نشرة “الإنسان والتطور“
28-12-2010
السنة الرابعة
العدد: 1215
الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (23)
الصحة النفسية (16)
ماهية الحرية، والصحة النفسية 1
أنهيت النشرة السابقة بواجب منزلى ينظر فيه الصديق زائر الموقع حتى ننتهى من تقديم “ماهية الحرية” كما قدمنا – بإيجاز- “ماهية الإرادة“، وأعيد التذكرة أن بُعْد المقارنة بين حالات الوجود الثلاثة، فيما يتعلق بالحرية، لم يكن موجودا أصلا فى الأطروحة الأولى (سنة 1984)، ولم أعرف آنذاك ولا حتى وقت قريب السبب، فحاولت الآن أن أعود إلى البحث فاكتشف أنها الصعوبة، ليست فقط فى بيان أن اميز الفروق فى مجال الحرية بين التجليات والاحوال المختلفة، وإنما فى ان أميز ماهية الحرية أصلا بشكل ينفعنا ونحن نحاول التعرف على أبعاد الصحة النفسية، كمدخل للتعرف على أبعاد المرض النفسى.
المهم، كنت قد قرأت منذ عقود للراحل أ.د. زكريا إبراهيم كتابه المهم “مشكلة الحرية” ، وكان قد شغلنى كثيرا، وأفادنى بما استطعت، بحثت الآن عنه فلم أجده، قلت أحسن، كفانى استطرادا، عدت إلى مولانا “جوجل” فأحالنى إلى الفاضلة “ويكيبيديا” التى لخصت لى الأمر على الوجه التالى :
الحرية هي حالة التحرر من القيود التي تكبل طاقات الإنسان وإنتاجه سواء كانت قيودا مادية أو قيودا معنوية، فهي تشمل التخلص من العبودية لشخص أو جماعة، التخلص من الضغوط المفروضة على شخص ما لتنفيذ غرض ما، أو التخلص من الإجبار والفرض.
تعقيب: أليس هذا بالله عليكم كلام فى المستحيل ؟؟
يحيى
الحرية هي إمكانية الفرد بدون أية جبر أو ضغط خارجي على اتخاذ قرار أو تحديد خيار من عدة إمكانيات موجودة.
تعقيب: لاحظ الربط بين “اتخاذ القرار”، وهو ما وصفنا به الإرادة وبين هذه الإمكانية، ثم تعجب معى على تعبير “بدون أى جبر” أو لا تتعجب، أنت حر!!
يحيى
………….
………….
الحرية هي غياب الإكراه”
وعند الأخذ بعين الاعتبار التعقيد في مجال تعريف الحرية والبرهنة على وجودها أو عدم وجودها نستحضر قولة الفيلسوف ألن يقول فيها: “إن تقديم حجة على وجود الحرية سيقتل الحرية”.
تعقيب: أليس هذا هو عين العقل، وهو أدعى أن نتوقف عن هذه المحاولة الخائبة التى أقوم بها الآن فى محاولة البدء بتقديم الحجج على وجود شىء اسمه ” الحرية”
يحيى
مازلنا ضيوفا على الفاضلة: ويكيبيديا:
في الفلسفة: الحرية المعنية هي مفهوم الحرية بصفة عامة، أى كمفهوم، بغض النظر عن هذه الوضعية التاريخية الاجتماعية أو تلك، وبهذا المعنى يقول أندري لالاند: “إن فكرة الحرية المطلقة التي يمكن أن ننعتهابالميتافيزيقية، وخاصة في تعارضها مع الطبيعة تقتضي وجود فعل إنساني محرر من جميع العلل” نستنتج من هذا التعريف: أن الحرية المطلقة هي القدرة على الفعل أو الامتناع عن الفعل في استقلال عن الإكراهات الخارجية والداخلية : أفكار وغرائز وعادات.
تعقيب: برغم أن التركيز هنا على مجال الفلسفة، إلا أن زيادة كلمة “المطلقة” جاءتنى غريبة، ثم إن إضافة الإكراهات الداخلية” إلى” الإكراهات الخارجية”، أرجعتنا إلى دائرة المستحيل، ولا يفيد أن ننعتها بالميتافيزيقية للتخفيف من هذه الدوجما”
يحيى
أنواع الحرية
ثم أوردتْ ويكيبيديا صاحبة الفضل تصنيفات عن أنواع الحرية مثل:
الحرية الخارجية، والحرية الداخلية، والحرية الفردية، والحرية الجماعية..إلخ
ثم أشارت إلى بعض تعريفات الفلاسفة مثل :
جون لوك : الحرية الكاملة هي التحرك ضمن القوانين الطبيعية وإمكانية إتخاذ القرارات الشخصية والقرارات بشأن الملكية الخاصة بدون قيود، كما يريد الإنسان وبدون أن يطلب هذا الإنسان الحق من أحد، وبدون التبعية لإرادات الغير أيضا.
تعقيب: بالله عليكم أين أضع كلمة “الكاملة” هنا، وأيضا “القرارات الشخصية”، ثم لماذا اختيار القرارات بشأن الملكية الخاصة خاصة ….الخ .
يحيى
فولتير: أنا لست من رأيكم، ولكنني سأصارع من أجل قدرتكم على القول بحرية.
تعقيب : هذا عن القول بحرية، فماذا عن الفعل الذى لا يكون للقول قيمة إلا به؟
يحيى
إمانويل كانت: لا أحد يستطيع إلزامي بطريقته كما هو يريد (كما يؤمن هو ويعتقد أن هذا هو الأفضل للآخرين) لأصبح فرحا ومحظوظا. كل يستطيع البحث عن حظه وفرحه بطريقته التي يريد وكما يبدو له هو نفسه الطريق السليم. شرط أن لاينسى حرية الآخرين وحقهم في الشيء ذاته.
تعقيب : ربنا يسهل !!
يحيى
انتهت المقتطفات وقد أوردتها لأذكّر بأن المنهج فى هذه الدراسة لا يعتمد على مثل ذلك، وأرجع للتأكيد على ما يلى:
- إن البداية من مثل هذا التنظير فى مجال تقييم الصحة النفسية، ومن ثم المرض النفسى لا تجدى
- إن إغفال موضوع الحرية برمته ونحن بصدد الحديث عن الصحة النفسية هو هرب إن جاز نظريا، فهو إعاقة عملية لكل من الطبيب والمريض
- إن البداية من المريض (أعراضه ، موقفه، اختياراته، بما فى ذلك اختيار المرض) هى التى يمكن أن تعيننا فى فهم مستويات متعددة للحرية ، بما يربطها بالإرادة (النشرة السابقة) والتوجه (كما قد يأتى لاحقا)
- إننا سبق أن تناولنا موضوع الحرية فى عشر حلقات من هذه النشرة أيام الاثنين، وقد شعرت حالا أن العودة إليها فى ملحق تمهيدى مجتمعه قد تكون مدخلا جيدا لبيان الصعوبة، وموقف المؤلف معا، وقد وجدت من المناسب أن أوردها مجتمعة فى ملحق مستقل للتذكرة لمن يريد، خاصة وقد فوجئت أنها فاقت المائة عددا (وقد تم تحديث نادر فى بعض الفقرات).
* * *
الملحق
عن الحرية والاختيار والإرادة
(من نشرات الإنسان والتطور من 9-11-2009 حتى 11-1-2010)
(1)
تحت شعار الحرية، قد يفقد الإنسان نفسه، وابتسامة بلهاء ترتسم على وجهه .
(2)
إياك من دعوى الحرية باللسان، فاحذر ممن يكثر الحديث عنها مانِحًا، وإلى درجة أقل: مُطالباً.
(3)
كلما زاد حديثك عن الحرية .. لعّب الجزء الحر الذى انشق منك حواجبه فى خبث المنتصر الغبى.
(4)
يكاد يتناسب الحديث عن الحرية تناسبا عكسيا مع ممارستها .
(5)
الحرية الحقيقية هى تصارع دكتاتوريات الأفراد علانية وبأسلحة متكافئة، أى فى إطار عدلٍ حقيقى.
كيف؟…
وأين الشهود العدول ؟
(6)
ليس حرا من تخلى عن الجدل مع حرية إنسان آخر (الجدل غير الحوار وغير المناقشة).
(7)
من الشجاعة والصدق ألا تلبس قناع الحرية وأنت عبد لرمشٍ، أو قرشِ، أو كرشْ.
(8)
ليست حرية تلك التى تستعملها للحصول على لذتك على حساب الآخر، حتى لو أوهمتَ نفسك بأنه رضى أن يفعل مثلك.
كيف تطلب من الطفل أن يميز اللبن المغشوش ؟؟؟؟
(9)
إن ادعاءك قبول الاختلاف مع الآخرين قد لايكون دليل حريتك، أو حريتهم، إنه يمكن أن يكون تعميقا للمسافة بينك وبينهم، ليظل كلًّ فى مكانه، يلوّح الواحد للآخر “أنا عرفت كل حااااجه”.
(10)
الحرية القرار .. هى فرضٌ يُختبر بالفعل الاستمرار،
فالقرار لا يحتاج أن يوصف بالحرية، بقدر ما يحتاج أن يختبر بالفاعلية .
(11)
لاتخِّيرْ من لا خيار له، إذا أحببته فساعده أن يشحذ قدرته على التمييز، فإذا رأى ما يراه “حقا” بنفسه فلن يحتاجك وصيا، ولن يستأذنك إذ يختار.
ولن يضل الإختيار إلا ليعيد الاختيار.
وهكذا.
(12)
حين تصل إلى قدرة التنازل عن احتياجك: من واقع قدرتك،
ويقينك بقدرتك،
واختبارك لقدرتك
وإصرارك على حقك أن تحتاج، دون أن يذلك الاحتياج
وأن تتجاوز الاحتياج دون أن تتوقف عن السعى.
فقد ملكت ناصية الإختيار.
(13)
فى مرحلةٍ ما… إفعل عكس ما تريد تماما، ربما يتضح لك ماذا تريد فعلا، فتتعرف على بعض حريتك الأعمق.
(14)
تأمل صفات وعقائد من يلوكون لفظ الحرية ويدّعونها… واشفق على هذا اللفظ الجميل، وكيف أصبح ضائعا مهانا فى أفواهم.
(15)
إذا ادعى أحدكم (بداخلك) أنه “هو الحر” الذى يصدر القرار، فاسأله، بأى حق استعبدت بقية شخوصك؟، وهل يستعبد الحر غيره أبدا؟.
ولكن إياك أن تطلق الصراع الكامل بينكم (بداخلك) حتى لا تصاب بالشلل الدائم.
فقط: احترم، وابدأ، وأقدِم، وأكمِل، وراجع، وانتظر،
واسمح أن تكمتل حريتك بكل من “هم” فيك، ولو بعد حين!.
(16)
حين تشبع من ذاتك المحدودة فتتنازل عنها دون أن تلغيها، تحصل على حريتك غير المحدودة.
(17)
لا تستطيع أن تدعى الحرية إلا إذا عرفت ألاعيب داخلك… فتواضع فى الصراخ بالمناداة بها حتى لا يضحك منك العارفون، (داخلك وخارجك).
(17/)
تذكر أنك حر أن تتمتع بشقائك وضياعك ووحدتك حتى الثمالة..، مادمت قد اخترت ذلك ولو بعض الوقت،
ولا تنكر لذة الذباب على بقايا الجيفة.
(18)
إذا زادت إمكانياتك عن حريتك صرت فى خطر القصور الذاتى والاغتراب
وإذا زادت حريتك عن إمكانياتك أصبحت عرضة للتعثر وحوادث الطريق
وإذا تناسبت إمكانياتك مع حريتك أصبح توقفك جريمة لا غفران لها.
(19)
من مظاهر التقدم العصرى الإلتزام بميثاق حرية الاغتراب، حسب توصيات مؤتمر “القواقع المسحورة: أحدث وسائل الدفاع عن النفس”.
(20)
إذا طلبت الإذن لممارسة الحرية فأنت لست أهلا لها.
(21)
أنت تختار مصيرك إن آجلا أو عاجلا،
ومهما اختلفت الطرق فهى لن توصلك فى النهاية إلا إلى اختيارك
(22)
”لن يتطور إنسان باختياره، ولن يكمل الطريق إلا باختياره”، فأسرع إلى حيث تُضطر أن تختار… ماقررتََ!!!
(23)
ما أقسى أن تترك الأطفال يغوصون فى الطين حتى الموت … تحت دعوى تركهم يمارسون حرية جهلهم بالعوم،
هلاَّ علمتهم العوم قبلا ياسيد الجبناء الكسالى؟
وهل أنت تحذق العوم أصلا؟
(24)
حذار أن تكون حرية أفكارك هى مجرد إعلان لجبن موقفك.
(25)
إلى أن يتم التصالح بين فكرك وأعمق طبقات حسك فاختيارك ناقص ..
إذن: فلتكن تجربة ..
ولتكن شجاعا فى تقدمك ناقصا،
وشجاعا فى تراجعك متعلما،
فتتسع مساحة الحرية،
وتنشط الحركة،
ويلهمك تراجعك لتكون حرا، جديدا: بداية أخرى.
(26)
إن الاختيار الحقيقى .. هو اختيار المجال الذى ينمى قدرتك على الإختيار .
(27)
إن أحط اختيار هو اختيارً تلغى به اختيار الآخر، لتلغى الاختلاف وأنت لم تفعل إلا أنك تجنبت ألم الرؤية، رؤيته ورؤيتك، فصرتَ عبداً لعماك، فأين الاختيار؟.
(28)
اختيارك للألم ليس دليلا فى ذاته على شجاعة الاختيار، الألم المعجّز ليس افضل من السعادة الرخوة .. وقد يكون هو المبرر الذى تسعى إليه ليسوّغ توقفك ..
وحتى الرضا الساكن هو أشرف من الألم العاجز
(29)
لا حرية بلامسئولية .. . حتى حرية الجنون، وبالذات حرية الجنون.
(30)
إذا أتقنت النفاق والتعصب لرأيك خفية، وأحسنت المناورة لتقويته فى الظلام، فاستعمل الأسماء الحركية البديلة التالية:
قبول الآخر،
واحترام الرأى المخالف،
وحرية الحوار.
ولا تخش شيئا، فلا أحد سوف يأخذ بالَه!!
(31)
قد يكون عدم تدخلك فى حرية الآخرين هو قمة التخلى وخبث الأنانية ….،
إذا كنت واثقا من موقفك .. .. شريفا فى نزالك … فاقتحم حصون خوفهم، تتخلص من جبن ترددك.
ولا تتمادى لو سمحت!
(32)
شرط أن تكتسب حريتك هو أن تعبر جسر الألم رافعاً رأسك، ممسكا القرار بيدك، وقلم التغيير، باليد الأخرى: للتعديل، لا للتراجع.
فلماذا الشكوى والتبرير المُعادْ؟
(33)
إذا أعلنت اختيارك فلا تهرب من المجال الذى يمكن أن يرجّحه، أو يفضحه، أليس الاختيار مع وقف التنفيذ هو هو الشلل بعينه.
(34)
إذا اختار الإنسان قدره الجديد، وتنازل عن ذاته ليشارك الناس آلامهم المشتركة ويسعى معهم إلى مصيرهم الواحد … فعليه أن يتأكد أن ذلك ليس هربا من ذاته، وإنما هو تأكيد لذاته: منه إليهم وبالعكس.
(35)
إذا نجحت أن ترشو الآخرين بدغدغة حرية الضياع، فبماذا سترشو نفسك وأنت عاجز عن الشعور بحريتك فى سجنك الداخلى؟
(36)
إن حصولك على الأغلبية قد يطمئنك إلى اختيارهم لك .. .. على شرط ألا تعيد النظر فى تفاصيل مناوراتك .
(37)
زعمتَ أنك حر، فخدعتهم، فخدعوك حين تظاهروا بتصديقك، فعليك أن تسارع بالتظاهر بتصديق تصديقهم .. .. فلربما تنجح فى أن تخدع نفسك على المدى الطويل .. وساعتها قد تصدق نفسك، وتموت فرحاً بعماك الجديد.
(38)
صدر فرمان عصرى بتعديل لافتات الممنوع من “ممنوع التفكير على هذا الجانب” إلى ”ممنوع التفكير على الجانبين”،
لذلك لزم التنويه،
والعاقبة عندكم فى متاهة شلل الوعى دون الوعى بالشلل.
(39)
من حقك أن تفكر كما تشاء،
لكن أفكارك لا تخرج بالضرورة من بؤرة اختيارك
عاملها كفروض على أرض الواقع والنقد، تملك ناصية الانتقاء ، والمراجعة.
(40)
الخاصة من الجانبين يستغفلون العامة تحت عناوين مختلفة ولكن لأغراض متماثلة،
ففريق يرفع شعارات: حرية الاختيار والديمقراطية،
والآخر يرفع شعارات: العدل والحرية،
والعامة تضحك على كلا الفريقين، وعلى نفسها، فى خدر جماعى غبى عاجز غالباٍ.
الباقى من الزمن على انتهاء العمر الافتراضى لكل هذا أقل من تصورك.
(41)
إذا حرمتَ الآخرين من حريتهم لأنهم أقل منك ذكاء، فحافظ على تنمية غبائهم طول الوقت بادعاء “الحرية للجميع”.
(42)
ربما: أنت تطالب بالحرية حتى تتمتع بشرف السبق إلى قتلها بمعرفتك.
(43)
ياغبى..! يا من أعلنت أنك ستعطينى حريتى، أنا لا أقبلها إلا صفقة “الحزمة الكاملة”
لابد أن أستولى على حريتى وحريتك معا .
(44)
إذا كنت قد عجزت عن الانتحار .. . فلماذا لا تعيش وكأنك اخترت أن تعيش ؟؟
(45)
إذا اكتشفت أنك أعجز من حمل مسئولية الحرية، فلماذا لا تمارس نشاطك بعمق فى حدود سجنك، وقد تكتشف أنك حر رغم أنفك.
(46)
عليك أن تصارع حرية الآخر لا أن تلغيها، فتتحقان معا، كل على حدة، أى معاً بحق.
(47)
إذا عشت يقين أنك ميت ولم يبق إلا إعلان ذلك فى وقت لاحق، فأنت على أبواب حرية أعمق، ولن توجد قوة تستطيع أن تنال منك أو منها.
(48)
إذا ضبطت نفسك تتكلم عن الحرية وأنت رائق البال هادئ الداخل ساكنا مستكينا، فراجع نفسك مرتين على الأقل .
(49)
إنما تُشل الإرادة، ويعجز الاختيار، بالخوف أو بالطمع أو بكليهما (وهما واحد على ما يبدو)
(50)
لا سبيل إلى معايشة الواقع إلا بالبداية من مركز مرارته، والمسير بين تلافيف أمعائه بإرادة متجددة، وحرية قادرة على القبول المرحلى المتحفز اليقظ،
أليس ذلك من أصعب تجليات الحرية؟
(51)
أسماء أبناء المدنية الملتبسة طويلة وممطوطة، تبدو وكأنها أسماء للتدليل، خذ مثلا:
(أ) ويحى وحدى،… يأسى بأسى
(أو ب) حاتى ماتى .. لمّع ذاتى
(أو جـ) صَبّى حبى .. ذنبى جنبى
أما الأسماء المستعارة التى تستعمل من الظاهر بعد تفريغها من مضمونها، فخذ عندك:
– الحرية
– الحب
– التضحية
– العطاء
(52)
أية حرية هذه التى تأتينى من أوامرك أن أكون حرا،
أو من نصائحك ألا أتبع غيرى يا كذاب!!؟
(53)
س: مادامت الحرية هى وهم بلا جدال فلماذا يخدع بها بعضنا بعضا ؟؟؟
جـ: لأننا خلقنا: بشرا، مناورا، مخادعا، محاولا، مثابرا، واعيا، طافرا، نافرا، محباًّ.
(54)
تذكرة بالتراب الرطب وهو يحتضنُ كفنى، تفك أسرى طليقا أتنقل حرا بين أزهار حياة تتفتح حولى طول الوقت.
(55)
إذا اطمأننت إلى غاية أبعادى الداخلية نلت حريتى الحقيقية، وساعتها:
لن أخاف بشرا !! ولن يحدّنى سجنٌ !! ولن تقهرنى سلطة !!
يا لخيبتك يا من تهدِّدُنى ،
لم يعد فى مقدورك أن تنال منى .
(56)
فكرة التناسخ تعطى للخلود معان أعمق: أكثر تنوعا، وأقدر تجددا،
ولكنها تحرم المؤمن بها من التمتع بفضيلة اكتساب الحرية بالموت …..
يا ترى هل تختلف النهايات البدايات، فتختلف الحريات وهى تولد غير ماهِىَ؟
(57)
إشكالة الحرية، وضرورتها تأتى من:
إستحالة التنبؤ بالرأى الأصح الأوحد
واستحالة انتظار اختبار الزمن لمختلف الآراء
واستحالة المغامرة بالتسليم للرأى الأقوى
واستحالة التهوين من الرأى الأنجح
واستحالة إلغاء الرأى الأضعف
يا للصداع البشرى الحر المزمن.
(58)
قانون البقاء بلغة الحرية يقول : “البقاء للأرجح”
أما قانون الفناء بلغة الرأى الواحد فيقول : “الفناء للألمع”،!
(59)
الذين يؤمنون بالحرية لا يستبعدون أن ثمَّ رأيا واحدا هو الأصح،
فقط هم لا يعرفونه، ويعرفون أنهم لن يعرفوه
الحرية هى أن تسير فى اتجاهها متنقلا بين سائر الآراء دون أن تغيّر سهم البوصلة
(60)
لا اختلاف على أن الرأى الصحيح هو الرأى الصحيح،
ولكن الاختلاف حول ما إذا كان هو رأيى أم رأيك، وكذا حول كيفية الوصول إليه
أن تكون حرا هو أن تـُواصل، وأن أواصل، ونحن نتواصل، فيتولد لكل منا رأى صحيح جديد ، لا يتعارض مع الرأى الصحيح الصحيح فى الأفق البعيد، بلا تحديد.
(61)
كن ”عاقلا”، ”حرا”، ”متزنا”: بأن تفكّر بطريقتى !!!
(62)
إذا كانت الحرية المطلقة خدعة وطُعما للأغبياء، فإن الحرية المشروطة هى حكر لمن يضع الشروط،
سوف أقبل شروطك مناورةً حتى أتمكن من وضع شروطى أذكى وأخفى.
ما رأيك؟!
هلاّ تنازت عن شروطك، لأتنازل أنا أيضا عن شروطى، تتفتح لنا معا طرقا أشرف؟
(63)
حين تُخالفنى جدا وأنت تحاول وأنا أحاول، فسوف تثرينى حتى لوتصورتُ أنا أننى انتصرت عليك، أو تصورتَ أنت مثل ذلك
إن ما يتبقى من حيوية خلافنا هو وقود حركية حرية كل منا.
(64)
أن تغير رأيك بعد قليل، أو بعد كثير، هو فخر تحررك من أوهام ذاتك،
لكن إياك أن تستسهلها وإلا فلن ترسو على برٍّ أبدا .
لا بد أن ترسو على بر فى كل مرحلة، وأن تثبت أقدامك حيث أنت، حتى تتمكن من أن تنطلق إلى بر آخر، مع مخاطرة عبور الأنهار بشلالاتها وجنادلها، طول الوقت.
(65)
إذا كان الطبيعى فى قديم الزمان أن يثور العبيد على السادة، فالمتوقع فى هذه الأيام أن يثور السادة على العبيد، لو أن ذكاء العصر كشف لهم باهظ الثمن الذى يدفعونه فى مقابل استعباد الآخرين.
(66)
دوار الحرية يبدأ حين تتوقف أنت عن الدوران مع دورات النبض الحر،
خذ فرصتك حتى لو خيل إليك أن الأرض والناس تدور فى عكس الإتجاه
(هل نسيت لعبتنا صغارا: دوخينى يا لمونة ؟؟ وأنك لا تشعر بالدوران طالما أنت تدور معه، ثم تدوخ وتلف الدنيا حولك حين تتوقف عن اللّف ).
(67)
يا جماهير النمل والنحل والجراد .. هنيئا لكم بالمسيرة الجماعية ..
وأسفى عليكم من الحرمان من الوعى الفردى …
الحرية .
(68)
الحرية هى آخر نبضة فى خلية استمرارك حيِّا
فاطمئن أن أحدا لا يستطيع أن يسلبها منك، إلا بعد أن تسكت هذه النبضة الأخيرة،
وليبحث جنابه عن غنيمته بين ذرات التراب .
(69)
كل قاهرٍ يستطيع أن يكتسب أرضا جديدة فى ترويض الآخر، ولكنه أبدا لا يستطيع أن يفرض على الآخر أى اختيار دون رضى داخل داخله (داخل الآخر)، حتى ولو صيّر أهل الأرض جميعا عبيدا له.
(70)
دعونا لا نتكلم عن الحرية، ولكن عن قدرتك على أن تنسلخ منك إليك، فتصيرون جميعا أحرارا معا، جداً.
(71)
الحركة هى مفتاح الحرية شرط ألا تكون دائرية مغلقة
(72)
النملة حرة أن تبقى نملة، فتحافظ على نوعها،
هل أنت قادر على مثل ذلك؟
وهل أنت تريد ذلك؟
وهل هى التى قررت ذلك؟
(73)
الحرية هى أن تضيق المسافة وتتسع، بقدر ما تتيح لك أن تقترب وتبتعد، مختاراً أو مسيـّرا.
بل مختارا حتى لو لم تختر !!!
(74)
لا تردد هذا القول الماسخ المعاد : “الحرية نسبية”، مع أنها نسبية فعلا على المدى الطويل،
أما فى لحظة ممارستها فهى “مطلقة” على قدر ما تحمل من خداع وفاعلية معاًٍ.
(75)
لماذا تقدِّس أوهام الحرية، وأنت أحوج ما تكون إلى عبودية واعية متغيرة مختارة؟
(76)
حين تقسِّم جرعات الحرية لتتناسب مع مساحات الرؤية أولا بأول، تتنقل بين زهور الاختيار ترشف رحيقها مختلفا متجددا فى كل حين.
(77)
لا تتركنى أعدو فى ملعب حريتى حتى لا أنتهى بأن ألاعب نفسى خارج الملعب.
(78)
قليل من قبول القهر المسئول يحول دون رخاوة لدونة هلامية حريةٍ بلا معالم
(79)
الزمن هو العمود المحورى التى تدور حوله وتنطلق منه حرية “حدْس اللحظة”
(80)
أثناء فترة الكمون بين الحصول على المعلومات واتخاذ القرار، تنضج حريتك على نار هادئة
(81)
الحرية لا تقاس بسرعة الحركة أو قفزاتها، ولكن بجمال الإيقاع وامتلاء الوعى به
(82)
حين تمارس العكس، فتكتشف العـُمق، لن تجد نفسك ملزما أن تختار العمق، ولا أن ترفض العكس، فتصبح حرا أكثر.
(83)
يبدو أن الأصل فى نظام الكون المُحكم هو اللاحرية، للحفاظ على قوانين هارمونية التجاذب الخلاّق
فلماذا اخترعها الإنسان هكذا؟
ربما ليسجن نفسه فى ألفاظها وهو يسعى أن يكون إله مزيفا ؟
(84)
حين ينتبه كل منا أنه كونٌ أصغر، يتحرك فى فلك الكون الأعظم دون حرية، سوف يعرف معنى هارمونية التجاذب الخلاق، فيُحِكمُ التواصل وهو يكسرالأصنام، ويجدد التشكيل : الحرية
(85)
يتحرك الإنسان بين غرور إنسانيته وسخف تألهه، وهو يتصور أنه بذلك يحصل على الحرية، وإذا به يفقدها، إذ يجد نفسه سجينا فى أىٍّ منهما !!!.
(86)
إذا كنت لا تمارس الحرية حتى داخل نومك، فكيف تزعم أنك حر وأنت مستيقظ؟
(87)
لا تنكر حريتك وانت تردد هتاف الجماهير من حولك، إذ من الذى حشرك وسطهم، هكذا جدا، إلا أنت؟
(88)
أن تَسجن الحرية فى كلمات تسميها “حرية”، خير من أن تنطلق منك بدونك، تقتل من يخالفك سرا.
(89)
من قواعد لعبة “استغماية” الحرية أن يحكم جميع اللاعبين الرباط حول عيونهم إلا واحدا،…………، لأنه أعمى
(90)
كلما اتسعت الرؤية اتسعت مساحة الاختيار ونشطت حركية الانتقال، وأصبحت الحرية نتيجةً لا مطلبا.
(91)
كلما حذقت ممارسة عبوديتك باختيارك ازددت حرية
(92)
المعادلة الصعبة تحل نفسها إذا حذقتَ سر قوانينها، فأنت لا تحتاج للحرية لتحلها.
(93)
أن تعرف قانون المعادلة، أهم من أن تنجح فى حلها، وهذا من بعض معالم الحرية الحقيقية
(94)
يبدو أنه لا توجد حرية فى الجنة؟ ما رأيك؟ لست متأكدا.
(95)
إذا كنت قد أحسنت الاستعداد، فسوف تجد فى نقلة الموت حرية لها طعم آخر،
غالبا!
(96)
أنا حر تماما إذْن أنا أعمى فعلا
(97)
أنت حر مادمتَ حيا على هذه الأرض، وأنت أكثر حرية بعد ذلك (غالبا)
(98)
سوف أتركك لغبائك تتصور أنك حر، لأكون أنا الحر الأوحد، دون أن أعلن ذلك، ودون أن أخبرك، فأكون أغبى منك، وتكون أنت أكثر حرية منى، برغم غبائك.
(99)
حرية الأطفال هى أجمل حرية، وأبعدها عن الحرية، فلا يجوز أن تسمى كذلك (حرية).
(100)
إذا تنازلت عن حريتك الظاهرة ولم تكتسب حريتك الحقيقية، فقد خسرت الصفقة كلها.
(101)
حين تكمتل حريتك – إذا اكتلمت، (وهى لا تكتمل) – لن تحتاجها
(102)
أنت حر إذا واصلت التوجه إليها، دون أن تحدد وجهتك أنها إليها، بل “إليه”.
(103)
الذرة حرة فى مدارها؟ فإذا خرجت عن مدارها تفجرت، وإذا تفجرت، فخذ عنك!!، فأين الحرية بالله عليك؟
وهل أنت إلا مجموع ذرات؟.
(104)
النيزك الساقط، سقط لأنه تنازل عن حرية انتمائه لعبودية اللحن المُطلق المنطلق
(105)
يتماسك الكون بقوانين حرية مرنة متجددة،
وحريتك أن تحذق كيف تكون جزءًا مختارا من كلٍّ متغير،
بك ومعك،
دون سجن التماهى أو وهم التفرد.
……..
…….
* * *
وبعد
أنهكت وأنا أراجع المسودة المرة تلو الأخرى.
وكنت أتصور أننى سألحق ملحقين آخرين:
أ- لعبة الحرية كما تم اختبارها بمنهج سرّ اللعبة مع القناة الثقافية بتاريخ 10/7/2004.
ب- أرجوزة الحرية كما كتبتها للأطفال.
لكننى أجلتهما بعد قراءة الــ 105 فقرة، وشعرت بضروة الاعتذار.
وإلى الغد.
وآسف مرة أخرى.