نشرت فى الدستور
19/11/1997
العامـية والاستظراف
شجعنى العدد الماضى أن أواصل حديثى فى مسألة “دستور يا الدستور” وذلك حين رحت أقرأ الفاضلة صافيناز كاظم وهى تفرد ما أوجزته فى عمودى، فأشعر بالائتناس والود، رغم أنها تزعم عدم فهم تعتعاتى، ورغم أننى متأكد أنها تفهم أكثر مما أريد، إذ أننى أثق فى وعيها الحساس، الرافض لأى وصاية جاثمة، وبالتالى فأنا متأكد أنها لا تريد أن تفهم ما ترفضه (وليس أنها لا تستطيع أن تفهم، فهى تستطيع ونصف، والمصحف الشريف).
ثم تشجعت أكثر وأنا أقرأ هذا الإنسان الجميل “محمد عبد القدوس” الذى لا أعرف من أين يأتى بكل طاقة الحب هذه ليفيض بها على كل الناس من أول “المرحومة ديانا” حتى “طويل العمر إبراهيم عيسي”، فيذكرنى بدعوة والده (الحبيب) إلى الحب، وكيف كان ينهى حديثه فى الإذاعة أن “تصبحوا على حب”، فأحسدهما معا، لأننى أفتقر إلى هذا الحب الطيب الغامر السمح، و أتصور أننى أنتمى إلى حب آخر يفيد الرعاية والمسئولية والمشاركة فى الهم وتحمل الآخر، المهم أن عتاب هذا الشاب الجميل للدستور شجعنى أن أواصل ما هو “دستور يا الدستور”
ولما كان العمود قد قارب الإنتهاء فسوف أوجز النقد هكذا:
1- أن تتبنى الدستور اللغة العامية، هو أمر وارد له ما يبرره، فالعامية هى لغة الشعب أولا وقبل كل شئ، ولنقرأ حداد أو جاهين أو نجم أو الأبنودى ونفرح بالعامية الجميلة، ولكن لابد وأن نتمهل كثيرا قبل أن نتصور أن هذا الشعر العامى الجميل هو هو مبررنا للعامية العشوائية المستظرفة.
2- وياليت الاستظراف كان صدفة أو نادرا، لكنه أصبح نغمة سائدة فى غير موضعه، وهذا إهانة للعامية الجميلة وليس تبنيا لها، ولا دفاعا عنها.
3- أن تنحشر ألفاظ عامية- دون مناسبة – فى عناوين مقالات وتحقيقات حادة لا تحتاج إليها هو خلط غير مستحب. مما يجعل كثيرين يتوقفون عن قراءة المقال أصلا – فيـحـرمون من جدية المحتوى، ثم هم يتوقفون بعد ذلك عن قراءة الدستور كله فيفقدون الكثير، ونفقدهم بلا مبرر.
ثم إنى فى النهاية أقترح مؤقتا:
(أ) أن تقتصر العامية ما أمكن على أبواب بذاتها أو صفحات بذاتها، مثلا كلمة أحمد فؤاد نجم، وصفحة الفن، وإلى درجة أقل صفحة الحوادث.
(ب) أن تتبنى الدستور تطعيم العربية السهلة (تسمى أحيانا “فصحى الإعلام” أو “عامية المثقفين”) بتعبيرات عربية جديدة مأخوذه من العامية مثل: كذا أم ماذا ؟ (= مش كده ولا إيه) وهكذا.
وأكتفى بهذين الإقتراحين مرحليا، وإن شئتم زدنا.
ودستوركم معكم هذه المرة، والعود أحمد.