اليوم السابع
الاثنين: 17-3-2014
الجيش هو الشعب، وبالعكس
أطلب من الله ولا يكثر على الله أن ينير بصيرة مستشارى السيد المشير – فقهه الله – ليحسنوا معاونته فى محنة التصدى للمسئولية التى تنتظره وتنتظرها، ليس فقط بألا يبالغوا فى مديحه أو النفخ فى قدراته، وهو لا يحتاج إلى ذلك، والأرجح أنه لا يقره، ولكن فى الربط السطحى بين انجازات مؤسسات شامخة عريقة، مثل جيشنا العظيم وبين اجتهاداته فردا شجاعا مخلصا مجاهدا. أنا لست ادرى كم هى حقيقة مسئولية ووعى الإعلام بكل مستوياته خاصا وعاما، وما هى حقيقة مسئولية مستشارى سيادة المشير المجهولين أغلبهم، ثم أين تقع مسئولية المشير نفسه؟ وهل هو يملك وسائل الحد مما يلحقه من الأصدقاء (أما الأعداء فهو كفيل بهم!).
إنجاز الطب والهندسة فى حكاية فيروس س هو إنجاز سياسى قبل وبعد أن يكون إنجازا علميا وطبيا، هو مواجهة تجرى عبر العالم بين المبدعين الشرفاء وبين رؤوس الأموال الملوثة العلماوية الجديدة المأجورة فى مجال المفروض ألا تجرى فيه مثل هذه المواجهات وهو مجال صحة البشر المرتبطة بانتاجهم وإيمانهم واستقلالهم، لكن توقيت إعلان إسهام القوات المسلحة إيجابيا لصالح الإبداع والاستقلال العلمى وإنتاجية البشر المواطنين الفقراء خاصة، أساء إلى هذا الدور الجيد الذى قامت به الهئيات المجتهدة، مهما كان لم تتحدد معالمه بعد، فربط الناس بين 30 يوينو والإنجاز الطبى الهندسى لمواجهة الفيروسات الحقيقية والمزعومة، وبين الجيش والمشير والرئاسة، هذا الربط لا أظن أنه كان مقصودا جدا، لكن الناس تتلقى الأحداث متجاورة بلا وصاية، فيربطها جوعها إلى دولة وإلى رئيس بما يجوز وما لا يجوز.
الأرجح عندى أن القوات المسلحة قد حققت طفرة علمية ضمن جهود عالمية باختراع أجهزة للكشف عن المصابين بفيروس “سى” واحتمال علاجهم، وقد سجلت براءات الاختراع لها باسم رجال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية، وذلك بعد تصريح وزارة الصحة والسكان، لا مانع، لكن ماذا نفعل فى وعى الناس الذى ربط هذا بترشيح المشير وبطولاته وكلام من هذا؟ كان ينبغى على مستشارى المشير أن يحسنوا التوقيت أفضل وأذكى.
ثم يأتى خبر الاتفاق على المليون شقة، وهى مهمة اقتصادية اجتماعية إنسانية معقدة، تقوم بها مؤسسات دولة مسئولة، فيسارع الإعلام – بحسن نية، أو بعبط، أو بخبث – ليربط بشكل مباشر أو غير مباشر بين المشير وبين الشركة الخليجية “أرابتيك الإمارتية العملاقة” فيصبغ المشير بصبغة خليجية ليست هى أفضل ما تميزه، وكأن الارتباط بالخليج لتصحيح الاقتصاد لن يتم إلا من خلاله شخصيا،(فهّيا انتخبوه!) وتفتح البوابة للهجوم بواسطة شركات المقاولات المحلية الوطنية من ناحية، ومن ناحية ثانية يجرى الهمز واللمز للمقارنة بين مقدرة الشباب الذى لا يجد وظيفة أصلا، مع بشرى التقسيط المريح الذى يبلغ ضعف أو أضعاف الحد الأدنى للأجور حين تكون فيه أجور أصلا.
الحدث الثالث الذى أساء الإعلام، وربما المسئولون، تقديمه للناس: هو ربط زيارة سيادة المشير للخليج للمشاركة فى إدارة مناورات “زايد 1″، فقد كنت أتمنى أن يرسل من ينوب عنه حتى لا يتصور السطحيون أو المغرضون أو المشككون أن هذا من باب الدعاية أيضا، وحتى لا تظهر التفسيرات بموقف سطحى ضد إيران، وهو الموقف الذى لم يتضح لى تماما بعد، وحتى لا يتصور بعض المحبين المتعجلين أن هذا عمل لا يقوم به إلا المشير…الخ
وبعد
أخشى ما أخشاه أن تسوّق إنجازات جيشنا العظيم على أنها إنجازات هذا الرجل العظيم.
إنجازات الجيش هى إنجازات الشعب، وإنجازات الرئيس أى رئيس، بعد أن يصبح رئيسا هى إنجازات الشعب، لم يعد هناك مجال للمعجزات الفردية والبطولات الأسطورية، وشجاعة هذا الرجل فى إقدامه على إعطائنا هذه الفرصة الحالية للإفاقة والبداية من جديد لا تقدر بثمن لكن يظل الشعب هو البطل، والجيش أيضا هو البطل، والشعب هو الجيش وبالعكس.