الوفد: 11/4/2002
الذين اختشوا ماتوا !!!!
سوف يثبت إن آجلا أو عاجلا أن ما سوف يؤرخ به كعلامة فى تاريخ الإنسان المعاصر، هو سبتمبر 2000 وليس سبتمبر 2001. الأول هو تاريخ بداية انتفاضة الأقصى، والثانى هو تاريخ تعرية النظام الأمريكى العالمى القبيح.
كنا قد قبلنا بحسن النية وقصد التعاون أن يكون حادث 11 سبتمبر سنة 2001 هو تلك العلامة الفاصلة بين ما قبل وما بعد، ذلك لأنه بدا حادثا صارخا جللا بكل المقاييس. تصورنا أننا مع مفاجأة ودهشة العالم سوف ننضم جميعا إلى بعضنا البعض نحاول أن نكون عند حسن ظن ربنا بعباده الذين خلقهم ليعمروا أرضه ويتعارفوا، أو حتى عند حسن ظن تاريخ تطور الحياة الذى انتهى إلى تتويج هذا الكائن الواعى الحر المسئول على قمة الهرم الحيوى بعد تاريخ طويل من الكر والفر، والافتراس والتنافس لصالح الأقوى والأشرس، لكن أهل الغرض والطمع والمرتدين إلى المستوى الأدنى من الوجود حوّلوا الأمور إلى عكس ما وَعَدَتْ به .
انحراف المسار
بعد هذه الصفعة المفاجئة لنظام الأمن الأمريكى، وبعد أن وافقنا – صاغرين أو مختارين- أن نعتبر هؤلاء الثلاثة آلاف من الضحايا الأبرياء أهم من الثلاثة ملايين فيتنامى المقتولين ظلما بيد الأمريكيين، وبعد أن استعد العالم كله للعمل على تفادى تكرار هذا الحادث على أى مستوى فى أى مكان، إقرارا بأن هؤلاء الضحايا ليسو ضحاياهم وحدهم، ولكنهم رمز الأبرياء الذين يدفعون ثمن أخطاء العصر دون جريرة. بعد كل ذلك ، تبيّن أن الأمور تجرى فى غير اتجاهها الصحيح.
راح إعلامهم يضخم مظاهر الدمار، وعويل الثكالى عندهم دون غيرهم، وكأنه لا، ولم ، ولن، يوجد فى العالم إلا هؤلاء الضحايا الأبرياء، فى الوقت الذى يبرر فيه نفس هذا الإعلام قتل أبرياء آخرين بواسطة سلطات رسمية حليفة لأغلب أهل هؤلاء الضحايا. سلطات لا تخجل أن تعلن عن مسئوليتها عن هذا القتل المتعمّد المتواصل، وأنها سوف تتمادى فيه طالما أن هناك من يحاول أن يرفع رأسه ليزعم أن له أى حق، أو أن عنده ما يسمّى كرامة، أو أنه يعيش على أرضه منذ كان، أو حتى أن له رأى آخر.
ثم إن آلتهم العسكرية جعلت تنتهك كل المواثيق، وتبتدع كل أساليب الإبادة دون تمييز، وتعدم وتعتقل وتعذب دون محاكمة ، ولا تكتفى بهذا ، بل تعلن بكل بساطة أن “كله من هذا، والذى يعجبه” (كله من ده، واللى عاجبه”.
الأدهى والأمر، أن مثقفيهم ومفكريهم انبروا لينظروا لما يجرى، فيعيدون تعريف وتحديد القيم، ويرسمون خطوط الأخلاق ، ليبرروا ما يجرى باعتبارهم أصحاب الحق الأوحد لتصنيف البشر إلى خيّرين وأشرار، متحضرين وهمج، إرهابيين وإنسانيين.
خطر وخطر
إن خطر الإرهاب ، رغم بشاعته ، هو خطر فردى يحمل تاريخ انتهاء عمره الافتراضى ، من حيث أنه لا يمثل مشروعا بديلا لتنظيم أمور البشر، ولا حتى لتحقيق أهدافه المزعومة من رفع الظلم، وإحقاق الحق. الإرهابى شخص يائس، لم يجد أمامه سبيلا إلا هذا السبيل، فإذا أضيف إلى قسوته وانفراديته وقصر نظره أنه قرر – ليرفع الظلم الذى وصله أو تصوّره – أن يتنازل عن حياته شخصيا، فعلينا أن نستمع إلى ما يعنى ذلك من حجم الظلم الذى وصله رغم اعترافنا بفشل الحل الذى وصل إليه وبغبائه أيضا. الإرهاب – هكذا – لا عمر له مهما تكرر أو زادت ضحاياه. هو لا يملك خلفية نظرية تطيل عمره، وإن كان عادة يتمحك فى تفسير خاص لألفاظ دين لا ينتمى إليه، أو لتعلميات أيديولوجية تسوّغ ما يفعل، لكن لا هذا ولا ذاك يحمل قدرة الانتشار أو الاستمرار.
ليس معنى ذلك أن نتوانى في مقاومة الإرهاب أو نتراجع عن رفضه أو نلتمس له العذر أو التبرير، فمع أنه منتهٍ بطبيعته إلا أن علينا الإسراع بنهايته ، تقليلا لعدد الضحايا، وتأكيدا أن ثمة قوانين ونظم لرفع الظلم يمكن أن تغنى هؤلاء الأفراد والجماعات عن التعرض لهذا الخطر، وتعريضنا معهم لما هو أخطر.
لكن ثمة خطرا أبشع تولّد عن سوء فهمنا لهذا الخطر الفردى الجماعاتى قصير العمر، فقد راح الأكثر غباء والأعلى صوتا- تحت زعم محاربة الإرهاب – يمارسون خطرا على المسيرة البشرية كلها، ذلك أن الذين يمتلكون كل وسائل الدمار، الشامل والمحدود والنصف نصف، طاحوا فى خلق الله تقتيلا ، وتشريدا، وتجويعا، وتخريبا لا يبدو أن له نهاية، يعملونها علانية دون خجل أو رادع أو مراجعة.
أنـا لا أوافق على تسمية ذلك باسم “إرهاب الدولة” كما يحب البعض أن ينعتوه. إذا استعملنا لغتهم يمكن أن نقول: إن عبث صغار المذنيبين (الإرهاب الفردى والجماعاتى) سلّم مقاليد الحكم للشيطان ذاته. إنه إرهاب أخطر، لأنه معلن، مع سبق الإصرار، وهو متجاوز لكل القوانين، محسوبةٌ نتائجه لصالح الأقوى والأقسى طول الوقت، وهو متجاوز لكل الحدود التاريخية والجغرافية والأخلاقية والدينية والقانونية والدولية، تجاوز لا يبدو له نهاية.
خطورة التنظير والتبرير
الأدهى من ذلك والأمَرّ أن هذا الإرهاب السلطوى المتبجّح راح – بطريق مباشر وغير مباشر – يدعو منظّريه ومفكّريه، بل ومبدعيه، أن يساهموا فى جريمته المعلنة ، بأن يقدّموا لها التبرير المناسب، ويزينوها بالألفاظ والشعارات اللائقة آملين أن يخدعوا بذلك أنفسهم أولا ، ثم العالم الساذج من الجموع المستسلمة طوعا أو كرها.
إن قتل الأبرياء في حرب محدودة قد ينتهى بنهاية هذه الحرب مهما طالت، تماما مثل سفك الدماء نتيجة لتهوّر اليائسين بخبطة إرهابية هنا أو هناك، أما أن تعاد صياغة حياتنا وقيمنا وفكرنا بما يبرر استمرار الظلم ، وتشريع التفرقة العنصرية، وتمادى الاحتكام للأساطير وأوهام التاريخ، وتعيين فئة خاصة من البشر، ليس لها ما يميزها إلا عضلات التسليح وحناجر الإعلام، فهذا هو الخطر الأكثر تهديدا ، والأدعى للانتباه والمواجهة.
فروق أساسية
تتكرر فى كل وسائل إعلامهم نغمة مغلوطة تسمِّى ما يقدم عليه أبناؤنا وبناتنا فى فلسطين “انتحارا”. وقد تمادت تلك الهيجة التشويهية المنظمة تصف هذه الأعمال التحريرية الرائعة بأنها إرهابية تخريبية غير إنسانية. تابعت كل مقولاتهم مثلما تابعت من قبل اتهامهم المرحوم البطوطى بالانتحار . شعرت بأن هذه الوصمة التى تعرّى تعصبهم وعماهم عن أى قيم أخرى غير قيمهم المزيفة بإعلامهم المغرض تتكرر بشكل منذر، لأنهم يملكون وسائل تسويقها للسمتسهلين والبلهاء ، وقد صيّروا أغلب العالم كذلك.
أغلب هؤلاء الناس لا يعرفون شيئا غير الحياة الجسدية التى ينتمون إليها فى فترة عمرهم المحدودة. الموت غير مطروح إلا بصفته نقيض الحياة ونهايتها، أنا لا أتكلم هنا عن الحياة الآخرة عندنا أو عند المؤمنين الحقيقيين، وإنما أنا أشير إلى ما وصلنى من معنى الموت ومعنى الحياة فى ثقافتين مختلفتين، لا أكثر. لم أجد فى خطاب من يسبون ويلعنون ويحتقرون ويدمغون شبابنا الذى يودعنا كل يوم من أجل الحياة، لم أجد فى خطابهم أى دليل على أنهم حاولوا تقمص مثل هذا الشاب أو هذه الفتاة قبل أن يصدروا أحكامهم عليه أو عليها بكل هذه القسوة واللامبالاة .
فريدمان واستراتيجية الانتحار
انبرى السيد توماس فريدمان (فريدمان هذا هو ذلك الصحفى الأمريكى، صاحب المقابلات الشهيرة، وهو االذي أجرى الحديث الشهير مع الأميرعبد الله) يحذر العالم من أن هذه العمليات (الانتحارية) ليست بدافع الإحباط (إذن بدافع ماذا يا سيدى؟)، ثم يقول إنها أمر يهدد الحضارة بأكملها، وأن أى جيش أجنبى لا يستطيع أن يمنع جماعات صغيرة مستعدة للموت من القيام بهذه العمليات ” ثم يطالب العالم كله أن يمنع “استراتيجية العمليات. الانتحارية”!!.
الحل عند فريدمان وأمثاله هو أن نسمع نصيحته فنحرص على أن نستمر أحياء ، يا لرقة قلبه، إنه حريص كل الحرص على ألا نكون بهذا الغباء الذى يجعلنا مستعدين للموت ماداموا يقدمون لنا فرص الحياة بالمعونات والتنازلات وأدوات الرفاهية التى يمكن إذا أكل بعضنا بعضا أن يتمتع الذين سكنوا الأدوار العليا ببعض ميزاتها. لم يتصور سيادته أن هذه الحياة التى يدعونا أن نحرص عليها هم قد جعلوها أدنى من عدمها. أنتم يا سيدى الذين دفعتم هؤلاء الشباب فى مستهل أعمارهم أن يفضلوا الرحيل مع بعضٍ منكم، قسرا، ومبكرا، عن الاستمرار فى حياة غير كريمة تحت كل هذا الذل وتلك المهانة، ثم تلومونهم على موتهم!!!! حتى المساكين الأغبياء الذين تسببوا فى حادث مركز التجارة، هم ماتوا أيضا، هل يذكر ذلك أى واحد أمريكى متحضّر، كما نذكر نحن الضحايا الثلاثة آلاف باعتبارهم أبناءنا وإخوتنا ربما أكثر مما هم كذلك لأهل السلطة هناك ؟
إن الاستهانة بفكرة بحث “المعنى” الذى يكمن وراء أن يكون الموت هو أمل هذا الشباب الأبىّ هو الذى يحول دون أن يدرك هؤلاء العميان والقتلة حقيقة ما يجرى. ليس مجرد الوعد بالجنة هو الذى يدفع هؤلاء الشباب إلى الرحيل هكذا. إن الشاعر العربى قد أقر أنه حتى لو كانت جهنم هى التى تنتظره ، فهو يختارها إذا كانت فيها عزّته وكرامته ، إنه يقر أن الحياة الذليلة هى جهنم الأقسى، “ونار جهنم هى: بالعز أكرم منزلا”. لو أنكم جعلتم حياة هذا الشاب جهنم ذاتها، لكنكم حافظتم على عزته وكرامته، لما رحل هكذا، ومعه بعض الضحايا الأبرياء. يا سيد فريدمان العزيز.
تبلغ الاستهانة بما يفعله هؤلاء الشباب ما اقتطفه صلاح منتصر (الأهرام الثلاثاء 4 / 4 / 2002) من صحيفة ” ايديعوت أحرونوت” من وصف العمليات الانتحارية بأنها “الرياضة الشعبية” المفضلة للشباب الفلسطينى ذكورا وإناثا ..!” إن من يكتب مثل هذا الكلام لا يمكن أن يكون قد تأمل يوما معنى الموت وأنواعه. هو لا يستطيع أن يميز بين رياضة مفضلة تمارس فى أوقات الفراغ، حتى لو كان يسخر وبين انسحاب النغمة الشارة وهى تعود إلى لحن الكون الأعظم بكل الألم والجزع والحرص على حياة أكرم فى نفس الوقت.
بيان المثقفين الأمريكيين
إذا فوّتنا لفريدمان سطحيته، وفهمنا تفاهة واغتراب محرر صحفية ” ايديعوت أحرونوت”، فكيف يمكن أن نبرر موقف جماعة من المثقفين والمفكرين الأمريكيين الذين وقعوا على الوثيقة التى وزعت عبر الإنترنت على العالم فى شهر فبراير 2002. هذه الوثيقة كما يقول د. أنور عبد الملك (الأهرام 2 أبريل 2002) تعلن صراحة أن الموقعين عليها هم “…. جزء لا يتجزأ من الحرب القائمة، بل أنهم هم الذين يعبرون عن الأساس الأخلاقى وعن القيم التى قامت من أجلها الحرب، يقولون: فمادامت الحرب أمرا جللا يترتب عليه التضحية بأرواح بشرية ثمينة، فإن الضمير يقتضى لكل من يقومون بها أن يعبروا بوضوح عن التفكير الأخلاقى الذى هو أساس أعمالهم، “
فماذا يقول ضمير هؤلاء الثقاة؟
المبادئ الخمسة الأساسية
نقرأ معا مبادئ الوثيقة الخمس التى تغرى المتعجّل بالموافقة والانبهار، لكن المنطق البسيط، والقياس العملى يقولان غير ذلك.
(1) “البشر جميعا يولدون أحرارا متساوين فى الكرامة والحقوق”.
لم يقل الموقعون على الوثيقة إن كانوا يعتبرون الفلسطينيي بشرا أم لا، ولم يقل لنا أحدهم شيئا عن المناظر التى رآها في التليفزيون ووجوه الشباب ملتصقة بالأرض وأيديهم مربوطة خلفهم، لم يخطرنا إن كان هذا من الكرامة التي ولد بها البشر والتى علينا أن نحافظ عليها – أخلاقيا، حتى ونحن نحارب أم لا.
(2) “الشخصية الانسانية هى الفاعل الأساسى فى المجتمع، والدور المشروع للحكومة هو توفير صيانة الشروط التى تكفل الازدهار الانسانى”.
لم يقل الموقعون على الوثيقة أى حكومة إن شاء الله يمكن أن توفر للفلسطينيين “صيانة الشروط التى تكفل الازدهار الإنسانى”، الحكومة الفلسطينية المزعومة (الشهيرة بالسلطة، بعد أن استخسروا فيها لفظ الحكومة) تلك السلطة المحدودة التى سمح بها – مشروطة – أسياد البيت الأبيض الواحد تلو الآخر، والتى يقومون بتقويضها لأنها عجزت عن أن تشعل حربا أهلية ، توفر على السيد شارون ما يفعله الآن؟
فإن لم تصلح هذه الحكومة العاجزة فلا بد أن ثمة حكومة أخرى تقوم مقامها لتوفر شروط هذا البند للإنسان الفلسطينى، فهى حكومة الاحتلال، ولو مؤقتا (أكثر من ثلث قرن حتى الآن!) ، أى حكومة شارون وأسلافه، فليقل لنا الموقعون كيف وفرت هذه الحكومات للفلسطينيين طوال هذه المدّة ما “يكفل الازدهار الإنسانى”.
(3) “من طبيعة البشر الرغبة فى بلوغ حقيقة الحياة: الهدف منها، وغايتها النهائية”.
لم يقل الموقعون على الوثيقة ماذا يكون رأيهم إذا أدت طبيعة بعض البشر بهم أن يتبيّنوا أن حقيقة الحياة والهدف منها تختلف عما فى أذهان سيادتهم ؟ ماذا يفعل الفلسطينيون إذا كانوا قد أدركوا أن هدف شرط استمرار الحياة لتحقق هدفها هو أن يتمتعوا بكرامتهم، ويمارسوا حريتهم، على أرضهم ؟ أم أن السادة الموقعين قد انتهوا إلى تحديد هدف الحياة بمعرفتهم، وكل ما علينا نحن أن نعرف هدفنا لنرضى أن تكون طبيعة حياتنا هى خدمة السادة الأقوى، وأن الهدف منها هو إرضاء الجميع بشروطهم طول الوقت مقابل أن يتركونا نتنفس ونستهلك فتات ما يلقونه إلينا؟
(4) “حرية الضمير والحرية الدينية حقوق مصونة للشخصية الانسانية”.
لم يقل الموقعون أنهم يشترطون أن تمارس الحرية الدينية داخل البيوت أو دور العبادة فحسب، وألا يسمح لأى اختلاف أن يخرج عن مستوى “طق الحنك” فيما يسمى باسم التدليل “قبول الآخر”، أما أن تؤدى الحرية الدينية إلى إرساء قواعد العدل الحقيقى ، وإلى الامتداد التناغمى معا فى الكون إلى وجه الحق سبحانة وتعالى، وإلى التراحم بطول الأرض وعرضها، فهذا غير مسموح به أصلا.
أما حرية الضمير المزعومة، فلا بد أنها تختلف عما يعلّمه لنا ديننا من أنه “…” .. بل الإنسان على نفسه بصيرة ، ولو ألقى معاذيره”، وأيضا عن معنى حديث شريف يقول ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”. (لم يشترط الحديث أن يكون أخاه هذا مسلما أو غير مسلم).
(5) وأخيرا “القتل باسم الله يتناقض مع الايمان بالله، وهو أكبر خيانة لكونية الإيمان الدينى”.
(حلوة كونية الإيمان الدينى هذه، هل أحد سيحاسبكم، أو سيفهم شيئا؟ يا للااااه!).
ترى هل سأل الموقعون أنفسهم عن القتل الجارى فى فلسطين (قبل وبعد أفغانستان) هل هو قتل باسم الله أم باسم الشيطان، ألم يصنِّف القتلى الأبرياءَ رئيسُكم السيد “دبليو” على أنهم يمثلون محور الشر، وبالتالى فإن ربه يأمره أن يزيل الشر بكل وسيلة على يد وزيره رامسفيلد ، ثم على يد صديقه شارون.
كان على الوثيقة أن تضيف، “ويستثنى من ذلك: القتل باسم الله الأمريكانى، لأنه إله خاص لا يسأل عما يفعل، وهم يسألون”.
أما حكاية خيانة الإيمان الدينى ، فاسمحوا لى نؤجل الحديث عنه هذه المرة.،
حقيقة أن الذين استحوا ماتوا.
خاتمة
نعود إلى ما بدأنا به المقال لنقول:
إن أبناءنا وبناتنا الشهداء الأبرار، مع كل أهل فلسطين دون اسثناء، يكتبون التاريخ الآن بطريقة أخرى، ويرسون القيم الأرقى ليس على وثائق ممهورة بتوقيعات، ولكن على أرض فلسطين وفى وعى البشر كافة ، يرسمونها بدمائهم، ويشكلونها بجمال وداعهم، وبتناثر أشلائهم، وبالتضحية بآلاف فملايين الشهداء، ليبقى الإنسان على قمة الهرم الحيوِى ، كريما حرا متناغما ممتدا، يتخلّق إلى جنس أرقى يؤرَّخ له بأنه “الجنس البشرى بعد الانتفاضة”(وليس بعد حادث مركز التجارة)، مقارنةً بالجنس البشرى قبلها ، ذلك النوع الذى كان سينقرض بغباء حكامه قبل الانتفاضة.