اليوم السابع
الأحد: 23-2-2014
العلاج “بالطبيعة العلمية” ينتصر على فيروس “سى”
بلغنى اليوم هذا الخبر المهم: “نجحت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فى ابتكار جهاز جديد لعلاج فيروس الكبد الوبائى “سى”، وكذلك فيروس نقص المناعة المكتسب المعروف بــ”الإيدز”، وتم اختباره على العديد من المرضى خلال الفترة الماضية وأثبت فعاليته ونجاحه.
ومثلى، مثل أغلب الناس، بل مثل أغلب الأطباء لابد أننا تساءلنا ما للهيئة الهندسية وللطب، ايش أدخلها فى هذا المرض الذى أصبح وصمة، ورهابا، أكثر منه مرضا، وبالذات للمصريين، وإيش أدخل جيشنا العظيم فى الطب والهندسة؟ لكن الحمد لله كثيرا، ربنا ينفع بالجميع.
كنت قد كتبت هنا بتاريخ 25/12/2013 أنبه إلى اهتزاز الأسس “شبه العلمية” التى تبنى عليها شركات الدواء أبحاثها، ومن ثم ابتداع عقاقيرها، وكان آخرها ذلك العقار الذى بلغ ثمنه بصفة مبدئية (80.000 ألف) (أكثر من نصف مليون دولار)، لعلاج هذا الفيروس وقد كتب لى إبنى صديقى مصرى مهاجر، فرنسى شديد المصرية، وهو د. رفيق حاتم يحذرنى من تجاوز اختصاصى، ويفيدنى أنه لا يُستدل على هذا الفيروس (المزعوم) من وجود أجسام مضادة فقط، ولكن من العثور على كمية زائدة من RNA للفيروس المسبب للمرض، وارتفاع انزيمات الكبد ثم سرطانه …إلخ، ورددت عليه فى حدود عدم تخصصى أنه لابد من وجود رابط سببى بين هذه الملاحظات والمضاعفات وبين هذا الـ RNA الخصوصى، الأمر الذى لم يثبت أصلا، وأن المرضى النفسيين الذين يترددون علىّ يعانون من رهاب (الخوف المرض) من الإصابة بهذا الفيروس (المزعوم RNA)، أكثر مما يعانى من يكتشفه عادة “مصادفة”، وأضفت فى ردى إن التلويح للمواطن فى بلد “متهم” بانتشار هذا الفيروس بهذه النسبة (أكرر “متهم” بهذا العقار الجديد)، التلويح له باكتشاف عقار جديد وهو لا يملك ولن يملك القدرة على شرائه ولو باع أولاده، هو وضع همٍّ جديد على “آلام الحرمان” و”أشواك الأمل” عند الفقراء الأصحاء إلا من الإشاعات الإمراضية.
وأنهيت المقال قائلاً: إن الرعب من الإصابة بفيروس “سى” وتضخيم مضاعفاته دون حضورها بين عامة الناس مرضا معوقا، (دراسة جدوى) هو أكثر إعاقة للقدرات البشرية من مجرد وجود RNA أو حتى الفيروس نفسه بلا مضاعفات عادة! أو حتى بمضاعفات يمكن أن تعزى إلى غيره، أو إلى مصاحبات معه.
فتفضل ابنى وزميلى المصرى جدا الفرنسى رغم أنفه د. رفيق حاتم برد طيب قال فيه:
“أرى أن ما قلته مهم للغاية ويثير أكثر من قضية، صحة عامة وحقوق إنسان مهدرة. أريد أن أقترح عليك أن تنشر هذا الرأي (إذا لم تكن قد فعلت من قبل) بهذه الاستفاضة (أنا لا أذكر أنى قرأته منك هكذا) فى اليوم السابع أو أى جريدة أخرى حتى يرد عليه المتخصصون فى الطب….الخ”.
فتلكـّأت بصراحة لأننى غير مختص، لكننى ناقشت زميلة لى مختصة (أستاذ) فى أمراض كبد الأطفال، وكان لها رأى مشجع لى وهو أن وجود هذا الـ RNA قد لا يكون دليلا سلبيا بل إيجابيا لأمور تتعلق بالمناعة وكلام لم أفهمه.
بصراحة كان لدىّ فرض لم أستطع أن أعلنه لعدم الاختصاص وهو يدور حول أن هذا هذا الـ RNA له علاقة بتركيبة إثنية عند بعض البشر ليس لها علاقة بهذا المرض وإنما بأشكالات مناعية حتى لو تشابه تفاعله الوقائى مع فيروس “بى B” الوبائى أو فيروس “أ A”، وأن الأبحاث ينبغى أن تتجه إلى هذه الوجهة وليس إلى اختراع أمصال وعقاقير بنصف مليون دولار للمريض الواحد ومثل هذا الكلام العبثى الاستغلالى.
وفجأة، ويأتيك بالأبحاث من لم تزوّد، يصدر هذا الخبر من مهندسين وأطباء عسكرين بعد 22 عاماً من البحث الجاد، وهم مصريون فى وقت نحتاج فيه إلى احترام الجدية وتثوير الإبداع واستعادة الثقة باستقلالنا وحقنا فى الإبداع، وإذا نتائج أبحاثهم مماسه للفرض الذى خطر لى ولم أعلنه، فأنا أنتمى لمدرسة تقول: إن الجسم البشرى يحمل آلية تصحيح نفسه، تماما مثل المخ البشرى الذى يعيد بناء نفسه باستمرار، وأن كل ما علينا – نحن الأطباء ومحبى الحياة- هو أن نتيح الفرص بكل مستحدثات العلم ورحمة ربنا لأجسادنا وأمخاخنا أن تفعل ذلك، وما علينا إلا أن نقف بجوار الجسم والمخ نعينهما على تصحيح المسار بالوسائل الطبيعية، وبكل معطيات العلم: الطبيعية قبل الكيمياء، مثلما نفعل بجلسات “تنظيم إيقاع الدماغ” فى الأمراض النفسية، وهى ليست إلا آلية طبيعية لإعادة تشغيل المخ (مثل Restart الكمبيوتر) حتى يصحح لنفسه، هذا العلاج الذى نال أيضا من التشويه تحت اسم الصدمة الكهربائية، ما دفعت فيه شركات الأدوية ملايين الدولارات لإساءة سمعته والتضخيم من مضاعفاته، مع أنه الأقرب إلى الطبيعية والإيقاع الحيوى، وربما لذلك استطاع أن يصمد أمام مهاجميه لقرن من الزمان (تقريبا) يتحدى كل محاولاتهم.
وإلى أن أعرف التفاصيل من المؤتمر الذى سيعقد اليوم الأحد 23-2-2014 سوف أعود للبحث عن وجه الشبه بين العلاجين بطريقة أو بأخرى.