الوفد: 18-3-1987
السيرك ….. والانتخابات الجارية
حين نبهنى أحدهم أن قرأ اسمى فى الصفحة الأولى من المقالة الافتتاحية لإحدى الصحف اليومية الحكومية المجهولة تعجبت، ثم حين تماديت فى القراءة أسفت، وحين أنهيت القراءة تحسرت، ثم رحت أحمد الله واستغفره، وادعو للكاتب بنور البصيرة ، وكمال الفهم، وغفران الذنب، ولم أجد فيما كتب ما يستحق الرد أصلا، فقد وصفنى الكاتب بما تصور، وعلق على ما لم أكتب لأنه قرأ نصف الجملة المفيدة، وسبنى سبا ازعج طلبتى حين طالبونى بالرد، لكن الأصدقاء اخبرونى بأنه هما يشرفنى أن يأتى هذا الهجاء من هذا القلم، فلم أوافق هؤلاء ولا أولئك، ورحت أردد بينى وبين نفسى قول ابى العلاء انه “ما كل نطق له جواب، جواب ما تكره السكوت’، ثم ضبطت نفسى ادعو للكاتب من جديد أن يرزقه الله رزقا حلالا طيبا يغنيه عما يكون قد اضطر إلى كتابته بحكم منصبه، أو بحكم ما لا أدرى لكن جملة وردت فى هذا المقال تلمز “من علمونى التلاعب بالألفاظ’، فراحت ترن فى أذنى وأنا أدعو بالسماح وأواصل الدعاء، فرحت أطرد غيظا زاحفا، فيتراكم، فأطرده فيتراكم، فعلمت أنه لا فائدة، والأولى بى أن أبحث عمن علمنى هذه الكتابة (أو على حد تعبيره التلاعب) وإذا بى أعثر على بعض الاجابة فى مقدمة لديوانى بالعامية، صدر منذ حوالى عشر سنوات، (اذن، فهذا الداء قد ازمن معي)، وقلت أن خير رد على هذا الكلام هو أن اقتطف من مقدمة هذا الديوان (أغوار النفس) مقاطع وابياتا تصلح لإيضاح هذا الذى أريد قوله، وحين فعلت وجدتنى أمام صورة تصف الجارى الآن مما يسمى انتخابات فاسميتها “السيرك’ وقلت لعل هذا الشعر القديم يؤكد موقفى منذ قررت فى نفس مقدمة هذا الديوان، أني:
”أنا رايح أقول كل اللى عارفه، حتى لو جانى الفقى، مددنى فى الفلكة وقطع جتتي’.
بقى دى “السيرك”
دى المركب الماشية بلا دفة، ولا مقداف، حتشرد مننا وأوعى الشقوق توسع يا نايم فى العسل لا المية تعلى، تزيد، تزيد
مية عطن، تكسى الجلود بالدهننة
***
القلم صحصح ونط الحرف منه لوحده بيخزق عينيه
***
بصراحة أنا خفت
خفت من القلم الطايح فى الكل كليلة
قلت أعقل بابن نفسي
قلت حاسب م الفضايح والجرس
قلت عيش زى اللى عايشين والسلام (!!)
بس والله يا عالم لم قدرت
قلت اخطف نظرة عالماشى واغمض من جديد
هيه نظرة – واللى خلقك – لم تنيتها
بس شوفوا اللى حصل:
بصيت لقيت الزفة بتلف الضريح لم بطلت
وتقول “مدد”
بس العمامة اتغيرت
***
واللى خايف من خياله
واللى خايف من العساكر والرقيب
واللى بيوزع تذاكر يا نصيب
واللى بيفرق دوا ضد الذنوب
واللى ماشى يشق ف بطانة الجيوب
والعرايض، والجرايد
واللى بيرصوا الكلام:
”قف مكانك، أو تأخر: للأمام!!
بخروا سيدنا الإمام
سر بضهرك
والعرق؟ الكوز بكام؟”
كنظام الانتخابات:
واللعب داير ليل نهار لم ينقطع
والسيرك صاحبه واقف لى بيلف العصا،
ويقول بعز ما فيه:
”أهو دا اللى ممكن،
واللى عاجبه”
* أنا مش عاجبنى، هه، ولازما يتحكى كل اللى جارى لأجل ما الناس تنتبه قبل الطوفان أيوة دنا دينى كبير
للناس، لكل الناس حاقول رد الجميل للطير بينزف، من الألم قدام عيونى
قالوا مريض لكنه أستاذ الأساتذة كلهم ، علمنى أشوف.. علمنى أصحى، علمنى ضرب النار بكلمة صدق طالعة مولعة تحرق عبيد الضلمة والتفويت وشغل الهمبكة وتنو السكة لاخوان – الشقا
***
أنا لى الناس،وومادمت باحس، والحبر بتاعى ميه نار، راح أقول، والخايف يبقى يوسع، يطرطش، أو تيجى ف عينه شرارة، أو لا سمح الله، يكتشف أنه بيحس، أنا مالى، أنا لى الناس، وخلاص.
لذلك أقول لهذا الذى كتب: ان المسألة قديمة (رقم الايداع: 3068 / 1978 !!!) وخلاصتها “مديدى” (وفى الاعادة افادة):
* إن الناس هم الذين علمونى شرف حمل القلم
* والألم الشريف هو الذى أيقظ وعيى.
* وصفتى التى أعتز بها هى انى “مواطن مشارك’ (وأحسب أن هذه هى الصفة التى أدلى بصوتى وأنا اتمثلها)
* والمشاركة تتضمن اعلان الرأى بصوت مسموع مادامت الفرصة متاحة.
* والفرصة متاحة بفضل مساحة الديمقراطية الحالية، وكرم الوفد، والأهالى وغيرهما فى تقبل ونشر رأى مستقل دون أدنى حرج من تحفظاتى الضمنية على حزبيهما.
* والرأى الذى أحاول أن أوكده منخلال سلسلة المقالات هذه هو: إن كلا من الوفد والتجمع هما حزبان طبيعيان لهما وجودهما فى الشارع المصرى، رغم محدوديته بسبب ظروف قانون الأحزاب، والقوانين سيئة السمعة، وتعود الاعتمادية على السلطة… الخ.
* وأخيرا فأنا لست ضد الحزب الوطنى، واعترف لكثير من رجاله بالإخلاص رغم سوء التوجه، أنا لست ضده لأنه لم يوجد بعد، فلجنة الأحزاب الحقيقية (الشارع المصرى) لم تصدر موافقتها على تكوينه، لأن معالمه لم تتضح أصلا حيث أنه “حزب تحت التأسيس المستمر” وهذا هو موضوع المقال التالي.