نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 30-10-2013
السنة السابعة
العدد: 2252
الحق فى الفرحة برغم الألم!! (1)
الفرحة – خلقة ربنا- يعرفها الأطفال أكثر، ويعرفها المؤمنون بطمأنينة يقظة، ويعرفها العارفون المجاهدون بإشراقات واعدة يحيطها رهبة وجـِلة، ويعرفها الصابرون الكادحون إلى وجه الله، لا شىء يمكن أن يذهب بهذه الفرحة، لا توجد فى الدنيا قوة تستطيع أن تحرمك من هذه الفرحة لأنه لا توجد فى الدنيا قوة تستطيع أن تمنحك إياها، أنت الذى تذهب إليها حتى لو كان الألم يطحنك طحنا فما عليك إلا أن تثق فى خالقك، وفى التاريخ، وفى الإنسان، وفى الحق، وفى العدل، وفى نفسك، وفيما تعمل، وفيما تبدع، مهما ضؤلت أو تأخرت ظهور نتائجه.
كثير منا يبحث عن الفرحة ، فى العيد وغير العيد، فلا يجدها، لسبب بسيط هو أنه ينسى الله، وينسى تاريخ انتصارات الإنسان ، وينسى عناد الشعوب وإنجازات الحضارات، وينسى كل الناس الطيبين فى كل أنحاء الدنيا الذين يشاركوننا همومنا نحن البشر بنفس القدر من الألم، وبنفس العزم من الإصرار، وبنفس القدرة على الإبداع.
العالم كله معنا، صدقونى، العالم الحقيقى الذى خلقه الله وأبى أن يتشوه بفعل فاعل، العالم الذى قاوم ويقاوم ما فعله أشرار اليهود فى البشر عبر التاريخ، ثم تركز فى أرضنا عنوة واقتدارا، فكيف يحاولون أن يـُنسونا أنه العدو الاصلى والعدو الأول دائما وأبدا، أشرار اليهود هؤلاء (وليس كل اليهود اشرارا) ما زالوا يعيشون فى حارة اليهود عبر العالم برغم كل المال والسلطة، أصبحت البنوك الربوية والشركات العابرة، والأموال القاتلة هى حاراتهم التى يحتمون بها، ويغيرون منها، اليهودية لم تعد دينا بعد أن شوهوها بكل هذه الشيطنة المالية الباغية الملتهمة، ولو جاء سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ورأى ما فعلوا بدينه، وبأهل دينه، وبكل الناس حتى بلا دين، لحمد الله أنه انتقل إلى جوار ربه وهو كليمه حتى لا يلبسوه جرائمهم الكريهة الرائحة تلك. اليهود المبدعون الحقيقيون أحباب الله، هم معنا طول الوقت بكل إبداعهم وطيبتهم وحبهم لله وللحق، كل الأحياء الحقيقيون الذين يستحقون كلمة حياة هم معنا يهودا كانوا أو غير يهود، كل الكون معنا يسبح ربنا معنا ، كل ما بين السماء والأرض معنا، ونحن نسبحه سرا وعلانية ، بكرة وأصيلا، فكيف لا نفرح؛.
الحزن ليس ضد هذا الفرح الجميل، ، ولا الألم ، نحن نفرح لأننا لسنا منهم ولو ملكوا كل قوى التدمير، وكل أبواق الكذب، وكل ألعاب التآمر، وكل أسباب تعاسة الاغتراب ؟ إننا نحمد الله فى السراء والضراء، فنفرح، وندعوه فى السر والعلن فنفرح، ونأمل فيه حين تضيق بنا كل السبل إلا سبيله، فنفرح، وإن يمسسنا قرح فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ، لكن قرحنا المطعم بالألم يزيدنا صلابة، وفرحهم المستغرق فى القسوة والاستعلاء يزيدهم قبحا وقيحا، نحن نتألم، وهم كذلك، لكننا نتألم لأننا نحمل شرف الأمانة، وهم يتألمون لأنهم لم تروهم مكاسب جشعهم، هذا ألم وذاك ألم، ثم إننا نرجو من الله ما لا يرجون، فهم لا يعرفونه. فرحتنا لا ترفض الألم الذى يقربنا من بعضنا البعض، وفرحتهم تزيد عطشهم لمزيد من الجمع والشرب من ماء مالح، ولن يروهم أن يشربوا المحيط نفسه.
هيا نفرح ونحن متألمون، لنعمل: فننتج إبداعا.
(عذرا: “المارج” هو اللَّهَبُ المختلِطُ بسواد النَّار).
[1] – تم نشر هذا المقال فى موقع “اليوم السابع” بتاريخ 15-10-2013، بعنوان: “آلام فرحة، وأطماع مارجة”، وكانت أيضا بمناسبة العيد “كفرحة جماعية” ولنفس الأسباب التى ذكرتها أمس غيرت العنوان وحذفت أول ثلاث كلمات.