نشرت فى الدستور
25 – 1 – 2006
الطبيب النفسى، ومفهوم “الإنسان” (1)
لكل واحد منا، بما فى ذلك الطبيب النفسى والمريض النفسى طبعا، مفهوم ظاهر أو خفى عن ماهية الإنسان، عن ماهيته هو شخصيا : إنسانا. . تعريف الصحة النفسية شديد الصعوبة، أصعب من تعريف المرض النفسى، ومع ذلك فالعلاج ليس إلا العودة بالمريض مما يسمى المرض النفسى إلى ما يسمى الصحة النفسية. هل يمكن فعل ذلك بدون أن يتصور الطبيب – شعوريا أو لا شعوريا – تصورا ما عن حقيقة من هو الإنسان. حين طُلب من فرويد قبيل رحيله أن يعرف الصحة النفسية بعد طول مشواره قال : هى “أن تعمل وأن تحب”. أعتقد أن هذا التعريف هو من أرق التعاريف وأصدقها، ومع ذلك فأى عمل وأى حب؟ بل وما هو تعريف العمل وتعريف الحب فى كل مرحلة من مراحل الحياة؟ التفاصيل ليست ثانوية. إن مفهوم الصحة النفسية مرتبط أشد الارتباط بمفهوم “ماهية الإنسان”، خاصة عند الطبيب النفسى، حتى دون أن يدرى. نبدأ هذه المرة ببعض التبيهات (المُتَعْتِعَةْ)، نقرأها من الداخل (من داخل الطبيب النفسى، ومن وراء ظهره)
(1) الإنسان الصحيح هو من يشبهنى شخصيا، فيعتقد ما أعتقد ويفعل مثلما أفعل.
وبالتالى فالعلاج أن أجعل المريض مثلى، أو اقرب ما يكون إلىّ (لا يا شيخ ؟!!)
(2) الإنسان الصحيح هو الكائن العائش فى طمأنينة (النفس المطمئنة، بالمعنى الساكن !!) الذى لا ينفعل بشدة، ولا يندفع بشدة، ولا يندهش جدا لشىء جدا، ولا .. ولا .. ولا ….: الطيب أحسن والسلامة أولا، يا رااايق
وبالتالى فالعلاج هو أن أهدئ المريض وأريحه حتى يشعر باللذة متجها إلى الرفاهية المطمئنة
(3) الإنسان هو كيان كيميائى متناسب مع بعضه يحسن تشغيله بكفاءة طالما أن مواده الكيميائية موجودة بنسب طبيعية هنا وهناك فى، وبين، خلاياه .
وبالتالى فالعلاج هو البحث (فعلا أو تخيلا) عن أى مادة نقصت نكمل نقصها، وأى مادة زادت نقلل من زيادتها ولو بإعطاء ضدها، فتعود المواد بالقدر المناسب الذى يحقق الصحة .
أكتفى بهذا القدر هذه المرة ، ونعود إلى فحص ما بداخل الطبيب لصالح من هو مريض، لعل وعسى .