نشرت فى الدستور
2-11-2005
العلاج بـ “وصفة” الأعراض (4)
الوسواس القهرى
طيب والوساواس القهرى؟ بصراحة المفروض أن يأتى هذا المرض أولا فى سلسلة العلاج بوصفة الأعراض، ذلك أن إحدى طرق علاج الوسواس هى “الغمْر”، أو الفيضان ، بمعنى أن الوسواس ، سواء كان فكرا (فكرة لحوح تتكرر هى هى) بلا منطق ولا داع، أو سلوك (مثل تكرار غسيل الأيدى، أو غلق الأبواب، ..إلخ) بدلا من أن ننصح المريض أن يقاوم هذا أو ذاك، نطلب منه أن يفعلها إراديا بنفسه.
قالوا وكيف كان ذلك ؟
مثلا : مريض مصاب بالوسواس يكرر بعض الأفعال أربع مرات أو مضاعفاتها، وجد فردة حذاء فى الطريق وهو عائد إلى منزله، فشاطها بقدمه، (مثلما يفعل أى واحد منا أحيانا)، لكن الوسواس هاجمه، وألزمه أن يعود ليشوطها ثلاث مرات أخرى حتى يكتمل العدد أربعة، ماذا وإلا، فعاد، وهكذا. هذا المريض نفسه شك عندما دخل منزله هل كان العدد أربعة أم أنه نسى، ورجح أن العدد كان أربعة، ومع ذلك نزل استجابة للشك، وشاط فردة الحذاء ثمان مرات (ضعف أربعة) ، وهو يعلم تماما أنه لا لزوم لكل هذا، لكنه لا يستطيع أن يكف عن فعل ذلك. هذا المرض يعالج بالعقاقير علاجا ناجعا فى بعض الأحيان، لكن العلاج بالغمر، (نوع مبالغ فيه من “وصفة الأعراض”) يساعد العقاقير تماما، يتمثل هذا العلاج أن تطلب من المريض ألا يقاوم الفكرة أصلا، وتطلب من أهله أن يكفوا عن إقناعه طول الوقت، فهو يعرف أكثر منهم أنه لامعنى لما يفعل. أطلب من هذا المريض، بدلا من المقاومة، أن يضيف إلى وسواسه بإرادته عددا آخرا من نفس الفعل، فإذا ألح عليه الوسواس بالعدد ثمانية ، فليكملها ستة عشر (4×4) ، وأقول له أحيانا أن هذه الزيادة الإرادية هى لحساب العلاج، ثم أمضى شارحا :أربعة للوسواس، والباقى للدكتور، (ومن ثم للعلاج)، وذلك بعد الاطمئنان إلى اكتساب درجة مناسبة من الثقة.
سمعت أثرا عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال ما معناه ” إذا خفت أمرا فقّعْ فيه”، (قعْ: فعل أمر من وَقعَ) ، وهذا ما نشير به على المريض حين نستبدل بالمقاومة الاقتحام: قَعْ فيه.
المسألة ليست أوامر، بقدر ما هى اتفاق، وثقة ، وإصرار من الطبيب، فالمريض، وتعاون من الأهل، وعقاقير.