرد تعداد علامات قد تبدو مثالية، وهى أبعد ما تكون عن ذلك، وهذا بعض عناوين ما خطر لى:
نفع الناس وحساب النفس: (أنظر: وصية الشيخ الجنيدى لسعيد طفلا)، والمنطق السليم ، ثم المنطق الخاص، ثم كلاهما، والجدل بينهما، والحفاظ على القدرة على الدهشة، والتمتع بالجمال، والقدرة على تجميل القبيح، والحركة المتجددة، وإعادة التشكيل ما أمكن ذلك (الإبداع)، والتواجد مع “آخر” حقيقى، والقدرة على تركه لتعود إليه، أو لا تعود، والبدء من جديد مهما كان الزمن أو تعملق الخطأ، والعدل حتى لو بدا مستحيلا، وحمل هم الناس (ناسك وغير ناسك) حتى آخر الدنيا، وآخر الزمان (دون نعابة أو بطولة)، والنوم الجميل مع كل أنواع الأحلام الممكنة، والجنس الحوار التكامل، بلا عجز أو استعمال أو توقف، والفرحة بالنفس آخر النهار، وأول الليل، ثم أول النهار، وآخر الليل، والألم الحقيقى برغم الفرحة.
هذا يكفى حاليا،
والحق سبحانه وتعالى هو المستعان على ما يصفون.
[1] – نجيب محفوظ: “اللص والكلاب” – مكتبة مصر 1962
[2] – يحيى الرخاوى: التفسير الأدبى للنفس: نيتوتشكا نزفانوفنا، وهامش من “البطل الصغير” ديستويفسكى. الإنسان والتطور عدد اكتوبر سنة 1982 ص 71-137
[3] – إريك إيمانويل شميت” مسيو إبراهيم وزهور القرآن” 2001 ترجمة محمد سلماوى 2005 دار الشروق
– [4] يحيى الرخاوى: “من استحالة الإلحاد إلى تناسق الإيمان الواعد” فى الإخوة كارامازوف: ندوة جمعية دار المقطم للصحة النفسية مايو 1991
[5] – تناول الكاتب إشكالة الشعور بالذنب فى دراسة مطولة الإنسان والتطور عدد ابريل – سبتمبر1988: الموسوعة النفسية “ذنب”.